آبي أحمد: زعيم السلام أم سيد المراوغة؟كيف أدار رئيس وزراء إثيوبيا علاقاته مع دول الجوار بالأزمات والتعهدات المعلقة؟
إعداد: دكتور محمد فؤاد رشوان – خبير بمجموعة عمل الدراسات الافريقية بالمركز
مقدمة
تولى آبي أحمد، رئاسة وزراء إثيوبيا منذ أبريل 2018، ومنذ توليه السلطة برز كلاعب رئيسي في السياسة الإقليمية والدولية، حيث كان يُنظر إليه في البداية كشخصية إصلاحية وحداثية قادت تحولًا كبيرًا في البلاد على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ومع ذلك، فإن صورته الذهنية، سواء على مستوى دول الجوار أو القوى الإقليمية والدولية، شهدت تغيرًا جذريًا خلال السنوات القليلة الماضية، فبدلاً من تعزيز سمعته كزعيم مصلح وملتزم، بات يُعرف عنه في العديد من الدوائر الدولية بالمراوغة وعدم الوفاء بالتعهدات الدولية، وخاصة تلك المتعلقة بالخلافات المائية والنزاعات الحدودية مع دول الجوار.
أولًا: خلفية عن آبي أحمد وصعوده السياسي
- نشأة آبي أحمد
ولد آبي أحمد في مدينة جيما باقليم الأورومو، وهي أكبر منطقة عرقية في إثيوبيا، والتحق بالعمل المسلح عام 1990 فى الجبهة الديمقرطية لشعب الأورومو ضد حكم منجستو ، ولد آبى أحمد لأب مسلم من آثنية الأورمو وأم مسيحية من آثنية الأمهرة ويعتنق الديانة المسيحية البروستانتينة ويحرص على حضور صلاة الأحد فى الكنيسة مع أسرته التى تنتمى لنفس الطائفة الدينية .
التحق بالجيش الإثيوبى عام 1991 فى وحدة المخابرات والاتصالات العسكرية حتى وصل لرتبة عقيد عام 2007، كانت خلفيته العرقية والإثنية المتنوعة عاملًا قويًا في صعوده السياسي، ، حيث تحول الى العمل لاسياسى ونتخب عضوًا بالبرلمان الاثيوب عن دائرته عام 2010 ،وخلال الفترة من 2016 الى 2017 تولى وزارة التعليم والتكنولوجيا بالحكومة الفيدرالية ثم تولى مناصب حكومية عدة قبل أن يتم تعيينه رئيسًا للوزراء في 2018.[1]
2. بداية الإصلاحات والآمال الدولية
عندما تولى آبي أحمد رئاسة الوزراء، كانت بلاده تعاني من اضطرابات سياسية واقتصادية شديدة. جاء على خلفية مطالبات شعبية بالتغيير والإصلاح، قام بإطلاق سلسلة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية الهامة، فعلى الصعيد الداخلى أطلق سراح عشرات الآلاف من السجناء ورحب بمجموعات المعارضة لتى كانت محظورة بالخارج واعترف باابنتهاكات التى وقعت فى الماضى، وقام بافساح المجال للحريات السياسية جاخل البلاج، وسرعان ماأعلن تغيير السياساة الاقتصادية فى إثيوبيا لنيفتح أكثر على الاستمثمار الخاص فى القطاع المملوكة للدولة حتى أطلق عليه ” مهندس الإصلاح”.[2]
أما على الصعيد الإقليمى والدولي، حظي بدعم كبير، حيث اعتُبر زعيمًا عصريًا يسعى لتعزيز الديمقراطية وإقامة علاقات أكثر استقرارًا مع دول الجوار حيث عمل على تهدئة الصراع الدائر مع إريتريا والذى دام لعقود ودورة فى اتفاق انتقال السلطة فى السودان بين المجلس العسكرى وتحالف قوى الحرب والتغيير وهو ماعزز من مكانته على الساحة الدولية كشخصية تسعى لتعزيز السلم والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وكانت تلك الأنجازات سببًا لحصول على جائزة نوبل للسلام عام 2019 وبعد عام واحد فقط من تولية السلطة فى إثيوبيا.[3]
ثانيًا: التحول في الصورة الذهنية لآبي أحمد
رغم الصورة الإيجابية الأولية التي بُنيت حول آبي أحمد، حيث بدأ أبى أحمد بصورة بدأت وكأنه يغازل الغرب بالعب على أكثر الملفات التى ساعدته فى بناء جسور الثقة مع الغرب بتبنى كافة بنود أجندة برامج التكيف الهيكلى ولو مرحليا حتى ينجح فى تثبيت دعائم حكمة مثل قضية المرأة تبنت حكومته سياسة المناصفة بين الجنسين ، فاختار نصف اعضاء حكومته من النساء وتولت المرأة منصب وزير الدفاع لأول مرة فى تاريخ البلاد، وساتحدث وزارة للسلام تولتها أمرأة، إلا أنه سرعان ما تبنى سياسيات مناقضة تمامًا فالشاب الحاصل على جائزة نوبل فى السلام سرعان ما آثار صراعًا دمويًا فى إقليم تيجراى شهد ارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب ما هدد استقرار وسلامة بلادة بالكامل.[4]
ومن ناحية أخرى، بدأت التوترات تزداد بين إثيوبيا وبعض دول الجوار، وبدأت نظهر ملامح احد اهم ملكاته السياسية وهى المراوغة فى كافة القضايا الداخلية ومع دول الجوار منها:
- إحياء مفهوم الإثيوبيانية
يتمحور الصراع الحالي بين الحكومة المركزية الإثيوبية بقيادة آبي أحمد وجبهة تحرير تيغراي حول إعادة صياغة الهوية السياسية الإثيوبية والتنافس على الهيمنة السياسية، حيث يسعى آبي أحمد، الذي يجمع بين ثقافتي الأمهرة والأورومو، إلى تأسيس تحالف جديد مع الأمهرة لإقصاء سلطة التيغراي.
وقد اعتمد آبي أحمد على إعادة إحياء مفهوم “الإثيوبيانية” الذي يتعارض مع الفيدرالية العرقية المنصوص عليها في الدستور، وجذب النشطاء والسياسيين، خصوصاً من الأمهرة، لشغل مناصب حكومية. لكنه تجاهل المظالم العرقية القديمة المتعلقة بالسلطة والموارد وحق تقرير المصير.
ويأتى إنشاؤه لحزب الازدهار من أجل ترسيخ سلطته، مما أعاد إلى الأذهان المركزية التسلطية في عهد الإمبراطورية الإثيوبية والعسكريين، كذلك سعى لتفكيك نفوذ التيغراي عبر إقصائهم من الحكومة واعتقال قادتهم بتهم فساد، كما استهدف معارضيه في إقليم أوروميا بقمع جبهة تحرير أورومو، واعتقال قادة بارزين مثل جوهر محمد.
لذا يظهر آبي أحمد كشخصية شعبوية تستغل الخطاب القومي لتعزيز سلطتها، مما يذكّر بأساليب قادة مثل ترامب وبوتين، رغم صورته السابقة كرجل سلام، فإن سياساته العسكرية ضد تيغراي والانقسامات الإثنية أظهرت تناقضاته. يظل الصراع في تيغراي بمثابة أزمة كبرى تهدد استقرار القرن الأفريقي، بينما لا يزال المجتمع الدولي غير مبالٍ، مما يتيح لآبي أحمد مواصلة مشروعه السياسي المرتبط بأفكار قديمة.[5]
- برجماتية سياسية أو طموح مخيف
بدأ طموح آبي أحمد في تعزيز نفوذ إثيوبيا الإقليمي يثير قلق دول الجوار بشكل متزايد. فمنذ توليه السلطة، أبدى آبي أحمد تطلعات توسعية تسعى لإعادة صياغة دور بلاده في القرن الأفريقي، عبر بسط نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي، هذه الطموحات تبرز في تدخله في نزاعات إقليمية، وسعيه لتعزيز القدرات العسكرية الإثيوبية، وتبنيه مشاريع قومية مثل سد النهضة، الذي أثار توترات مع دول المصب مثل مصر والسودان، هذه التحركات جعلت العديد من دول المنطقة تنظر بحذر إلى سياسات آبي أحمد، خشية أن تكون مقدمة لزعزعة استقرار المنطقة أو لإعادة تشكيل التوازنات الجيوسياسية فيها بما يخدم مصالح إثيوبيا على حساب جيرانها.
- السلام مع إريتريا كوسيلة دبلوماسية
- اتفاق السلام وانعدام التقدم الفعلي
عقب وصوله إلى السلطة، نجح آبي أحمد في توقيع اتفاق سلام تاريخي مع إريتريا عام 2018 لإنهاء نزاع استمر لعقدين. هذا الاتفاق كان محورًا لجائزة نوبل للسلام التي حصل عليها، مما عزز صورته كصانع سلام. على الرغم من توقيع الاتفاق، لم يتم تنفيذ العديد من بنوده الرئيسية، وخاصة فيما يتعلق بترسيم الحدود بين البلدين. هذا التأخير خلق شكوكاً حول نوايا آبي أحمد كذلك لم تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين أي تحسن ملحوظ ، بل بقيت مغلقة إلى حد كبير.
فضلًا عن ذلك، ظهرت شكوك حول التعاون العسكري بين البلدين في إقليم تيغراي، حيث دعمت إريتريا القوات الإثيوبية في الصراع، وهو ما أثار استنكارًا دوليًا لانتهاكات حقوق الإنسان. هذا التعاون أثار تساؤلات حول مصداقية آبي أحمد في استخدام اتفاق السلام لتعزيز الاستقرار الحقيقي بدلًا من استغلاله لأغراض سياسية داخلية وإقليمية.[6]
ويرى بعض المحللين أن آبي أحمد استخدم اتفاق السلام مع إريتريا كأداة للحصول على دعم دولي وسياسي، لكنه لم يعمل بجدية على تنفيذه أو ترجمة البنود المتفق عليها إلى واقع ملموس. كانت هذه السياسة مراوغة واضحة في تلاعبه بالتوقعات الدولية دون إحراز تقدم حقيقي على الأرض، وكشف توقيع اتفاق السلام بين اثيوبيا وجبهة تحرير تيجراى عن توتر العلاقات من جديد مع اريتريا حيث عبر الرئيس اسياس افورقى عن امتعاضة من طريقة التسوية السلمية “معتبرًا اياها وثيقة أمريكية اعدت فى واشنطن وصدرت الأوامر لاثيوبيا للتوقيع عليها دون تعليق” وهو ما يظهر التباين الكبير فى الموقف الحالية بين الحكومتين وينذر بتجدد الصراع مرة أخرى . [7]
- تهديد وحدة الصومال
على الرغم من أن إثيوبيا تلعب دورًا مهمًا في بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (الأتميس) لمحاربة حركة الشباب الإرهابية، إلا أن سياسات آبي أحمد مع الصومال تبدو غير متسقة ، حيث اتهمت الحكومة الصومالية إثيوبيا بمحاولة التأثير على سياساتها الداخلية واستغلال الانقسامات السياسية لدعم حلفائها في السلطة، كما تم اتهام إثيوبيا بالتدخل في الشؤون الصومالية من خلال دعم شخصيات سياسية معينة في مقديشو، كذلك تزايدت التوترات بين الجانبين بشأن قضايا الحدود والنفوذ السياسي في الأقاليم المتاخمة، حيث اتخذت إثيوبيا مواقف متناقضة في دعم القادة المحليين فى أرض الصومال، ما أدى إلى تأجيج الصراعات الداخلية، ويرى العديد من الصوماليون أن مشاركة القوات الاثيوبية ضمن قوات أميصوم ب4000 جندى بالمخالفة لقواعد الاتحاد الافريقي بعدم مشاركة قوات من دول الجوار فى مهام البعثة أن اخترق الصومال بتل البعثة وانها تعمل من ضد استقرار الصومال.[8]
وقد برز ذلك الدور جلياً فى الاتفاق الأخير الذى وقعته إثيوبيا مع حكومة أرض الصومال فى يناير 2024 والتى تعترف بموجبة اثيوبيا باقليم أرض الصومال مقابل الحصول على قاعدة بحرية تجارية بمساحة 20 كيلومتر لمدة 50 عامًا بحسب الاتفاق ودون النظر لوحدة الاراضى الصومالية بل يعزز ويقوى أحد الاقاليم الانفصالية هو مايضرب باستقرار الصومال ووحدة أراضيها عرض الحائط.
من حين لآخر، يقدم آبي أحمد نفسه على أنه وسيط بين الفصائل الصومالية المتناحرة، لكن تدخلاته تفتقر إلى الحياد المطلوب وتثير الشكوك حول نواياه الحقيقية. أدت هذه السياسات إلى زيادة الشكوك في مقديشو حول مدى مصداقية تعهداته بدعم الاستقرار في الصومال.[9]
- التلاعب بالعلاقات الاقتصادية مع جيبوتى
جيبوتي تعد بوابة بحرية رئيسية لإثيوبيا، ويعتمد الاقتصاد الإثيوبي بشكل كبير على ميناء جيبوتي لتصدير واستيراد البضائع حوالى 95 % من حركة الصادرات والواردات الاثيوبية وكذلك يعتمد الاقتصاد الجيبوتى على نسبة 85 % على انشطة موانئ جيبوتى وحركة التصدير والاستيراد، ومع ذلك، تتسم علاقة آبي أحمد مع جيبوتي بالتقلب حيث سعى آبي أحمد إلى تنويع منافذه البحرية من خلال تحسين علاقاته مع إريتريا والصومال، مما وضع جيبوتي في موقف غير مريح. هذا التحرك أثار قلق جيبوتي، حيث رأت فيه محاولة إثيوبية للضغط على جيبوتي للحصول على شروط اقتصادية أفضل.[10]
علاوة على ذلك، تردد أن آبي أحمد لم يكن واضحًا في مفاوضاته مع جيبوتي حول بعض الاتفاقيات التجارية والاقتصادية، مما أدى إلى شعور جيبوتي بعدم الثقة في نوايا إثيوبيا على المدى الطويل.
حاول آبى أحمد استغلال موقع جيبوتي الاستراتيجي الحساس، عبر إقامة علاقات مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين التي لها قواعد عسكرية في جيبوتي، هذه السياسة جعلت جيبوتي تشعر بأن إثيوبيا تسعى لتحقيق مكاسب سياسية على حسابها، وأن آبي أحمد لا يسعى لتعزيز شراكة حقيقية بقدر ما يسعى لتحقيق مكاسب استراتيجية قصيرة الأمد.[11]
- تأجيل الحلول مع السودان
أحد أكبر التحديات في علاقة آبي أحمد مع السودان هو النزاع على منطقة الفشقة الحدودية. رغم توقيع اتفاقيات مبدئية للتعاون، فإن سياسات آبي أحمد كانت غير واضحة حيث اتهم السودان إثيوبيا بالتعدي على أراضيه الزراعية في الفشقة، ورغم الاجتماعات المتكررة بين البلدين، لم يتم التوصل إلى حل نهائي للنزاع.
كذلك ظهرت شكوك حول نوايا إثيوبيا في تأجيل الحلول والضغط على السودان في ملفات أخرى مثل سد النهضة، حيث بدا أن إثيوبيا تستخدم ملف الحدود كوسيلة للضغط على الخرطوم في مفاوضات السد.[12]
وبدلاً من السعي لحل النزاع بشكل حاسم، بدا أن آبي أحمد يراوغ من خلال التأجيل المستمر للمفاوضات مع السودان، مما زاد من حدة التوتر بين البلدين وأدى إلى مناوشات عسكرية على الحدود
- سد النهضة والمماطلة في المفاوضات مع مصر
القضية الأكثر توتراً بين مصر وإثيوبيا هي سد النهضة، حيث تتهم مصر آبي أحمد بتبني سياسة مراوغة ومماطلة في المفاوضات فمنذ بدء بناء السد، شاركت إثيوبيا في العديد من الجولات التفاوضية مع مصر والسودان، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق ملزم حول كيفية ملء وتشغيل السد.
وقد استمرت إثيوبيا في اتخاذ خطوات أحادية مثل ملء السد دون التنسيق مع دول المصب، مما أدى إلى تفاقم الأزمة. وعلى الرغم من الوعود المتكررة بالتوصل إلى اتفاق، لم تكن هناك نية واضحة لدى آبي أحمد للتراجع عن خططه بشأن السد.
في محاولاته لحشد الدعم الدولي، قدم آبي أحمد سد النهضة كجزء من مشروع قومي لتطوير إثيوبيا، وهو ما أثار تعاطفًا دوليًا مع بلاده. ومع ذلك، اتهمته مصر بتجاهل التعهدات التي قدمها في المفاوضات واستخدام الدعم الدولي كغطاء للاستمرار في بناء السد دون اتفاق ملزم.[13]
ثالثًا: انعكاس سياسات آبي أحمد على القوى الإقليمية والدولية
- علاقاته مع القوى الإقليمية
على الصعيد الإقليمي، شهدت علاقة إثيوبيا بدول القرن الأفريقي والشرق الأوسط توترًا متزايدًا، في حين سعى آبي أحمد لتعزيز علاقاته مع بعض القوى الإقليمية مثل الإمارات والسعودية، واجه صعوبات في تحقيق التوازن مع بقية القوى، خاصة مصر والسودان
تعتقد مصر على- وجه الخصوص – أن سياسات آبي أحمد تُشكل تهديدًا لأمنها المائي، مما دفعها إلى تصعيد الموقف على المستوى الدبلوماسي، وكذلك تعزيز علاقاتها مع السودان لدفع المجتمع الدولي للتدخل. كما زادت حدة التوترات مع بعض الدول الأخرى في المنطقة بسبب سياسة آبي أحمد التي تعتمد على تعزيز النفوذ الإقليمي دون مراعاة مصالح الدول الأخرى. .[14]
- المواقف الدولية تجاه سياساته
على الصعيد الدولي، كان هناك تحولات ملحوظة في النظرة تجاه آبي أحمد، فبعد أن كان يحظى بتقدير دولي بصفته زعيمًا إصلاحيًا، بدأ يُنظر إليه بشكل متزايد كزعيم غير مستقر ويعتمد على سياسات داخلية ودولية محفوفة بالمخاطر.
التدخل العسكري في تيغراي والذي أدى إلى نزوح الآلاف وارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، أثار استياء المجتمع الدولي، وأصبحت الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أكثر حذرًا في دعم آبي أحمد نتيجة هذه السياسات القمعية التي تناقض الإصلاحات السياسية التي وعد بها في بداية حكمه.[15]
رابعًا: الدروس المستفادة من تجربة آبي أحمد في الحكم
أحد أهم الدروس التي يمكن استخلاصها من فترة حكم آبي أحمد هو الحاجة إلى التوازن في التعامل مع القوى الإقليمية، يجب على القادة في منطقة القرن الأفريقي أن يعوا أن الاستقرار الإقليمي يعتمد على التعاون بين الدول، وليس على المراوغة أو التلاعب بالاتفاقيات.
كذلكفإن عدم احترام آبي أحمد للاتفاقيات الدولية المتعلقة بسد النهضة والنزاعات الحدودية أدى إلى تفاقم الأوضاع بين إثيوبيا ودول الجوار، ومن بديهيات العلاقات الدولية احترام الاتفاقيات الدولية الذى يعد أساسًا لاستقرار العلاقات بين الدول، حيث يؤدى فقدان الثقة بين الأطراف الدولية إلى تصاعد النزاعات ويقلل من فرص الوصول إلى حلول دبلوماسية.
لذلك وفى ظل تصاعد التوترات بين إثيوبيا ودول الجوار، تبرز أهمية التدخل الدولي كوسيلة للحفاظ على الاستقرار في المنطقة. يجب أن تكون القوى الدولية أكثر جدية في مراقبة تنفيذ الاتفاقيات وضمان التزام جميع الأطراف بالحلول السلمية.
خاتمة
لقد كانت الصورة الذهنية لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في البداية إيجابية على الصعيدين المحلي والدولي، حيث اعتُبر زعيمًا إصلاحيًا يسعى لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. ومع ذلك، فإن تحولات سياسته تجاه دول الجوار، وخاصة فيما يتعلق بسد النهضة والنزاعات الحدودية مع السودان، جعلت من آبي أحمد شخصية مثيرة للجدل على الساحة الإقليمية والدولية.
سياسات المراوغة وعدم احترام الاتفاقيات الدولية أثرت بشكل كبير على مكانته الدولية وأثارت القلق بين القوى الإقليمية والدولية. وفي ظل هذه التطورات، يتعين على إثيوبيا ودول الجوار أن تجد سبلًا للتعاون من أجل تجنب تصاعد النزاعات وضمان استقرار المنطقة في المستقبل.
[1] “آبي أحمد” أول رئيس وزراء من عرقية أورومو يحكم إثيوبيا، 28 مارس 2018 على الرابط :
https://www.bbc.com/arabic/world-43564445
[2] “مهندس الصلح”.. ماذا فعل آبي أحمد لينال جائزة نوبل للسلام؟ موقع العربية نيوز 11 أكتوبر 2019 على الرابط:
[3] لماذا فاز آبى أحمد بنوبل للسلام ؟ 11 أكتوبر 2019 على الرابط :
https://www.bbc.com/arabic/world-50012999
[4] بروفيسور فرنسي: حاصلون على جائزة نوبل للسلام كانوا وراء صراعات مميتة، 6/9/2021 على الرابط :
[5] د. على سيد، آبى أحمد : طموح سياسى أم حلم الأمبراطورية الإثيوبية ؟ 7 ديسمبر 2020 ، جريدة البناء ، على الرابط :
https://www.al-binaa.com/archives/279576
[6] Susan Stigant; Michael V. Phelan, A Year After the Ethiopia-Eritrea Peace Deal, What Is the Impact? , 29/8/2019, at united state institute for peace :
https://www.usip.org/publications/2019/08/year-after-ethiopia-eritrea-peace-deal-what-impact
[7] محمود ابو بكر ، هل يؤول التوتر بين إثيوبيا وإريتريا الى حرب جديدة؟ على الرابط :
[8] المآلات المحتملة للتوترات المتصاعدة بين الصومال وإثيوبيا، 3 يوليو 2024 ، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة على الرابط :
[9] د. أحمد عسكر، قراءة أولية فى اتفاق إثيوبيا وأرص الصومال ، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية على الرابط:
https://acpss.ahram.org.eg/News/21088.aspx
[10] Selam Tadesse Demissie, Djibouti looks to Ethiopia to gauge its economic future, institute for Security studies, 3 may 2021 at:
https://issafrica.org/iss-today/djibouti-looks-to-ethiopia-to-gauge-its-economic-future
[11] خدمة لأطماعها.. موانئ دبي تأمرت لتخريب اقصتاد 3 دول أفريقية، 18 مارس 2019، على الرابط :
[12] إثيوبيا والسودان: لماذا تجدد التوتر على الحدود بين البلدين؟ على الرابط :
https://www.bbc.com/arabic/middleeast-61950944
[13] محمد عبده حسين، مصر تنتقد المماطلة الإثيبية فى حل أزمة سد النهضة ، جريدة الشرق الأوسط ، 11 فبراير 2023 على الرابط :
[14] العلاقات الاقتصادية بين الامارات وإثيوبيا فرص واعدة ، جريد العين الاماراتية على الرابط :
https://al-ain.com/article/economic-relations-uae-and-ethiopia-opportunities
[15] Elsa Aimé González, The Ethiopia of Abiy Ahmed and the Pending Transition, at:
https://revistaidees.cat/en/the-ethiopia-of-abiy-ahmed-and-the-pending-transition