مجموعة لاهاي: الفرص والتحديات في تعزيز العدالة الدولية وتحقيق الاستقرار العالمي

إعداد: تسنيم سعيد علي – دينا أحمد أبو العينين – باحثتان متدربتان في برنامج دراسات القوى الصاعدة بالمركز.
مقدمة:
في سياق التصعيد المستمر للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تم الإعلان عن تأسيس “مجموعة لاهاي” في نهاية يناير 2025م كتحالف قانوني يهدف إلى مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية وإرساء آليات قانونية لإنهاء الاحتلال في الأراضي الفلسطينية. تمثل هذه المبادرة خطوة مهمة نحو تمكين الجهود الدولية الرامية إلى ضمان العدالة للفلسطينيين، وتعمل المجموعة على محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضدهم، وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها المجموعة، سواء من معارضة إسرائيل وداعميها أو محدودية الموارد والنفوذ، فإنها تسعى لتحقيق تأثير ملموس في إحلال القوانين الدولية وحقوق الإنسان. يتناول هذا التقرير في محاوره الخمسة نشأة مجموعة لاهاي وأهدافها، ويستعرض العوامل التي قد تؤثر على نجاحها، بالإضافة إلى مقارنة بين المجموعة ونظيراتها القانونية، وتقديم سيناريوهات مستقبلية تساهم في فاعليتها وتحقيق أهدافها.
المحور الأول: تأسيس المجموعة وأهدافها
تأسست (مجموعة لاهاي)، يوم 31 يناير عام 2025م باجتماع نظمته مؤسسة (بروجريسف انترناشونال) لممثلي تسع دول في مدينة لاهاي بهولندا، حيث تهدف تلك الدول لأداء دور فعال لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ولكفل حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحقهم في دولة فلسطينية مستقلة، وجاء تشكيل المجموعة عقب إعلان وقف إطلاق النار في الحرب على قطاع غزة بتاريخ 19 يناير 2025، وتتكون هذه الدول الأعضاء من: دولة بيليز، وبوليفيا، وكولومبيا، والهندوراس، وكوبا، وماليزيا، وناميبيا، والسنغال، وجنوب أفريقيا[1]. ومن الجدير بالذكر إن هذه الدول اتخذت من ميثاق الأمم المتحدة مرجعًا لمطالبها بالمسؤولية المتبادلة بين الدول. كما تنادي بالاستجابة لمطالب الشعب الفلسطيني في تحقيق مصيره، وأشارت إلى قرارات صادرة عن محكمة العدل الدولية، ومذكرات اعتقال صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، وقرارات للجمعية العمومية للأمم المتحدة نستعرضها كالآتي:
أولًا: قرارات ودعاوى محكمة العدل الدولية:
استندت مجموعة لاهاي لأحكام محكمة العدل الدولية الصادرة في دعوى جنوب إفريقيا ضد اسرائيل في 29 ديسمبر 2023م التي عكست مخاوف عن مجريات الحرب في قطاع غزة، منادية بالإيقاف الفوري لتلك الجرائم. كما أشارت إلى فتوتين استشاريتين لمحكمة العدل الدولية بتاريخ 9 يوليو 2004م في مسألة العواقب القانونية لإنشاء الحائط الفاصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة[2]، وبتاريخ 19 يوليو 2024م في مسألة العواقب القانونية الناجمة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، التي أقرت بخرق اسرائيل للقانون الدولي ببقائها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.[3] بالإضافة إلى مذكرة المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الاسرائيلي السابق يوآف جالانت في 11 نوفمبر 2024م باعتبارهما المسؤولان عن جرائم الحرب الواقعة على المدنيين[4]. وكذلك قرار محكمة العدل الدولية في دعوى نيكاراجوا ضد ألمانيا بتاريخ 30 ابريل 2024م[5] الذي نبه جميع الدول بمسؤوليتهم في تجارة الأسلحة مع الدول في صراع مسلح، لاعتبار تلك الأسلحة أداة لخرق ميثاق الإبادة الجماعية[6] ولمواثيق جنيف المتعلقة بعلاقات إسرائيل بقطاع غزة والأراضي الفلسطينية.
ثانيًا: قرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومجلس الأمن:
تبنت مجموعة لاهاي عدد من قرارات الأمم المتحدة، ومن هذه القرارات: قرار مجلس الأمن رقم 418 بتاريخ 4 نوفمبر 1977م[7]، و قرار مجلس الأمن رقم 591 في 28 نوفمبر 1986م[8]، واختص القراران بفرض حظر للأسلحة ضد نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا. كما أشارت للقرار رقم 2334 بتاريخ 23 ديسمبر2016 الذي أكد على شرعية المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967م ومنها القدس الشرقية. هذا فضلًا عن إضافة قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة الصادر في 18 سبتمبر 2024م الذي أيد الفتوى الاستشارية لمحكمة العدل الدولية الصادرة في يوليو 2024م حول العواقب القانونية الناجمة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أكد على التزام الدول الأعضاء بالقانون الدولي[9].
ثالثًا: أهداف المجموعة:
- احترام القانون الدولي: تسعى مجموعة لاهاي إلى التأكيد على احترام المواثيق الدولية، من خلال تصديها للانتهاكات المستمرة من قبل إسرائيل، إسهاماً في حماية النظام القانوني الدولي والحفاظ على فعاليته في مواجهة الجرائم الدولية.
- تطبيق العدالة والمساءلة القانونية: وذلك من خلال مساءلة المسؤولين عن الانتهاكات، وإجراء تحقيقات مستقلة داخليًا وخارجيًا، لضمان عدم الإفلات من العقاب وتحقيق مصداقية المؤسسات الدولية.[10]
- تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية: تؤكد المجموعة على ضرورة تنفيذ القرارات والإجراءات المؤقتة المتعلقة بالقضية الفلسطينية التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في يناير، مارس، ومايو 2024، بهدف الضغط على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي.[11]
- منع التجارة العسكرية مع إسرائيل: تسعى المجموعة إلى حظر تجارة الأسلحة والمعدات العسكرية مع إسرائيل، لتشكيلها خرقًا للقانون الدولي، وتعمل على منع تزويدها بالموارد العسكرية التي تسهم في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
- إلزام الدول بعدم دعم الاحتلال: تهدف المجموعة إلى منع إرساء السفن المحملة بالأسلحة والوقود الحربي في موانئ الدول الأعضاء المتجهة إلى إسرائيل، وذلك ضمن جهودها القانونية لوقف التمويل والتوريد العسكري الذي يدعم استمرار الاحتلال[12].
- دعم حقوق الشعب الفلسطيني: تسعى مجموعة لاهاي إلى تعبئة المجتمع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وتدعو الدول المؤيدة للقضية الفلسطينية إلى الانضمام للمسار القانوني الذي يهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام العادل عبر تأسيس دولة فلسطينية مستقلة.
المحور الثاني: محددات النجاح والتحديات الرئيسية لمجموعة لاهاي في الساحة الدولية
تُمثل “مجموعة لاهاي” إطارًا قانونيًا لتعزيز العدالة الدولية ومساءلة منتهكي القانون الدولي. وفي هذا السياق، يرتكز نجاحها على الدعم السياسي، الالتزام بالمبادئ الحقوقية، والتنسيق الفاعل بين أعضائها، غير أنها تواجه تحديات معقدة، أبرزها الضغوط السياسية والعقبات القانونية، مما يستدعي تبني استراتيجيات أكثر مرونة لضمان فاعليتها في النظام الدولي.
أولًا: العوامل التي تدعم نجاح مجموعة لاهاي
١.الدعم السياسي والقانوني من الدول الأعضاء: يُعد توفر الدعم السياسي والقانوني من قِبل الدول الأعضاء أحد أهم مقومات نجاح أي تكتل دولي، حيث يضمن تماسك المجموعة ويمنحها القدرة على التأثير في المحافل الدولية.[13]
أ. الثقل السياسي والدبلوماسي: تضم مجموعة لاهاي دولًا تتمتع بثقل دبلوماسي في محيطها الإقليمي والدولي، مما يساهم في منحها الشرعية والتأثير. فعلى سبيل المثال، تلعب جنوب إفريقيا دورًا بارزًا في دعم قضايا العدالة الدولية، مستندة إلى إرثها التاريخي في مكافحة التمييز العنصري. كما أن كولومبيا وكوبا تمتلكان تأثيرًا في السياسة الدولية، خاصة في ما يتعلق بحقوق الإنسان والعلاقات الدولية متعددة الأطراف.[14] هذا فضلًا عن إن وجود دول من قارات مختلفة يمنح المجموعة طابعًا عالميًا، مما يحد من محاولات تصنيفها كتكتل إقليمي محدود.
ب. الاعتراف القانوني والشرعية الدولية: حيث يرتكز التكتل على مبادئ القانون الدولي، مما يجعله يحظى بشرعية قانونية في تحركاته. كما إن دعم الدول الأعضاء لمؤسسات مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية يمنحه قوة قانونية في مواجهة الدول التي ترتكب انتهاكات جسيمة. هذا الاعتراف يعزز قدرة المجموعة على تقديم شكاوى رسمية ورفع قضايا أمام الهيئات القانونية الدولية، مستندة إلى القوانين والمعاهدات الدولية ذات الصلة.[15]
٢.الالتزام بمبادئ العدالة الدولية: تمثل العدالة الدولية والمساءلة القانونية ركيزة أساسية لنجاح مجموعة لاهاي، حيث إن التزامها بهذه المبادئ يعزز من مصداقيتها ويزيد من قدرتها على التأثير الدولي.
أ. دعم المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية: في هذا الصدد، يُعد دعم المحكمة الجنائية الدولية (ICC) ومحكمة العدل الدولية (ICJ) ركيزة أساسية في استراتيجية مجموعة لاهاي، إذ يُعزز من قدرتها على مساءلة المسؤولين عن انتهاكات القانون الدولي.[16] ومع عودة “دونالد ترامب”، إلى سدة الحكم في يناير 2025، تزايدت المؤشرات على إمكانية فرض عقوبات جديدة على المحكمة الجنائية الدولية، ولا سيما في أعقاب إعلانها نيتها فتح تحقيقات بشأن جرائم الحرب المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت.
وعليه، يُعيد هذا التوجه إلى الأذهان الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب خلال ولايته الأولى، حيث فرضت في 2020 عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بسبب تحقيقاتها في الجرائم المزعومة التي ارتكبتها القوات الأمريكية في أفغانستان والانتهاكات التي تورطت فيها إسرائيل.
٣.التنسيق المشترك بين الدول الأعضاء: يشكل التنسيق الفعّال بين الدول الأعضاء عاملاً أساسيًا لضمان نجاح أي تكتل قانوني دولي، إذ يعزز من قدرة المجموعة على اتخاذ قرارات موحدة وتنفيذ استراتيجياتها بشكل أكثر كفاءة.[17]
أ.الاجتماعات الدورية والتنسيق المستمر: فقد أعلنت المجموعة حرصها علي عقد اجتماعات دورية بين وزراء الخارجية والمستشارين القانونيين للدول الأعضاء، بهدف تنسيق المواقف السياسية والقانونية. ومن الجدير بالذكر إن هذه الاجتماعات تساهم في تحقيق وحدة الموقف، مما يمنع التناقضات التي قد تضعف من قوة المجموعة وتأثيرها على الساحة الدولية.[18]
ب. التعاون مع المنظمات الحقوقية الدولية: يشكل التعاون مع منظمات حقوق الإنسان الدولية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” عاملًا محوريًا في تقوية دور المجموعة، حيث يمكن لهذه المنظمات توفير أدلة قانونية تدعم القضايا التي ترفعها المجموعة أمام المحاكم الدولية.[19]
٤.التركيز على قضايا محددة بوضوح: يُعَد وضوح الأهداف أحد أهم عوامل نجاح أي تكتل دولي، حيث يمكنه من تركيز جهوده على قضايا معينة وتحقيق نتائج ملموسة.
أ. الضغط من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي: فقد تبنت مجموعة لاهاي موقفًا صريحًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث تدعم الجهود القانونية لمحاكمة إسرائيل على جرائم الحرب المرتكبة في الأراضي المحتلة. هذا الموقف يمنح المجموعة هوية واضحة تمكنها من استقطاب الدعم الدولي من الجهات الفاعلة في مجال حقوق الإنسان.[20]
ب. دعم حق تقرير المصير للفلسطينيين: وبالتأكيد يتوافق دعم المجموعة لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم مع القرارات الدولية، مما يمنحها قوة قانونية في التحركات الدبلوماسية والقانونية التي تقوم بها.[21]
٥.الاستفادة من التجارب السابقة: إنالاستفادة من التجارب السابقة، سواء الناجحة أو الفاشلة، يمنح مجموعة لاهاي ميزة استراتيجية في تحسين آليات عملها وتجنب الأخطاء.
أ.الاستفادة من نجاح المحكمة الجنائية الدولية: حيث أنه على الرغم من العقبات التي تواجه المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنها نجحت في تحقيق سوابق قانونية مهمة[22]، مثل محاكمة القادة المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب. وفي هذا السياق، يمكن لمجموعة لاهاي الاستفادة من هذه النجاحات لتعزيز موقفها القانوني على الساحة الدولية.
ب.تجنب أخطاء التكتلات القانونية السابقة: فقد واجهت بعض التكتلات القانونية السابقة إخفاقات نتيجة الانقسامات الداخلية أو الضغوط السياسية الخارجية، وبالتالي يمكن للمجموعة أن تتجنب هذه الأخطاء من خلال بناء تحالفات قوية، وتحديد استراتيجيات فعالة تضمن استمرار عملها رغم العقبات.[23]
ج. استثمار تصريحات ترامب الأخيرة لدعم القضايا الفلسطينية وتعزيز موقف مجموعة لاهاي:
إن تصريحات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، بشأن السيطرة على قطاع غزة وإعادة توطين الفلسطينيين ،علي سبيل المثال، أثارت تلك التصريحات ردود فعل قاسية في أوروبا، حيث أشار المسؤولون والخبراء الأوروبيون إلى أن هذه السياسات تتناقض مع الحلول الدولية المستندة إلى حل الدولتين. هذا التباين في المواقف يعكس حالة من الاستقطاب بين السياسة الأمريكية والمواقف الأوروبية، التي تلتزم بشكل ثابت بحل الدولتين كمسار وحيد لتحقيق سلام عادل ودائم.
علاوة على ذلك، يمكن لهذا التباين أن يعزز فرص مجموعة لاهاي في حشد الدعم الدولي، خصوصًا من الدول التي ترفض[24] التصريحات الأمريكية، وتلتزم بمواقف تدافع عن حقوق الفلسطينيين والقانون الدولي، لاسيما وإن مجموعة لاهاي، التي تسعى إلى إيجاد حلول سلمية تستند إلى المبادئ الدولية، وبالتالي يمكنها الاستفادة من هذه التصريحات لتأكيد موقفها أمام المجتمع الدولي، وذلك من خلال تأييد حل الدولتين، قد تجد المجموعة فرصة لتعميق التأثير في الساحة الدبلوماسية الدولية.
من جهة أخرى، تمثل هذه التصريحات فرصة استراتيجية للدول العربية للتفاعل مع مجموعة لاهاي، التي تعكس التزامًا قويًا بحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها. كما إن الانضمام إلى المجموعة يعزز قدرة الدول العربية على التأثير في السياسات الدولية المتعلقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ويوفر منصة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين.[25]
في سياق متصل، من الممكن أن تشارك كلًا من مصر والأردن بفعالية في المجموعة، حيث تشكل مصر عنصرًا محوريًا في جهود السلام الإقليمي والدولي. بينما يمثل الأردن دعمًا أساسيًا لحقوق الفلسطينيين. في المقابل، تواجه دول مثل الإمارات تحديات في موازنة مصالحها الإقليمية والدولية، لكن انضمامها للمجموعة قد يعزز مكانتها على الساحة الدولية ويدعم مصالحها الإقليمية. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أهمية التعاون العربي مع مجموعة لاهاي لتشكيل سياسات دولية أكثر فعالية بشأن قضايا الشرق الأوسط، خاصة المتعلقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
ثانياً: التحديات التي تواجه مجموعة لاهاي
تواجه “مجموعة لاهاي” عدة تحديات تعرقل مساعيها لتحقيق أهدافها، سواء أكانت بسبب مواقف الدول الكبرى أو قضايا قانونية تتعلق بالتنفيذ أو تحالفات سياسية معقدة. في ما يلي أبرز هذه التحديات:
١.قرار ترامب 2025 بإصدار عقوبات ضد المحكمة الجنائية الدولية: في يناير 2025، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية عقب قرارها التحقيق في جرائم ارتكبها مسؤولون إسرائيليون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في خطوة تعكس تكرار سياسات إدارته عام 2020 ضد المحكمة. شملت العقوبات تجميد الأصول وحظر دخول المسؤولين المعنيين إلى الولايات المتحدة، مما يؤكد التوتر بين السياسة الدولية وآليات العدالة الجنائية. في هذا السياق، يبرز دور “مجموعة لاهاي” في دعم استقلالية المحكمة الجنائية الدولية ومواجهة الضغوط السياسية، بما يعزز تطبيق العدالة الدولية في ظل التحديات المتزايدة.
٢.المعارضة من الدول الكبرى ذات النفوذ الدولي: تمثل الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين عائقًا كبيرًا في تحقيق أهداف “مجموعة لاهاي”، حيث إن هذه الدول لا تعترف أو تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية، الأمر الذي يعطل فاعلية هذه المحاكم في محاسبة المسؤولين عن الجرائم الدولية. مثال على ذلك، [26]الرفض الأمريكي المستمر للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، مما يحد من قدرة هذه المحاكم على ممارسة سلطتها في محاسبة المسؤولين في دول كبرى، خاصة في الحالات التي تشمل الحلفاء الاستراتيجيين لهذه الدول.
٣.الافتقار إلى آليات التنفيذ الفعّالة: تتمثل إحدى التحديات الكبرى التي تواجه “مجموعة لاهاي” في ضعف آليات التنفيذ المتاحة للمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية. رغم إن هذه المحاكم تصدر أحكامًا بشأن قضايا كبيرة، إلا إن عدم وجود آلية ملزمة لتنفيذ هذه الأحكام يبقى عائقًا أمام فاعليتها. هذا فضلًا عن إن الدول التي تصدر ضدها أحكام قد لا تلتزم بتنفيذها، كما أن بعض الدول تتجاهل حكم المحكمة الجنائية الدولية إذا كان يتعارض مع مصالحها السياسية أو الاستراتيجية.[27]
٤.المخاوف من استخدام المحكمة كأداة سياسية: توجد ثمة مخاوف متزايدة بين بعض الدول من أن المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية قد تُستخدم كأدوات لتحقيق مصالح سياسية معينة. تتهم بعض الدول هذه المحاكم بأنها تركز بشكل غير متوازن على محاكمة المسؤولين من دول معينة في حين تتجاهل أو ترفض التحقيق في جرائم ارتكبتها دول أخرى ذات علاقات قوية مع القوى الكبرى. هذا التحدي يهدد مصداقية المحكمة ويقلل من قدرة “مجموعة لاهاي” على تمكين العدالة الدولية.[28]
٥.الصعوبات في توسيع عضوية المجموعة: يُعَد توسيع عضوية “مجموعة لاهاي”، من التحديات الرئيسية التي تواجهها، حيث إن العديد من الدول ليست مستعدة للانضمام إلى هذه المجموعة بسبب تعقيدات السياسة الدولية. فضلًا عن تخوف بعض الدول من أن يؤدي الانضمام إلى “مجموعة لاهاي” إلى تعقيد علاقاتها السياسية أو الاقتصادية مع دول أخرى، لاسيما تلك التي لا تؤمن بدور المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية، الأمر الذي يقيد قدرة المجموعة على تكوين تحالفات أكبر وزيادة نفوذها في المجتمع الدولي.[29]
٦.تحديات التمويل والموارد: إحدى التحديات التي تواجهها مجموعة لاهاي هي التمويل المحدود، حيث تعتمد المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية على تبرعات الدول الأعضاء. في بعض الحالات، قد تكون بعض الدول الأعضاء غير راغبة في تخصيص ميزانية كبيرة لهذه المحاكم بسبب الضغوط الاقتصادية المحلية أو الأولويات الداخلية. هذا التحدي يعوق قدرة المجموعة على تنفيذ استراتيجياتها بفعالية أو ضمان استدامة عمل هذه المحاكم.[30]
٧.العقبات الثقافية والاجتماعية: تواجه “مجموعة لاهاي” أيضًا تحديات ثقافية واجتماعية في بعض الدول الأعضاء. فقد تكون هناك مقاومة داخلية ضد تدخلات المحكمة الجنائية الدولية في قضايا تتعلق بالحقوق السيادية أو الشؤون الداخلية للدول. ومن الجدير بالذكر إن هذه المقاومة قد تكون مدفوعة بعوامل ثقافية أو اجتماعية تجعل بعض الدول ترفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.[31]
المحور الثالث: الدول المرشحة للانضمام إلى مجموعة لاهاي: التوجهات الدبلوماسية والتحديات:
تعتمد مجموعة لاهاي على انضمام الدول الداعمة لقضيتها لتكتسب وزنًا سياسيًا، وفي نسق دولي يتسم بهيمنة القطب الأوحد الأمريكي والاعتماد الاقتصادي المتبادل، تواجه الدول عقبات تحول دون انضمامها، لاسيما بعد تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب لخططه لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن، الأمر الذي يزيد من صعوبة هذا على الكثير من الدول اتخاذ موقف كالمطالبة القانونية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وبناءًا على ذلك تجدر الإشارة إلى الدول المحتمل انضمامها لمجموعة لاهاي والعوائق التي قد تمنعها.
أولاً: الدول المرجح انضمامها لمجموعة لاهاي
- جمهورية مصر العربية:
إن مصر من أوائل وأهم داعمي القضية الفلسطينية، كما يربط مصر وفلسطين روابط تاريخية من رابطة الدين واللغة والدم، يعززها تاريخ مصر في محاربة إسرائيل بداية من 1948م حتى توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، التي لم تثبط من سعي مصر لتحقيق السلام للشعب الفلسطيني وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
علاوة على ذلك، كان موقف مصر من تهجير الفلسطينيين واضح وثابت، فقد صرح الرئيس “عبدالفتاح السيسي”، بالرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين بقطاع غزة، و بعزم مصر على العمل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ للتوصل للسلام المنشود القائم على حل الدولتين، واصفًا مسألة تهجير الشعب الفلسطيني بتهديد للأمن القومي المصري.[32]هذا فضلًا عن انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بتاريخ ديسمبر 2023م، مما يعزز احتمالية انضمام مصر لمجموعة لاهاي.[33]
2. إسبانيا:
تمثل إسبانيا أحد أهم الدول المحتمل انضمامها لمجموعة لاهاي، ففي مايو 2024م أعلنت الحكومة الاسبانية اعترافها بدولة فلسطين.[34] كما أكد رئيس الوزراء أن موقف إسبانيا لا يعد موقفًا معاديًا لإسرائيل إلا أن إسبانيا تصر على حل الدولتين للحفاظ على السلام العالمي وحماية حق الشعوب في تقرير مصيرها وفقًا لما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة.[35]كما وأعلن وزير الخارجية الإسباني الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا ضد اسرائيل في 6 يونيو 2024م، في ظل صمت سائر دول الاتحاد الأوروبي آنذاك، مشيرًا إلي أن هدف إسبانيا الرئيسي هو ايقاف الحرب في قطاع غزة[36]، مؤكدًا على موقف إسبانيا الرافض لاعتداء إسرائيل على الأراضي الفلسطينية لإحلال السلام في الشرق الأوسط[37].
3.نيكاراجوا:
انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين نيكاراجوا وإسرائيل في أكتوبر 2024م، ووصف رئيس نيكاراجوا اسرائيل ب “الفاشية” والممارسة لجرائم الإبادة الجماعية”، وجاء ذلك بعد عدة بيانات رسمية توضح رفض نيكاراجوا للحرب على قطاع غزة، وللممارسات القمعية لإسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة وللاحتلال الاسرائيلي، ورغم احتساب البعض -و منهم اسرائيل- هذا الموقف الدبلوماسي رمزيًا، إلا أنه موقف يؤكد نية الدولة لأداء دور فعال في إنهاء الاحتلال الاسرائيلي، مما قد يدفعها للانضمام لمجموعة لاهاي مستقبلاً[38].
4.تركيا:
تعتبر تركيا من الدول المناهضة لنشاط اسرائيل العدواني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرغم العلاقات الاقتصادية المتبادلة بينهما، إلا أن الرئيس التركي الحالي أردوغان لم يتوانى في إدانة أفعال إسرائيل العدوانية وتشبيهها بالإبادة الجماعية وبالفصل العنصري[39]، فضلًا عن استنكار الحكومة التركية لاعتداءات السلطات الاسرائيلية على أراضي المسجد الأقصى[40]، مما زاد من حدة علاقات تركيا بإسرائيل، وساهم في ذلك تقارب الحكومة التركية مع حركات المقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم حركة حماس التي تصنفها إسرائيل كإرهابية.
علاوة على ذلك، انضمت تركيا لدعوى جنوب إفريقيا ضد اسرائيل في محكمة العدل الدولية، وأوضحت في بيان انضمامها عن رفضها للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وانتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، ذاكرةً الاعتداءات التي تمارسها قوات الاحتلال الاسرائيلي على المواقع الإسلامية المقدسة[41].
ثانياً: العوائق المحتملة أمام الدول المنضمة مستقبلاً:
بعد استعراض عضوية بعض الدول المحتملة للانضمام يجب إيضاح ما قد يمنع تلك الدول من الانضمام لمجموعة لاهاي:
- جمهورية مصر العربية:
حافظت مصر على السلام مع إسرائيل باعتبارها أول دولة عربية تعترف رسميًا بإسرائيل من خلال اتفاقية كامب ديفيد في عام 1978 ومعاهدة السلام في عام 1979، وساعدت هذه المعاهدة على ضمان السيادة الإقليمية وإقامة الروابط دبلوماسية بين الدولتين، وتمكنها من التركيز على الاستقرار الإقليمي، والتحديات الأمنية الداخلية كمكافحة الإرهاب في سيناء. هذا فضلًا عن أن تأثر المساعدات العسكرية والاقتصادية التي تتلقاها مصر من الولايات المتحدة طرديًا بعلاقتها بإسرائيل، مما يجعل أي مواجهة مع إسرائيل تهديدًا لهذه المساعدات، وتؤدي مصر دور الوسيط في عدة أزمات مندلعة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وعليه، قد يهدد اتخاذ مواقف معادية لإسرائيل بشكل صريح مكانة مصر الإقليمية ويضعها في خطر محتمل، خاصةً في ظل تصريحات الرئيس الأمريكي التي تصر على اخضاع الدول المجاورة لإسرائيل كمصر والأردن لسياساته لتهجير الفلسطينيين.
2. إسبانيا:
تتأثر السياسة الخارجية لإسبانيا بتوافق الآراء داخل الإتحاد الأوروبي، مما قد يعزلها سياسيًا إذا تباينت مواقفها. كما تعتمد على علاقاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة في مجالات التكنولوجيا والدفاع، مما يعرضها لمخاطر سياسية. هذا فضلًا عن انقسام الرأي العام الإسباني بين دعم القضية الفلسطينية وبعض القوى اليمينية المؤيدة لإسرائيل، مما يخلق توترات سياسية داخل البلاد[42]. كما تكشف التحقيقات عن استمرار شراء إسبانيا للأسلحة الإسرائيلية حتى 2024م، رغم إنكار الحكومة لذلك[43].
3. نيكاراجوا:
حافظت نيكاراجوا على علاقتها بإسرائيل والمؤسسات الصهيونية في ذات الوقت الذي بدأت فيه بناء تضامن وطيد مع القضية الفلسطينية، لا سيما داخل حركاتها اليسارية التي تعارض الاحتلال الإسرائيلي وتنادي بتحرير الشعب الفلسطيني[44]. هذا بالإضافة إلى تعرض نيكاراجوا لضغوطات دولية من داعمي اسرائيل كالولايات المتحدة في مجال حقوق الإنسان وتراجعها الديمقراطي، حيث يزعمون أن موقف نيكاراجوا ضد إسرائيل وسيلة لصرف الانتباه عن الانتقادات ولحشد الدعم من الدول التي تنتقد إسرائيل.[45] ويتسنى القول أن المحدد الرئيسي لانضمام نيكارجوا هو السياسات الداخلية، فرغم انقسام الرأي العام المحلي حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن الحكومة لقاعدتها الشعبية الأولوية، وإذ تغيرت الحكومة إلى إدارة تميل للتيار اليميني-حال بعض الحكومات اليمينية السابقة التي دعمت اسرائيل- أو تحول الرأي العام تحت ظل الضغوطات الدولية، واجهت الدولة أزمة[46].
4. تركيا:
تستمر العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل بشكل قوي رغم التوترات السياسية، حيث بلغت الروابط التجارية الثنائية حوالي 6.8 مليار دولار في 2023م، كما تُعد تركيا من أهم المُصدِّرين لإسرائيل،[47]وقد لا تتمكن تركيا من التخلي عن هذه العلاقات الاقتصادية، حيث تعززها اتفاقية التجارة الحرة، بالإضافة لقطاع السياحة الذي يؤدي دورًا كبيرًا مع تدفق أعداد كبيرة من السياح، وكذلك فرص التعاون في مجال الطاقة، خاصةً نقل الغاز الطبيعي في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط الذي واجه عقبات سياسية عديدة يزيد من حدتها موقف تركيا المعادي لسياسات إسرائيل[48]، وبالنظر لهذا الاعتماد الإقتصادي المتبادل بين الدولتين يتبين أن أي تدهور في العلاقات التركية الإسرائيلية قد يعرض هذه الروابط الاقتصادية للخطر.
المحور الرابع: تحليل فعالية المحاكم الجنائية الدولية: النجاحات والإخفاقات في تحقيق العدالة العالمية
أولاً: المحاكم الجنائية الدولية الفعالة
- المحكمة العسكرية الدولية (محاكمات نورمبرغ وطوكيو (1945-1948)
التأسيس: بعد الحرب العالمية الثانية لمحاكمة القادة النازيين واليابانيين.
أ.النجاحات:
• محاكمة 24 مسؤولًا نازيًا (نورمبرغ) و28 مسؤولًا يابانيًا (طوكيو).[49]
• تنفيذ أحكام بالإعدام والسجن المؤبد، مما شكل سابقة تاريخية.
ب. عوامل النجاح:
• دعم الدول المنتصرة (الولايات المتحدة، بريطانيا، الاتحاد السوفيتي، وفرنسا).
• وجود أدلة قوية موثقة (الوثائق، الشهادات، التسجيلات).
2. المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة (1993-2017)
التأسيس: لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في حروب يوغوسلافيا السابقة.
أ. النجاحات:
• محاكمة 161 شخصًا، وإدانة 90 منهم، بينهم سلوبودان ميلوشيفيتش، رادوفان كاراديتش، راتكو ملاديتش.[50]
• تنفيذ أحكام بالسجن المؤبد في قضايا إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
ب. عوامل النجاح:
• دعم مجلس الأمن الدولي.
• تعاون بعض الدول في تسليم المطلوبين.
3. المحكمة الجنائية الدولية لرواندا (1994-2015}
التأسيس: بعد الإبادة الجماعية في رواندا التي قُتل فيها 800,000 شخص.
أ. النجاحات:
• محاكمة 93 متهمًا، بينهم جان كامباندا (رئيس الوزراء السابق)، وحكم عليه بالسجن المؤبد.[51]
ب. عوامل النجاح:
• دعم الأمم المتحدة وتعاون الحكومة الرواندية الجديدة.
4.المحكمة الخاصة بسيراليون (2002-2013)
التأسيس: لمحاكمة المسؤولين عن الفظائع خلال الحرب الأهلية في سيراليون (1991-2002).
أ. النجاحات;
• إدانة تشارلز تايلور (رئيس ليبيريا السابق) بالسجن 50 عامًا، ليصبح أول رئيس دولة يُدان في محكمة دولية منذ نورمبرغ.[52]
ب. عوامل النجاح:
• تعاون دولي قوي، خاصة بريطانيا وهولندا.
ثانيًا: المحاكم الجنائية الدولية التي أخفقت
- المحكمة الجنائية الدولية:
منذ تأسيسها عام 2002 بموجب نظام روما الأساسي، سعت المحكمة الجنائية الدولية (ICC) إلى تحقيق العدالة الدولية من خلال مقاضاة مرتكبي جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية. ورغم تحقيقها بعض النجاحات، إلا إن الإخفاقات المتكررة طغت على سجلها، مما أثار تساؤلات حول فعاليتها في فرض العدالة الدولية.
أ. نجاحات محدودة وتأثير جزئي
نجحت المحكمة في محاكمة وإدانة عدد من المسؤولين عن الجرائم الدولية، ومن أبرز القضايا:
• توماس لوبانغا (جمهورية الكونغو الديمقراطية): أول شخص تدينه المحكمة عام 2012 بتهمة تجنيد الأطفال كجنود، وحُكم عليه بالسجن 14 عامًا.[53]
• جان بيير بيمبا (جمهورية الكونغو الديمقراطية): أدين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لكن تمت تبرئته لاحقًا في مرحلة الاستئناف.
• دومينيك أونجوين (أوغندا): قائد في “جيش الرب للمقاومة”، أدين عام 2021 بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
• كما قامت المحكمة بفتح تحقيقات في أوكرانيا، ميانمار، فلسطين، ليبيا، وساحل العاج، مما يشير إلى قدرتها على التدخل في النزاعات الدولية، وإن كان تأثيرها الفعلي محدودًا.
ب. إخفاقات جوهرية وتقويض لمصداقيتها
ورغم هذه النجاحات الجزئية، إلا إن سجل المحكمة اتسم بإخفاقات متكررة جعلت تأثيرها محدودًا مقارنة بالأهداف التي أُنشئت من أجلها:
١.عدم القدرة على تنفيذ مذكرات التوقيف، حيث فشلت في اعتقال عمر البشير (الرئيس السوداني السابق) رغم صدور مذكرتي توقيف بحقه عامي 2009 و2010.
٢.لم تستطع محاكمة مسؤولين إسرائيليين رغم تقديم دعاوى ضدهم.
٣.لم تتمكن من اعتقال شخصيات بارزة أخرى بسبب رفض بعض الدول التعاون معها.
ج. الانتقائية واتهامات التحيز
• تركزت معظم القضايا على القادة الأفارقة، مما أثار انتقادات بأنها تستهدف دولًا ضعيفة سياسيًا بينما تتجنب ملاحقة مسؤولين من دول كبرى.
• عدم ملاحقة جرائم القوى الكبرى أدى إلى تقويض مصداقيتها أمام الرأي العام العالمي.
د. عدم اعتراف الدول الكبرى بها
• امتنعت الولايات المتحدة، روسيا، الصين، وإسرائيل عن الانضمام إلى المحكمة، مما حرمها من الدعم الدولي اللازم لتطبيق قراراتها وتنفيذ مذكرات التوقيف.
• كما أدى غياب القوة التنفيذية إلى إضعاف سلطتها القانونية وجعلها تعتمد بشكل أساسي على تعاون الدول الأعضاء، وهو ما لم يتحقق في العديد من القضايا.
محصلة الأداء: إخفاق يفوق النجاح
رغم تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بعض الإدانات الفردية، فإن إخفاقاتها المتكررة في محاكمة قادة دول ومسؤولين كبار، وغياب النفاذ القانوني الفعّال، واتهامات التحيز جعلت تأثيرها محدودًا مقارنة بالتوقعات. وفي ظل رفض قوى دولية رئيسية الاعتراف بها، وعدم قدرتها على فرض العدالة في القضايا الأكثر حساسية، يمكن القول إن سجل إخفاقاتها يفوق نجاحاتها، مما يستدعي إصلاحات جوهرية لضمان دور أكثر فاعلية في النظام القانوني الدولي.
2. المحكمة الخاصة بلبنان ( 2009-2022)
التأسيس: تأسست بهدف التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005.
أ. الإخفاقات:
• لم تتمكن من اعتقال أي من المتهمين الأربعة الذين أدانتهم غيابيًا.[54]
• تكلفة باهظة (حوالي مليار دولار) مقابل نتائج محدودة.
ب. أسباب الإخفاق
• غياب آلية تنفيذية لإجبار الدول على تسليم المتهمين.
• تدخلات سياسية عطلت عملها.
3. المحكمة الخاصة بكوسوفو (KSC) – منذ 2015 حتى الآن
التأسيس: للتحقيق في جرائم حرب ارتكبها الجيش الكوسوفي خلال حرب 1998-1999.[55]
أ. الإخفاقات:
• لم تحقق نجاحات كبيرة في محاكمة المسؤولين العسكريين البارزين.
ب.أسباب الإخفاق:
• ضعف التعاون المحلي والدولي.
• تأثير السياسة على سير المحاكمات.
المحور الخامس: سيناريوهات مستقبلية للمجموعة
- السيناريو الأول: تواصل مجموعة لاهاي دعم العدالة الدولية في هذا السيناريو، مع تعزيز التعاون بين أعضائها ودعم المحكمة الجنائية الدولية (ICC). رغم الضغوط من بعض الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، تصر المجموعة على استقلالية المحكمة، بفضل الدعم الدولي من الإتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان. قد يسهم رفض المحكمة للضغوط الأمريكية في زيادة قوتها المستقبلية.
- السيناريو الثاني: يتعرض نفوذ مجموعة لاهاي لتحديات كبيرة فيتراجع نفوذها جراء قرار ترامب بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، مما يؤدي إلى عزلة متزايدة للمحكمة من بعض الدول الكبرى، ويضعف قدرتها على تحقيق العدالة الدولية. قد يقلل هذا التراجع من تأثير المجموعة في مواجهة الجرائم الكبرى.
- السيناريو الثالث: تتمكن مجموعة لاهاي من التكيف مع الضغوط السياسية محققًة توازنًا بين التحديات والفرص، مستمرة في إقامة العدالة الدولية. تستمر المحكمة الجنائية الدولية في أداء دورها بتحسين آليات التعاون مع دول غير أعضاء في النظام، مثل دول الإتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية، ما يسهم في تحقيق استقلاليتها رغم العقوبات.
- السيناريو الرابع: قد يدفع قرار ترامب بتهجير الفلسطينيين قسرًا بعض الدول العربية للانضمام إلى مجموعة لاهاي. يعزز الانضمام المساءلة الدولية تجاه الجرائم ضد الإنسانية، ويشكل ردعًا قانونيًا للانتهاكات المستقبلية. قد تدعم المحكمة دول مثل الجزائر وتونس وقطر، رغم وجود تحديات سياسية ودبلوماسية قد تواجهها.
السيناريو الأكثر احتمالًا: هو “التوازن بين التحديات والفرص”، حيث تواصل مجموعة لاهاي تطوير آلياتها القانونية والتعاون الدولي، مما يعزز فعاليتها رغم العقوبات السياسية والضغوط من الدول الكبرى.
الخاتمة:
في الختام، تظل مجموعة لاهاي أحد أبرز التكتلات القانونية الدولية التي تسهم في ترسيخ مبادئ العدالة وحل النزاعات عبر إطار قانوني منظم. ورغم نجاحاتها، تواجه تحديات جيوسياسية واقتصادية تستلزم إعادة تقييم استراتيجياتها ومرونتها المؤسسية. ترهن فعالية المجموعة بالتزام الدول الأعضاء بالقانون الدولي واستقلالية المؤسسات القضائية، لا سيما في ظل الضغوط السياسية المتزايدة. كما يمثل توسيع عضويتها فرصة لزيادة تأثيرها، لكنه يستدعي ضمان توافق الأعضاء الجدد مع معاييرها الأساسية. يعتمد مستقبل المجموعة على قدرتها على التكيف مع التحولات العالمية، وتقديم حلول قانونية راسخة تحافظ على مصداقيتها ودورها في النظام الدولي.
توصيات لتعزيز فاعلية مجموعة لاهاي:
- تشجيع التعاون متعدد الأطراف مع الدول غير الأعضاء في مجموعة لاهاي، بما يشمل عقد اتفاقيات دولية تدعم المحاكم الدولية وتفعيل أحكامها الصادرة. يتطلب ذلك روابطاً مع المنظمات الإقليمية والدولية لزيادة قدرة المجموعة على تطبيق العدالة عبر الحدود.
- زيادة الدعم المالي والسياسي: ينبغي توسيع قاعدة الدعم المالي والسياسي لمجموعة لاهاي من خلال جذب التمويلات من الأعضاء وغير الأعضاء. يجب تعزيز الشراكات مع المنظمات الإنسانية والدولية لخلق حوافز لدعم استقلالية المحاكم الدولية، مما يُسهم في ضمان استدامة عمل المجموعة.
- الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة: يعد استغلال الأدوات التكنولوجية من أولويات التطوير، حيث يُمكن استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لتحسين عمليات التحقيق والمحاكمة. تسرع هذه التقنيات تحليل الأدلة وتحديد أولويات القضايا، مما يعزز الكفاءة والفعالية في تحقيق العدالة.
[1] The Hague Group, “Inaugural Joint Statement”, 31/1/2025, https://thehaguegroup.org/.
[2] ICJ,” LEGAL CONSEQUENCES OF THE CONSTRUCTION OF A WALL IN THE OCCUPIED PALESTINIAN TERRITORY”, 9/7/2004.
[3] الأمم المتحدة,محكمة العدل الدولية: استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني”، يوليو 2024. تاريخ الاطلاع 2/2/2025. متاح على:https://news.un.org/ar/story/2024/07/1132716
[4] United Nations, “ICC issues arrest warrants for Benjamin Netanyahu and YoavGallant”,21/11/2024.
[5] ICJ, “ALLEGED BREACHES OF CERTAIN INTERNATIONAL OBLIGATIONS IN OCCUPIED PALESTINIAN TERRITORY (NICARAGUA v. GERMANY)”, 30/4/2024
[6] Convention on Prevention and Punishment of the Crime of Genocide, UN GeneralAssembly, 9/12/194.
[7] Resolution 418 (1977) / adopted by the Security Council, 4/11/1977. United Nations Digital Library.
[8] Resolution 591 (1986) / adopted by the Security Council, 28/11/1986. United Nations Digital Library.
[9] قرار الجمعية العمومية، 8 سبتمبر 2024.
[10] The Hague Group, Op-Cit.
[11] ICC arrest warrants, Op-Cit.
[12] The Hague Group, Op-Cit.
[13] Journal عرب،”مجموعة لاهاي: تحالف دولي لمحاسبة إسرائيلوتعزيز القانون الدولي”، ٣ فبراير ٢٠٢٥، https://arab-j.net/29188، ت.د ٤ فبراير ٢٠٢٥.
[14] الجزيرة،” ٩ دول تؤسس “مجموعة لاهاي” لمحاسبة إسرائيل وإنهاء الاحتلال”، ٣١، يناير ٢٠٢٥، https://www.ajnet.me/news/2025/1/31/9-%d8%af%d9%88%d9%84-% ت.د ٤ فبراير ٢٠٢٥.
[15] شهابnews،” تسع دول تشكل “مجموعة لاهاي لدعم فلسطين”، ٢ فبراير ٢٠٢٥، https://shehabnews.com/post/140562/%D8%AA%D8%B3%D8%B9-%D8%AF%D9%88%D9، ت.د ٤ فبراير ٢٠٢٥.
[16] المرجع السابق.
[17] المرجع السابق.
[18] المرجع السابق.
[19] NNالوكالة الوطنية للاعلام ،” المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن حيا حكومات “مجموعة لاهاي” لمحاسبة الكيان الصهيوني ودعا الحكومات العربية والاسلامي للانضمام اليها”، ٣ فبراير ٢٠٢٥، https://nna-leb.gov.lb/ar/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/، ت.د ٤ فبراير ٢٠٢٥.
[20]المرجع السابق.
[21] المصري اليوم،” مجموعة لاهاي تقود حملة لتثبيت قرارات الجنائية الدولية بشأن إسرائيل”، ١ فبراير ٢٠٢٥، https://www.almasryalyoum.com/news/details/3366710 ت.د ٤ فبراير ٢٠٢٥.
[22] COUNCIL on FOREIGN RELATIONS, “The Role of the ICC”,22/11/2024, https://www.cfr.org/backgrounder/role-icc
[23] المرجع السابق.
[24] ARABIC.NEWS.CN، “تقرير إخباري: تصريحات ترامب بشأن غزة تثير انتقادات واسعة في أوروبا”، ٦ فبراير ٢٠٢٥، https://arabic.news.cn/20250206/3fbd9df010124ddf833810cfc9e5f9eb/c.html?utm_source=chatgpt.com، ت.د ٧ فبراير ٢٠٢٥.
[25] المرجع السابق.
[26] اليوم السابع،” مستشار الأمن القومي لترامب: “الجنائية” ليس لديها مصداقية ورد قوى فى يناير”،٢١/١١/٢٠٢٤، https://www.youm7.com/story/2024/11/21/%D9%85%D8%B3%D8%A، ت.د ٢/٤/ ٢٠٢٥
[27] العيدي عوداش،” العدالة الجنائية الدولية بين الواقع والمأمول”، الجزائر: مجلة البحوث والدراسات الإنسانية، ع ١٧، ديسمبر ٢.١٨، ص ١٨٩.
[28] المرجع السابق.
[29] Harry Davies, “International criminal court ICC braces for swift Trump sanctions over Israeli arrest warrants“,The Guardian, 20/1/ 2025,
[30] Human rights watch,”US Sanctions on the International Criminal Court”, 14/12/2020
https://www.hrw.org/news/2020/12/14/us-sanctions-international-criminal-court,4/2/2025
[31] مرجع سبق ذكره
[32] خالد مصطفى، “السيسي يرفض تهجير الفلسطينيين: «هقول إيه للرأي العام المصري؟! »”،المصري اليوم، 29/1/2025. تم الاطلاع 5/2/2025
https://www.almasryalyoum.com/news/details/3364640
[33] “Egypt’s support for South Africa’s ICJ case to give greater momentum to Palestinian cause: South African FM”, SIS, 14/5/ 2024. https://sis.gov.eg/Story/192813/Egypt’s-support-for-South-Africa’s-ICJ-case-to-give-greater-momentum-to-Palestinian-cause-South-African-FM/?lang=en-us
[34] Council of Ministers, “Government of Spain approves recognition of the State of Palestine”, La Moncloa, 28/5/2024. https://www.lamoncloa.gob.es/lang/en/gobierno/councilministers/paginas/2024/20240528-council-press-conference.aspx
[35] Institutional declaration by the President of the Government of Spain, Pedro Sánchez, on the recognition of the State of Palestine, La Moncloa, 28/5/2024. https://www.lamoncloa.gob.es/lang/en/presidente/news/Paginas/2024/20240528-declaration-palestine.aspx#:~:text=As%20I%20have%20said%20before,have%20the%20best%20possible%20relationship
[36] Seb Starcevic, “Spain to join South Africa’s genocide case against Israel”, Politico.eu, 6 June 2024. Accessed 3/2/2025. https://www.politico.eu/article/spain-joins-south-africas-genocide-case-israel/
[37] International Court of Justice, Declaration of Intervention filed by Spain.
[38] “Nicaragua breaks diplomatic ties with Israel amid ongoing Gaza war”, AlJazeera, 12/10/2024. Accessed2/2/2025.https://www.aljazeera.com/news/2024/10/12/nicaragua-breaks-diplomatic-ties-with-israel-amid-ongoing-gaza-war
[39] Presidency of the Republic of Türkiye, “President Erdoğan: ‘Israel’s policy of genocide, occupation, and invasion must come to an end’”,7/10/2024. https://www.iletisim.gov.tr/english/haberler/detay/president-erdogan-israels-policy-of-genocide-occupation-and-invasion-must-come-to-an-end
[40] Reuters, “Turkey’s Erdogan condemns Israeli police raid on Al-Aqsa Mosque”, 5/4/2023. Accessed 3/2/2025.
[41] International Court of Justice, Declaration of Intervention filed by the Republic of Türkiye.
[42] Fernando Heller, “Spanish left and right divided over Israel-Palestine”, October 2023. Accessed 3/2/2025.https://www.euractiv.com/section/politics/news/spanish-left-and-right-divided-over-israel-palestine/
[43] Mateo Martínez Zubillaga, “Spain-Israel: The complexity of arms trade when a conflict is underway”, November 2024. https://www.unav.edu/web/global-affairs/spain-israel-the-complexity-of-arms-trade-when-a-conflict-is-underway
[44] Marshall Yurow, “Evolving Relationships: Nicaragua, Israel, and the Palestinians”, Latin American Perspectives, Vol.46, No.3, May 2019. Pages (149-163).
[45] US Embassy in Nicaragua, Statement by Antony J. Blinken,
8 November 2021. https://ni.usembassy.gov/nicaraguas-undemocratic-election/
[46] Marshall Yurow, Op-Cit.
[47] Republic of Türkiye, Economic and Commercial Relations with Israel. https://www.mfa.gov.tr/economic-and-commercial-relations-with-israel.en.mfa
[48] David Pollock, “Shifting East Mediterranean Tides: From Conflict to Club Med?”, The Washington Institute for Near East Policy May 2022. Accessed 3/2/2025.
[49] العيدي عوداش،” العدالة الجنائية الدولية بين الواقع والمأمول”، مرجع سبق ذكره، ص ١٧٣، ص ١٧٨.
[50] المرجع السابق، ص 183، ص 186.
[51] العيدي عوداش،” العدالة الجنائية الدولية بين الواقع والمأمول”،مرجع سبق ذكره، ص 188.
[52] الأمم المتحدة،” المحكمة الخاصة بسيراليون المدعومة من الأمم المتحدة تصدر حكما تاريخيا بإدانة رئيس ليبريا السابق للمساعدة في ارتكاب جرائم حرب”،٢٦ ابريل ٢٠١٢،
https://news.un.org/ar/story/2012/04/158072، ت.د ٤ فبراير ٢٠٢٥.
[53] العيدي عوداش،” العدالة الجنائية الدولية بين الواقع والمأمول”،مرجع سبق ذكره، ص ١٩١، ص ١٩٢.
[54] SKY news عربية،”إنهاء عمل المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال الحريري”، ١ يناير ٢٠٢٤،
https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1681678-%D8%A7%D9%95%D9، ت.د ٤ فبراير ٢٠٢٥.
[55] DW ،”محكمة جرائم الحرب .. تصعيد التوتر بين كوسوفو وصربيا”، ٧ ابريل ٢٠٢٣، https://www.dw.com/ar/%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%، ت.د ٤ فبراير ٢٠٢٥.