تقرير عن مخرجات مؤتمر الأطراف COP29

إعداد:محمد مجدي أحمد محمد- نورين يسري محمد الجمل-باحثين متدربين ببرنامج التنمية المستدامة والطاقة.
مراجعة:د. مي أحمد – مسئول برنامج التنمية المستدامة والطاقة.
المقدمة:
يعتبر مؤتمر الأطراف COP29 استكمال لمسار العمل المناخي المستمر لعدة سنوات ، منذ الإعلان عن اتفاقية باريس الملزمة للمناخ في عام 2016، والتي تم الإعلان عنها في مؤتمر الأطراف COP29، بل و حدث خلاله قفزات ضخمة في بعض الجوانب, حيث تم مراجعة التقدم العالمي فى العمل المناخي، زيادة والتمويل العالمي ثلاث اضعاف خلال العقد القادم مع العمل على توجيه دعم اكبر للدول الاقل نموا, تمديد برنامج ليما المعزز لدعم النوع الإجتماعي لعشر سنوات اخرى و تنظيم سوق الكربون و هى خطوة طال انتظارها نظرا لصعوبة تطبيقها على ارض الواقع لكن لم يحدث تغيير يذكر فيما يتعلق باستبدال الوقود الأحفوري بمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة.
أولًا نبذة عن مؤتمرات الأطراف السابقة:
مؤتمر المناخ السابع والعشرين :- استضافت مصر مؤتمر المناخ السابع والعشرين في مدينة شرم الشيخ من 6 إلى 18 نوفمبر 2022، حيث جمع هذا الحدث التاريخي ممثلين من أكثر من 190 دولة لمناقشة التحديات المناخية الملحة. كان الهدف الرئيسي للمؤتمر هو تعزيز تنفيذ الالتزامات المناخية السابقة، مع التركيز بشكل خاص على قضية “الخسائر والأضرار” التي تعاني منها الدول النامية. لقد شهد المؤتمر مشاركة واسعة من قادة العالم، حيث تم تبادل الأفكار والمقترحات حول كيفية مواجهة هذه التحديات بشكل جماعي.[1]
واحدة من أبرز إنجازات المؤتمر كانت الاتفاق على إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، وهو خطوة تاريخية تعكس الوعي المتزايد بأهمية دعم الدول الأكثر ضعفًا. بالإضافة إلى ذلك، تم الإعلان عن العديد من المبادرات، مثل “التعهد العالمي للحد من الميثان”، الذي يهدف إلى تقليل انبعاثات الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030. كما تم إطلاق “مبادرة التكيف الإفريقية”، التي تهدف إلى تعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ في القارة الإفريقية، وضمان التمويل اللازم لهذا الجهد. وفي سياق تعزيز التمويل، تم التأكيد على أهمية زيادة الالتزامات المالية من الدول المتقدمة، حيث تم الإعلان عن تعهدات جديدة لتمويل مبادرات المناخ في الدول النامية.
مؤتمر المناخ الثامن والعشرين: – عُقد مؤتمر المناخ الثامن والعشرين في دبي، الإمارات العربية المتحدة، من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023،[2] وكان هذا المؤتمر بمثابة منصة لتعزيز الحوار حول التحول عن الوقود الأحفوري. تم طرح “اتفاق الإمارات” الذي يركز على تعزيز الجهود العالمية لتحقيق أهداف اتفاق باريس، مما يعكس التزام الدولة المضيفة بالعمل المناخي. خلال المؤتمر، تم التوصل إلى توافق عالمي حول إجراء تقييمات كل خمس سنوات بشأن التقدم في العمل المناخي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو الشفافية والمساءلة.
من أبرز الإنجازات التي تم تحقيقها في هذه النسخة كان تأسيس “الصندوق العالمي للطاقة النظيفة”، الذي يهدف إلى جذب الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية. كما تم الاتفاق على إنشاء “مبادرة الابتكار المناخي”، التي تهدف إلى دعم تطوير تقنيات جديدة للحد من انبعاثات الكربون وتعزيز الاستدامة. علاوة على ذلك، تم تقديم تعهدات مالية جديدة لدعم مشاريع التكيف، بما في ذلك تعهد بمبلغ 188 مليون دولار. هذه الخطوات تعكس الجهود المتزايدة للدول العربية في تعزيز العمل المناخي، وتأكيد دورها كقادة في الساحة الدولية.
ثانيًا التقييم العالمي للتقدم في العمل المناخي:
شهد مؤتمر الأطراف COP29 إجراء تقييم عالمي شامل لتحديد مدى التقدم المحرز في العمل المناخي. هذا التقييم أظهر أن الجهود الحالية للدول لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة لا تزال غير كافية لتحقيق الهدف المحدد للحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية. يتطلب الأمر تعزيز الجهود المشتركة على مستوى العالم للحد من تغير المناخ. تم تقديم أمثلة من دول متعددة لتحقيق ذلك، منها برامج مصر الهادفة إلى نشر الوعي البيئي وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة. على سبيل المثال، مبادرات مثل “اترك أثرًا” وحملات التوعية في المدارس والجامعات قد لعبت دورًا كبيرًا في نشر الوعي حول أهمية الحد من الانبعاثات وتقليل أثر الكربون.[3]
- الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري
من النقاط الهامة التي تم التركيز عليها في مؤتمر الاطراف COP29 هي ضرورة الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. ومع ذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حول كيفية تحقيق هذا التحول بشكل عملي. تم تأجيل النقاش حول هذا الموضوع إلى مؤتمر COP30 المزمع عقده في البرازيل. على الرغم من ذلك، تُعتبر مصر من الدول التي اتخذت خطوات جادة في هذا الاتجاه، من خلال مشروعات الطاقة الشمسية مثل مشروع بنبان في أسوان، والذي يُعتبر من أكبر مجمعات الطاقة الشمسية في العالم، بالإضافة إلى مشاريع طاقة الرياح في خليج السويس.
- التمويل المناخي والتحديات المرتبطة بها
أحد الأهداف الرئيسية لمؤتمر الاطراف COP29 كان تأمين التمويل المناخي اللازم لدعم الدول النامية في تنفيذ خططها للتنمية المستدامة ومواجهة تأثيرات تغير المناخ. تم الاتفاق على هدف جديد يتمثل في زيادة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2035. يهدف هذا التمويل إلى مساعدة الدول النامية في التعامل مع التأثيرات المتزايدة لتغير المناخ وتطوير مشاريع تهدف إلى تقليل الانبعاثات وتعزيز القدرة على التكيف. مصر مثال للدول التي تحتاج إلى هذا الدعم، حيث تسعى للحصول على تمويل لمشاريع مثل مشروع القناة الخضراء الذي يهدف إلى تحويل قناة السويس إلى منطقة خضراء.
- قضية النوع الاجتماعي والتغير المناخي
في مؤتمر الأطراف COP29، تمت مناقشة تأثيرات التغير المناخي على الجنسين بشكل خاص، وكيفية تعزيز التكافؤ الاجتماعي في مواجهة التغير المناخي. تم تمديد برنامج ليما المعزز لدعم النوع الاجتماعي وتغير المناخ لمدة 10 سنوات أخرى. يهدف هذا البرنامج إلى تمكين المرأة وزيادة مشاركتها في صنع القرار في المجالات المرتبطة بالتغير المناخي. في مصر، تم تنفيذ مبادرات عديدة لتعزيز دور المرأة في التصدي لتغير المناخ، مثل ورش العمل التي تستهدف النساء في المناطق الريفية لتعزيز وعيهن البيئي وتشجيعهن على المشاركة في المشاريع البيئية.
ثالثًا البرامج الداعمة للنوع الاجتماعي:
أهم البرامج التي تم تبنيها خلال مؤتمر الاطراف COP29 هو برنامج ليما المعزز لدعم النوع الإجتماعي و تغير المناخ الذى قد تم تمديده لمدة 10 سنوات اخرى. هذا البرنامج قد تم البدأ فيه منذ عام 2014 في COP20 الذى أُقيم في دولة بيرو و حمل أسم عاصمة دولة بيرو (ليما)، يهدف إلى دعم النوع الإجتماعي و تعزيز المساواة بين الجنسين. بدأ برنامج ليما في الظهور و التبلور خلال مؤتمر COP23 في عام 2017 الذى أقيم في مدينة بون الالمانية, حيث تم وضع أول خطة تهدف إلى المساواة بين الجنسين ضمن إطار أهداف التغير المناخي. تعد أحد أسباب تبنى هذا البرنامج هو عدم تماثل الضرر الناتج عن التغير المناخي على الجنسين. بدأ تنفيذه من عام 2019 حيث وافقت الأطراف المشاركة في COP25 الذى انعقد في مدينة مدريد الإسبانية على برنامج ليما و الذى كان يحمل خطة تمتد لمدة 5 سنوات، و تم مراجعة و تعديل بعض آليات التنفيذ لبرنامج في COP27 المنعقد عام 2021 في غلاسكو الانجليزية. في عام 2022 تمت المراجعة المتوسطة للبرنامج في COP27 التى حدثت في مدينة شرم الشيخ المصرية و تمت المراجعة النهائية للبرنامج في عام 2024 قبل انطلاق COP29 ببضعة أشهر.[4]
اهتمت هذه المراجعة بمدى التقدم الذى حدث علي تحقيق أهداف البرنامج و ما هى العقبات التى واجهها البرنامج من ناحية التنفيذ و الأولويات في تطبيق البرنامج حاليًا و في المستقبل، و قد عملت هيئات المجتمع المدني، المنظمات التابعة للأمم المتحدة، المنظمات المتعلقة بالتغير المناخي داخل الأمم المتحدة و جميع المؤسسات الحكومية المرتبطة بهذا البرنامج حول العالم بتقديم المعلومات اللازمة للقيام بالمراجعة النهائية لبرنامج ليما. [5]
يهدف برنامج ليما بشكل رئيسي إلى توفير التمويل المناخي للنساء، حيث انهن يتعرضن لضرر كبير ناتج عن التغيرات المناخية مما يوجب توفير الموارد اللازمة لمواجهة التحديات التى يتعرضن لها. إضافة إلى تعزيز تمكين المرأة و زيادة مساهمتها فى صنع القرار و المناخ السياسي، حيث إن هذه الخطوات ستعمل على تضمين النساء في مواجهة التغيرات المناخية، مما يؤدى إلى زيادة الابتكار و المعالجة للتحديات التى نتعرض لها حاليًا و فى المستقبل القريب.
رابعًا دعم الدول الأقل نموًا:
يعتبر مؤتمر الأطراف COP29 المقام في اذربيجان مؤتمر تمويلي بالأساس، حيث تم زيادة التمويل الموجه للدول الأقل نموًا من 100 مليار دولار سنويًا إلى 300 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2035، و يتم توفير هذا التمويل بشكل رئيسي من الدول المتقدمة، في صورة دعم من الحكومات مع ارتفاع مستهدف التمويل الإجمالي بما يتضمن الجهات الحكومية و الخاصة إلى 1.3 تريليون بحلول عام 2035. هذا القرار يستكمل المسيرة التى بدأت في Cop27 المقام في مصر عام 2022 و التى تهدف إلى مساعدة الدول الأفقر و الحرص على انضمام جميع الدول في برامج التنمية المستدامة و الحفاظ على البيئة. و كان هذا متمثلًا في القرار التاريخي بتأسيس “صندوق الخسائر و والأضرار”. [6] اعتنى العديد من الأطراف المشاركين في مؤتمر الأطراف COP29 بدعم الدول الأفقر و الأقل نموًا، مما يعمل على تعزيز العدالة المناخية ذلك بأن تلك دول تتأثر بشكل ضخم من تبعات التغيرات المناخية بالرغم من ان٦ تلك الدول تشارك بنسبة ضئيلة من انبعاثات الكربون عالميًا.
عادًة ما تكون هذه الدول في حاجة إلى التمويل اللازم لمواجهة التحديات المناخية التى تتعرض لها، خاصة أنها تمتلك ميزانية حكومية صغيرة بشكل مطلق و في كثير من الأوقات ما تعانى من عجز في ميزانية الحكومة و قد تعانى من عجز أيضًا في الميزان التجاري فيما يسمى بالعجز المزدوج، يصاحب هذه الظروف قدرة منخفضة على الاقتراض من الخارج. تتضافر هذه العوامل لتشكل واقع متأزم لا تستطيع فيه تلك الدول من توفير الانفاق اللازم لمواجهة تبعات تغير المناخ الذى لم تكن سببًا فيه. تحتاج الدول الأقل نموًا إلى التمويل المناخي من أجل الانفاق على التكنولوجيا و تطوير بنية تحتية متقدمة تمكنها من زيادة استهلاكها و إنتاجها من الطاقة النظيفة و المتجددة ( مثل الطاقة النووية، طاقة الرياح و الطاقة الشمسية)، عوضًا عن البنية التحتية الاعتيادية التى انشئت من أجل استغلال الوقود الأحفوري، مما يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية عالميًا.
خامسًا تنظيم سوق الكربون:
تنظيم سوق الكربون هو أحد البنود الرئيسية في اتفاقية باريس، تحديدًا المادة 6 و الذى استمرت المفاوضات حوله و حول آليات تنفيذه لما يقرب من 9 سنوات و لكن مؤخرا توافقت الأطراف المشاركة في COP27 و التى تضم أكثر من 200 دولة على صيغة مقبولة و عادلة من أجل البدأ فى تفعيل سوق الكربون العالمي الذى سيساهم في خفض تكاليف التنمية المستدامة و الاقتصاد الأخضر بما يقارب 250 مليار دولار سنويا. [7]
سوق الكاربون يتمثل فى الحقوق المخصصة لكل دولة و لكل منظمة عامة أو خاصة، تسمح لها بإطلاق كم معين من الانبعاثات الدفيئة و التى يسمح تداولها بين بعضهم البعض, و عادة ما تسمى هذه الحقوق بالشهادات أو الائتمانات الكربونية [8].
تطبيق هذا النظام سيزيد من التبادل التجاري لحقوق الانبعاثات بين الدول و الشركات، و يوفر الدافع لتبنى تقنيات و مشاريع تتوافق مع المعايير البيئية ما يسمح لها ببيع الائتمان الذى لم تستخدمه، هذا سيصب فى صالح المنظمات ذات الانبعاثات الأقل و المشاريع التى تعتمد على الطاقة النظيفة مما قد يبرر تكاليف هذا التحول لتلك الشركات و الدول، و ظهور موجة جديدة من الاستثمار المستدام في الدولة النامية، هذه العوامل ستدعم مبدأ العدالة المناخية خصوصًا فيما يتعلق بالدول الأقل نموًا السابق ذكرها [9]. أهم المخاطر التى يجب تخطيها من أجل الوصول إلى سوق كربون عالمي متين و يعمل بكفء هو اعتماد شهادات الكربون و الحفاظ على الشفافية و المصداقية بالنسبة لانبعاثات الكربون.
سادسًا جهود الدولة المصرية في التوعية بالتغير المناخي:
وضعت مصر ملف التكيف مع التغير المناخي ضمن أولوياتها في قطاعات الزراعة والموارد المائية والمناطق الساحلية والصحة. يتم حاليًا إعداد الخطة الوطنية للتكيف في مصر، والتي تعمل على عدة محاور، منها:
– آليات إدماج القدرات البشرية الوطنية والمؤسسية في مختلف القطاعات مع إجراءات التكيف.
– تقييم مخاطر المناخ في هذه القطاعات من الناحية العلمية.
– إعداد المشروعات التي يحتاجها كل قطاع للتكيف مع آثار تغير المناخ.
كما أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، أن مصر تعمل بقوة على ملف تغير المناخ، وذلك من منطلق الإيمان بأهمية وضع هذا الملف على أولويات الحكومة. نتيجة لذلك، تم تشكيل المجلس الوطني لتغير المناخ برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وإعداد الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، التي تهدف إلى ربط ملف تغير المناخ بالنمو الاقتصادي المستدام وموضوعات الحوكمة والتمويل والبحث العلمي. حيث ان تعمل مصر على تطوير نظام الحوكمة في تغير المناخ لتحديد الأدوار والمسؤوليات وإعداد الخطط الوطنية بأهداف واضحة. تشمل هذه الأهداف:
- دور مصر في المجتمع الدولي
تلعب مصر دورًا مهمًا على مستوى اتفاقية تغير المناخ من خلال المجموعات العربية والإفريقية والدول الـ77 والصين. تقود مصر مشاورات تمويل المناخ وتم اختيارها كوزيرة بيئة مصر لتسهيل المشاورات حول النص الفني. منذ 2019، تتولى مصر مهمة تيسير مشاورات تمويل المناخ على المستوى الوزاري، مما يعزز أجندة مصالح الدول النامية والإفريقية. [10]كما أكد د. طارق النبراوي، نقيب مهندسي مصر، أن تغير المناخ يعد ملفًا بيئيًا مهمًا عالميًا. من خلال الشراكة بين نقابة المهندسين المصرية واتحاد المهندسين العرب ووزارة البيئة، يتم التصدي لهذا الملف بدعم من الكفاءات المصرية والعربية. كما أشار الدكتور عادل الحديثي، أمين عام اتحاد المهندسين العرب، إلى أن مجالات البيئة أصبحت أكثر ارتباطًا بالمجال الهندسي، مما يعزز المشاركة العربية بشكل خاص ومنطقه الشرق الاوسط بشكل عام في ملف تغير المناخ.
هذا التقرير يهدف إلى تقديم فهم متكامل ومفصل للمخرجات الرئيسية لمؤتمر الاطراف COP29، ويسلط الضوء على التحديات والفرص في مجال العمل المناخي، مع التركيز على الجهود المصرية في هذا السياق. من المهم مواصلة تعزيز هذه الجهود والعمل على تنفيذ الحلول المستدامة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وحماية البيئة للأجيال القادمة.
سابعًا سياسات ترامب تجاه قضية التغير المناخي:
في عام 2015 تم توقيع اتفاقية باريس للمناخ و هو يعتبر الاتفاق الأهم في مجال العمل المناخي لأنه يهدف إلى تقليل غازات الاحتباس الحرارى و الوصول إلى ما دون درجتين مئويتين و هى مستويات ما قبل الثورة الصناعية، مما سيعمل على ابطاء التغير المناخي.[11] انضمت أغلبية دول العالم إلى اتفاق باريس بأجمالي 195 دولة وقعت على الاتفاق من بينها 189 دولة تبنت الاتفاق بشكل رسمي،[12]دخل اتفاق باريس حيز التنفيذ في عام 2016 خلال إدارة أوباما و التى قادت المفاوضات المؤدية لهذا الاتفاق، و تم انتخاب الرئيس دونالد ترامب في أواخر عام 2016 و تولى السلطة في بداية 2017، واتخذ القرار بالخروج من اتفاقية باريس في يونيو من العام ذاته و لكن طبقًا للمادة 28 في اتفاقية باريس لن تستطيع الولايات المتحدة الخروج من الاتفاقية قبل مرور ثلاث سنوات على سريانها. بناءًا على ذلك في 4 نوفمبر من عام 2019 أرسل وزير خارجية الولايات المتحدة (مايك بومبيو) رسالة إلى أمين الأمم المتحدة يخطره فيها بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق. و يصبح الانسحاب ساري المفعول بعد مرور عام على أخطار الأمم المتحدة تحديدًا فى 4 نوفمبر 2020. [13] و تكون بهذا اول٨ دولة تنسحب من اتفاقية باريس للمناخ.
الاسباب التى دفعت ترامب إلى الخروج من الاتفاقية كانت عدم إيمانه بالتغير المناخي، الوعود الانتخابية التى أعطاها لداعميه و ناخبيه، اعتقاده بأنها من الاتفاقيات الظالمة للولايات المتحدة على الناحية الاقتصادية فهو يقول إنها تقوض النمو الاقتصادي و ترفع من أسعار الطاقة و تضر قطاع الطاقة إجمالًا و تقلل فرص العمل و الوظائف الأمريكية.[14] و يرى ترامب إن المساهمات المالية المطلوبة من الولايات المتحدة فى صندوق المناخ الاخضر غير عادلة، حيث أنها تمثل حوالى 30% من ذلك الصندوق. و أخيرًا صرح مايك بومبيو بأن الولايات المتحدة قامت بواجبها تجاه العمل المناخي، حيث إن الانبعاثات الملوثة للهواء انخفضت ب 74% بين عامي 1970 و 2018 و انخفض صافى انبعاثات الغازات الدفيئة ب 13% بين عامي 2005 و 2017 [15] .
من المؤكد إن القرار الذى اتخذه ترامب هو خاطئ كليًا، لإن هذه الاتفاقية لم تكن ملزمة لأى دولة فكان من حق كل دولة تحديد اهدافها و اختيار خطة العمل المناسبة لها مع الالتزام بالشفافية في نشر النتائج المحققة و كان بمقدوره تعديل البنود التى يراها غير مناسبة للولايات المتحدة عوضًا عن الانسحاب الكامل من الاتفاقية، بالرغم من تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة على مدار الأعوام الماضية لكن ما زالت الولايات المتحدة مسؤولة عن ١٤٪ من انبعاثات الغازات الدفيئة لا تتفوق عليها إلا الصين بنسبة ٣٠٪ و مع هذا المستوى الضخم فى الصين إلا أنها أعلنت فى 2020 عقب خروج ترامب من اتفاقية باريس أنها ستظل ملتزمة الاتفاقية، لكن التغير المناخي يرتبط بشكل أكبر بتركيزات الغلاف الجوي و عند النظر في الانبعاثات التراكمية منذ عام 1850 سنجد أن الولايات المتحدة لها نصيب الأسد ب %29 مما يعنى إن جزء ضخم من التغير المناخي الحادث يقع على كاهل الولايات المتحدة. أيضًا على الصعيد الاقتصادي، فإن العديد من الشركات العاملة فى مجال الطاقة كانت تؤيد اتفاقية باريس مثل شيفرون، اكسون موبيل، شيل و العديد من الشركات الصناعية الاخرى نظرًا لأن أي فوائد ستتحقق لأى طرف ستحمل معها أضرار ضخمة على جميع الأطراف. أما بالنسبة للوظائف فإن الطاقة المتجددة هى الطريق الأمثل لخلق الوظائف مرتفعة الأجر على عكس قطاع الوقود الأحفوري الذى لن تزيد الوظائف فيه بسبب التقدم التكنولوجي الحادث الذى أدى إلى زيادة الإنتاجية فى قطاع الفحم و الغاز الطبيعي.
نتائج هذا القرار كانت خفض الانبعاثات في عام 2025 مقارنة بعام 2005 بمقدار بين ١٥٪ و ١٩٪ فقط بينما كان من المتوقع أن تنخفض بمقدار يتراوح بين 26٪ و 28٪ في ضوء اتفاقية باريس، تخفيض التمويل الموجه للدول الأقل دخلًا من خلال صندوق المناخ الأخضر، لن تتمكن الولايات المتحدة من الضغط على الاقتصادات الناشئة الكبرى مثل الهند و الصين من أجل بذل المزيد من الجهد و التمويل للعمل المناخي. قد يشجع هذا القرار بعض البلدان الأخرى على الانسحاب من الاتفاقية او عدم الالتزام بها بشكل كامل و في اسوأ الأحوال قد يتم تفكيك الاتفاقية بالكامل. [16]
أعقب ولاية ترامب المنتهية في يناير 2021 فوز جو بايدن المرشح الديموقراطي و الذى عمل على العودة إلى اتفاقية باريس في أسرع وقت، حيث أصدر قرار بالعودة اليها فى بداية توليه الحكم في يناير 2021 و انضمت الولايات المتحدة رسميًا إلى اتفاقية باريس في 19 فبراير ٢٠٢١. [17] استمرت الولايات المتحدة فى اتفاقية باريس طوال ولاية جو بايدن حتى انتهائها فى 19 يناير 2025. و بعد ذلك تولى ترامب حكم الولايات المتحدة مرة و أخرى و في أول أيام حكمه 20 يناير 2025 أصدر قرارًا تنفيذيًا بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس مع وقف التمويل المناخي العالمي الذى يتم توفيره من الولايات المتحدة، [18]حيث إن الولايات المتحدة توفر ٢٢٪ من ميزانية UNFCCC [19].
ثامنًا ملخص التوصيات والمخرجات الرئيسية:
1. تعزيز الجهود المناخية: يتطلب تحقيق الأهداف المناخية المحددة زيادة الجهود المبذولة من قِبَل الدول لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة واستخدامات الوقود الأحفوري وتعزيز التعاون الدولي.
2. البحث عن بدائل مستدامة: تأجيل النقاش حول الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري إلى مؤتمر COP30 مع التركيز على إيجاد بدائل طاقة متجددة ومستدامة.
3. زيادة التمويل المناخي: الاتفاق على زيادة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2035 لدعم الدول النامية في جهودها لتحقيق التنمية المستدامة.
4. تمكين المرأة: تعزيز مشاركة النساء في صنع القرار وتوفير الدعم اللازم لتمكينهن من مواجهة التحديات المناخية بشكل فعال.
5. شمل الجهود التوعوية أيضًا إطلاق برامج تلفزيونية وإعلانات عامة تهدف إلى توعية المواطنين بخطورة التغير المناخي وأهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من آثاره. تُبث هذه البرامج عبر القنوات الوطنية وتستهدف شرائح واسعة من المجتمع، مما يسهم في نشر المعرفة والمعلومات حول التغير المناخي وتأثيراته.
6. تحقيق 42% من الطاقة المتجددة ضمن خليط الطاقة الوطني بحلول 2030.
7. تعزيز النقل الجماعي من خلال شبكة طرق متكاملة وزيادة وسائل النقل الجماعي للتقليل من التكدس.
8. تقليل الانبعاثات الغير صديقه للبيئة في قطاع المخلفات من خلال إنشاء بنية تحتية متكاملة وتوفير عقود تشغيل للقطاع الخاص.
9. تشمل الجهود أيضًا ملف التنبؤ بالطقس والإنذار المبكر، وإعداد الخريطة التفاعلية لتغير المناخ باستخدام نماذج رياضية معتمدة وبيانات تاريخية من هيئة الأرصاد الجوية ووزارة ا[20]لري لبناء خطه تصدي للملفات الغير متوقعه كما اشار الصحفي المصري د. فهمي هويري عن ملف الاستدامه. تعمل الوزارة أيضًا على إعداد حزم التمويل بالتنسيق مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي لجذب مصادر تمويل مختلفة لتنفيذ مشروعات متنوعة.
[1] الأمم المتحدة، كل ما تحتاجونه من معلومات حول مؤتمر المناخ الأممي الكبير، الرابط التالي: https://www.un.org/ar/cop27-what-you-need-know
2- Amnesty, Global: What happened at COP28? Essential need-to-knows, 2023, Available at: https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2023/12/global-what-happened-at-cop28-essential-need-to-knows/
[3] الأمم المتحدة، المناخ COP29 باتفاق تمويل المناخ، الرابط التالي :https://www.un.org/ar/climatechange/cop29
[4] الاء عمارة, يوم النوع الاجتماعي.. «COP29» يمد يده لـ158 مليون سيدة, نداء الارض2024-11-23 يوم النوع الاجتماعي.. «COP29» يمد يده لـ158 مليون سيدة
[5] Review of the enhanced Lima work programme on gender and its GAP, UNFCCC, Review of the enhanced Lima work programme on gender and its GAP | UNFCCC
[6] مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP29 يوافق على زيادة التمويل ثلاث أضعاف للدول النامية، لحماية الأرواح وسبل العيش , ,UNFCCC 24 نوفمبر 2024 ,مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP29 يوافق على زيادة التمويل ثلاث أضعاف للدول النامية، لحماية الأرواح وسبل العيش | UNFCCC
[7] وكالة انباء الامارات . COP29 يحقق التنفيذ الكامل للمادة الـ6 من اتفاق باريس ويفتح أسواق الكربون العالمية,23 نوفمبر 2024, الرئيسية | وكالة أنباء الإمارات
[8] UN ESCWA,سوق الكاربونسوق الكربون – لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا
[9] مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP29 يوافق على زيادة التمويل ثلاث أضعاف للدول النامية، لحماية الأرواح وسبل العيش , ,UNFCCC 24 نوفمبر 2024, مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP29 يوافق على زيادة التمويل ثلاث أضعاف للدول النامية، لحماية الأرواح وسبل العيش | UNFCCC
[10] وزارة البيئة المصرية: http://www.eeaa.gov.eg
[11] الامم المتحدة,الولايات المتحدة المريكية تخطر الامم المتحدة بانسحابها من اتفاق باريس لتغير المناخ , نوفمبر 2019 https://news.un.org/ar/story/2019/11/1043131
[12] م.المنشاوى , انسحب منه ترامب وعاد إليه بايدن.. معضلة واشنطن مع اتفاق باريس للمناخ, يناير 2021
انسحب منه ترامب وعاد إليه بايدن.. معضلة واشنطن مع اتفاق باريس للمناخ | أخبار سياسة | الجزيرة نت
[13] الولايات المتحدة المريكية تخطر الامم المتحدة بانسحابها من اتفاق باريس لتغير المناخ , نوفمبر 2019
https://news.un.org/ar/story/2019/11/1043131
[14] م.المنشاوى , انسحب منه ترامب وعاد إليه بايدن.. معضلة واشنطن مع اتفاق باريس للمناخ, يناير 2021
انسحب منه ترامب وعاد إليه بايدن.. معضلة واشنطن مع اتفاق باريس للمناخ | أخبار سياسة | الجزيرة نت
[15] Micheal.R.pompe , On the U.S. Withdrawal from the Paris Agreement, November 2019
https://2017-2021.state.gov/on-the-u-s-withdrawal-from-the-paris-agreement
[16] الجزيرة نت, فورين أفيرز: لماذا انسحب ترمب من اتفاق باريس للمناخ؟ . 2017/6/10
فورين أفيرز: لماذا انسحب ترمب من اتفاق باريس للمناخ؟ | الجزيرة نت
[17] م.المنشاوى , انسحب منه ترامب وعاد إليه بايدن.. معضلة واشنطن مع اتفاق باريس للمناخ, الجزيرة نت, يناير 2021
انسحب منه ترامب وعاد إليه بايدن.. معضلة واشنطن مع اتفاق باريس للمناخ | أخبار سياسة | الجزيرة نت
[18] PUTTING AMERICA FIRST IN INTERNATIONAL ENVIRONMENTAL AGREEMENTS . 20 jan 2025
Putting America First In International Environmental Agreements – The White House
[19] V.Volvovici . Michael Bloomberg steps in to help fund UN climate body after Trump withdrawal . 23 jan 2025Michael Bloomberg steps in to help fund UN climate body after Trump withdrawal | Reuters
[20] الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (UNFCCC: https://unfccc.int/ )