سياسة

صعود اليمين المتطرف: تهديد جديد يعيد تشكيل خريطة الهجرة من أوروبا إلى الخليج

إعداد: دكتور محمد فؤاد رشوان – خبير بمجموعة عمل الدراسات الافريقية بالمركز

مقدمة

شهدت أوروبا في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا لقوى اليمين المتطرف، وهو ما أثر بشكل كبير على مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية في القارة، هذا الصعود لم يكن مجرد ظاهرة محلية، بل كانت له تداعياته البعيدة المدى، خصوصًا فيما يتعلق بالهجرة، وتعد إفريقيا إحدى أكبر القارات المصدرة للمهاجرين نحو أوروبا، والتى جدت نفسها في قلب هذه التداعيات، حيث تؤثر سياسات اليمين المتطرف في أوروبا بشكل مباشر على حركة الهجرة من إفريقيا، سواء من خلال تشديد القيود على الهجرة، أو من خلال تزايد المشاعر المعادية للمهاجرين، مما يجعل من الصعب على الأفارقة تحقيق أحلامهم في حياة أفضل في القارة الأوروبية، ومن ثم بدأت أعداد كبيرة فى التحول للهجرة الى منطقة الخليج وهو ما سيؤدى الى حدوث تداعيات كبيرة على سوق العمل وطبيعة الحياة وجودتها.

خلفية: صعود اليمين المتطرف في أوروبا

أ. الأسباب الاقتصادية والاجتماعية

يمكن إرجاع صعود اليمين المتطرف في أوروبا إلى مجموعة من العوامل، أبرزها سلسلة الأزمات الاقتصادية التي عصفت بالقارة، فقد تركت أزمة الديون الأوروبية التي تفجرت عقب الأزمة المالية العالمية عام 2008 تأثيرات عميقة على الاقتصادات الأوروبية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر، تلا ذلك أزمات أخرى، مثل جائحة كورونا (Covid-19) والحرب الروسية الأوكرانية، مما دفع الحكومات الأوروبية إلى اتخاذ تدابير تقشفية عانت منها شعوب تلك الدول، في ظل هذه الظروف، وجد اليمين المتطرف فرصة لتأليب الشعوب ضد الحكومات وترويج أفكاره من خلال خطابات سياسية تستند إلى “التهديدات” الخارجية، وهي رسائل تلقى صدى واسعًا لدى الشعوب التي تبحث عن تفسيرات لمشاكلها الاقتصادية. وفي هذا السياق، عمدت أحزاب اليمين المتطرف إلى تقديم المهاجرين ككبش فداء، مدعية أنهم يشكلون عبئًا على أنظمة الرعاية الاجتماعية ويسلبون فرص العمل من السكان المحليين.[1]

ب. الهوية الوطنية والخوف من الآخر ( زينوفوبيا )

إلى جانب الأسباب الاقتصادية، لعبت قضايا الهوية دورًا كبيرًا في صعود اليمين المتطرف. شهدت أوروبا في العقود الأخيرة تغيرات ديموغرافية نتيجة للهجرة، مما أدى إلى تزايد التنوع العرقي والثقافي في المجتمعات الأوروبية. هذه التغيرات أثارت قلق قطاعات واسعة من السكان، الذين رأوا في هذا التنوع تهديدًا لهويتهم الوطنية ولأسلوب حياتهم. أحزاب اليمين المتطرف استغلت هذه المخاوف، مروجة لأيديولوجيات قائمة على القومية والتفوق العرقي، ومطالبة بعودة “الهوية النقية” للأمة.[2]

ت.  أزمة اللاجئين والتهديد الأمني

أدت أزمة اللاجئين عام 2015، التي شهدت وصول قرابة المليون لاجئ إلى أوروبا، مما اعتبرته القارة أكبر أزمة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، إلى تعزيز نفوذ اليمين المتطرف بشكل ملحوظ، حيث أثار هذا التدفق الكبير، معظمهم من الشرق الأوسط وإفريقيا، مخاوف متزايدة حول الأمن والاندماج الاجتماعي، وقد استغلت أحزاب اليمين المتطرف هذه المخاوف بربط الهجرة بالإرهاب والجريمة، مدعية أن استقبال اللاجئين يزيد من خطر الهجمات الإرهابية ويهدد الأمن الداخلي في الدول الأوروبية، وقد وجدت هذه الخطابات صدى واسعًا بين المواطنين، خاصة في ظل تصاعد الهجمات الإرهابية التي شهدتها أوروبا في السنوات الأخيرة.[3]

ث.  دعم الإعلام والأدوات الرقمية

لعبت وسائل الإعلام، خاصة القنوات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي، دورًا كبيرًا في تضخيم رسائل اليمين المتطرف، عبر استخدام الاستراتيجيات الرقمية الذكية، تمكنت أحزاب اليمين المتطرف من الوصول إلى جمهور واسع ونشر رسائلها بشكل فعال. تعتمد هذه الأحزاب بشكل كبير على الأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة، مستفيدة من الخوارزميات التي تعزز انتشار المحتوى المثير والمثير للجدل. [4]

ثانيًا:  سياسات الهجرة في ظل الحكومات اليمينية المتطرفة

أ. تشديد القيود على الهجرة

مع صعود اليمين المتطرف إلى السلطة أو تحقيقه لمكاسب انتخابية كبيرة في عدة دول أوروبية، بدأت تلك الدول في تبني سياسات هجرة أكثر تشددًا، حيث بدأت العديد من الدول الأوروبية، تحت تأثير الأحزاب اليمينية المتطرفة، في تشديد الرقابة على حدودها، على سبيل المثال، قامت المجر ببناء جدار على حدودها مع صربيا وكرواتيا لمنع دخول المهاجرين غير الشرعيين.

        كذلك عملت العديد من الدول الأوروبية على تقليص فرص الحصول على اللجوء فيها،  فبعض الدول قامت بفرض قيود صارمة على الإجراءات القانونية للحصول على اللجوء، مما يجعل من الصعب جدًا على اللاجئين، خاصة من إفريقيا، الحصول على الحماية الدولية.

 كما سعت بعض الدول الأوروبية إلى إقامة شراكات مع دول شمال إفريقيا، مثل ليبيا وتونس ومصر والمغرب، وموريتنانيا لمنع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا، تشمل هذه الشراكات تقديم الدعم المالي والتقني لدول العبور مقابل منع تدفق المهاجرين، حيث خصصت بروكسل 150 مليون يورو لتونس و201 ملايين يورو لموريتانيا، 624 مليون يورو للمغرب، فى حين أبرمت مصر اتفاقيات متعددة يصل فيها التمويل الأوروبى بين 5 و6 مليار دولار من أجل مساندة الاقتصاد المصرى خشية تدهور الأوضاع وهو ما قد يدفع أعداد كبيرة من اللاجئين إلى أوروبا .

وفى خطوة مثيرة للجدل وافق البرلمان البريطانى على قانون يسمح بإعادة اللاجئين إلى رواندا، حيث تمثل تلك الخطوة انتكاسة كبيرة لحقوق المهاجرين وحقوق الإنسان بشكل عام، وقامت الحكومة البريطانية  بتبرير هذا القانون على أنه وسيلة للحد من تدفق اللاجئين غير الشرعيين إلى بريطانيا، إلا أنه أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان، التي ترى في هذه السياسة انتهاكًا لالتزامات بريطانيا الدولية تجاه اللاجئين، إذ يُحرم المهاجرون من حقوقهم الأساسية في طلب اللجوء والحصول على الحماية في دولة آمنة، وهو ما يتعارض مع مبادئ العدالة والكرامة الإنسانية، علاوة على ذلك، تثير هذه السياسة مخاوف بشأن الأوضاع الإنسانية في رواندا، حيث يعتبر إرسال اللاجئين إليها تعريضًا لهم لمزيد من المخاطر والظروف المعيشية الصعبة، مما يعكس توجهًا قاسيًا وغير إنساني في التعامل مع قضية الهجرة.

 ب. السياسات التمييزية والمعادية للأجانب

إلى جانب تشديد القيود على الهجرة، شهدت أوروبا أيضًا تصاعدًا في السياسات التمييزية والمعادية للأجانب،  حيث تروج الأحزاب اليمينية المتطرفة غالبًا لسياسات تهدف إلى التفريق بين المواطنين الأصليين والمهاجرين، مما أدى إلى فرض قيود على وصول المهاجرين إلى الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم في بعض الدول، تهدف هذه السياسات إلى جعل الحياة في أوروبا أقل جاذبية للمهاجرين .

 كما دفعت بعض الحكومات الأوروبية، تحت ضغط الأحزاب اليمينية، إلى تشجيع العودة الطوعية للمهاجرين من خلال تقديم حوافز مالية لهم للعودة إلى بلدانهم الأصلية، وتُطرح هذه البرامج كحلول “إنسانية”، لكنها غالبًا ما تكون مصحوبة بشروط صعبة تجعل بقاء المهاجرين أمرًا معقدًا.

        بالإضافة إلى ذلك، تبنت بعض الدول سياسات تمييزية تعرقل فرص المهاجرين في الحصول على وظائف لائقة، مما يسهم في تعزيز التهميش الاجتماعي والاقتصادي لهذه الفئة.[5]

ت. بناء الحواجز القانونية والمؤسسية

لم يكتف اليمين المتطرف بتشديد القيود على الهجرة فحسب، بل سعى أيضًا إلى بناء حواجز قانونية ومؤسسية تعيق قدرة المهاجرين على الاستقرار في أوروبا، حيث عمد إلى تعديل قوانين الجنسية في بعض الدول لتصبح أكثر تقييدًا، مما يجعل من الصعب على المهاجرين الحصول على الجنسية أو حتى الإقامة طويلة الأمد.

فضلًا عن قيام بعض الدول بتقليص أو حتى إلغاء برامج إعادة التوطين الخاصة باللاجئين، مما يقلل من الفرص المتاحة للمهاجرين الذين يبحثون عن ملاذ آمن، بالاضافة إلى تعزيز إجراءات الترحيل للمهاجرين غير النظاميين، بما في ذلك بناء مراكز احتجاز خاصة لتسهيل عمليات الترحيل.

ثالثًا: التأثيرات الإنسانية والاجتماعية على المهاجرين

  1. الانتهاكات الحقوقية والإنسانية

تسببت السياسات الأوروبية الجديدة والسياسات المحلية في دول العبور في تفاقم الانتهاكات الحقوقية ضد المهاجرين الأفارقة، فالعديد من هؤلاء المهاجرين يجدون أنفسهم محاصرين في دول العبور، حيث يتعرضون للاحتجاز في ظروف غير إنسانية، وتؤكد العديد من التقارير عن حالات تعذيب، واغتصاب، وقتل للمهاجرين في مراكز الاحتجاز أو أثناء محاولاتهم الهروب من العصابات المسلحة.

ب. التأثير النفسي والاجتماعي

الظروف القاسية التي يواجهها المهاجرون أثناء رحلتهم، سواء في دول العبور أو في أوروبا نفسها، تترك آثارًا نفسية عميقة، يعاني العديد منهم من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) كما أن التمييز والعنصرية التي يواجهونها في المجتمعات الأوروبية تزيد من شعورهم بالاغتراب والتهميش.

ت.  تداعيات على المجتمعات المحلية

تؤدى عودة بعض المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية أو عدم تمكنهم من الوصول إلى أوروبا إلى تداعيات اجتماعية واقتصادية كبيرة على مجتمعاتهم المحلية،  فالعديد من هؤلاء المهاجرين كانوا يعيلون أسرهم من خلال التحويلات المالية، ومع توقف هذه التحويلات، تجد العديد من الأسر نفسها في حالة من الفقر المدقع، بالإضافة إلى ذلك، تتأثر المجتمعات المحلية بفقدان القوى العاملة الشابة التي كانت تعول على الهجرة كوسيلة لتحسين ظروفها الاقتصادية.

رابعًا:  تأثير السياسات الأوروبية على الهجرة

  1. زيادة الصعوبات في الوصول إلى أوروبا

مع تشديد القيود على الهجرة في أوروبا، أصبح الوصول إلى القارة أكثر صعوبة للمهاجرين الأفارقة، فأصبحت الطرق التقليدية للهجرة محفوفة بالمخاطر، لذا يلجأ المهاجرون إلى طرق غير شرعية عبر البحر الأبيض المتوسط أو عبر الصحارى والمناطق الحدودية الخطرة،  هذه الطرق ليست فقط خطيرة بل تزيد من احتمالات الوقوع ضحية للعنف والاستغلال من قبل عصابات التهريب والاتجار بالبشر.[6]

2. تحول وجهات الهجرة الى الخليج

بسبب السياسات الأوروبية الجديدة، بدأ بعض المهاجرين الأفارقة في تغيير وجهاتهم المفضلة، في السابق، كانت أوروبا الوجهة الأولى لكثير من المهاجرين، لكن مع زيادة الصعوبات، بدأ البعض يبحث عن بدائل أخرى، من بين هذه البدائل دول الخليج العربي وبعض الدول الآسيوية التي توفر فرص عمل ولكن في ظروف قد تكون أصعب من أوروبا، كما شهدت بعض الدول الإفريقية زيادة في أعداد المهاجرين العائدين أو الذين يحاولون بناء حياة جديدة داخل القارة.

وقد شهدت دول الخليج العربي تحولًا ملحوظًا في تدفقات الهجرة إليها، حيث أصبحت وجهة رئيسية للعديد من اللاجئين والعمال المهاجرين من مختلف أنحاء العالم، وفقًا للإحصاءات، باتت دول الخليج قبلة للمهاجرين كبديل عن الهجرة لأوروبا ، فتشير احصاءات البنك الدولى أن 74 % من المهاجرين عبر مصر تحولت وجهتهم الى الخليج مقابل 18 % لاوروبا وامريكا الشمالية و8 % لباقى دول العالم، وتعتبر السعودية والإمارات وقطر من أبرز الدول المستقبلة للاجئين والمهاجرين في المنطقة، وتعد أكبر المملكة العربية السعودية دول الخليج  استقبالًا للاجئين حيث تستقبل قرابة  700 ألف لاجئ سورى مقيم، ومليون يمنى وما يقارب 280 ألفًا من الروهينجا بالاضافة إلى 350 الف فلسطينى وهو مايشكل قرابة 5.5 % من إجمالى سكان المملكة،  بينما تقل تلك الأعداد فى باقى دول مجلس التعاون الخليجى .[7]

كما تشهد موجات الهجرة غير الشرعية من منطقة القرن الأفريقي إلى دول الخليج عبر اليمن تزايدًا مضطرد خلال الفترة الماضية إذ أبلغت السلطات الصومالية ارتفاع أعداد المهاجرين الإثيوبيين الذين وصلوا الى ميناء بوصاصو أملًا فى عبور خليج عدن نحو شبه الجزيرة العربية، كما أفاد التقرير الصادر عن مكتب القرن الأفريقي التابع لمنظمة الهجرة الدولية بزيادة عدد المهاجرين عبر جيبوتي خلال الأشهر الأخيرة بنسبة 34% مقارنة بشهر نوفمبر من العام الماضي، حيث يشكل النساء والأطفال حوالي 35% من إجمالي المهاجرين في هذه المنطقة.

كما سجلت معدلات الهجرة عبر الصومال ارتفاعًا بنسبة 7% مقارنة بنفس الفترة. ووفقًا للمنظمة، فإن حوالي 1,250 مهاجرًا عبروا منطقة أرض الصومال، بينما استخدم نحو 3,131 مهاجرًا إثيوبيًا منطقة بوصاصو للعبور إلى اليمن.

وأشارت المنظمة إلى ارتفاع أعداد المهاجرين الوافدين إلى اليمن بنسبة 15% خلال شهر ديسمبر الماضي، مشيرة إلى أن أعداد المهاجرين عبر جيبوتي تجاوزت تلك التي عبرت الصومال للشهر الرابع على التوالي.

 ووفققًا لتقرير منظمة الهجرة الدولية الصادر فى يناير 2024 يعد طريق الهجرة من القرن الأفريقي الى شبه الجزيرة العربية وتحديدًا الى المملكة العربية السعودية والذى اعتبر الطريق من القرن الأفريقي الى اليمن هو أحد أكثر طرق الهجرة البحرية أزدحامًا حيث يستخدمة مئات الآلاف من المهاجرين سنويًأ . [8]

شكل يوضح اتجاهات الهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن ومنها للخليج

المصدر تقرير منظمة الهجرة الدولية فى اليمن ، ابريل 2024

هذا التحول في الهجرة أدى إلى تأثيرات متباينة على الأوضاع الداخلية في الخليج، حيث ساهم في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال توفير العمالة اللازمة لتنفيذ المشاريع الكبرى، لكنه في الوقت ذاته خلق تحديات تتعلق بالتركيبة السكانية والهوية الوطنية، إضافة إلى الضغوط على البنية التحتية والخدمات العامة

3. زيادة مخاطر الهجرة غير الشرعية  

         مع تزايد صعوبة الهجرة القانونية، يلجأ العديد من المهاجرين الأفارقة إلى استخدام الطرق غير الشرعية للوصول إلى أوروبا، هذه الطرق غالبًا ما تكون محفوفة بالمخاطر، بما في ذلك الرحلات البحرية المحفوفة بالخطر عبر البحر الأبيض المتوسط، الذي يُعتبر من أخطر المسارات، حيث تشير التقديرات إلى أن آلاف الأشخاص فقدوا حياتهم في محاولتهم عبور البحر في السنوات الأخيرة.

بالإضافة إلى ذلك، يقع العديد من هؤلاء المهاجرين ضحايا للاستغلال من قبل شبكات التهريب، حيث يزداد الطلب على خدمات المهربين الذين يستغلون الوضع لتحقيق أرباح كبيرة دون الاهتمام بسلامة المهاجرين. هذا الوضع يعرض الكثير من المهاجرين للعنف والاستغلال الجنسي والابتزاز، علاوة على ذلك، يواجه المهاجرون انتهاكات جسيمة في نقاط العبور أو عند القبض عليهم، تشمل الاحتجاز غير القانوني، والتعذيب، والمعاملة غير الإنسانية.[9]

خامسًا: ردود الفعل الإفريقية والدولية تجاة السياسة اليمينة الأوروبية

  1.  ردود فعل الحكومات الإفريقية

تختلف ردود فعل الحكومات الإفريقية تجاه السياسات الأوروبية بشكل كبير، حيث تسعى بعض الدول إلى تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي من خلال التعاون في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية ، في حين أن دولًا أخرى – هى الدول الطاردة للسكان – تعبر عن استيائها من السياسات الأوروبية التي تعتبرها ظالمة وغير عادلة، خاصة وأنها تحمل المسئولية للاستعمار الاوروبى الذى نهب الثروات الطبيعية والبشرية لتلك البلدان وهو ماجلعهم فى تلك الحالة المتردية التى تجعل من بلادهم طاردة للسكان، وبالتالى تسعى تلك الدول الى بذل جهود متزايدة لتطوير استراتيجيات تنموية محلية تهدف إلى توفير فرص عمل وتحسين الظروف الاقتصادية في إفريقيا للحد من دوافع الهجرة.

2. المواقف الدولية والمنظمات غير الحكومية

العديد من المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان عبرت عن قلقها بشأن تأثير السياسات الأوروبية على حقوق المهاجرين، وتقوم تلك المنظمات بدور حيوي في تقديم المساعدة الإنسانية للمهاجرين، وتوثيق الانتهاكات، والضغط على الحكومات الأوروبية لتغيير سياساتها، كما أن هناك تزايدًا في الوعي العالمي حول أهمية معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، مثل الفقر والصراعات في إفريقيا، بدلاً من التركيز فقط على الحد من الهجرة.

        وختامًا يشكل صعود اليمين المتطرف في أوروبا تحديًا كبيرًا لظاهرة الهجرة من إفريقيا، حيث أدى إلى تشديد القيود على الهجرة وزيادة الصعوبات التي يواجهها المهاجرون الأفارقة،  حيث تسببت السياسات الجديدة في تداعيات إنسانية واجتماعية خطيرة، نظرًا لما يتعرض له المهاجرون من انتهاكات حقوقية جسيمة ويواجهون ظروفًا قاسية، وفى ذات الوقت التى بدأت فيه توجهات الهجرة تتغير الى دول الخليج بدلًا من الدول الأوروبية الأمر الذى قد يسبب العديد من المشكلات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لتلك الدولة حال عدم التعامل معها بجدية .

 في المقابل، تحاول الحكومات الإفريقية والمنظمات الدولية التصدي لهذه التحديات من خلال تعزيز التعاون وتطوير استراتيجيات تنموية تهدف إلى تقليل دوافع الهجرة.

وعلى المدى الطويل، يبدو أن العلاقة بين صعود اليمين المتطرف في أوروبا وظاهرة الهجرة في إفريقيا ستستمر في تشكيل تحديات جديدة لذلك، من الضروري أن تعمل الحكومات الأوروبية والإفريقية بالتعاون مع  المنظمات الإغاثية فى دول الخليج على تطوير سياسات عادلة ومستدامة تأخذ بعين الاعتبار حقوق الإنسان والتحديات التنموية في إفريقيا من خلال نهج شامل يمكن التوصل إلى حلول مستدامة لهذه الأزمة المتفاقمة.


[1] Evan krastev , mark leonard, A new political map: Getting the European Parliament election right, 21 march 2024 at:

https://ecfr.eu/publication/getting-the-european-parliament-election-right/

[2] The Rise of Nationalism in Europe , unacademy, at:

https://unacademy.com/content/upsc/study-material/general-awareness/the-rise-of-nationalism-in-europe/

[3] اليمين المتطرف فى أوروبا – أسباب ودلالات الصعود، المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخابارات 10 مايو 2023 على الرابط :

https://www.europarabct.com/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81-4

[4]  حسن مراد، هل ساهمت امبارطورية بولورية الالعلامية فى صعود اليمين المتطرف فى فرنسا، 13/9/2024 على الرابط :

https://2u.pw/kXyVAFDf

[5] كمال أوزتورك، أوروبا فى براثن العنصرية: صعود اليمين المتطرف وتداعياته ، موقع الجزيرة ، على الرابط :

https://2u.pw/mD6QDqVn

[6]  Cesáreo Rodríguez-Aguilera The Rise of The Far Right in Europe, European insitiute of the Mediterranean at:

[7] un migration , world migration Report 2024. P.P. 64 – 65

[8] مظمة الهجرة الدولية، تقرير منظمة الهجرة ىالدولية –  لليمن ابريل 2024 ، مسجدات الازمة الإنسانية والأشخاص المتنقليم واستجابة المنظنة الدولية للهجرة ، ص ص 2 – 4

[9] How will gains by the far right affect the European parliament and Eu? , 11 June 2024  at:

https://www.chathamhouse.org/2024/06/how-will-gains-far-right-affect-european-parliament-and-eu

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى