قراءة في قضايا وشؤون المرأة الأفريقيّة كما وَردت ببعض النوافذ الأفريقيّة والأجنبيّة(خلال شهر يوليو-2024م)
إعداد: نهاد محمود -باحثة متخصصة في الشئون الأفريقية -عضو مجموعة عمل الدراسات الأفريقية بالمركز
نحاول خلال هذا التقرير عرض أبرز قضايا المرأة الأفريقيّة التي تم التطرق إليها بعدد من المنظمات والمنصات الأفريقيّة والأجنبيّة، وذلك خلال شهر يوليو 2024م، والتي تنوعت بين موضوعات كالاحتفال بحلول يوم المرأة الأفريقية في الحادي والثلاثين من يوليو، وقضايا أخرى ذات صلة بنساء القارة؛ كعَقد الاتحاد الأفريقي لمؤتمر “إعطاء الأولوية لتعليم الفتيات الأفريقيّات” في عام 2024 وهو العام المخصص للتعليم بالاتحاد الأفريقي. كما تناول التقرير موقع المرأة من المشاركة في الحياة السياسية بالقارة، والجهود المبذولة نحو تمكين المرأة الأفريقية ببعض المجالات كقطاع السكك الحديدية، وصولًا إلى الأزمة المندلعة في غامبيا، حول مشروع القانون الساعي لإلغاء قانون حظر ختان الإناث الذي كان قد تم سنّه في 2015، وغيرها من القضايا ذات الصلة بأحوال المرأة في القارة الأفريقيّة، التي أُثيِرَت ببعض المنصات الأفريقية والأجنبية خلال شهر يوليو 2024م.
31 يوليو.. اليوم العالمي للمرأة الأفريقيّة:
على صعيد الاحتفال بيوم المرأة الأفريقيّة تطرّقت عدة منظمات ومنصات إقليمية ودولية، كان على رأسها الاتحاد الأفريقي إلى ذلك اليوم الذي يصادف يوم 31 يوليو، وفي بيانه للاحتفال بهذا اليوم، أشار رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي “موسى فكي محمد” إلى أهميته مشيرًا إلى أن يوم المرأة الأفريقية هو يوم للاحتفال والاعتراف بأمهات أفريقيا اللواتي ناضلن بشجاعة من أجل التحرير والتنمية. كما أكد من جديد على الدور الهام للمرأة الأفريقية التي لا تزال تُشَكِّل العمود الفقري لاقتصاداتنا كمزارعات ورائدات أعمال وتجار وعالمات وقادة في العديد من القطاعات الأخرى. وأشار إلى أن إحدى أولوياته تظل التنفيذ الكامل لتحقيق المساواة بين الجنسين في القوى العاملة في الاتحاد الأفريقي بحلول عام 2025، وأكد أنه سيواصل المطالبة بالكرامة والحماية لجميع النساء والفتيات اللواتي تعرضن للعنف القسري. كما استكمل أن المسؤولية الجمعية للأفارقة تتمثل في مساءلة أنفسهم وقادتهم عن مدى تحقيق التزامات المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
المرأة الأفريقية وبروتوكول مابوتو:
استمرارًا للحديث حول اليوم العالمي للمرأة الأفريقية أشارت الكاتبة “بيتي كاباري” المتخصصة في حقوق المرأة في مقالها المنشور عبر منظمة هيومن رايتس واتش، أن المساواة بين الجنسين لا تزال بعيدة كل البُعد عن أن تكون حقيقة واقعة بالنسبة لمعظم النساء الأفريقيات. فلا تزال العديد من البلدان لديها قوانين رجعية، وحتى القوانين الأكثر تقدمية في البلدان الأخرى غالبًا ما يتم تنفيذها بشكل سيئ. كما تشير الكاتبة إلى بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا (بروتوكول مابوتو)، والذي يوفر إطارًا للوفاء بحقوق النساء والفتيات والحفاظ عليها. والذي صدّقت عليه أربع وأربعون دولة أفريقية، وأحرز بعضها تقدمًا في سنّ التشريعات خلال العقدين اللذين كان البروتوكول ساري المفعول فيهما. وتعترف المادة 4 من بروتوكول مابوتو بحقوق النساء والفتيات في الحياة والسلامة والأمن الشخصي، ومع ذلك، فإن انتهاكات هذه الحقوق متكررة وتتجلى بعدة طرق بما في ذلك قتل الإناث والعنف التوليدي-سوء معاملة النساء والفتيات عند طلب خدمات الصحة الإنجابية. تدلل “كاباري” على هذه الأوضاع المتدهورة بأنه في عام 2022، حددت الأمم المتحدة أفريقيا باعتبارها القارة التي تشهد أعلى معدل لقتل الإناث؛ حيث قُتلت أكثر من 20 ألف امرأة وفتاة في القارة على يد شركائهم الحميميين أو من خلال أفراد من الأسرة، في ذلك العام، بمتوسط أكثر من 54 حالة وفاة يوميًا، وهو أعلى معدل على الإطلاق مقارنة بأي قارة أخرى.
الاتحاد الأفريقي وأولوية تعليم الفتيات:
باعتبار عام 2024 هو عام الاتحاد الأفريقي للتعليم، قامت إدارة التعليم والعلوم والتكنولوجيا والابتكار التابعة لمفوضية الاتحاد الأفريقي، من خلال مكتبها المتخصص والفني، بدعوة الاتحاد الأفريقي إلى دعوة جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين الذين يعملون على التقاطعات بين المساواة بين الجنسين والتعليم للمشاركة لمؤتمر عموم أفريقيا المعني بالفتيات والشابات، والذي جاء تحت شعار: “إعطاء الأولوية لتعليم الفتيات والنساء: استراتيجية لزيادة الوصول إلى التعلم الشامل مدى الحياة والجودة الملائمة في أفريقيا”. وانعقد المؤتمر في أديس أبابا، بإثيوبيا، في الفترة من 2 إلى 5 يوليو 2024. هَدف المؤتمر إلى جَمع جميع الأصوات الرئيسية بشأن تعليم الفتيات والنساء. كان الغرض الرئيسي من المؤتمر توفير الوصول العادل إلى التعليم الجيد وتنمية المهارات للفتيات والنساء، وخاصة في الحالات الإنسانية خلال موضوع الاتحاد الأفريقي لعام 2024، والتقييم الجماعي لحالة تعليم الفتيات والنساء في أفريقيا، وحشد الدعم والتمويل، وتعزيز الدعوة نحو اعتماد سياسات وأطر شاملة على مستوى المساواة بين الجنسين.
المرأة والمشاركة السياسيّة في أفريقيا:
من جهة أخرى تطرقت بعض المنصات إلى وضعية مشاركة المرأة الأفريقيّة في الحياة السياسية، والتي تم طرحها بواسطة منصة المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية (IDEA) وهي منظمة حكومية دولية تدعم الديموقراطية في جميع أنحاء العالم. وأشارت إلى ارتفاع تمثيل المرأة في البرلمان الأفريقي بمقدار نقطة مئوية واحدة، من 25% في عام 2021 إلى 26% في عام 2024، كما أظهرت النتائج الرئيسية لمقياس المرأة في المشاركة السياسية (WPP). وخلال الفترة نفسها، تبين أيضًا أنه على الرغم من زيادة تمثيل المرأة في المناصب التنفيذية العليا في الحكومة، فقد انخفض وجودها في الحكومات المحلية في جميع أنحاء أفريقيا. وفي شرق أفريقيا، انخفض تمثيل المرأة في الحكومات المحلية بنسبة 11%، إلى جانب زيادة بنسبة 16% في عدد النساء اللواتي شغلن مناصب تنفيذية عليا. ويظل الاعتراف بأن التقدم في تعزيز المشاركة السياسية الهادفة للمرأة في أفريقيا لا يزال بطيئًا. ويعد مقياس WPP أداة مرجعية توضح حالة المشاركة السياسية للمرأة في أفريقيا. ويهدف إلى تقديم الأدلة، وخاصة للمشرعين وصانعي السياسات، للدفاع عن المشاركة السياسية للمرأة وقيادتها وتعزيزها، ويعمل حاليًا في ثمانية بلدان أفريقية – بوتسوانا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإسواتيني، وكوت ديفوار، وكينيا، والسنغال، وتنزانيا، وزيمبابوي- ويحقق خطوات كبيرة نحو تحقيق أهدافه سالفة البيان.
نحو تمكين المرأة الأفريقيّة في قطاع السكك الحديديّة:
في ظل الرغبة المستمرة للاستفادة من إمكانات المرأة الأفريقية غير المُستَغلة على النحو المأمول حتى الآن، استضاف الاتحاد الدولي للسكك الحديدية (UIC) المعني بمنطقة إفريقيا في 11 يوليو 2024 ندوة عبر الإنترنت بعنوان: “النساء في مجال السكك الحديدية في أفريقيا – مسارات التقدم والتغلب على التحديات”، جمعت الندوة أكثر من 192 مشاركًا من 28 دولة، مع ممثلين عن مجتمع السكك الحديدية الأفريقي، وبنوك التنمية والمؤسسات الإقليمية من بين الخبراء والمهنيين الآخرين المشاركين. هَدَف الويبينار (ندوة عبر الإنترنت) إلى تحديد التوصيات والمبادرات لزيادة مشاركة المرأة، في قطاع السكك الحديدية، كموظفين وركاب، في تطوير القطاع في أفريقيا، بما يتماشى مع السياسات والأهداف التي حددتها أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs) وأجندة الاتحاد الأفريقي 2063. كما تضمنت الندوة عروضًا تقديمية حول الجهود الدولية لتحقيق المساواة بين الجنسين في قطاع النقل والسكك الحديدية. في هذا السياق أشار “محمد ربيع خلي”، رئيس اتحاد المحاكم الإسلامية في أفريقيا، إلى أن النساء لا يشكلنّ سوى ما بين 8 إلى 16% من العمالة في قطاع النقل، على الرغم من أن 50% من السكان الأفارقة هم من الإناث، ما يؤكد الإمكانات غير المستغلة للمرأة وفقًا للتركيبة السكانية للقارة.
غامبيا وممارسات ختان الإناث من جديد:
على صعيد آخر طرح موقع بي بي سي- BBC الأزمة الدائرة في غامبيا والمتعلقة بقيام المشرعين في يوليو 2024 برفض مشروع قانون يسعى إلى إلغاء الحظر الذي فُرِضَ عام 2015 على (ختان الإناث). وقال رئيس البرلمان “فاباكاري تومبونج جاتا” إن أغلبية النواب صوّتوا ضد مشروع القانون حتى قبل القراءة الثالثة والأخيرة المقررة في وقت لاحق من شهر يوليو. وكانت جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة قد حثّت النواب على عرقلة مشروع القانون، الذي تم تقديمه في مارس 2024 بعد ضغوط من بعض رجال الدين المسلمين. جدير بالذكر أن غامبيا تعد من بين الدول العشر التي لديها أعلى معدلات لختان الإناث، حيث خضعت 73% من النساء والفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا لهذه العملية. وعندما تم تقديم مشروع القانون في مارس، تمت الموافقة عليه من قِبَل أغلبية أعضاء البرلمان، ما زاد من احتمال أن تصبح غامبيا أول دولة تلغي الحظر المفروض على هذه الممارسة.
وفي غامبيا تم فرض غرامات وعقوبات بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات لمرتكبي هذه الجرائم منذ عام 2015، وعقوبات بالسجن مدى الحياة إذا ماتت فتاة نتيجة لذلك. جدير بالإشارة إن ختان الإناث محظور في أكثر من 70 دولة حول العالم، ولكن لا تزال تمارس بشكل خاص في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، مثل غامبيا. من جهة أخرى حذرت جماعة الضغط الحقوقية “أكشن إيد” من أن أي خطوة لرفع الحظر من شأنها أن تعرض للخطر التقدم الذي أحرزته غامبيا في معالجة العنف ضد النساء والفتيات. وقالت “بينتا سيساي” مديرة حقوق المرأة بمنظمة أكشن إيد غامبيا في هذا الصدد: “لقد ناضلنا كنشطاء بكل ما أوتينا من قوة من أجل فرض الحظر ووضع حد لختان الإناث”. ووفقًا للأمم المتحدة، فإن أكثر من 230 مليون فتاة وامرأة حول العالم يتعرضن لختان الإناث.
نساء غيّرن الصورة النمطية للمرأة الأفريقيّة:
في مقال نُشِرَ بصحيفة الجارديان البريطانية يتطرق إلى عارضة الأزياء والممثلة الكاميرونية “ستيلا تشويسي” التي تجسّد شخصيات لنساء أفريقيّات استثنائيّات، تمكنّ من تغيير الروايات المعتادة عن القارة. فتقول: “الأمر ليس بالجديد فعلى مدار أجيال، لعبت المرأة الأفريقية دورًا حاسمًا في النمو السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفني والروحي لقارتنا، لكن لم يتلق الكثيرون منهنّ التقدير الواجب لمساهماتهن الرائعة، من بينهم الكاتبة “شيماماندا نجوزي أديتشي”؛ المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، وعالمة البيئة الكينية الراحلة وانجاري ماثاي وغيرهن.” لقد غيَّر هؤلاء النسوة-ولا زالوا يغيرن- الروايات المتعلقة بأفريقيا. إنهن أمثلة على ما تستطيع المرأة الأفريقية تحقيقه ودليل على أن قارتنا تحتاج إلى المزيد من النساء في المناصب القيادية. ولسرد هذه القصص، قررت ” تشويسي” أن تقوم بتقليد شخصية كل امرأة في سلسلة من الصور التي تمثل مهنتها أو إنجازاتها – أو كليهما. بعد أن أدركت قوة ارتباطهم جميعًا بثقافاتهم وتقاليدهم، في إشارة إلى أن الثقافة والتقاليد الأفريقية لها دور حتى في تشكيل الأجيال القادمة من القيادات النسائية الأفريقية.
المصادر:
- “Africa observes Pan African Women’s Day”, African Union, Jul 16, 2024, On: https://rb.gy/l4mezl
- “African Union Pan African Conference on Girls and Women’s Education”, The African Union International Centre for the Education of Girls and Women in Africa, Jul 2, 2024, On: https://rb.gy/zzh1vu
- “Women’s representation in African parliaments edges up, rises in executive positions but declines in local government”, The International Institute for Democracy and Electoral Assistance (International IDEA), Jul 10, 2024, On: https://rb.gy/0twvce
- “Women in Rail in Africa” webinar sets the groundwork for partnership on gender equality in African rail”, International union of railways, Jul 11, 2024, On: https://rb.gy/nnqmol
- Ashley Lime, “Gambia’s parliament rejects bill to allow FGM”, BBC News, On: https://rb.gy/jqzjry
- Betty Kabari, “Femicide and Reproductive Violence Harm African Women, Girls”, HRW, Jul 31, 2024, On: https://rb.gy/o2piah
- Stella Chuisse,”Women behind the lens: ‘I Want to Be Like Her is my way of paying tribute to 10 exceptional African’”, The Guardian, Jul 3, 2024, On: https://rb.gy/ohkmm0