دراسات التطرف

قراءة في النشاط الدعائي للجماعات الإسلامية خلال النصف الأول من شهر سبتمبر 2024

اعداد : شيماء حسن علي منسق برنامج التطرف بالمركز

تواصل الجماعات الإسلامية المختلفة نشر المواد الإعلامية والدعائية عبر مواقعها الإلكترونية ومنصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه الرسائل لها مغزى اتصالي تنظيمي، وهو ما يحاول هذا التقرير الدوري رصده وتحليله انطلاقًا من متابعة وإطلاع وافي على المواد الدعائية للجماعات الإسلامية الرئيسية.

وإلى نص التقرير:

  • تحليل إحصائي للعمليات المسلحة لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”

وفقاً لبيانات مجلة النبأ الداعشية وبحسب إنفوجرافيك حصاد الأجناد، في هذه الفترة بإجمالي عدد عمليات 67 عملية خلال الفترة من 4 صفر إلى الأول من ربيع الأول 1446، وخلال الأسبوع الأول نفذ التنظيم 19 عملية (4-10 صفر)، وخلال الأسبوع الثاني (11-17 صفر) نفذ 18 عملية، وخلال الأسبوع الثالث (18-24 صفر)، وأخيرا نفذ 16 عملية في الأسبوع الرابع (25-الأول من ربيع الأول)، إلا أن أبرز العمليات التي احتفى بها التنظيم كانت كالتالي:

  • وسع فرع التنظيم عملياته، ولاية وسط افريقيا، ليمتد إلى مناطق أخرى غير مناطق تواجده التقليدية في الكونغو وخاصة في منطقة “تشوبوا” وهي المرة الأولى التي يمتد فيها نشاط التنظيم ليشمل هذه المنطقة، وذلك بعد تواجده في المناطق التقليدية مثل (لوبيور،إيتوري،وبيني).
  • احتفى العدد 458 بعملية التمرد التي حدثت في سجن بروسيا والهجوم المسلح على تجمع للمدنيين في ألمانيا، وزعم التنظيم ان العمليات جاءت في إطار الثأر والانتقام لما حدث للمسلمين في سوريا والعراق وفلسطين.
  • النبأ العدد (455)

خصص التنظيم افتتاحية العدد التي كانت تحت عنوان” ولا تيأسوا من روح الله” ، لبعث رسالة لمتابعيه وحاملي الفكر الجهادي مفادها “التثبيت ” وبعث الامل في نفوسهم والتذكير بأن لله سنن ولابد ان تجري على جميع خلقه، وقد أشاد كاتب الافتتاحية بدولة الخلافة المزعومة وقدرتها على الاستمرار والتواجد وذلك على الرغم من الحرب ضدها، وقد جاءت الافتتاحية لتؤكد على استمرار ايدولوجية داعش والتي على الرغم من عدم وجود أراضي حقيقة تعلنها كمقر للخلافة على غرار إعلان البغدادي في الموصل عام 2014، إلا أن التنظيم يرفع شعار “باقية وتمدد” وهو ما أكدت عليه افتتاحية العدد .

  • النبأ العدد (456)

تحت عنوان “في زمن المجزرة” جاءت افتتاحية العدد ليوضح التنظيم رؤيته لما يمكن أن يجب أن يتم فعله لرد الظلم ودفع الضرر عن المسلمين في غزة، والتأكيد على نهج الجهاد المسلح وانتقاد كافة الجبهات التي رفعت بالفعل شعار المهادنة أو السلام ودخلت في تفاهمات مع إسرائيل والولايات المتحدة أو حتى أعلنت الجهاد لكنها موصومة بدعمها من قبل إيران أو حتى الجبهات التي أعلنت شعار السلمية كخيار لها، وانتقد كافة التيارات الوطنية والقومية، وهو بالفعل نهج داعش الذي اكد عليه منذ اليوم الأول لظهوره وبحسب أيدولوجية التنظيم فكل هذه التيارات كافره، كما اعتبر كاتب الافتتاحية أن المتورطين في هذه المجزرة هم الدول التي تحالفت مع إسرائيل وانتقد دور الاعلام بل والنخب السياسية والثقافية التي عدها متورطة بشك كبير فيما يحدث للمسلمين، كما اعتبر داعش أن إبادة المسلمين هو امتداد لما لاقاه المسلمين في العراق والشام والشيشان وإفريقيا، وأكد على أن الحل الوحيد لهذه المجازر هو استمرار الجهاد المسلح مواجهة الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل داخل أراضيهم وضرورة نقل المعركة اليهم ، وفق تعبيره.

  • النبأ (العدد457)

تحت عنوان “واجتنبوا الطاغوت”، مفنداً معنى “الطاغوت” وتوصيفه وفقا لرؤيته وايدولوجيته السلفية الجهادية، والتي اعتبرت الديمقراطية طاغوت العصر، ذلك أن الحكم بغير ما أنزل الله -قضية الحاكمية- يعتبرها قضية أساسية في عقيدته، كما اعتبر أن الأحزاب والحركات وأي كيانات تختلف عنه طاغوت، وأن الوطن والوطنية طاغوت أيضا، وذلك أن التنظيم لا يعترف بالحدود بين البلاد، ويعتبر أن رابطة العقيدة اقوى من أي حدود بين الأوطان، والواقع أن ايدولوجية التنظيم ترفض أي أيدولوجيات أو مبادرات أو حركات أو جماعات لا تنتهج نفس نهجها وأن فكرة الغاء الاخر واعتباره هو فقط من يملك ناصية الحق جعلته في موقف المعادي من أي تنظيمات أو حركات حتى لو كانت نفس فكر السلفية، أي أن التنظيم
أصبح الخصم لكل التنظيمات التي تحمل الفكر الجهادي السلفي المخالف لمنهجه، وبطبيعة الحال يحاول التنظيم استقطاب المزيد من المتطرفين وتوسيع قاعدة تجنيده وعملياته، لمقاتله العدو القريب الحكومات الوطنية و العدو البعيد الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين وكل الخصوم التي يكفرها التنظيم بما في ذلك الحركات السنية والشيعية.

  • النبأ (العدد 458).

حثت افتتاحية العدد، أفراد التنظيم ومتابعيه ومن يحملون الفكر الجهادي، على ضرورة الالتحاق بالجهاد وقتل اليهود والنصارى داخل أراضيهم، وهو بذلك يحث اتباعه على شن الجهاد في الغرب خاصة ، وأن هذا الغرب والشرق  هما المتسببان في ووقوع المجازر والانتهاكات في حق المسلمين وفي فلسطين ، ويرى كاتب الافتتاحية بأن المسلم الحق هو الذي لا يتخلف عن فريضة الجهاد وأن الجهاد في أراضي الغرب قد وفر فرصة لمن لم يستطع  المسلم الجهاد في فلسطين ، وقد أثنى كاتب الافتتاحية على عمليات الذئاب المنفردة التي تمت عبر الأسلحة البسيطة مثل السكين والفأس وعمليات الدهس، وفقا لكاتب الافتتاحية فإن عمليات الذئاب المنفردة قد حققت الوحدة بين المسلمين وأخذت الثأر لهم عما جرى للمسلمين السنه في العراق والشام وفلسطين واليمن وكل الجبهات، واحتفي العدد بالعمليات النوعية التي وقعت في المانيا وفي أحد سجون روسيا، وقد تبنى التنظيم العمليتان، وقد أسفرت نتائج العمليات عن وقوع 11ضحية في عملية المانيا وبذلك قد تفوقت على ضحايا العمليات التي حدثت في ولايات داعش، كما أسفرت عملية سجن بروسيا عن وقوع 8 ضحايا، ويمكن القول إن استهداف السجون وتحرير أعضاء التنظيم يتفق الى حدا كبير مع خطاب المتحدث باسم التنظيم “أبو حذيفة الانصاري” الذي قد وعد سابقا باستهداف السجون وتحرير أفراد التنظيم.

ويبدو أن معركة طوفان الأقصى، والدعم المستمر للكيان الصهيوني من جانب الغرب والشرق، سوف تسفر عن تزايد نشاط التنظيمات المسلحة ومنها تنظيم داعش، إذ يستهدف التنظيم تجنيد مزيد من حاملي الفكر الجهادي وحثهم على وزيادة الهجمات التي يتبناها التنظيم أو التي لم يعلن عن تبنيها او حتى الإشادة بها في الغرب وخاصة المانيا وروسيا.

واللافت في هذا العدد أن التنظيم خصص بند العمليات في الانفوجرافيك لدولتي روسيا وألمانيا في إشارة منه إلى أن له وجود في روسيا وأوروبا خاصة وأنه لم ينسب هذه العمليات لفرع التنظيم في خرسان، وهو ما يعني توسع التنظيم وتمدده ليصل للشرق والغرب.

  •  العدد 459

خصص كاتب الافتتاحية للحديث عن أهم القضايا التي ينشغل بها التنظيم، بل إنها تعتبر من القضايا التي تشكل مركزية في أيدولوجيتيه وقاعدة يبني على التنظيم شرعية وجوده، ألا وهي قضية مواجهة الشيعة إحدى القضايا الخلافية التي تنشغل بأهمية مواجهة العدو القريب أم العدو البعيد، ولقد انقسمت الصورة التي استخدمها التنظيم في صورة منقسمة تجمع في شقها الأيمن صورة الزرقاوي -الذي قاد الجهاد ضد الشيعة في العراق ، والجانب الايسر صورة المرشد الإيراني “خامنئي” و”نتانياهو” و”بايدن” وكأنهم جبهة واحدة، وقد جاءت الافتتاحية بعنوان “مع أي الجبهتين أنت؟”

وتوجه الصحيفة تساؤلا يبني علية كاتب المقال مخاطبة الذات الجهادية ومؤيدو التنظيم والخصوم مثل القاعدة وأي تنظيمات أخرى تخالف منهجه، واقد استغل التنظيم تغريدة المرشد الإيراني ” خامنئي” والتي قد غرد بها خلال الاحتفال بذكرى “عاشوراء”، وهي التغريدة التي عدها كاتب الافتتاحية كاشفه عن عدة نقاط أهمها:

  • ارسال رسائل التثبيت لمؤيدي ومنتسبي التنظيم، والترويج لأيدولوجيته واكتساب أعضاء جدد واستقطاب المزيد من أصحاب الفكر المتطرف الجهادي وسحب البساط من أي تنظيمات إسلامية سنية أخرى.
  • انتقاد موقف البعض اللذين استغربوا من توصيف “خامنئي”، وبيان الحكم الشرعي الذي يعتبر الشيعة -كفاراً ومرتدين – وبالتالي بحسب أيدولوجية التنظيم، فأن الحكم الشرعي فيها هو القتال والجهاد، وعلى الرغم من ان ابن تيمية رائد الفكر السلفي لم يكفر الشيعة
  • إن التغريد قد استغلها كاتب المقال ليؤكد على نهج “الشيعة الرافضة” في استهداف معاقل وديار المسلمين السنة، والتأكيد على ان الخطر الشيعي الرافضي لا يقل أهمية عن الخطر اليهودي والصليبي -بحسب توصيف الافتتاحية.
  • صحة منهج داعش وسلامة ايدولوجيته التي اختارها ليقاتل الشيعة – الرافضة بحسب توصيف التنظيم- وان منهج زعيم التنظيم السابق والأب الروحي له- “الزرقاوي”- قد كان صحيحا حينما اختلف مع قاده القاعدة الذين لم يؤيدوا هذا الراي وهو ما سبب خلافا قد ساهم في انشقاق “داعش ” عن القاعدة.
  • توجيه انتقادات للحركات الجهادية والإسلامية التي تعاونت مع “إيران” وهنا يقصد محور المقاومة الذي يضم حركات سنية تعاونت مع إيران – حركة المقاومة الإسلامية حماس- واعتبارها انحرفت عن منهج اهل السنة.
  • عمد كاتب الافتتاحية الى وسم المرشد “بالطاغوت”، ووسم عامة المسلمين والحركات الإسلامية المسلحة ب “منتسبي اهل السنة” سواء دول حكام، زعماء وحركات، أي ان اللغة التي تحدث بها تحمل نفس معالم الغلو والتطرف في التكفير، واعتبار التنظيم ومتابعيه ومؤيديه هم فقط المسلمين الحقيقيين والذين يحملون منهج اهل السنة الحقيقي.

وفي الواقع أثارت تغريدة خامنئي الجدل بشكل كبير بين أوساط العديد من العرب والمسلمين، وفهمها البعض بأن المرشد يشبه الصراع بين إيران-الشيعية، والعرب السنة المتحالفين مع إسرائيل، و كأنه هي امتداد للمعركة التاريخية ما بين “الجبهة الحسينية” نسبة للإمام علي وولده، و”الجبهة اليزيدية” في إشارى ليزيد بن معاوية، في تشبيه للأولى بإيران والثانية للعرب السنة في إشارة لدول الخليج والدول العربية الأخرى، ويبدو أن تأخر ايران في ردها على “اغتيال إسماعيل هنية” بل وضعف قدرات الردع الايرانية،  قد وفر للتنظيم فرصة للتأكيد على حقيقية موقفها تجاه العرب والسنه بشكل عام، وعلى أي حال، تغريدة المرشد قد دفعت البعض لتوضيح “ما الذي كان يعنيه المرشد”؟ ، وأخيرا فان كاتب الافتتاحية ختمها بتوجيه تساؤلا يحمل عنوان الافتتاحية ويبشر بمعركة النهاية التي تسردها التيارات المتطرفة في كل الديانات السماوية والتي تدعي أنها الجبهة التي  ستسلم الراية “لعيسى” علية السلام في اخر الزمان.

تنظيم القاعدة

في الذكرى الثالثة والعشرون لأحداث 11سبتمبر أصدرت مؤسسة السحاب الذراع الإعلامية للتنظيم كلمة “لخبيب السوداني”، ليستعرض في البداية مشاهد مصورة من احداث 11سبتمبر -الغزوة الأولى” ومشاهد متفرقة من الحروب على قطاع غزة منذ عام 2008 وصولا إلى اندلاع معركة” طوفان الأقصى ” وحرب الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل على قطاع غزة، خلال المقطع المصور “للسوداني” على عدة مسائل تؤكد على صحة وسلامه منهج التنظيم وهدفه في مواجهة العدو البعيد ” وعقيدة الولاء والبراء،

  • أكد السوداني على ان الهدف من الغزوتين-بحسب تعبيره- هو القيام بواجب الجهاد و”دفع الصائل” وإن المخططين لأحداث الغزوتين قد قاموا بواجب الجهاد ضد “العدو البعيد” الذي يستهدف ويستبيح الأمة الإسلامية ومقدراتها وثرواتها، وخلال حديثة انتقد واقع الدول العربية الإسلامية والتي دخلت في تحالفات مع الولايات المتحدة وفتحت أراضيها للتمركز في الجزيرة العربية ولتتخذ من أراضيها قواعد عسكرية لشن الحروب على الدول العربية والإسلامية الأخرى، وهو ما اعتبره “السوداني” خيانة لعقيدة “الولاء والبراء”، وهو بالطبع موقف “أسامة بن لادن” من التواجد الغربي على الأراضي الدول الإسلامية ويستهدف “السوداني” من هذا الحديث الترويج لفكر القاعدة وموقف “أسامة بن لادن” ، وتأكيد على ان فكرة التنظيم قد جاءت في اطار التمرد على واقع الدول العربية والإسلاميةز
  • جاءت كلمة “السوداني” للتأكيد على منهج التنظيم في مواجهة “العدو البعيد “المتمثل في الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين وإسرائيل، والتي هي العدو الأكبر للامة العربية والإسلامية.
  • استعراض كيفية تغيير موقف جيل الألفية/ جيل Z – بعد عملية بن لادن- موقف الشباب الأمريكي الذي سارع بإعادة استعراض خطاب “أسامة بن لادن” ليبرر فيها أسباب اقدام تنظيمه على القيام بأحداث 11سبتمبر.
  • دعوة لدول الطوق العربي لاتخاذ خطوات فعالة لدفع الضر عن المسلمين في فلسطين، ويمكن اعتبار هذه الدعوة بمثابة دعوة لنشر أيدولوجيا التنظيم، ودفع الجماهير العربية لاتخاذ خطوات على طريق العمل المسلح لتحرير الأقصى.
  • الرسالة الأخيرة” جهاد النكاية” للذئاب المنفردة: لتحريض اتباعه على القيام بعمليات الدهس والقتل واستخدام السكين للسياسيين والعسكريين وصناع القرار وأصحاب الاعمال الصهيونية، والقيام بجهاد النكاية والسفر الى فلسطين للقيام بالعمليات الفردية ضد العدو الصهيوني
  • الرسالة الأخيرة “للمجاهدين في فلسطين” للتثبيت والدعم .

ويتضح من خلال استعراض الرسائل الإعلامية للتنظيمات الإسلامية المسلحة تكثيف دعواتهم للقيام بالعمليات المسلحة سواء داخل الإطار التنظيمي لهم او القيام بعمليات الذئاب المنفردة سواء في الغرب وروسيا او السفر لمواجهة العدو الصهيوني داخل فلسطين المحتلة، وذلك لمواجهة العدو البعيد سواء في عقر داره أو القريب في مواجهة الحكومات التي تدعمها الولايات المتحدة، وهنا يمكن طرح تساؤلات عديدة تتضمن هل يتزايد نشاط الإرهاب في أوروبا والولايات المتحدة؟ وهل تتزايد حوادث القتل والدهس وحرق الغابات ضمن واجبات جهاد النكاية داخل الأراضي المحتلة؟ وهل يمكن ان يتم استهداف الجيوش الوطنية داخل أراضيها؟ ويبدو ان هذه التكتيكات قد تزايدت في الفترة الأخيرة، كما أن الأحداث المنفردة والنابعة من المواطنين دول الطوق العربي في تصاعد وعلى اية حال فان تنظيمي القاعدة وداعش قد استغلا ظروف اندلاع معركة” طوفان الأقصى” للترويج لأفكارهم ومناهجهم واجتذاب مزيد من الأفراد لتجنيدهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى