“الاقتصاد الدائري كنموذج اقتصادي للتنمية المستدامة: فرص التحول في ظل التحديات البيئية الحديثة”

اعداد : سلمى بيومى – من خريجي برنامج التدريبي الصيفي لدراسات التنمية المستدامة والطاقة

مراجعة : مي احمد -مسئول برنامج دراسات التنمية المستدامة والطاقة

منذ بداية الثورة الصناعية وإحلال الآلة محل الإنسان والعالم يتبني النهج التقليدي في التنمية الاقتصادية، والذي يقوم على استخراج الموارد الطبيعية واستنفاذها في العملية الصناعية والتخلص من مخلفات هذه الموارد بطريقة تضر بالنظام البيئي من خلال……، وهذا النمط من الانتاج والاستهلاك يستبعد المستدام للموارد، واستكمالاً لما سبق ذكره يسبب هذا النموذج الاقتصادي عدد من الآثار السلبية بداية من التلوث البيئي والاحتباس الحراري وصولاً إلي فشل النظم البيئية.

    نظراً للتداعيات السلبية التي نجمت عن النموذج التقليدي أو ما يسمي “الاقتصاد الخطي” ظهر نهج جديد للاقتصاد يسمي ” الاقتصاد الدائري” فهو مخالف تماماً عن مفهوم الاقتصاد الخطي، حيث كان الهدف من النموذج الجديد الحد من التدهور البيئي الذي يسببه النموذج الخطي، وبذلك حظي نموذج الاقتصاد الدائري شهرة كبيرة جداً كمنهج مستدام يقلل من الآثار السلبية التي تعاني منها الدول حالياً المتقدمة والنامية علي حد سواء مثل التغيرات المناخية والتلوث، أصبح ينظر إلي الاقتصاد الدائري على أنه نموذج اقتصادي جديد قادر على خلق قيمة مضافة من النفايات، وجعل العمليات الاقتصادية أكثر كفاءة واستدامة من خلال إطالة دورة الحياة بإعادة استخدام النفايات أو إعادة تصنيعها أو إعادة تدويرها بمساعدة الاقتصاد الدائري.

كيف يمكن للاقتصاد الدائري المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030؟ ودور الاقتصاد الدائري في حل المشكلات البيئية ؟

يمتلك الاقتصاد الدائري قدرات هائلة للحد من الآثار السلبية للاقتصاد الخطي والمساهمة في تعزيز أهداف التنمية المستدامة .الفرض منه تحديد العلاقات بين المتغيرات المختلفة…..

تسليط الضوء علي الأدوار التي يمكن أن يلعبها الاقتصاد الدائري لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال تحويل النفايات من من عبء اقتصادي ملوث للبيئة إلي موارد تضع قيمة مضافة للاقتصاد.

مفهوم الاقتصاد الدائري

    تختلف مؤشرات الاقتصاد الدائري عن مؤشرات الاقتصاد الخطي التقليدي ، فالمؤشرات التقليدية مثل الناتج المحلي والقومي الإجماليين من الصعب أن يقيسها كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، فأحد المؤشرات التي يتم اسخدامها نسبة المواد المحلية المستخدمة إلي إجمالي كافة النفايات، ومعدل إعادة التدوير وغيره من المؤشرات.

تنقسم عمليات الاقتصاد الدائري إلي ثلاثة مراحل محورية ورئيسية:

1-الاستخدام الرشيد للموارد الأولية.   2-تغيير أنماط الاستخدام.         3-الحفاظ علي قيمة للمواد والمنتجات.

ويمكن استخدام الموارد بصورة رشيدة عن طريق الحد من الاستخدام المفرط التي الذي لحق بها بسبب سياسات الاقتصاد الخطي عن طريق:

1.1)إعادة التدوير: يمكن تعريف إعادة التدوير أنها إعادة استخدام المواد المتبقية من عملية إنتاجية داخل عملية إنتاجية أخري بحيث يمكن صياغتها في صورة منتجات جديدة قابلة للاستخدام، يمكن أن يوفر إعادة التدوير الموارد المهدرة علاوة علي ذلك الحد من التأثيرات البيئية السلبية مثل التغيرات المناخية والتلوث الهوائي.

2.1)الاستخدام الفعال للموارد: يرتبط مفهوم الاستخدام الفعال بمصطلح الاستخدام الأنظف للموارد، والذي يقوم علي استبعاد المواد ذات التأثير السلبي علي البيئة داخل العملية الأنتاجية، ومرتبط بالاستخدام الدقيق للموارد واستبعاد المواد ذات العمر القصير أو استخدام المواد الخطرة.

3.1)استخدام مصادر الطاقة المتجددة: يعد الاتجاه نحو الاستخدام المتزايد  للطاقة المتجددة مطلباً أساسياً للاتجاه نحو الاقتصاد الدائري، وحتي الأن مازال ثلاثة أرباع الطاقة المستخدة في الاتحاد الأوروبي تقوم علي الفحم والبترول، ونتج عن ذلك تلوث كبير وارتفاع في نسبة غازات الاحتباس الحراري، وقد أصبح التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة يقوم علي دمج طاقة المياه والهواء والشمس والكتلة الحيوية لتلبية الاحتياجات العالمية من الطاقة.

تتمضمن الحفاظ علي القيمة السوقية للمواد واللمنتجات التي يعاد تدويرها ويشتمل ذلك علي عدد من العناصر:

1.2) .إعادة تصنيع وتجديد وإعادة استخدام المنتجات والمكونات: تعتبر عملية التجديد والتصنيع عملية يتم من خلالها استرداد دورة حياة المنتج مرة أخري، في التجديد والتصنيع يتم استعادة الأجزاء الأساسية للمنتجات وذلك للحفاظ علي القيمة المضافة للمنتجات، ويشير مصطلح إعادة  إلي الإشارة إلي أفكار أكثر عمقاً تهدف إلي استعادة المنتج إلي حالة جديدة، بينما يشير مصطلح التجديد إلي تحديث أقل عمقاً للمنتج أو أحد أجزاؤه، ورغم ذلك، تمتلك هذه العمليات القدرة على تغيير  تدفقات الإيرادات الأعمال لأنها توفر دخل ثاني وثالث وأكثر  نتيجة عملية إعادة البيع، لكن يجدر الإشارة أن عملية إعادة التصنيع والتجديد ترتبط فقط بالصناعات التكنولوجية ذات القيمة المضافة العالية مثل الكمبيوتر والهواتف الذكية وغيرها من المنتجحات التقنية الحديثة.

2.2). إطالة عمر المنتج: يرتبط إطالة عمر المنتج بالعمليات الاقتصادية  التي تم ذكرها سابقاً، فيمكن تنفيذ الدائرية  عبر إطالة عمر المنتج، كما في حالة إعادة التصنيع، يتطلب إطالة عمر المنتج  تركيزا متزايدا على مرحلة التصميم لدورة حياة المنتج.

1.3).المنتج كخدمة: يشير مفهوم المنتج إلي مفهوم تقديم المنتج كخدمة ينافس نهج العمل التقليدي لبيع المنتجات الملموسة، حيث يمكن تطبيق المنتج  كخدمة عن طريق تطبيق ممارسات الدفع أو التأجير عند الاستخدام ، وتحتفظ الشركات بمليكة المنتج المعني أي أنها تضع المنتج تحت تصرفها، ويحفز هذا النموذج الشركة علي الحفاظ علي عمر المنتج  قيد الاستخدام للاستفادة منه بقترة أطول.

2.3)النماذج المشاركة: ترتبط نماذج المشاركة ارتباطاً وثيقاً بمفهوم الاقتصاد الدائري نظراً لأنها تسعي إلي تقليل استخدام المنتجات، وبالتالي دعم الاستخدام الأكثر كفاءة للموارد، يمكن أن  تساهم نماذج المشاركة في إنشاء رأس مال اجتماعي حقيقي وتحسين وعي المجتمع.

     وصفت أهداف التنمية المستدامة بأنها مخطط لتحقيق مستقبل أفضل واستدامة أفضل للجميع بحلول عام 2030، ويعتمد ال17 هدف وال 169 غاية من قبل جميع الجهات الفاعلة في المجتمع سواء القطاع العام أو الخاص أو المجنمع المدني كإطار لتنظيم ومتابعة مبادرات الاستدامة، وفي موازاة ذلك اكتسب مصطلح  الاقتصاد الدائري زخماً كبيراً خلال السنوات السابقة،وينظر له أنه يقدم نهجاً ” لتحقيق الاستدامة المحلية والإقليمية والعالمية”، وينعكس الاهتمام المتزايد بالاقتصاد الدائري من قبل القطاع الخاص والحكومات والشركات متعددة الجنسيات، لذلك تتجه وتبحث هذه الكيانات وباستمرار عن طرق تتمكن خلالها التحول نحو الاقتصاد الدائري علي مستويات مختلفة من السرعة والجودة.

    حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة الثالثة والسبعون، والمجلس الاقتصادي والإجتماعي في أيلول 2018 أن الأهداف ( السابع، والثامن، والحادي عشر، الثالث عشر، والرابع عشر، الخامس عشر) من أهداف التنمية المستدامة 2030 بأنها أهداف حاسمة للإنتقال إلي الاقتصاد الدائري، ويمكن تلخيص الأهداف الأممية 2030 التي يمكن الاقتصاد الدائري المساهمة في تحقيقها كالتالي:

الخاتمة

    إن الجمع بين التنمية الاقتصادية و الاستدامة البيئية يتطلب حسن وكفاءة في إدارة الموارد، وذلك يتحققه الاقتصاد الدائري، وهكذا تكن العلاقة واضحة بين الاقتصاد الدائري والتنمية المستدامة، إذ يحسن الاقتصاد الدائري إدارة الموارد بشكل كبير ويرفع معدلات النمو المستدام علي الأجل الطويل، ومن هنا يصبح الاقتصاد الدائري أمر بالغ الأهمية لتحقيق الكثير ن أهداف التنمية المستدامة ورؤية 2030 .

1- م. محمد حميد محمد، الاقتصاد الدائري ودوره في تحقيق التنمية المستدامة، مجلة الريادة للمال والأعمال،الجلد الثاني (العدد3)، جامعة النهرين، كلية العلوم السياسية، العراق، بغداد. 2-  نبيل بن موسي، دور الاقتصاد الدائري في تحقيق التنمية المستدامة، مجلة التنويع الاقتصادي، جامعة محمد بن لمين دباغين، الجزائر، سطيف

Exit mobile version