ترجمات وعروض : حلول بديلة:هل يمكن ان يمثل الحوار حلا لازمة “بوكو حرام” ؟
اعداد : شيماء حسن -منسق برنامج دراسات التطرف بالمركز
على الرغم من النهج الحركي العسكري الذي قد اتخذته نيجيريا ودول الساحل الافريقي في استجاباتها لتنظيم بوكو حرام وتحقيق اهداف متعلقة بخفظ خطر التنظيم ، فأن تهديد التنظيم لا يزال يشكل ازمة ، وفي هذا الاطار نشر تحليل للباحثان فرنشيسكا باتولت ، ومالك صومائيل في 25مايو بموقع معهد الدرسات الأمنية ليناقش الحلول البديلة المتعلقة بالحوار والمفاوضات كالية للتخلص من إرهاب “بوكو حرام” خاصة وان التنظيم قد المت به ظروف شديدة سواء من انشطارة لفصيليين او قتل زعمائه الروحيين او حتى الضغط العسكري الذي خلف تقليص تابعيه بالقتل او حتى بالاستسلام ، كما ان نيجيريا بشكل عام تنفذ فعليا برنامج لنزع التطرف وإعادة الدماج ، ما ساعد في استسلام أعضاء كثيرين ونزع سلاح الاخريين.
ويجادل الباحثان بأنه خلال 1968-2006 لم ينجح النهج العسكري في التخلص من الإرهاب ، وان 43% من حملات مكافحة الإرهاب انتهت من خلال المفاوضات ، وبحسب دارسة اجراها المعهد الدولي لدرايات الامن والأمم المتحدة المعهد الخاص بنزع السلاح فقد أوضحت بأن أعضاء المجتمع المحلي يدعموا الحوار مع الحكومة وأعضاء بوكو حرام السابقين، وأضافوا ان حكومات دول بحيرة تشاد قد طبقوا استراتيجيات غير حركية لحل الصراع، مثل تحفيز وإدارة خروج كلا الفصيلين لإضعاف قواتهما المتقاتلة، وإعادة بناء سبل عيش الضحايا. وبحسب نفس الدراسة فان قتل زعيم “بوكو حرام” السابق “أبو بكر الشيكوي” قد أدى الى استسلام وخروج 160000 كانوا مرتبطين بالجماعة او حتى يعيشوا في المناطق التي سيطر عليها التنظيم فعليا .
ولقد قدمت هذه النتائج فرصة لاستجواب أعضاء المجتمع المحلي ومنظمات المجتع المدني والزعماء التقليديين وبعض من المقاتلين السابقين ، وافراد المؤسسة الأمنية والعسكرية /عن مدى تقبل فكرة إعادة ادماج المقاتلين السابقين او أعضاء بوكو حرام او حتى الافراد اللذين عاشوا تحت حكم الجماعة ،وفضلت الدراسة نهج الحوار والتفاوض مع “بوكو حرام” ، بدلا من اثارة النزاعات بين فصيلي التنظيم ، او شن عمليات عسكرية للتخلص منهم ،خاصة وان الأخيرة يمكن ان يتحملها المدنييون بشكل كبير، والسؤال الأبرز في هذه الدراسة هو أي من الفصيليين يعتبر اقرب من فكرة التفاوض عن الاخر ؟ وقد فضلت الدراسة فصيل “بوكو جحرام” بقيادة “إبراهيم باكوروا دورو” كما شجعت على ضرورة استماله القادة الفرعين ، وذلك لان تابعيهم يمكن ان يستمعوا لهم ، اما فصيل “ولاية غرب افريقيا” فقد توقعت الدراسة صعوبة تطبيق هذا النهج علية وذلك وفقا لانه احد ولايات تنظيم داعش ،فضلا عن الترتيب الإداري والقوة العسكرية والتمويل كلها أمور تختلف عن فصيل “بوكو حرام” الاخر ، وقد اوصت الدراسة بضرورة زيادة الثقة بين الحكومة والفصيل المنشود، والاعتماد على وسطاء وميسيريين ذوي ثقل من الزعماء التقلديين ، الذين يعملون بالفعل كوسطاء وبناة للسلام في مجتمعاتهم. ومن شأن مشاركتهم أن تحشد تأييد المجتمع المحلي. وكانت نقطة الخلاف هي إشراك الجهات الفاعلة العسكرية والأمنية المجتمعية في المفاوضات، وهنا يقصد “قوة العمل المدنية المشتركة” او “لجان اليقظة ” او ا”الحراس المحللين” ، وقد جاءت استجابات المشاركين بضرورة اشاركهم لما يمكن ان يمثلوا قيمة مضافة لجدوى الحوار مع مقاتلي “بوكو حرام”.
قد اختتم الكاتبان مقالهما بضرورة عدم اعتبار الحوار كاداه لمعالجة إشكالية التطرف والإرهاب بأنه علامة على الضعف بل لابد من اعتبارها اداه فاعله لصد خطر التطرف والإرهاب والعنف المسلح كما أوصى الكاتبان بضرورة تحديد ما هي نقطة الدخول للمفاوضات ومع أي القيادات سوف يتم التفاوض .
وعلى الرغم من جدوى فكرة المفاوضات وفاعليتها التي اثبتتها دراسات عديدة، والتي يمكن ان تؤتي بثمارها اذ تمت بالشكل الصحيح فأن الوضع في نيجيريا يمثل معضلة حقيقية، وهنا هي متعلقة بالنهج غير الحركي الذي تتبعه الدولة في التعامل مع مقاتلي “بوكو حرام ” السابقين ، ففعليا استطاعت نيجيريا ان تنخرط في برنامج لاعادة نزع السلاح وإعادة التاهيل وإعادة الادماج في المجتمع ، وقد حقق هذه البرنامج خطوات حقيقية في مواجهة التطرف العنيف والإرهاب ، الا ان برنامج الممر الامن يواجه فعليا عدة تحديدات وابرزها :
- على خلاف نتائج الدراسة المشار اليها ،ووفقا لبعض الدراسات الميدانية أيضا ، فقد اثبتت ان هناك إشكالية في تقبل المجتمع المحلي التعامل والدمج مع المقاتلين السابقين، اذ تقليديا فاما ان هؤلاء الافراد يكونو موصومين بلعنة التطرف والإرهاب واما انهم تورطوا فعلا في قتل او اسر او تدمير اشخاص او ممتكلت لاعضاء المجتمع المحلي بالتالي هي معضلة كبيرة لابد للبحث لها عن حل يتعامل مع مظالم المجتمع المحلي، ويتعامل مع واقع المقاتلين التائبين.[1]
- عدم جدوي الحوافز التي تقدمها الدولة للمقاتل السابق سواء كان قيايديا او مقاتل عادي ، هنا نقصد المكاسب المادية والمعنوية التي يتم تحصيلها ، وبالتالي يمكن ان يؤثر ذلك على ولاء العضو نفسه وعلى إمكانية ارتداده مره أخرى للتنظيم او الانجراف لاي تنظيم اخر يكفل له الزعامة والإمكانات المادية، ومن ثم لابد من زيادة حجم المخصصات والمساعدات والدعم اللوجيستي لاتمام عملية الحوار والمفاوضات .
- ضرورة الاعتماد على معايير تتمييز بين المقاتلين الفعللين ، والعوام المدنيين اللذين وقعوا في مناطق يحكمها التنظيم، اذ ربما يتم الخلط بين نوعية الأعضاء وهو ما يسبب اهدار الموارد.
- توفير مراكز للاحتجاز والاعتقال تتوافق مع حقوق الانسان،وضرورة الفصل بين المقاتلين البالغين والمراهقين والأطفال، والاعتماد على معايير عادلة وغير سياسية في التعاطي مع المقاتلين.
- بالنسبة لدور “لجان اليقظة ” او الحراس المحللين ، فقد ثبتت تقارير بأنها قد تورطت في بعض الأنشطة التي اضرت بالمجتمع المحلي وببرنامج الممر الامن نفسه ، وتورط في أنشطة مثل الاختطاف والتحرش بالفتيات، والنهب والسرقة ، القتل بحجة الانتاسب لتنظيم بوكوحرام دون وجود دليل قاطع، الاعتداء على النساء وارغامهم بإقامة علاقات غير شرعية معهم،فضلا عن ابتزاز اعضاء المجتمع المحلي وجمع الأموال والرشاوي ، حيث ثبت ان بعض من هؤلاء الشباب كانوا ضمن صفوف “بوكو حرام ” وان انضمامهم كان بغرض التجسس وجمع معلومات استخباراتية.[2]
رابط المقال الأصلي :
[1] شيماء حسن،”برنامج الممر الامن:دراسة حالة لبرامج الدمج والتأهيل”،مجلة المشهد (القاهرة:مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،العدد 8،مارس 2024)،متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/HIY8JVDb
[2] شماء حسن علي” الحراس المحللين:حدود الدور ومظاهر الانخراط في مكافحة الإرهاب “،قراءات افريقية، بتاريخ مايو 2024،