مكافحة الإرهاب في الصومال: جهود دولية وحضور أمريكي

إعداد: آلاء محمد حسن – باحثة متدربة ببرنامج دراسات التطرف.
مراجعة: أحمد سلطان – مسئول برنامج دراسات التطرف بالمركز.
مقدمة:
تعد الحروب الأهلية والظروف المؤدية لها من أبرز أسباب انتشار الإرهاب إذ تصاحبها عادة نزاعات قبلية بين العشائر وبعضها أو بينها وبين الحكومة، وعندما تشعر بعض القبائل بالتهميش السياسي والاقتصادي في تلك الظروف قد تلجأ إلى التسلح بغرض الاستيلاء على السلطة، فمنذ ثمانينيات القرن العشرين شهد الصومال ظروفًا سياسية متوترة كان من أبرزها الإطاحة بالرئيس الصومالي كمحمد سياد بري”، في 1991 والذي أحدث فراغًا أمنيًا وسياسيًا تصاعدت معه الانتماءات الأولية للعشائر الصومالية وتحولت المنافسة بينها إلى نزاع مسلح، أدى إلى حرب أهلية استمرت من العام 1991 وحتى 1996 وأمام عجز الجيش الوطني عن السيطرة على المسلحين برزت التنظيمات الإرهابية الأكثر تهديدًا للصومال والدول المجاورة لها، وعلى رأسها حركة الشباب التي كانت من قبل جزءًا من اتحاد المحاكم ثم أعلنت ولائها لتنظيم القاعدة منذ العام 2012. وانفصل عن حركة الشباب جماعة أصغر يقودها “عبد القادر مؤمن” أعلنت انضمامها للشبكة العالمية لتنظيم داعش في عام 2015 ضمن شبكة التنظيم الدولية.
أولًا: إرهاب عابر للحدود: ما بين التداعيات الإقليمية والدولية:
بالنسبة لعدد كبير من القوى الإقليمية والدولية يُعَد الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي واحدًا من الأولويات الاستراتيجية لتلك الفاعل، ولهذا يمثل الإرهاب العابر للحدود في الصومال مثل حركة الشباب وتنظيم داعش تهديدًا لمصالح وأمن تلك الدول بجانب تهديده المباشر للصومال.
١.التهديد الإقليمي
على المستوى الإقليمي تأتي كينيا وإثيوبيا نتيجة للحدود الطويلة لكليهما مع الصومال كأكبر المتأثرين من خطر التنظيمات الإرهابية الصومالية. ففي إثيوبيا استغل تنظيم داعش اللاجئين من قومية “الأورومو” الإثيوبية عن طريق كتاباته الصادرة باللغة الأمهرية والتحالف غير الرسمي مع الجماعات المسلحة في إقليم أوروميا لتسهيل انتشاره داخل إثيوبيا.[1]
ويتراجع تأثير داعش في كينيا مقارنة بالتهديد الذي يمثله لإثيوبيا؛ إذ تعتبر حركة الشباب هي التنظيم المسلح الصومالي الأكثر تهديدًا لكينيا وذلك منذ التدخل الكيني في الصومال عام 2011 لمواجهة خطر الحركة. بالإضافة إلى إن الحدود الممتدة بين كينيا والصومال وأعداد الصوماليين الكبيرة داخل كينيا، قد يسّرت عملية تجنيد الأفراد لصالح حركة الشباب واستخدامهم في تنفيذ العمليات الإرهابية داخل كينيا. وفي سياق متصل، يمكن إسناد انتشار حركة الشباب داخل كينيا بشكل يفوق انتشارها داخل إثيوبيا بالرغم من وجود كلا الدولتين على حدود الصومال إلى الوضع السياسي والاقتصادي للمسلمين في كينيا، والذي يصفه المسلمون الكينيون أحيانًا بالاستبعاد والتهميش من المشاركة الفعلية، حيث يُعد ذلك عاملًا مؤثرًا على انتشار حركة الشباب داخل كينيا، وذلك عن طريق استغلال هذه الظروف لتعبئة المسلمين ضد الحكومة وتسهيل تمدد الحركة داخل كينيا. هذا فضلًا عن عدم إدراك الحكومة الكينية لطبيعة المجتمع القبلي في المناطق الحدودية وأهمية التواصل مع قيادات العشائر الحدودية الصومالية المجاورة إلى ضعف سيطرة قوات الأمن على تلك المناطق. وعليه، تسبب التوتر بين تلك العشائر ودولة كينيا في تيسير عملية اختراق عناصر حركة الشباب للحدود الصومالية الكينية بعد استغلالها لأبناء هذه المناطق، سواء بالتعاون معها أو بعقد تحالفات تضمن عدم التعاون مع الحكومة.[2]
٢.التهديد الدولي:
تبرز الولايات المتحدة الأمريكية كأكثر المنخرطين في عملية مكافحة الإرهاب داخل الصومال، وذلك نظرًا لما يمثله تأمين النفوذ الأمريكي بمنطقة القرن الإفريقي من أهمية بالنسبة لمحددات السياسة الخارجية الأمريكية. هذا فضلًا عن أن الصومال يضم أحد أفرع تنظيم داعش الذي تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية محاربته ضمن أهداف الأمن القومي الأمريكي، فمنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر تحول مفهوم الرد على التهديد الإرهابي للولايات المتحدة وأصبح يتضمن ضرورة توجيه الضربة الاستباقية للأهداف محتملة التهديد دون انتظار تعرض أمريكا للهجوم. وعلى صعيد الاقتصاد فإن عدم الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي يهدد منابع النفط التي ترتبط مباشرة بمصالح أمن الطاقة الأمريكية، فضلًا عن ما يضمنه التواجد الأمريكي في تلك المنطقة من وضع استراتيجي لها بين القوى الدولية المتنافسة في شرق إفريقيا بالقرب من ممرات الملاحة الدولية.[3]
ثانيًا: جهود مكافحة الإرهاب
في ظل حالة عدم الاستقرار التي تشهدها الصومال، تدخلت أطراف دولية وإقليمية للسيطرة على انتشار الإرهاب في منطقة القرن الإفريقي. بدايًة على المستوى الداخلي، تتبني حكومة الصومال استراتيجية لمواجهة التنظيمات الإرهابية واستعادة الأمن، وذلك من خلال التنسيق بين قوات الجيش والميليشيا المحلية “معويسلي” عبر دعم الحكومة لانتفاضة العشائر ضد تنظيم حركة الشباب، مما أدى لخسارة التنظيم حرية الحركة التي كان يتمتع بها في وسط البلاد.[4]
وإلى جانب الجهود المحلية لدولة الصومال تدخلت مجموعة من الدول المجاورة لها مثل كينيا وإثيوبيا وإريتريا، باعتبارها الدول الأكثر تعرضًا لخطر إرهاب داعش وحركة الشباب. في سياق متصل، ومنذ بداية الحرب الصومالية على الإرهاب قدمت الحكومة الإثيوبية مساعدات عسكرية للسكان في منطقة هيران لمواجهة حركة الشباب. وكذلك قدمت إريتريا الدعم بالتدريب والتأهيل للجنود الصوماليين قبل إعادة توزيعهم داخل الصومال.
في حين أنه على المستوى الدولي، تدخلت القوى الدولية في إطار جماعي تحت مظلة الأمم المتحدة من خلال بعثة الإتحاد الإفريقي الانتقالية (ATMIS)، التي انتهت مهمتها في ديسمبر 2024 وانتقلت أعمالها إلى القوات الصومالية. وقد كانت العمليات العسكرية للجيش الوطني التي كثفتها الحكومة الصومالية وبعثة الإتحاد الإفريقي خلال عام 2024 سببًا لتزايد هجمات حركة الشباب، وإلى جانب الجهود الحكومية في مكافحة الإرهاب تزايدت جهود المنظمات غير الحكومية في الدول المجاورة للصومال مثل مؤسسة “وومان-كايند كينيا Womankind Kenya” في تأهيل سكان المناطق الحدودية بين البلدين لمواجهة انتشار الأفكار المتطرفة والتهديدات الإرهابية بين السكان.[5]
ثالثًا: الدور الأمريكي في الصومال
يتسم دور الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب بالتنوع ما بين الدعم السياسي والعسكري واللوجستي والاستخباراتي للحكومة الصومالية وقوات الأمن. وفي هذا السياق، يتمثل الدعم الاستخباراتي في تزويد قوات الأمن بطائرات مسيرة ترصد تحركات المقاتلين قبل العمليات وفي أثنائها، مما عرقل تنقلات أعضاء تنظيم داعش وحركة الشباب وقدرتهم على الاجتماع وفي نفس الوقت وفرت الطائرات المسيرة غطاءً جويًا للقوات الصومالية في أثناء المعارك. أما على المستوى السياسي فعندما فرضت الحكومة الصومالية عقوبات على الكيانات الاقتصادية والجهات التي عُرف عنها دعم المنظمات الإرهابية ماديًا ساندتها وزارة الخزانة الأمريكية بقرار فرض العقوبات على أي من الأفراد أو الكيانات التي تدعم الإرهاب في الصومال.[6]
وخلال فترة الرئيس ترامب الأولى نُفذت أولى الضربات الجوية الأمريكية ضد مسلحي تنظيم داعش في الصومال منذ إعلانه الانضمام للشبكة العالمية لتنظيم الدولة،[7] وفي عهد الرئيس بايدن وقع البلدين مذكرة تفاهم عسكرية أمنية تسمح للولايات المتحدة ببناء خمس قواعد عسكرية في وسط وجنوب البلاد، أما أحدث الضربات الجوية الأمريكية كانت ما نفذته قوات القيادة الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم” مستهدفة تنظيم داعش يوم السبت 1 فبراير 2025 في كهوف جبال جوليس، والتي أسفرت عن مقتل عددًا من المسلحين وأحد قيادات التنظيم البارزين، ومن الجدير بالذكر، إن هذه هي العملية الأولى خلال الفترة الثانية للرئيس ترامب.[8]
رابعًا: أبعاد الضربة الأمريكية
كانت العملية الأمريكية بمثابة رسالة إلى تنظيم داعش الذي توسع بشكل ملحوظ خلال العام 2024 ونفذ عددًا من العمليات داخل الصومال وخارجها، وكان آخرها هجوم 31 ديسمبر 2024 في منطقة بونتلاند الذي نتج عنه مقتل 20 من أفراد الحكومة أعلن التنظيم مسؤوليته عنهم.[9]
في سياق متصل، ومن خلال التطرق إلى دلالات استهداف التنظيم حاليًا، يتضح أنه على الرغم من محدودية نفوذه مقارنة بحركة الشباب، إلا أنه يرتبط بشبكة التنظيم العالمية. فضلًا عن اتخاذ داعش من الصومال مقرًا لأحد مكاتب التنظيم الرئيسية والمسؤولة عن عمليات تعبئة الموارد المالية وإعادة توزيعها على شبكة التنظيم في القارة الإفريقية.[10] كما تحمل الضربات الجوية الأمريكية دلالة تتعلق بسياسة الرئيس “ترامب”، بشكل خاص فبعد أن كان خلال فترته الأولى يسعى لإخراج القوات الأمريكية من الصومال، وهو القرار الذي تراجعت عنه إدارة بايدن. بدأ فترته الثانية بهذه العملية الجوية على مقرات تنظيم داعش، وهو ما قد يشير إلى مراجعة الإدارة الأمريكية لموقفها من التدخل المباشر في الصومال وغيرها من دول إفريقيا بعد تنامي النفوذ الصيني والروسي في القارة الإفريقية، فأصبح التواجد الأمريكي والحفاظ على العلاقة مع الحكومات الإفريقية مسألة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ومكانتها بين القوى الدولية.[11]
ووفق ما جاء في تصريحات الرئيس الأمريكي على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي، فإن هذه الضربات مثلت تأكيدًا على موقف الولايات المتحدة من التنظيمات التي تهدد مصالح الولايات المتحدة أو حلفائها،[12] وتحمل تصريحاته أيضًا دلالة سياسية موجهة للداخل الأمريكي بأن إدارة ترامب أكثر قدرة على حماية الولايات المتحدة وتأمين مصالحها الاستراتيجية بالخارج مقارنة بالإدارة السابقة.
خامسًا: تحديات أمام مكافحة الإرهاب في الصومال
تواجه الأطراف المنخرطة في عملية مكافحة الإرهاب بالصومال عقبات عديدة تجعل من المهمة في حد ذاتها تحديًا أمام عودة الاستقرار إلى الصومال ومن هذه التحديات ما يلي:
١.الخوف من الانتقام
ويتمثل فيما تمارسه التنظيمات الإرهابية من ردود أفعال إرهابية بدوافع انتقامية ضد المدنيين في حال اكتشاف تعاونهم مع الحكومة ضد التنظيمات الإرهابية، هذا الأمر الذي يزيد من تعقيد الوضع في القرى والمناطق الحدودية، إذ يجد الأهالي أنفسهم بعد مغادرة القوات الحكومية في مواجهة خطر التنظيمات المسلحة. هذا بالإضافة إلى انضمام عدد من السكان إلى هذه التنظيمات، وذلك لما يوفره الانضمام والتعاون مع هذه التنظيمات من مزايا مادية وحماية لأفرادها ضد التنكيل الذي تمارسه الجماعات الإرهابية بالسكان.[13]
٢. فقدان الثقة بالقوات الأجنبية
تواجه الحكومة الصومالية تحديًا وطنيًا يتمثل في الرفض الشعبي لوجود القوات الأجنبية داخل الصومال، إذ تتعامل طائفة كبيرة من المجتمع الصومالي مع هذه القوات باعتبارها قوات احتلال وتتردد في التعاون معها فضلًا عن الثقة بها، ونتيجة لما يلحق بالمدنيين من تدمير في أثناء عمليات مكافحة الإرهاب، والفساد الذي يصيب بعض عناصر الجيش الوطني والحكومة تتراجع ثقة المواطنين بالقوات النظامية وبالحكومة وحلفائها وقد يندفع بعض هؤلاء المتضررين إلى التحالف مع المسلحين من داعش أو الشباب رغبة في الانتقام من القوات الأجنبية.[14]
٣.هشاشة الدولة وإعادة البناء
بعد المواجهة بين القوات النظامية والميليشيات المسلحة في مواقع انتشارها تغادر القوات الوطنية دون خطة حكومية فعالة تعيد تأهيل السكان أو الأراضي المستردة من الجماعات الإرهابية بما يضمن تأمينها ضد عودة الإرهاب إليها مرة أخرى، وهو ما يدفع بعض هذه العشائر لعقد تفاهمات مع التنظيمات الإرهابية تجنبًا للتنكيل بهم. وهذا الواقع يرتبط بحالة الهشاشة التي تعاني منها الدولة الصومالية وتمنعها من مواجهة حركة الشباب وتنظيم القاعدة بفاعلية دون مساعدات خارجية.
وفي ظل التحديات التي تواجه عملية مكافحة الإرهاب تظهر احتمالات متعددة لما يمكن أن يتجه إليه الوضع في الصومال، فبين احتمالات نجاح مكافحة الإرهاب بالقضاء على التنظيمات المسلحة أو تحجيم انتشارها كمرحلة أولية، وبين فشل الحملة التي تضم أطراف دولية وإقليمية مختلفة في مواجهة الإرهاب داخل الصومال ومنطقة القرن الإفريقي، تبقى ضرورة تعزيز الوفاق بين طوائف المجتمع الصومالي وبناء مؤسسات الدولية عاملًا جوهريًا في تحديد ما قد يؤول إليه الصومال في المستقبل.
سادسًا: السيناريوهات المحتملة:
١.سيناريو نجاح جهود مكافحة الإرهاب.. تحجيم الانتشار
يتمثل هذا السيناريو في تمكن القوات الصومالية والأطراف الداعمة لها من محاصرة تمدد حركة الشباب وما لها من نفوذ يفوق ما لتنظيم داعش داخل الصومال، وذلك عن طريق تعزيز التعاون الأمني بين الصومال ودول الجوار مثل كينيا وإثيوبيا، واستمرار مساندة القوات الصومالي من قِبل بعثة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وبالنسبة لتنظيم داعش الأقل انتشارًا فيعتمد تحجيم نفوذه على توحيد الجبهة الداخلية في ولاية بونتلاند من خلال التعاون بين العشائر والسلطة المحلية وتجاوز الخلافات السياسية الداخلية. ومما يرجح تحقيق هذا السيناريو أن يؤدي التحالف الدولي والتنسيق مع الجيش الوطني وقوات الأمن بجانب الضربات الأمريكية التي بدأت في فبراير -وقد تتكرر في المستقبل القريب- إلى إضعاف قدرات التنظيمات الإرهابية الصومالية وتحجيم انتشارها داخل الصومال. ويعيق تحقق هذا السيناريو أن يؤدي غياب التنسيق بين الجهات المنخرطة في مكافحة الإرهاب إلى استغلال حركة الشباب انشغال الجيش الصومالي والقوى الدولية بمواجهة داعش، فتستمر الحركة بالتمدد داخل الصومال وتهديد دول الجوار، ومما يعرقل تطبيق هذا السيناريو أيضًا أن يسعى تنظيم داعش إلى الانتقال خارج الصومال لتجنب الاستهداف المباشر وإعادة تعبئة موارده.
٢. سيناريو فشل الحملة الحالية على الإرهاب
في هذا السيناريو تستمر التنظيمات الإرهابية الصومالية في التواجد والتهديد سواء للصومال أو الدول المجاورة لها. وقد تتمكن هذه التنظيمات من ضم أراضي جديدة في ظل هشاشة الدولة ومؤسساتها. ويرجح هذا السيناريو ما يعاني منه الجيش الصومالي وقوات الأمن المعنية بمكافحة الإرهاب من ضعف يجعلها غير قادرة على تحمل المهمة في ظل تراجع دعم الإتحاد الإفريقي مع انتهاء تفويض بعثة أتميس، في حين يعيق تحقق هذا السيناريو أن تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من خلال قواتها “أفريكوم” أو الجهود الدولية الأخرى من خلال بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة “AUSSOM” التي باشرت عملها مع بداية 2025 ولمدة عام بتفويض مجلس الأمن من هزيمة داعش في الصومال، ومنع الإمدادات والموارد التي تدعم التنظيم.
٣.سيناريو التصالح الوطني
يعتمد هذا السيناريو على نجاح الرئيس “حسن شيخ محمود” في التوصل إلى مصالحة وطنية من خلال تحقيق تطلعات الشعب الصومالي والحوار مع منظمات المجتمع المدني حول إجراء انتخابات مباشرة، والالتزام بعملية إعادة البناء لمؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية. ويرجح تحقق هذا السيناريو أن تحسن الحكومة الصومالية استغلال التحالف مع العشائر في هذه الحرب لتفكيك تحالفات القوى المجتمعية مع حركة الشباب وبذلك تضمن نجاح توحيد طوائف المجتمع في مواجهة الإرهاب. في حين يعيق تحقق هذا السيناريو أن الرئيس الصومالي لم ينجح في تحقيق المصالحة الوطنية من قبل برغم استمرار قيام الفكرة لسنوات داخل الصومال، وإلى الآن لم تنجح الحكومة في التغلب على الخلافات بين القبائل حول عدالة توزيع الموارد.
وختامًا: يبقى أمام جهود مكافحة الإرهاب تحديات داخلية وخارجية لا تزال قائمة. فبالداخل تؤثر العوامل الاجتماعية والبنية العشائرية للمجتمع في التعامل مع الحركات الإرهابية وبدون تعزيز الانتماءات المتجاوزة للعشيرة والأيديولوجيا يبقى الصومال غير قادر على التعامل مع تجنيد الحركات الإرهابية لمزيد من المواطنين بين صفوفها، ويبقى الفساد السياسي وسوء إدارة الموارد واستمرار هشاشة الدولة عائقًا أمام ثقة المواطنين في مساعي الحكومة والقوى الدولية المختلفة. وعلى المستوى الخارجي يؤثر التنافس على النفوذ بين القوى الكبرى على عملية مكافحة الإرهاب في الصومال كما ظهر على سبيل المثال، في تحرك الولايات المتحدة المنفرد بعيدًا عن مسار مجلس الأمن وبعثته الإفريقية الجديدة. وأخيرًا يبقى تعزيز التنمية المجتمعية ومحاربة جذور الفكر الإرهابي وضمان المشاركة العادلة لمختلف العشائر الصومالية في عملية صنع السياسة من العوامل الحاسمة في طريق استعادة الاستقرار بالصومال.
[1] هشام بو علي، “من جبال الصومال.. داعش يحيك شبكة نفوذ متصاعد“، الحرة، 2 فبراير 2025، تاريخ الاطلاع: 2 فبراير 2025 متاح على الرابط: https://shorturl.at/RKwxN
[2] Daniel Torbjörnsson,” Explaining the differences in al-Shabaab expansion into Ethiopia and Kenya”, Stockholm: Swedish Defence Research Agency (FOI), 2017.
[3] إيهاب عياد، “الأمن الجيوسياسي للقرن الإفريقي وديناميات القوى الفاعلة: الآفاق المستقبلية لإعادة الصياغة الجيوسياسية“ مجلة كلية السياسة والاقتصاد، ع11، 2021. ص ص 11: 13
[4] سكاي نيوز عربية، “الصومال.. لهذه الأسباب قاتلت “معويسلي” حركة الشباب”،18 مارس 2024، متاح على: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1700598
[5] ADF،” مؤسسة كينية غير حكومية تسعى لتعزيز الأمن على جانبي الحدود مع الصومال”، ADF، 2 يوليو2024، متاح على: https://shorturl.at/LEl3v .
[6] عبد القادر محمد علي، “حرب الصومال الشاملة على حركة الشباب.. الإنجازات والتحديات”، الجزيرة، 28 مارس2024، متاح على: https://aja.ws/xgofo4 .
[7] العربية، “تاريخ تدخلات أمريكا العسكرية بالصومال منذ 33 عامًا”، 2 فبراير2025، متاح على: https://ara.tv/uv3et .
[8]“Secretary of Defense Pete Hegseth Statement on U.S. Africa Command Strikes in Somalia”, US Department of Defense, Feb.1,2025, accessed on: Feb.3, 2025, Available at: https://www.defense.gov/News/Releases/Release/Article/4050461/secretary-of-defense-pete-hegseth-statement-on-us-africa-command-strikes-in-som/
[9] منى قشطة، “عملية نوعية: دلالات هجوم داعش على ولاية بونتلاند في الصومال”، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، 2 فبراير2025، تاريخ الاطلاع: 3 فبراير 2025، متاح على: https://ecss.com.eg/51303/.
[10] International Crisis Group, “The Islamic State in Somalia: Responding to an Evolving Threat”, Sept.12,2024, accessed on: Feb.3, 2025, available at: The Islamic State in Somalia: Responding to an Evolving Threat | Crisis Group.
[11] أحمد عسكر، “حدود الاستمرارية والتغير في سياسة ترامب تجاه أفريقيا”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 6فبراير2025، تاريخ الاطلاع: 6فبراير2025،متاح على الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21351.aspx .
[12] CNN, وزير الدفاع الأمريكي يعقّب على نتائج الضربة في الشرق الأوسط بعد صدور أمر ترامب”، 2فبراير2025، تاريخ الاطلاع: 3 فبراير 2025 متاح على الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2025/02/02/secretary-of-defense-pete-hegseth-statement-on-us-africa-command-strikes-in-somalia
[13] عبد القادر محمد علي، مرجع سابق.
[14] أميرة محمد عبد الحليم، “سياسات مكافحة الإرهاب في الصومال”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 19فبراير2018، تاريخ الاطلاع: 4 فبراير 2025، متاح على الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/16544.aspx