الذكاء الاصطناعي الاخضر ودوره في تحقيق اهداف التنمية المستدامة
اعداد : نعمه عبد الظاهر فرغلي عبد الكريم – باحث دكتوراة إدارة الازمات والمخاطر
مراجعة/ د. مي احمد – مسئول برنامج التنمية المستدامة والطاقة
المقدمة:
تهدف هذه الدراسة الى جذب الانتباه الى أهمية دراسة مستقبل تطبيقات الذكاء الاصطناعي خاصة، والثورة الصناعية الرابعة وما بعدها بشكل عام، وبخاصة الذكاء الاصطناعي الاخضر كوسيلة ومحاولة للاستقراء والاستشراف والتنبؤ بتأثيراتها. فقد أصبح لتلك الثورة الجديدة تأثيرات على مستوى الإنتاج وأسواق المال والأعمال والاقتصاد، إلى جانب التأثيرات العلمية والصحية وغيرها. كما دفعت الثورة الصناعية الرابعة إلى تقليل الفارق الزمني بين الجانبين النظري والتطبيقي. ونظرًا لكون الإنسان مازال يتمتع بالإبداع والقدرة على التفكير والكتابة واللغة وممارسة الفن وغيرها من الأنشطة التي ميزته عن غيره من الكائنات على سطح الأرض، فإن الخوف مما يسمى بسيطرة الذكاء الاصطناعي على العقل البشري ليس له مبرر، لأن المشكلة الأساسية تكمن فيما يكمن وراء تحريك تلك التطبيقات من البشر أنفسهم، ومن ثم لن يشهد العالم صراعًا بين الذكاء البشري، والذكاء الاصطناعي، بل سيكون عبر تحالفهما معًا لتحقيق أهداف بشرية في النهاية في معركة الاستحواذ على قوة الحاضر والمستقبل. وللحفاظ على المستقبل لابد من الوصول للحلول المستدامة وتجيب هذه الدراسة عن التساؤلات الدراسية التالية:
- هل سيتحكم الذكاء الاصطناعي في الانسان بدلا من تأثير الانسان عليه؟
- ما هو تأثير الذكاء الاصطناعي على العمل والوظائف؟
- ماهي الفرص والتحديات المستقبلية للذكاء الاصطناعي؟
- ما هي المميزات التي قد تعود علينا بالنفع؟، وما هي العيوب التي من شأنها أن تؤثر علينا سلبًا؟
- ما هو الذكاء الاخضر ومدى ارتباطه بالذكاء المناخي ؟
مشكلة البحث:
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تتطور بسرعة مذهلة مع فوائد جوهرية كثيرة للاقتصاديات والمجتمعات والأفراد، وذلك لخدمة تحقيق اهداف التنمية المستدامة ، وظهور مصطلح ” الذكاء الاصطناعي المستدام او الأخضر”، الا انه تتزايد مخاوف البشرية من تلك التطورات والتحديات التي تواجه التطبيق خاصة في الدول النامية، ومدى قدرة الانسان على السيطرة والتحكم وإدارة المخاطر.
وينطلق البحث من سؤال بحثى رئيس وهو ” ما هو دور الذكاء الاصطناعي الأخضر في تحقيق اهداف التنمية المستدامة؟”
اهداف البحث:
- التعرف على أثار التطبيقات الجديدة والمتزايدة للذكاء الاصطناعي
- التعريف بمفهوم الذكاء الاصطناعي الأخضر
- التعريف بمحددات تطبيق الذكاء الاصطناعي الاخضر
الادبيات السابقة:
- دراسة ا.د محمد محمد الهادى (2021) استهدفت الدراسة رصد حالة الترقب بين استخدام التكنولوجيا الرقمية والالية والذكاء الاصطناعي ودوره في تنمية الدول النامية .امكانية استغلال الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بوظائف جديدة واندثار وظائف اخرى . قدرة الشركات المصرية على مواكبة التطور التكنولوجي المعاصر .
- استهدف رضا (سبتمبر 2023) التعــرف علــى فــرص وتحديات توظيــف تقنيــات وبرمجيــات الــذكاء الاصطناعي، واثر ذلك على النواحي الثقافية وخاصة المحتوى الديني والتوعوي، حيث اكد أن تطبيقــات الــذكاء الاصطناعــي تقنيــة تســاهم في تحسين الأدراك الذهني الذى يقــوم بهــا العقــل البشــري، حيث سرعة الحصل على المعلومات والبيانات بالإضافة الى سهولة التوصل مع الاخرين في شتى انحاء العالم، وفى وقت قياسي، وقد اكد على وجوب قيام متخصصين بمتابعة ومراجعة المحتوى المتداول على تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتنقيحها، حيث اشار الى احد التحديات الرئيسة وهو عدم القدرة على منع انتشار المعلومات غير الصحيحة او المجهولة المصدر، كذلك اشار الى ان الافراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يؤدى الى قتل الابداع الفردي.
- رشيد (2023) يهدف البحث الى التعرف على مفهوم التحيز في الذكاء الاصطناعي وعلى إطار عمل تدقيق الذكاء الاصطناعي لمعهد المدققين الداخليين(IIA) ، ولفت نظر المدققين الداخليين الى أهمية تدقيق تحيز الذكاء الاصطناعي من أجل تقليل المخاطر المتعلقة بالتحيز المحتمل للخوارزميات . ولتحقيق أهداف البحث قام الباحثان باستخدام المنهج الاستدلالي في الدراسة والتحليل من خلال الاستعانة بالأطروحات والرسائل الجامعية والدوريات والكتب والمواقع الالكترونية التي تتناول موضوع الدراسة ولا سيما فيما يتعلق بمجالات: الذكاء الاصطناعي والتحيز في الخوارزميات ودور التدقيق الداخلي في تدقيق التحيز في الذكاء الاصطناعي في ضوء إطار عمل تدقيق الذكاء الاصطناعي لمعهد المدققين الداخليين(IIA) ، وتوصل البحث الى مجموعة من الاستنتاجات أهمها : 1. التحيز سمة بشرية متأصلة ويمكن أن تنعكس في كل شيء نبتكره ، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي. 2. يجب على المدققين الداخليين أن يتطلعوا إلى توفير بعض التأكيد على أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي مصممة بكفاءة ، وأنها تعمل على النحو المتوقع ، وأنها شفافة غير متحيزة بما يكفي للمستخدمين ، وأنهم لا يعرضون المنظمة للمخاطر من خلال نتائجها. بناءً على استنتاجات البحث، تم تقديم مقترحات تتفق مع هذه الاستنتاجات، وأهمها: ضرورة قيام الجهات ذات العلاقة بمهنة التدقيق الداخلي بعقد الندوات وورش العمل المتخصصة للتعًريف بنظم الذكاء الاصطناعي والتحيز في الخوارزميات ودور التدقيق الداخلي في ذلك وفقا لإطار عمل تدقيق الذكاء الاصطناعي لمعهد المدققين الداخليين(IIA).
- رشيد أحمد زكريا, إيناس حديبي (2022)، تركز إستراتيجية الذكاء الاصطناعي في العالم و الجزائر خاصة على النمو والتطور فضلا عن الاستثمار في أبحاث الذكاء الاصطناعي وكل ما يحيطه من كفاءات بشرية بغرض تزويدهم بالمهارات والمتطلبات اللازمة للعمل في هذا القطاع حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفتح فرصة هائلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة و النهوض بها اقتصاديا و استعمالها على نطاق واسع في البحث والتعليم والصحة والثقافة والأمن والبيئة، ولا يمكن تحقيق هذا إلا بإعداد وإرساء بيئة قوية تمكينية لدفع الابتكار واستعمال تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي بالشكل المطلوب.
- الثورة الصناعية الرابعة وتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي:
يشير مصطلح الثورة الصناعية إلى تحول الاقتصاد العالمي من الاعتماد على الزراعة إلى الاعتماد على الصناعة، حيث الإنتاج القائم في أغلبه على الآلات مما أدى الى تطور وزيادة سرعة عجلة الإنتاج، كما أدى إلى انخفاض الأسعار نتيجة زيادة المعروض وانخفاض تكاليف الإنتاج. وجاءت الثورة الصناعية الأولى في ستينيات القرن الثامن عشر بالنفع على القطاع الزراعي بسبب استخدام الآلة البخارية الأمر الذي أدى إلى رفع معدل الإنتاج، وبالتالي رفع مستوى معيشة البشر. ومن بعدها جاءت الثورة الصناعية الثانية امتدادًا للثورة الصناعية الأولى بنهاية القرن التاسع عشر متمثلة في ظهور الكهرباء والمحركات القابلة للاحتراق واستغلال هذه الاختراعات في تدوير الموارد الطبيعية والصناعية والطاقات المتجددة. وبذلك ظهر ما يعرف اصطلاحًا ب المصنع الألى، ولأتمتة إنتاج هذا المصنع ظهرت تقنيات جديدة تتم باستخدام الحاسوب بدأت في عام 1969 أي بنهاية القرن الماضي فيما عُرف بالثورة الصناعية الثالثة، والتي تميزت بإدخال الحواسيب في كافة مجالات الحياة من الاتصالات والتعليم والتي لم يقُصر استخدامها على الإنتاج والتصنيع فقط.
- خصائص تقنيات الذكاء الاصطناعي
- تعتبر واحدة من أكثر التقنيات تطورًا وانتشارًا في العالم؛ حيث يمكن استخدامها في مختلف المجالات مثل الصناعة والتجارة والطب والترفيه والتعليم وغيرها. وتتميز بعدة خصائص، من أهمها: القدرة على التعلم الذاتي، وتحسين الأداء مع مرور الوقت، حيث يتم استخدام البيانات والخوارزميات واستخلاص الأنماط، والتفاعل والتواصل مع البيئة المحيطة به، مما يجعله قادرًا على تحسين الأداء في مختلف المجالات. إضافة إلى ما سبق، تمتاز تقنيات الذكاء الاصطناعي بالقدرة على التعلم والتكيف، من خلال الخوارزميات المستخدمة في تطوير هذه التقنيات، حيث يتمكن الحاسوب من استخراج النماذج والقواعد المنطقية من البيانات. ومن ثم يستطيع تطبيق هذه القواعد على بيانات جديدة، وبهذا يمكن للنظام الاصطناعي التكيف مع بيئته وتحسين أدائه مع مرور الوقت. كما تستطيع تقنيات الذكاء الاصطناعي التعامل مع البيانات الكبيرة والمتنوعة، فمع تزايد حجم البيانات المتاحة، أصبح من الصعب على البشر التعامل مع هذه الكمية الهائلة من البيانات. وهنا يأتي دور تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تستطيع معالجة هذه البيانات بكفاءة ودقة عالية، وذلك باستخدام تقنيات معالجة اللغة الطبيعية ال NLP «Natural»Language Processing ، وبالتالي تتعزز القدر على اتخاذ القرارات بناءً على البيانات، حيث يتعامل النظام الاصطناعي مع البيانات، بشكل أكثر دقة وسرعة من البشر. لذلك يمكننا القول بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي تعد مثالية للتطبيقات التي تتطلب معالجة كميات ضخمة من البيانات، وتحليل المعلومات المعقدة بسرعة ودقة. كما إنها لديها القدرة على التكيف مع بيئة جديدة، واستخراج النماذج والتنبؤات من البيانات، بالإضافة إلى القدرة على التفاعل مع البيئة بشكل ذكي. وعلى الرغم من أن هذه التقنيات مازالت في مراحلها الأولى من التطور، وتعاني من بعض القيود والتحديات، إلا أنها تظل واعدة جدًا في مجالات متعددة مثل التجارة الإلكترونية، والرعاية الصحية، والتحليل الاجتماعي، والسياسة العامة، والصناعة وغيرها من تطبيقات الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين.
كذلك يكثر الحديث عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الروبوتات والسيارات ذاتية القيادة، وما إلى ذلك من المجالات العلمية المتقدمة نسبيًا. لذلك وبالتبعية يتوقع البعض أن هذه التقنيات لا تتداخل ولا تؤثر على حياتنا اليومية، ولكننا في حقيقة الأمر نواجه جميعًا تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل شبه يومي بدايةً من لحظة استيقاظنا والنظر في هواتفنا الذكية وحتى الأفلام والمحتوى المرشح لنا مشاهدته نتيجة عمل هذه التقنيات على تفضيلاتنا الشخصية والمعرفية. لن يتوقف الأمر عند هذا الحد بل من المتوقع أن يتداخل الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر في حياتنا، فوفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة »Statista« وجدت أنه من المقرر أن ينمو حجم سوق الذكاء الاصطناعي بنسبة قد تصل إلى 54 % سنويًا، وهو ما يدعونا إلى التفكير في حجم وفعالية هذه التطبيقات على حياتنا اليومية، وما هي المميزات التي قد تعود علينا بالنفع؟، وما هي العيوب التي من شأنها أن تؤثر علينا سلبًا؟
- تأثير الذكاء الاصطناعي واثاره على العمل والوظائف:
حيث إن الآلات تكمل العمالة البشرية بتزايد في نطاق القوي العاملة، فسوف نحتاج لفتح نافذة منبثقة تفاعلية. كما أن الآلية والذكاء الاصطناعي يحولان الأعمال وسوف يساهمان في النمو الاقتصادي عبر المساهمات للإنتاجية، كم أنهما سوف يساعدان مخاطبة ومواجهة التحديات المجتمعية في مجالات من الصحة إلى التغير المناخي.
في نفس الوقت، هذه التكنولوجيات ستحول طبيعة العمل ومكان العمل ذاته، حيث ستكون الآلات قادرة على القيام بمزيد من المهام التي يقوم بها البشر، وتكميل العمل الذي يقوم به الإنسان، وحتى أداء بعض المهام التي تتجاوز ما يقوم به البشر. كنتيجة لذلك، بعض المهن سوف ينخفض الطلب عليها، وسينمو لبعض المهن الأخرى، أو قد تتغير كثير من المهن، وبينما نعتقد أنه سوف يكون هناك ما يكفي للعمل من أجل الالتفاف حول ما سيحتاجه المجتمع للتعامل مع التحولات الكبيرة للقوي العاملة وخلخلتها. وعلي ذلك، سيحتاج العمال إلي اكتساب مهارات جديدة والاعتماد علي آلات ذات قدرة متزايدة بجانبهم في مكان العمل. وقد تضطر العمالة إلي التحرك من تراجع المهن إلي النمو، وفي بعض الحالات إلي مهن جديدة.
وعلي ذلك كلا من وعد وتحدي الآلية والذكاء الاصطناعي في مكان العمل مع القضايا الحرجة سوف يحتاج معدوا السياسة والشركات والصناعات لحلها وتتضمن الأبعاد التالية:
- تسريع التقدم في الذكاء الاصطناعي والآلية يؤدي لخلق الفرص للأعمال، الاقتصاد والمجتمع.
- كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي والآلية علي العمل.
- انتقالات القوي العاملة الرئيسية والتحديات.
- الذكاء الاصطناعي.. الفرص والتحديات المستقبلية :
إن مستقبل تطبيقات الذكاء الاصطناعي سيتجه إلى ثلاث اتجاهات، أولها، الاتجاهات الضخمة، عبر إحداث طفرة ونقلة كبيرة في الواقع الدولي بشكل سريع وتنافسي. وثانيها، الاتجاهات الفرعية، يمكن أن تتطور أو تنبثق من الاتجاهات الضخمة عبر إحداث تطور نوعي أوفرعي في تأثيرات تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وثالثها، الاتجاهات المحتملة، لتطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال القدرة على توليد الأنشطة أو التطبيقات أو المشروعات التي يمكن أن ترتبط بها وتتصاعد في المستقبل، ومن ثم، فإنها تكون لها القدرة على تشكيل الاتجاهات السائدة في المستقبل. كذلك، رغم الاعتقاد لدى عدد من الباحثين بأنه يمكن الوصول على الأقل إلى نصف قدرة العقل البشري
بحلول عام 2040 ، إلا إن الإنسان سيظل هو من يحركه ويسيطر عليه. وتكشف التجربة الدولية السابقة أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يكون نقيضًا للذكاء البشري، بل أنه عامل مساعد له، وما صنعه الإنسان من الآلات امتلكت ذكاءً صناعيًا. ومن ثم، لم تصبح «الآلات » مفكرة، بل إنها كانت خاضعة بالفعل إلى برمجيات للتحكم والسيطرة من قبل الإنسان، ولكن تكمن الخطورة في توظيف ذلك التقدم لأهداف عسكرية أو غير إنسانية. ومن ثم، فإن الخوف مما يسمى بسيطرة الذكاء الاصطناعي على العقل البشري ليس له مبرر؛ لأن المشكلة الأساسية تكمن فيما يكمن وراء تحريك تلك التطبيقات من البشر أنفسهم، وأن أي أخطاء أو تجاوز لتلك الصلاحيات الممنوحة تكمن في خلل في الخوارزميات التي تم وضعها، وأن القدرات الخارقة أو غير المعتادة التي سيصل لها الذكاء الاصطناعي في المستقبل سيتوقف الخوف منها على مدى سعي الإنسان لعسكرة تلك التطبيقات لإدارة صراع عن بعد مع قوى دولية أخرى. ولن يشهد العالم صراعًا بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي بل سيكون عبر تحالفهما معًا لتحقيق أهداف بشرية في النهاية في معركة الاستحواذ على قوة الحاضر والمستقبل.
- إيجابيات تطبيق الذكاء الاصطناعي:
بات من الجلي الآن أن برامج الذكاء الاصطناعي تتمتع بقدرة كبيرة على التفكير والتعلم الذاتي، لذلك يمكننا القول بأن أي برنامج يستطيع أن يؤدي مهام الإنسان إنما يعتبر ذكاءً اصطناعيًا، لذلك فإن مميزات الذكاء الاصطناعي تظهر بوضوح في أنه يستطيع أن يقلل من حدوث الأخطاء البشرية، إذ أنه يتخذ القرارات في كل خطوة بناء على مجموعة من الخوارزميات والمعلومات التي تم جمعها مسبقًا؛ لذلك قد
يرى البعض أن نسبة الخطأ ضئيلة جدًا. ونظرًا لبنية الآلات المعدنية المقاومة للتأثر بالمخاطر الطبيعية التى لا يستطيع الإنسان العادي تحملها، فقد تظهر ميزة أخرى في استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال الخطرة التي قد تودي بحياة الإنسان مثل: نزع فتيلة قنبلة أو رحلات استكشاف الفضاء في أجزاء غير معلومة منه أو التنقيب عن الفحم والنفط أو الذهاب إلى أعمق أجزاء من المحيطات.
وهو ما يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام به بدقة وسهولة بالنيابة عن الإنسان؛ فعلى سبيل المثال، في عام 1986 في انفجار محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في أوكرانيا، كان من الممكن أن يتم الحد من آثار الإشعاع من خلال التحكم في الحريق في المراحل الأولى منه.
بالإضافة الى إن الأمر يتعلق أيضًا بالإنتاجية، فقد خلصت الدراسات إلى أن متوسط إنتاج الإنسان في اليوم لا يتعدى ال 4 ساعات، لكن الذكاء الاصطناعي يمكنه العمل بلا كلل وبدون فترات راحة؛ إذ يستطيع القيام بمهام متعددة في وقت واحد وبنتائج دقيقة بمساعدة الخوارزميات الخاصة به، وهو ما سيصبح أكثر فعالية إذا ما تم تطبيقه على نطاق واسع وخصوصًا في الأعمال الروتينية التي قد تستغرق وقتًا طويلً مقارنة بأداء الذكاء الاصطناعي تجاهها. فمثلً يمكننا تسريع عملية فحص المستندات للموافقة على القروض في البنوك من خلال تطوير تقنية “[1]AI Cognitive Automation” ، وهي التي تعمل على التحقق من المستندات لصالح العملاء ومالكي البنوك. ومن ناحية أخرى سيتم التخلص من المهام الوظيفية المملة لدى البعض بما يعطيهم الفرصة ليعملوا على تطوير قدراتهم المعرفية والنقدية والعمل في وظائف تحتاج إلى التفكير والتحليل النقدي والإبداع. ومن الوظائف الأخرى التي قد يتم إلغاؤها بمرور الوقت هم المساعدون البشريون؛ حيث يتم استبدالهم الآن في العديد من المؤسسات الكبرى بالمساعدين الرقميين لتلقي الشكاوى ومساعدة العملاء من خلال الدخول معهم في محادثات تجعل من الصعب علينا معرفة ما إذا كنا نتحدث مع إنسان أم أنه مجرد روبوت محادثة. ونتيجة لخلو هذه التقنيات من المشاعر، وقيام برمجياتها في أغلب الأحيان على المعلومات المحددة، فإن النتائج عادة تكون دقيقة وغير متحيزة.
كذلك، فإن حياتنا اليومية أضحت تعتمد بشكل كبير على استخدام العديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ حيث نستخدم خرائط، Google، Alexa، Siri، CortanaOK Google ، والكثير من برامج إجراء المكالمات والرد على رسائل البريد الإلكتروني، وبرامج التنبؤ بالطقس، وكل هذه الأمثلة تُعد فقط على سبيل المثال لا الحصر.
- سلبيات تطبيق الذكاء الاصطناعي:
على الرغم من الفوائد العديدة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، فإنها تواجه العديد من السلبيات والتحديات الأخلاقية والأمنية التي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار، والتي من بينها احتمالية حدوث الأخطاء والتحيز في القرارات التي يتخذها النظام الذكي. إذ يمكن أن يؤدي تحيز البيانات المستخدمة في تدريب النماذج الذكية إلى إنتاج توقعات خاطئة وقرارات متحيزة؛ على سبيل المثال، قد يتعرض الأشخاص من خلفيات معينة لمزيد من التحيز في التوظيف أو المنح الدراسية بسبب تحليل البيانات الذي تقوم به النظم الذكية. توجد أيضًا مخاطر أخلاقية متعلقة بالاستخدام السيئ للذكاء الاصطناعي، إذ أن الاستخدام السيئ له قد يؤدي إلى انتهاكات في خصوصية المستخدمين، واستخدام البيانات بشكل غير مشروع، وزيادة تحكم الحكومات في الأفراد. ومن المخاطر الأمنية المتعلقة باستخدامات الذكاء الاصطناعي هوإمكانية استخدامها من قبل القراصنة والمتسللين والدخول على البيانات أو التلاعب بها، والاستفادة من الثغرات الأمنية في تلك النظم الذكية لاستخدامها في أغراض خبيثة، لذلك يجب مراعاة هذه السلبيات ومحاولة إيجاد حلول لها في عمليات تطوير واستخدام التقنيات الذكية من خلال تطوير إطار عمل أخلاقي وقواعد أخلاقية لتوجيه استخدام الذكاء الاصطناعي، وتوعية المستخدمين والمطورين بشأن السلبيات والمخاطر المحتملة للتقنية.ومن سلبيات الذكاء الاصطناعي أيضًا هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على تطويره، فمنذ عام 2007 ، اشترت Google ما لا يقل عن 30 شركة ذكاء اصطناعي تعمل في كل شيء بدءًا من التعرف على الصور، وحتى الحواسيب ذات الصوت البشري، مما أدى إلى احتكار ضخم لتلك التقنيات. وفي عام 2016 ، أنفقت Google و Apple و Facebook و Microsoft و Amazon جنبًا إلى جنب مع اللاعبين الصينيين العملاقين ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي ما يقدر بنحو 39 مليار دولار على عمليات البحث والتطوير والاستحواذ المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. لذلك فإن استحواذ الشركات الضخمة على الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم إنما يعد أمرًا خطيرًا، نظرا لأنها قد تلعب دورًا كبيرًا في تحديد اتجاه العالم كله من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
- دور الذكاء الاصطناعي الأخضر في تحقيق اهداف التنمية المستدامة:
يشر مفهوم “الذكاء الاصطناعي الأخضر”، إلى تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال إنشاء خوارزميات ونماذج وأنظمة صديقة للبيئة ومستدامة للحد من آثار أنشطة الإنسان على البيئة. الهدف من الذكاء الاصطناعي الأخضر هو تعزيز كفاءة الطاقة وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعزيز الممارسات المستدامة من خلال التطبيقات التالية:
- مجال تحسين استهلاك الطاقة:
يمكنه تحسين استهلاك الطاقة في المباني ووسائل النقل وغيرها من الأنظمة، وذلك من خلال أنظمة إدارة الطاقة الذكية التي تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحسين الاستجابة لتغيرات الطلب على الطاقة، وبالتالي تجنب الهدر وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
- مجال الزراعة:
بإمكان أنظمة الذكاء الاصطناعي تعزيز إنتاج الزراعة، وتوفير المياه، وتحسين استخدام الأسمدة، وهو أمر حاسم في خفض التأثير البيئي للزراعة ودعم الممارسات الزراعية المستدامة، من خلال برامج تقدم تحليلات وصور وتقارير للمزارعين مع قاعدة بيانات شاملة لتهديدات المحاصيل، بالإضافة إلى وجود شبكات تجمع مبتكرين ومؤثرين عالميين لدعم تبادل البيانات والمعلومات حول الزراعة والغذاء.
- مجال إعادة التدوير:
ويمكن ذلك من خلال تحسين عملية إعادة التدوير، مما يقلل من النفايات ويدعم ممارسات الاقتصاد الدائري، إذ يحلل الذكاء الاصطناعي ويفصل بين أنواع النفايات، ويمكنه التنبؤ بحجم زيادتها، كما تعمل بعض الشركات على صناعة المنتجات صديقة البيئة بالاعتماد عليه.
- مجال تأسيس المدن الذكية:
يعتمد الذكاء الاصطناعي في المدن الذكية على تحليل بيانات متعددة لتحسين الطاقة وحركة المرور والأمان والبيئة، فهو يساهم في تحسين استخدام الطاقة عبر تحليل بيانات استهلاك الطاقة والحركة، ويعمل على تحسين النقل بتقنيات مثل رؤية الكومبيوتر، مما يحسن توقيت الوصول ويرفع رضى المواطنين، كما يعزز الأمان بتوقع وتعامل مع الجريمة عبر كاميرات الذكاء الاصطناعي، ويساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية والتلوث بتحليل بيانات البيئة وتوقع فترات الارتفاع في مستويات التلوث.
- مجال تطبيق تقنيات الذكاء المناخي:
حيث يقدم الذكاء الاصطناعي آليات فعالة، لإدارة وفهم كميات كبيرة من البيانات المتنوعة والمهمة التي لها علاقة بالطقس والمناخ، والانذار المبكر للأرصاد الجوي، من خلال ” النمذجة المناخية” حيث استخدام التطبيقات المختلفة للذكاء الاصطناعي [2]في وضع سيناريوهات للمناخ وللكوارث المناخية المتوقعة بناء على بيانات تطور المناخ في منطقة الدراسة وصور الأقمار الصناعية وقياسات الغلاف الجوي ، مما يساعد في اتخاذ قرارات أفضل وأسرع استناداً إلى العلم في المجالات المتأثرة بتغير المناخ، بالإضافة الى دراسة مدى تأثير هذه الظواهر على الصحة العامة والأمن العالمي والاقتصاد، ويستطيع الذكاء المناخي القيام بذلك من خلال دمج وتحليل البيانات المناسبة وجعلها متاحة لاتخاذ القرارات وتحسين استراتيجيات التكيف والتخفيف.
- إدارة الشبكات الذكية المعززة بالذكاء الاصطناعي:
يمكن أن يعزز تطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة[3] شبكات الطاقة استقرارها وموثوقيتها ومرونتها. الشبكات الذكية التي تعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تعدّل إمدادات الطاقة والطلب ديناميكياً، وتحسِّن نقلها وتوزيعها، وتتعامل مع تحديات مصادر الطاقة المختلفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً المساعدة في اكتشاف الأعطال أو الانحرافات في الوقت الحقيقي وإصلاحها، مما يؤدي إلى تقليل فترات انقطاع التيار وزيادة كفاءة التشغيل.
كما أن بإمكانه تحليل البيانات وتوقع الأحمال وتوقع التوليد من مصادر الطاقة المتجددة بناء على مصادر مختلفة وبعد جمع كم كافي من المعلومات، بالإضافة الى تقديم تحليل شامل للموقع المحتمل لإنشاء أنظمة طاقة متجددة فيها أو حتى المبنية من قبل، وتقديم بيانات وصور للموقع تساعد في اتخاذ قرار بناء أنظمة في تلك المنطقة أو لا أو توقع حجم الإنتاج للنظام.
وامام كل هذه المزايا في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الأخضر، الا انه لا يزال يواجه العديد من التحديات ، كما ذكرناها في البداية، علاوة على ذلك :
- تغير أنماط المناخ بوتيرة حادة والسلوك الإنساني غير المسئول سواء في الإنتاج او الاستهلاك، يفتح الباب امام ” الثغرات المناخية” التي تجعل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحدى مستمر لسد هذه الثغرات، بالإضافة الى مقومات البنية التحتية المتطورة التي تفتقر لها العديد من الدول.
- مدى جودة البيانات، المستخدمة في نماذج التنبؤ، يعتمد الذكاء الاصطناعي الأخضر على المعلومات لاتخاذ القرارات لكن هذه المعلومات قد لا تكون موثوقة أو من مصادر غير موثوقة.
- أهمية تطبيق القوانين والتشريعات، إن النمو المتسارع للذكاء الاصطناعي في الفترة الأخيرة، يضع علامة استفهام كبيرة بما يتعلق بالصلاحيات وقوانين خصوصية المعلومات، وما زالت الجهات التشريعية في مختلف دول العالم تتباحث حول كيفية صياغة قوانين تضبط وتنظم عمل الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات وبما فيها قطاع الطاقة النظيفة والخضراء.
- الخبرة المحدودة في مجال استخدام تطبيقات الذكاء المناخي الاخضر: حيث لا يتخصص الذكاء الاصطناعي بمجال معرفة واحد وإنما عدة مجالات، ما يجعله معرضاً لنقص في المعلومات والخبرة في كثير من الأحيان
الخاتمة:
يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في تحقيق الاستدامة، إذ يساهم في تطوير حلول تقنية مبتكرة وفعالة لتحقيق الأهداف المستدامة 2030، مما أدى إلى ظهور تقنيات ومصطلحات حديثة مثل الذكاء المناخي والذكاء الاصطناعي الأخضر وإدارة الشبكات بالذكاء الاصطناعي، حيث تقدم هذه التقنيات حلولاً وطرقاً فعالة لتحقيق الاستدامة والحفاظ على البيئة، لكنها تواجه ما زالت تواجه بعضاً من التحديات مثل جودة البيانات والخصوصية والخبرة المحدودة.
وصار وجوبا علي الشركات والحكومات أن تسخر فوائد الآلية والذكاء الاصطناعي في مساهمات الأداء والإنتاجية المعززة بالإضافة إلي الفوائد المجتمعية، حيث ان هذه التكنولوجيات ستنشئ “الفوائض الاقتصادية” التي ستساعد المجتمعات في إدارة انتقالات القوي العاملة، كما يجب أن يكون التركيز علي الطرق لتأكيد أن انتقالا القوي العاملة تتم علي نحو سلس قدر الإمكان لتحقيق الهدف الأول للتنمية المستدامة وهو “القضاء على الفقر” وكذلك الهدف الثامن فيما يخص ” العمل اللائق”، ومن المحتمل أن يتطلب كل ذلك حلولا قابلة للتنفيذ وقابلة للتطوير في مجالات رئيسية عديدة تتضمن ما يلي:
- ضمان الاقتصاد القوي ونمو الإنتاجية.
- تعزيز ومساندة ديناميكية للأعمال.
- تطوير أنظمة التعليم والتعلم للقوي العاملة المتغيرة.
- الاستثمار في رأس المال البشري.
- تحسين ديناميكية سوق العمل.
- إعادة تصميم العمل.
- إعادة التفكير في الدخل.
- إعادة التفكير في دعم الانتقال وشبكات الأمان للعاملين المتأثرين.
- الاستثمار في محركات الطلب على العمل، واحتضان الذكاء الاصطناعي والآلية بأمان.
- تطوير استراتيجيات وسياسات قومية من اجل:
- معالجة التحيزات المحتملة لنظم خوارزميات الذكاء الاصطناعي في العمل، تلبية الطلب المحتمل لأعاده تأهيل وتدريب العمال النازحين من وظائفهم غير الملائمة من خلا ل تطوير برامج تدريب وتأهيل جديد لمهارات تتوافق مع تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، وإدخال تدابير لتقاسم منافع الذكاء الاصطناعي والمساواة عبر المناطق والمجتمعات من خال دعم النمو الاقتصادي .
المراجع العربية :
- رشيد ناظم حسن (2023). “تدقيق التحيز في الذكاء الاصطناعي في ضوء اطار عمل تدقيق الذكاء الاصطناعي لمعهد المدققين الداخليين (IIA) – دراسة نظرية تحليلية”. مجلة الدراسات التجارية والاقتصادية المعاصرة..
- رشيد أحمد زكريا, إيناس حديبي (2022). “دور الذكاء الاصطناعى فى تحقيق اهداف التنمية المستدامة”.
- احمد حرير (2020). “المدن الذكية وعملية تحقيق التنمية المستدامة فى الجزائر”. مجلة التعمير والبناء.
- احمد نجيب عبدالحكم القاضى ومحمد ابراهيم العراقى (2018). “خصائص المدن الذكية ودورها فى التحول الى استدامة المدن المصرية”. مجلة باحث.
- سامية نزالى وشريف عمروش (2019). “دور المدن الذكية بيئيا فى تحقيق التنمية المستدامة”. مجلة الادارة والتنمية للبحوث والدراسات.
- احمد الصالح سباع, محمد يوسف, عمر ملوكى (2018). “تطبيق استراتيجيات الذكاء الاصطناعى على المستوى الدولى الامارات العربية المتحدة نموذجا”. مجلة الميادين الاقتصادية.
- مستقبل استخدامات الذكاء الاصطناعي لمواجهة آثار التغير
المناخي( ( idsc.gov.eg
المراجع الأجنبية:
- Stone, P. et al (2017). “Artificial Intelligence and Life in 2030; One hundred Year of study on Artificial Intelligence: Report of 2015-2016 Study Panel. Stanford, CA: Stanford University.
- Ranthbootham, Sam et al (2018). “Artificial Intelligence in Business Gets Real,” Boston, MS: MIT Sloan Management Review & Boston Consulting Group.
- Ticona, J. et al (2018). “Beyond Disruption: How the Shapes Labor Across Domestic Work & Ride Hailing Data & Society.
- Varisk Maplecroft (2018). Human Rights Outlook 2018.
- The Economist (2018). Can Netflix Phase Investors and still Avoid the Techlash?
- What is Cognitive Automation? (levity.ai)
[1] What is Cognitive Automation? (levity.ai)
[2] مستقبل استخدامات الذكاء الاصطناعي لمواجهة آثار التغير المناخي (idsc.gov.eg)
[3] https://solarabic.com/%d8%a3%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d8%ac%d8%af%d8%af%d8%a9/2023/11/%d8%a7%d9%84%d9%83%d9%87%d8%b1%d8%a8%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a7%d9%82-%d9%85%d8%b9%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a8%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ad%d9%88/