التنمية المستدامة والطاقة

قرارت ولاية ترامب الثانية وآثارها على أهداف العمل المناخي الأميركي

إعداد: أحمد محمد إبراهيم – محمد محمود البرلسي- نورهان مصطفى أحمد – باحثين متدربين ببرنامج التنمية المستدامة والطاقة.
مراجعة: د. مي أحمد – مسئول برنامج التنمية المستدامة والطاقة.

المقدمة:

في عالم يتسارع فيه التغير المناخي بوتيرة غير مسبوقة، أصبحت السياسات المناخية محورًا أساسيًا في النقاشات الدولية. تصاعدت المخاوف بشأن التغير المناخي باعتباره أحد أبرز التحديات التي تواجه البشرية، مما دفع الدول إلى التكاتف في إطار مشترك لمواجهة خطر يتجاوز الحدود الوطنية.

برزت اتفاقية باريس للمناخ كأحد أهم الإنجازات العالمية في هذا الصدد، إذ مثلت دعوة جماعية للعمل على الحد من آثار الاحتباس الحراري، وتعزيز الاستدامة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري عبر التحول إلى الطاقة النظيفة. ففي عام 2015، اجتمع قادة العالم لوضع إطار عمل يهدف إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين.

ومع ذلك، فإن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية للمرة الثانية – وهي أكبر اقتصاد في العالم وثاني أكبر مصدر للانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري – أثار تساؤلات حول العواقب البيئية والاقتصادية والسياسية لهذا القرار. ونظرًا للتأثير الكبير للولايات المتحدة في تشكيل السياسات البيئية العالمية، فإن النهج المناخي الذي تبناه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القائم على تعزيز استخدام الوقود الأحفوري، ستكون له تبعات كبيرة ليس فقط على البيئة والاقتصاد، ولكن أيضًا على الصعيد السياسي، حيث قد يعيد تشكيل دور القيادة العالمية في توجيه الجهود الدولية لمكافحة التغير المناخي.

في هذا الموضوع، سنقدم عرضًا وافيًا يتناول المحاور التالية:

ا-جذور قضية تغير المناخ – استعراض الاتفاقيات الدولية لقضايا المناخ.

ب-دور الولايات المتحدة في المفاوضات الدولية حول ملف المناخ.

ج-تطور الموقف الأمريكي بشأن ملف المناخ منذ التسعينيات ودورها في تشكيل اهداف العمل المناخى.

د-الآثار البيئية والاقتصادية والسياسية للقرارات الأمريكية – الولاية الثانية 2025.

ه-ردود الفعل الدولية على تلك القرارات. الامريكية

المحور الأول التغيرات المناخية المفهوم والأسباب

تعد التحولات البيئية أمرًا بالغ الأهمية، وخاصة في الآونة الأخيرة، حيث تُعد قضية تغير المناخ أحد أبرز التحديات التي تواجه البشرية في عصرنا الحالي، إذ تمتد الآثار العالمية لتغير المناخ إلى مجالات متعددة، بدءًا من التحولات الكبيرة في أنماط الطقس التي تهدد الأمن الغذائي، وصولًا إلى ارتفاع مستويات البحار الذي يزيد من مخاطر الفيضانات الكارثية. إذا لم نتحرك الآن بشكل جذري، فإن التكيف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر تعقيدًا وتكلفة في المستقبل.

أولًا مفهوم التغيرات المناخية:

تُعد الغازات المسببة للاحتباس الحراري[1] جزءًا أساسيًا من الغلاف الجوي، حيث تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على حرارة الأرض، مما يجعلها ملائمة للحياة. تعمل هذه الغازات على احتجاز جزء من أشعة الشمس وتعكسها إلى الفضاء، ومع ذلك، فإن الأنشطة البشرية على مدار أكثر من ١٥٠ عامًا، مثل التصنيع وإزالة الغابات والزراعة المكثفة، أدت إلى زيادة غير مسبوقة في مستويات هذه الغازات في الغلاف الجوي، مما لم نشهده منذ ملايين السنين. وبينما تستمر الاقتصادات في النمو وترتفع مستويات المعيشة، تواصل انبعاثات غازات الدفيئة ارتفاعها بشكل متزايد. يُعبر تغير المناخ عن التغيرات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس، والتي يمكن أن تكون نتيجة طبيعية لتغيرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبرى. ومع ذلك، منذ القرن التاسع عشر، أصبحت الأنشطة البشرية العامل الأساسي وراء هذا التغير، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، مما يؤدي إلى انبعاث غازات دفيئة تشكل غلافًا حول الأرض، يحبس الحرارة ويسبب ارتفاعًا مستمرًا في درجات الحرارة. إن فهم هذه الديناميكيات المعقدة ضروري لتطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة تحديات تغير المناخ والتخفيف من آثاره السلبية على كوكبنا.

وتوجد بعض القواعد العلمية الاساسية تثبت هذه الظواهر- كما يلى:[2]

– تظهر الدراسات العلمية وجود علاقة وثيقة بين مستويات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي للأرض ومتوسط درجات الحرارة العالمية منذ بداية الثورة الصناعية شهدت تركيزات هذه الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان زيادة ملحوظة تتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة على كوكبنا تعود هذه الزيادة إلى الأنشطة البشرية بما في ذلك حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي) وإزالة الغابات والتوسع الزراعي( تُعتبر غازات الدفيئة ضرورية للحفاظ على حرارة الأرض حيث تعمل على امتصاص الإشعاع الحراري المنبعث من سطح الأرض وإعادته نحو السطح، مما يؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري. ومع ذلك، فإن الزيادة المستمرة في تركيز هذه الغازات تعزز من تأثير الاحتباس الحراري مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق.
-تشير البيانات المناخية إلى أن متوسط درجات الحرارة العالمية قد ارتفع بشكل كبير منذ القرن التاسع عشر حيث يُعزى هذا الارتفاع إلى تراكم غازات الدفيئة في الغلاف الجوي هذا التغير المناخي له آثار واسعة النطاق على النظم البيئية والموارد الطبيعية مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات هذه الغازات وتحقيق الاستدامة البيئية، فعلى مدى أكثر من مئة عام أسفرت الأنشطة البشرية وخاصة حرق الوقود الأحفوري والاستخدام غير المستدام لموارد الطاقة والأراضي عن ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار ١.١ درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل العصر الصناعي هذا الارتفاع في درجات الحرارة ليس مجرد رقم بل هو مؤشر على تغييرات مناخية عميقة تؤثر بشكل متزايد على كوكب الأرض ترافق هذا التغير في المناخ مع زيادة ملحوظة في وتيرة وشدة الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الأعاصير القوية، الفيضانات المدمرة، وموجات الحرارة الشديدة هذه الظواهر لا تؤثر فقط على البيئة، بل لها تأثيرات خطيرة على النظم البيئية والأنشطة الإنسانية مما يؤدي إلى تهديد الأمن الغذائي والمائي وزيادة مخاطر الكوارث الطبيعية وتدهور صحة الإنسان علاوة على ذلك فإن التغيرات المناخية تؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي وتدهور المواطن الطبيعية، مما يضع العديد من الأنواع في خطر الانقراض. كما أن المجتمعات الضعيفة، خاصة في الدول النامية تعاني بشكل خاص من هذه التغيرات بسبب نقص الموارد والقدرة على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة.
بالتالي، يتطلب الوضع الحالي اتخاذ إجراءات عاجلة وشاملة للتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة وتعزيز استراتيجيات التنمية المستدامة. من الضروري أن نفهم العلاقة المعقدة بين الأنشطة البشرية والتغيرات المناخية لتطوير حلول فعالة تضمن حماية كوكبنا وضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة.[3]

تؤدي الزيادة المستمرة في درجات الحرارة العالمية إلى تفاقم المخاطر البيئية والصحية بشكل متسارع إذ أن ارتفاع درجات الحرارة يعزز من تكرار وشدة الظواهر المناخية المتطرفة، مثل موجات الحر الشديدة والأمطار الغزيرة، مما ينعكس سلباً على صحة الإنسان وسلامة النظم الإيكولوجية في مختلف أنحاء العالم، يتسبب التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة في زيادة معدلات الوفيات، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفاً مثل كبار السن والأطفال علاوة على ذلك، فإن التغير المناخي يسهم في تفاقم قضايا الأمن الغذائي والمائي مع ارتفاع درجات الحرارة، تتأثر المحاصيل الزراعية بشكل سلبي مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية وزيادة أسعار الغذاء كما أن توافر المياه العذبة يصبح أكثر تحدياً، حيث تتعرض مصادر المياه للتجفيف أو التلوث، مما يزيد من صعوبة الحصول على المياه اللازمة للزراعة والشرب وتتضاعف هذه التحديات عندما تتزامن مع أزمات أخرى، مثل انتشار الأوبئة أو النزاعات المسلحة. فالأوبئة قد تؤدي إلى تفشي الأمراض في ظل ظروف صحية متدهورة، بينما النزاعات يمكن أن تعرقل جهود الإغاثة وتوزيع الموارد وبالتالي، فإن التعامل مع هذه المخاطر المتزايدة يتطلب استراتيجيات شاملة ومتكاملة تأخذ بعين الاعتبار التفاعلات المعقدة بين تغير المناخ، والعوامل الاجتماعية، والاقتصادية، والصحية.[4]

وفي هذا العقد يكتسي التعجيل بالإجراءات الرامية إلى التكيف مع تغير المناخ أهمية أساسية لسد الفجوة بين مستويات التكيف الحالية ومستويات التكيف المطلوبة وفي الوقت نفسه يتطلب إبقاء مستوى الاحترار العالمي دون ١.٥درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي إحداث تخفيضات سريعة وحادة ومستديمة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في كل القطاعات وينبغي أن يبدأ خفض الانبعاثات الآن إذ سيتعين خفضها بمقدار النصف تقريبا بحلول عام ٢٠٣٠ حتى لا يتجاوز مستوى الاحترار العالمي ١.٥ درجة مئوية.[5]

ثانيًا أسباب مشكلة التغير المناخي :

منذ بدايات علم الجيولوجيا، كان العلماء واعين للتغيرات المستمرة في مناخ الأرض وفي أوائل القرن التاسع عشر، بدأ الباحثون في دراسة العلاقة بين الأنشطة البشرية والتغير المناخي، حيث اقترحوا أن البشر يمتلكون القدرة على التأثير على المناخ العالمي من خلال انبعاث الغازات الدفيئة. هذه الغازات، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، تمتاز بخصائصها التي تسمح لها باحتجاز الحرارة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ظاهرة تُعرف باسم الاحتباس الحراري تدعم الأبحاث العلمية هذه الفكرة، حيث أظهرت أن الأنشطة الصناعية والزراعية والنقل قد أدت إلى زيادة ملحوظة في تركيز هذه الغازات في الغلاف الجوي نتيجة لذلك، بدأت درجات الحرارة العالمية في الارتفاع، مما أثر على أنماط الطقس والأنظمة البيئية بشكل عام. يعد هذا التغيير في المناخ تهديدًا كبيرًا للموارد الطبيعية والحياة على كوكب الأرض، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز الاستدامة البيئية.[6]

في أواخر الستينيات رصد العلماء زيادة سنوية في تركيز ثاني أكسيد الكربون بنسبة ٠.٥% بحلول أواخر السبعينيات تمكنت النماذج الحاسوبية الأولية من تقدير تأثير استمرار ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون على درجات الحرارة القصوى وأنماط هطول الأمطار وارتفاع مستوى سطح البحر وبحلول تسعينيات القرن العشرين أكدت البيانات المناخية المجمعة أن ارتفاع درجات الحرارة خلال القرن العشرين كان أكبر مما كان متوقعًا بسبب التغيرات الطبيعية وفي العقد الماضي تم تأكيد مجموعة واسعة من الأدلة على ما يحدث لمناخ الأرض اليوم وما يعنيه ذلك لمستقبلنا فهناك أدلة قاطعة تشير إلى أن درجة حرارة الأرض ترتفع بمعدل غير مسبوق على الرغم من أن مناخ الأرض شهد تغيرات عبر التاريخ فإن الاحترار الحالي يحدث بمعدل لم يشهد منذ حوالي ١٠٠٠٠ عام يتفق٩٧% من علماء المناخ على أن ارتفاع درجة حرارة الأرض ناجم عن الأنشطة البشرية.
وقد أصدرت جميع المنظمات العلمية الكبرى ذات الصلة بالمناخ بما في ذلك الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والأكاديمية الوطنية للعلوم والجمعية الأمريكية للأرصاد الجوية والاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي والجمعية الأمريكية لتقدم العلوم بيانات توضح أن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري هي المساهم الرئيسي في تغير المناخ مع استمرار البشر في حرق كميات متزايدة من الوقود الأحفوري سنويا  يتم إطلاق كميات أكبر من الغازات المسببة للاحتباس الحراري بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تؤدي هذه الغازات إلى تعزيز تأثير الاحتباس الحراري مما يسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي وقد وثق العلماء وجود مستويات أعلى بكثير من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي مقارنةً بما كانت عليه قبل الثورة الصناعية مما يجعل الأرض أكثر حرارة من أي وقت مضى وقد حدثت تسع من الأعوام العشرة الأكثر دفئًا منذ أن بدأنا في تسجيل درجات الحرارة في عام ١٨٨٠ منذ عام ٢٠٠٥ كما حدثت الأعوام الخمسة الأكثر دفئًا على الإطلاق منذ عام ٢٠١٥.

ثالثًا الاتفاقيات الدولية بشأن التغير المناخي

ا- بروتوكول مونتريال لعام ١٩٨٧

على الرغم من أن بروتوكول مونتريال لم يكن مصممًا بشكل أساسي لمواجهة أزمة تغير المناخ، إلا أنه أرسى أسسًا مهمة للتعاون الدولي في هذا المجال. يُعتبر هذا البروتوكول نموذجًا ناجحًا للاتفاقيات البيئية اللاحقة، حيث حصل على تصديق من قبل معظم دول العالم. وقد ركز البروتوكول على ضرورة الحد من إنتاج المواد الكيميائية التي تؤثر سلبًا على طبقة الأوزون، مثل مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs)، والتي تُستخدم بشكل واسع في التبريد والتكييف. بفضل الجهود المنسقة العالمية بموجب هذا البروتوكول تم تحقيق نجاح كبير في تقليص هذه المواد الضارة، حيث تم القضاء على حوالي 99% منها. هذا النجاح لا يُعتبر فقط إنجازًا بيئيًا، بل يُظهر أيضًا إمكانية تحقيق نتائج إيجابية عند التعاون الدولي لمواجهة التحديات البيئية الكبرى.[7]

ب – اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لعام ١٩٩٢ والمعروفة باسم UNFCCC

تم التصديق على هذه الاتفاقية التاريخية من قِبل ١٩٧ دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، مما جعلها أول معاهدة عالمية تتناول ظاهرة تغير المناخ بشكل مباشر. وقد أُنشئ بموجب هذه الاتفاقية منتدى سنوي يُعرف باسم مؤتمر الأطراف (COP)، والذي يهدف إلى تعزيز النقاشات حول السبل الكفيلة بخفض تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. هذا المنتدى أصبح منصة حيوية لتبادل الأفكار والخبرات بين الدول الأعضاء، مما أدى في النهاية إلى صياغة بروتوكول “كيوتو” و”اتفاق باريس” تُعد هذه الاتفاقيات خطوات حاسمة نحو تحقيق الأهداف العالمية للحد من تأثيرات تغير المناخ، وتوفير إطار عمل للتعاون الدولي لمواجهة التحديات البيئية المتزايدة.[8]

ج – بروتوكول “كيوتو” لعام ٢٠٠٥

تم اعتماد بروتوكول “كيوتو” في عام ١٩٩٧، ودخل حيز التنفيذ في عام ٢٠٠٥، ليصبح بذلك أول اتفاق دولي ملزم قانونيًا بشأن قضايا المناخ. وقد نص البروتوكول على التزام الدول المتقدمة بخفض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة بمعدل ٥% مقارنة بمستويات ١٩٩٠. كما أُنشئ نظام لمراقبة وتقييم تقدم الدول في تحقيق هذا الهدف، مما يعكس أهمية الشفافية والمساءلة في الجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ ومع ذلك كان هناك استثناء بارز في هذا البروتوكول، حيث لم يُلزم الدول النامية، بما في ذلك الدول التي أصبحت من أكبر المساهمين في انبعاثات الكربون مثل الصين والهند، باتخاذ أي إجراءات للحد من هذه الانبعاثات هذا الأمر أثار جدلاً واسعًا حول العدالة البيئية والتوزيع غير المتساوي للأعباء بين الدول المتقدمة والنامية.

نتيجةً لهذا التوجه، قررت الولايات المتحدة عدم التصديق على البروتوكول، على الرغم من توقيعها عليه في عام ١٩٩٨ وقد انسحبت واشنطن من الالتزامات المنصوص عليها في البروتوكول لاحقًا، مشيرةً إلى مخاوفها بشأن التأثيرات الاقتصادية المحتملة والافتقار إلى التزامات مماثلة من قبل الدول النامية. هذه الديناميكيات تُظهر التحديات المعقدة التي تواجه المجتمع الدولي في سعيه لمواجهة ظاهرة تغير المناخ بشكل فعال وعادل.[9]

د-اتفاقية باريس اهم مبادئها والالتزامات الدولية  

يعد تغير المناخ حالة طوارئ عالمية تتجاوز الحدود الوطنية مما يستدعي حلولًا منسقة على جميع المستويات وتعاونًا دوليًا لمساعدة الدول في التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون لمواجهة تغير المناخ وآثاره السلبية تبنت ١٩٧ دولة اتفاق باريس خلال مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين (COP21) في عام ٢٠١٥ والذي دخل حيز التنفيذ في أقل من عام يهدف الاتفاق إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير والحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية خلال هذا القرن إلى أقل من درجتين مئويتين مع السعي لخفض الزيادة إلى١.٥ درجة مئوية.[10]

حتى الآن انضمت ١٩٤ دولة (١٩٣ دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي) إلى اتفاق باريس والذي يفرض على جميع الدول التزامات لخفض انبعاثاتها والتعاون في التكيف مع آثار تغير المناخ كما يدعو الاتفاق إلى تعزيز هذه الالتزامات تدريجيًا ويوفر إطارًا للدول المتقدمة لدعم الدول النامية في جهودها لمكافحة تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة وتدعو الدول إلى تعزيز التزاماتها بمرور الوقت يوفر الاتفاق طريقاً للدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية في جهود التخفيف من حدة المناخ والتكيف معها مع إنشاء إطارٍ للرصد والإبلاغ الشفافَين عن الأهداف المناخية للدول.[11]

يُعتبر اتفاق باريس بمثابة إطار دائم يحدد الاتجاهات العالمية للجهود المناخية على مدى العقود المقبلة يهدف الاتفاق إلى تعزيز طموحات الدول في مجال مكافحة تغير المناخ بشكل تدريجي ومتزايد، مما يعكس التزام المجتمع الدولي بالتعامل مع هذه القضية بشكل جاد. لتحقيق هذا الهدف، أُدرجت آلية لمراجعة التقدم المحرز كل خمس سنوات، مما يسمح للدول بتقييم أدائها وتحديث تعهداتها وفقًا للتطورات العلمية والبيئية يمثل اتفاق باريس بداية تحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، حيث يسعى لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز الاستدامة البيئية ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب لتحقيق الأهداف المنشودة يُعتبر تنفيذ هذا الاتفاق أمرًا حيويًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث يقدم خارطة طريق واضحة للإجراءات المناخية اللازمة هذه الإجراءات ليست فقط ضرورية لتقليل الانبعاثات، بل أيضًا لبناء القدرة على التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، مما يعزز من قدرة المجتمعات على مواجهة التحديات المستقبلية بالتالي، يُظهر اتفاق باريس أهمية التعاون الدولي والتزام الدول بتعزيز الجهود المناخية، مما يسهم في تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.[12]

يعد تنفيذ الاتفاق أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة حيث يوفر خارطة طريق للإجراءات المناخية التي من شأنها تقليل الانبعاثات وبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ.

أهم المبادئ التي تنص عليها اتفاقية باريس:

١-مواجهة تحديات انبعاثات الوقود الاحفوري مع وضع الإجراءات لذلك.

٢-إيجاد افكار للحد من انبعاثات الكربونية.

٣-التخفيف من حدة ضرر الانبعاثات على البيئة.

٤-التزام 195 دولة برسم استراتيجيات لا تسبب إلا انبعاثات طفيفة من الغازات الدفيئة.

٥-تقييم دقيق لاثار الناتجة من التغيرات المناخية.

٦-العمل على الحد من ارتفاع درجات الحرارة.

رابعًا سياسات الدول لمواجهة ظاهرة التغيرات المناخية :

قدمت الدول في جميع أنحاء العالم التزامات ملحوظة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة في إطار جهودها لمواجهة تغير المناخ، إلا أن الفجوة بين الوعود والتطبيق الفعلي لا تزال واسعة. بعد مرور ثماني سنوات على توقيع اتفاقية باريس في عام ٢٠١٥ والتي تضمنت أهدافًا طموحة وقابلة للتحقيق للحد من الانبعاثات والتكيف مع التغيرات المناخية العالمية، لا يزال العالم يسير على مسار غير مسبوق من تغير المناخ  تظهر الدراسات أن العوامل البيروقراطية والسياسية والمالية تمثل عقبات رئيسية تعيق تنفيذ العديد من السياسات البيئية المراعية للمناخ هذه العقبات تؤدي إلى تأخير أو حتى إلغاء المبادرات التي تم تصميمها لمواجهة التحديات المناخية علاوة على ذلك، فإن عدم التنسيق بين الدول والجهات الفاعلة المختلفة، بالإضافة إلى نقص التمويل الكافي، يعيق تحقيق الأهداف المحددة في الاتفاقية بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن التغيرات المناخية تتسارع، مما يتطلب استجابة عاجلة وفعالة من جميع الدول إن التحدي يكمن في تحويل الالتزامات النظرية إلى إجراءات ملموسة تسهم في تقليل الانبعاثات وحماية البيئة، مما يستدعي تعزيز التعاون الدولي وتطوير استراتيجيات مبتكرة لضمان استدامة كوكب الأرض للأجيال القادمة.[13]

رغم التحديات الكبيرة التي تواجه جهود مكافحة تغير المناخ حققت بعض الحكومات حول العالم تقدمًا ملحوظًا في تنفيذ سياسات فعالة للتصدي لهذه القضية على سبيل المثال شهدت الهند نموًا سريعًا في إنتاج الطاقة الشمسية حيث أصبحت من بين الدول الرائدة في هذا المجال يعكس هذا التوسع استثمار الحكومة في تقنيات الطاقة المتجددة مما ساهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز الاستدامة البيئية في المكسيك تم تبني استراتيجيات مبتكرة لاستخدام النفايات والمخلفات كوسيلة لتوليد الطاقة هذه المبادرات لا تساهم فقط في توفير طاقة ميسورة التكلفة بل تعزز أيضًا من إدارة النفايات وتقلل من التأثيرات البيئية السلبية الناتجة عن التخلص غير السليم منها أما في كولومبيا فقد تم التركيز على “تخضير” صناعة البناء والإنشاءات حيث تم إدخال معايير بيئية جديدة تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون وتحسين كفاءة استخدام الموارد يشمل ذلك استخدام مواد بناء مستدامة وتقنيات صديقة للبيئة مما يسهم في تقليل الأثر البيئي للقطاع تظهر هذه الأمثلة كيف يمكن للدول أن تتبنى سياسات مبتكرة وفعالة لمواجهة تحديات تغير المناخ مما يبرز أهمية التعاون الدولي وتبادل المعرفة لتحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بالاستدامة.[14]

وسوف نعرض بعد السياسات التي اعتمدتها بعض الدول لحد من التأثير السلبي على البيئة:

ا_ فرض ضرائب على الكربون في كولومبيا 

تُعتبر ضريبة الكربون أداة فعّالة تهدف إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة حيث تُفرض رسوم على الأنشطة التي تسهم في إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى دورها البيئي، تُعَد هذه الضريبة وسيلة لزيادة الإيرادات الحكومية في عام ٢٠٠٨، قامت مقاطعة كولومبيا البريطانية في كندا بتطبيق ضريبة على جميع أنواع الوقود الأحفوري المستخدمة في مجالات النقل والتدفئة المنزلية وتوليد الكهرباء مما جعل هذه الضريبة تغطي حوالي٧٠%  من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة في المقاطعة أعلنت الحكومة بوضوح أن الهدف من هذه الضريبة ليس زيادة الأعباء الضريبية على الشركات والأسر بشكل عام، بل إن العائدات الناتجة عنها ستُستخدم لتعويض التخفيضات في الضرائب الأخرى. بدأت الضريبة بمعد١٠ دولارات كندية لكل طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وزادت تدريجياً لتصل إلى ٥٠ دولاراً لكل طن بحلول عام ٢٠٢٢ تشير الأدلة العملية إلى أن تطبيق هذه الضريبة قد أسهم بشكل ملحوظ في خفض الانبعاثات كما ساعد في تعزيز العدالة الاجتماعية وزيادة معدلات النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل يُلاحظ أن هذا الإصلاح يحظى بدعم واسع من غالبية المواطنين في المقاطعة مما يعكس الوعي المتزايد بأهمية التخفيف من آثار التغير المناخي ودعم السياسات البيئية المستدامة.[15]

أعلنت الحكومة بوضوح أن هذه الضريبة لن تؤدي إلى زيادة الأعباء الضريبية بشكل عام على الشركات والأسر، بل ستعوض عن التخفيضات في الضرائب الأخرى بدأ تطبيق سعر الضريبة بمعدل ١٠ دولارات كندية لكل طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون وزاد تدريجياً ليصل إلى ٥٠ دولاراً لكل طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام ٢٠٢٢ وتشير الأدلة العملية إلى أن هذه الضريبة ساهمت في خفض الانبعاثات وزيادة المساواة وتعزيز معدلات النمو الاقتصادي وفرص العمل كما يحظى هذا الإصلاح بدعم واسع من قبل غالبية المواطنين في المقاطعة.[16]

ب_ تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني في تركيا وكولومبيا

تستهلك المباني والأجهزة حوالي ٣٠% من الطاقة العالمية وتساهم في حوالي ٢٧% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. بناءً على ذلك، يمكن أن تسهم المباني التي تتمتع بكفاءة عالية في استخدام الطاقة في تغيير هذا النمط من الاستهلاك. ومع ذلك، تواجه جهود إقامة مباني أكثر استدامة العديد من العقبات بما في ذلك الروتين الإداري، والبيروقراطية، وضعف التمويل والحوافز في هذا السياق، أطلقت تركيا مبادرة لتجديد ما يصل إلى ٥٠٠ مبنى حكومي مركزي فضلاً عن تطوير سوق لتجديد المباني العامة على نطاق أوسع حتى الآن، تم تجديد ٣٠ مبنى، حيث حقق المشروع معدل توفير للطاقة بلغ حوالي ٣٠% في المتوسط. كما بدأت أعمال التجديد ١٢٠ مبنى آخر في عام ٢٠٢٣.

من جهة أخرى، شهدت كولومبيا تحولًا ملحوظًا في مجال المباني الخضراء، حيث تم إصدار قانون البناء الأخضر الإلزامي في عام ٢٠١٥ وقدمت الحكومة حوافز ضريبية لتشجيع الحلول الفنية مثل أنظمة العزل وتكييف الهواء الموفرة للطاقة كما حصلت على تمويل تحفيزي من مؤسسة التمويل الدولية، وهي الذراع التابعة لمجموعة البنك الدولي للتعامل مع القطاع الخاص بحلول نهاية عام ٢٠٢٢، بلغت المساحات الخضراء المعتمدة في كولومبيا حوالي ١١.٥مليون متر مربع وفقًا لبرنامج المباني الخضراء “EDGE” التابع لمؤسسة التمويل الدولية، حيث تم اعتماد٢٧%  من المباني الجديدة كمباني خضراء.[17]

ج_ إزالة الكربون في قطاع النقل في بيرو وجنوب إفريقيا

تعتبر مدينة ليما في بيرو واحدة من أسوأ المدن العالمية من حيث الازدحام المروري على الرغم من أن حوالي ٦٠% من الرحلات تنجز عبر وسائل النقل العام إلا أن الاستخدام المتزايد للسيارات الخاصة قد أدى إلى تفاقم مشكلات تلوث الهواء وحوادث المرور والازدحام الشديد تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من ثلث العمال يقضون حوالي ٩٠ دقيقة يوميا في وسائل النقل والمواصلات في عام ٢٠١٠ أصدرت حكومة بيرو أول قانون على مستوى البلاد لتحسين مرافق سير الدراجات وتعزيز استخدامها ومع ذلك، لم تثمر هذه الخطوة عن استثمارات فورية في إنشاء بنية تحتية مخصصة للدراجات في المدن البيروفية حيث لم تتجاوز نسبة التنقل بالدراجات في مدينة ليما ٠.٩% من إجمالي الرحلات حتى ٢٠١٩.[18]

خلال جائحة كورونا قامت مدينة ليما بإضافة حوالي ١٠٠ كيلومتر من مسارات الدراجات المخصصة مما ساهم في تشجيع بعض الركاب على استخدام الدراجات بدلاً من وسائل النقل الأخرى وارتفعت نسبة استخدام الدراجات في ليما من ٣.٧% قبل الجائحة إلى٦.٢% في ٢٠٢١ وفقا للخطة المستقبلية يتوقع أن ترتفع هذه النسبة مم٠.٩% في عام ٢٠١٩ إلى ١١.٦% بحلول عام ٢٠٥٠ تشير التقديرات إلى أن هذا المشروع يمكن أن يسهم في خفض الانبعاثات في ليما بنحو ٠.٦٤ طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام ٢٠٣٠ و١.٠٣ طن بحلول عام ٢٠٥٠ بناءً على هذا التقدم تخطط المدينة لتطوير شبكة دراجات تمتد بطول ١٣٨٣ كيلومترًا بحلول عام ٢٠٤٠.[19]

أما في جنوب إفريقيا فإن سكان المدن الكبرى يقطعون مسافات طويلة يوميا من المنزل إلى العمل وهي ظاهرة لم تتغير منذ فترة نظام التمييز العنصري يعتبر نظام النقل السريع بالحافلات جزءًا من الحل في إطار الاستراتيجية الوطنية للنقل الأخضر التي تهدف إلى تخفيف الازدحام المروري وتقليل انبعاثات غازات الدفيئة المتزايدة من قطاع النقل ومع ذلك لم تحقق شبكات النقل السريع بالحافلات النجاح المتوقع في البداية بسبب عدم التنسيق مع الحافلات الصغيرة (الميني باص) المنتشرة بشكل غير منظم والتي يفضلها الكثيرون نظرًا لتكلفتها المنخفضة وقد أُجري مشروع تجريبي في كيب تاون لتحديد مسارات تشغيل )الميني باص(بهدف تحسين التكامل بين وسائل النقل المختلفة والجداول الزمنية في بلدة ميتشل بلين وضواحيها وأدت زيادة كفاءة هذه الشبكة إلى إمكانية وجود طريقة للنهوض بأوضاع النقل والمواصلات في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء وبالتالي زيادة إمكانية العيش في مدن هذه المنطقة وزيادة الإنتاجية وخفض الكربون.[20]

المحور الثانى: القرارات الأمريكية الجديدة وتأثيرها على السياسة المناخية.

بطبيعة الحال، فالولايات المتحدة من بين الدول الأكثر تأثيرًا في هذا الملف، بل تبرز كعامل رئيسي في تشكيل السياسات البيئية العالمية. منذ بداية التسعينات، اتخذت الولايات المتحدة سلسلة من القرارات بشأن اتفاقيات المناخ، تتراوح بين الالتزام بالمشاركة إلى الانسحاب من اتفاقيات دولية رئيسية.

تتأثر مواقف الولايات المتحدة تجاه قضايا المناخ بعدة عوامل رئيسية، من بينها:[21]

ا-تغيير الأولويات الناتج عن التحولات في السياسة الداخلية: إذ أن تغيير الحزب الحاكم يؤثر بشكل كبير على توجيه السياسات المناخية في الولايات المتحدة. حيث تميل الإدارات الديمقراطية، مثل إدارات أوباما وبايدن، إلى دعم سياسات مناخية أكثر طموحًا. ففي ظل إدارة “باراك أوباما” الديمقراطية: عملت إدارته على تبنى خطة طموحة للطاقة النظيفة، تهدف إلى تقليل انباعاث الكربون من محطات الطاقة، بالإضافة مشاركة الولايات المتحددة في فترة ولاية أوباما في اتفاقية باريس للمناخ عام ٢٠١٥. في عهد إدارة بايدن، كان هنالك خطط استثمارات ضخمة في الطاقة النظيفة كخطط البنية التحتية التي تشمل تمويل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما عمل على تدشين حزمة من المشروعات والمبادرات عام ٢٠٢١ لتركيز الجهود أكثر على هذا الملف مثل: مشروع Hawaiian Electric، مشروع Offshore Wind (Ocean Wind)، برنامج Solar Energy Technologies، مبادرة Clean Energy و قانون خفض التضخم. بينما تُظهر الإدارات الجمهورية، مثل إدارة ترامب، ميلاً نحو سياسات أقل صرامة في هذا المجال. فعمل على أخذ حزمة قرارات في غير صالح الطاقة النظيفة والسياسات المناخية مثل: تخفيف قوانين الانبعاثات، إلغاء خطة الطاقة النظيفة، فتح الأراضي الفيدرالية للتنقيب عن النفط والغاز، تخفيف معايير جودة الهواء.

ب-المخاوف الاقتصادية المتعلقة بتأثير السياسات المناخية على الوظائف والصناعات المختلفة: يمكن تقسيم هذه المخاوف إلى دافعين رئيسيين: الأول هو الخوف الإيجابي الداعم للسياسات المناخية والتي وضعته إدارة بايدن وأوباما؛ خوفا من الآثار الناجمة من فقدان الوظائف من الصناعات التقليدية “مثل الفحم والبترول ” في ظل التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، والقلق من الأضرار الاقتصادية الناجمة من الكوارث الطبيعية وارتفاع درجات الحرارة من الناحية الأخرى فالأنظمة الجمهورية بالولايات المتحدة تنظر من جهة مختلفة حيث تبرر عدم دعمها للسياسات المناخية راجع للمخاوف الاقتصادية بشأن الخوف من فقدان العديد من الوظائف وحدوث بطالة للعمال العاملين بمجالات صناعة الوقود الأحفوري بسبب تلك السياسات التي تفرض قيود على الانبعاثات، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري مما سيؤدى إلى إغلاق العديد من المناجم ومحطات الطاقة، حيث إن تشكل الصناعات التقليدية مثل النفط والفحم جزء أساسي من الاقتصاد الأمريكي.

ج-الضغوطات من المجتمع وزيادة الوعي العام بشأن قضايا المناخ والبيئة بالولايات المتحدة: التي أدت لدفع الحكومة لاتخاذ إجراءات أقوى لمواجهة تغير المناخ، والتراجع عن السياسات الداعمة لصناعات الوقود الأحفوري. مثل الحركات الداعمة للمناخ التي نشطت منذ إعادة انتخاب ترامب وتصريحاته أنه ينوي الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ.[22]

كان موقف الولايات المتحدة بشأن ملف المناخ قد شهد تطورات كبيرة منذ التسعينات: شهد موقف الولايات المتحدة بشأن ملف المناخ تطورات كبيرة منذ التسعينات، بدءًا من اتفاقية ريو التي تم توقيعها في عام ١٩٩٢. تعتبر هذه الاتفاقية نقطة تحول في الجهود العالمية لمواجهة قضايا البيئة والتنمية المستدامة، حيث وضعت إطارًا قانونيًا يعزز التعاون الدولي في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة

ثانيا بروتوكول كيوتو ١٩٩٧

مثّل بروتوكول كيوتو بداية التفكير في الآثار المترتبة على انضمام الولايات المتحدة لمثل هذه الاتفاقيات، خصوصًا من حيث المخاوف الاقتصادية المرتبطة بذلك. رفضت الولايات المتحدة التصديق على البروتوكول، مستندة إلى اعتقادها بأن الالتزامات المنصوص عليها ستضر باقتصادها. كما اعتبرت أن هذه الأضرار المحتملة قد تنعكس سلبًا على اقتصادات الدول النامية. بالإضافة إلى ذلك، أرجعت الولايات المتحدة سبب رفضها إلى عدم تضمين الدول النامية في الالتزامات المتعلقة بخفض الانبعاثات. يُشار إلى أن الولايات المتحدة تُعتبر ثاني أكبر منتج للانبعاثات الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، مما يُبرز أهمية دورها في جهود التصدي لتغير المناخ.

ومن المهم الإشارة إلى أن بروتوكول كيوتو كان يهدف إلى مشاركة ٣٨ دولة من الدول الصناعية المتقدمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بنسبة٥% في عام ٢٠١٠ مقارنة بعام ١٩٩٠.[23] نتج عن ذلك إضعاف مصداقية البروتوكول، وانتقدت باقي الدول هذا الرفض، مما أدى إلى توتر في المفاوضات الدولية حول المناخ. انهارت المفاوضات لتطبيق الاتفاق عمليًا في مؤتمر المناخ الذي عقد في لاهاي ٢٠٠٠.

ثالثا اتفاقية باريس٢٠١٥

  تهدف هذه الاتفاقية إلى الحد من درجة حرارة الأرض، وتعهدت الولايات المتحدة بالمشاركة فيها في البداية، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في أقل من عام.[24] في عام ٢٠١٧، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق العالمي، وقال حينها: “لكي نبدأ في مفاوضات بشأن دخول اتفاقية باريس أو صفقة جديدة بشكل كامل تكون عادلة بالنسبة لقطاع الأعمال الأمريكيين والعمال الأمريكيين ولدافعي الضرائب الأمريكيين والشعب الأمريكي”. وأضاف أن الاتفاق أضاف أعباء اقتصادية غير عادلة على الولايات المتحدة. دخل الانسحاب حيز التنفيذ في نوفمبر عام ٢٠٢٠[25]، وكانت الولايات المتحدة أول دولة تنسحب من الاتفاقية، مما أثار غضب العالم، واعتبره المختصون تراجعًا عن التعهدات التي التزمت بها إدارة الرئيس أوباما للعمل على خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة تتراوح بين ٢٦-٢٨% بحلول عام ٢٠٢٥.[26]

في هذا السياق، توقع الخبراء أن انسحاب الولايات المتحدة سيؤدي إلى زيادة الانبعاثات ببحوالي٣ مليارات طن من غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام ٢٠٣٠. بالتالي، أثر الانسحاب على المساعدات التي تدفعها واشنطن، والمقدرة ب ٣ مليارات دولار وفقًا للاتفاقية التي تنص على التزام الدول الموقعة عليها بتوفير ١٠٠ مليار دولار سنويًا لدعم الدول النامية في التكيف مع التغيرات المناخية والتحول إلى الطاقة النظيفة.

عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية في عهد بايدن (٢٠٢١):

مع حكم الحزب الديمقراطي “إدارة بايدن الرئيس السابق”، عادت الولايات المتحدة إلى الاتفاقية مع حكم الحزب الديمقراطي “إدارة بايدن الرئيس السابق”، عادت الولايات المتحدة إلى الاتفاقية، وذلك لعدة أسباب، منها:

أولها: هو أن بايدن يعتبر قضية المناخ من الأولويات الملحة التي تتطلب استجابة فورية، حيث عمل على التأكيد على أهمية التعاون الدولي لمواجهتها بفعالية.

ثانيا: سعيا إلى استعادة الولايات المتحدة لمكانتها القيادية العالمية في مجال المناخ، مما يعزز التعاون الدولي ويعكس التزامًا مشتركًا بمواجهة التحديات البيئية.

ثالثا: رؤية بايدن بأن الانتقال نحو الطاقة النظيفة يمكن أن يساهم في خلق فرص عمل جديدة، مما يعزز النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.

رابعا: الحرص على ضرورة إدماج الدول النامية في الحلول المتعلقة بالمناخ، ويؤيد دعم جهودها في التكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ.

خامسًا: الضغط من الدول الأخرى والمنظمات غير الحكومية لتجديد الالتزام الأمريكي بالاتفاقية.

بعودة واشنطن إلى الاتفاقية في ١٩ فبراير ٢٠٢١، أعطى ذلك دفعة جديدة للجهود العالمية في مواجهة تغير المناخ. ظهر ذلك بالتزام إدارة بايدن بخفض انبعاثات الكربون بنسبة٥٠-٥٢% بحلول ٢٠٣٠ مقارنة بمستويات ٢٠٠٥، مما دفع الدول الأخرى إلى إعادة تقييم خططها المناخية. فقد عزز الاتحاد الأوروبي التزامه بخفض انبعاثات الكربون بنسبة ٥٥% بحلول عام ٢٠٣٠ مقارنة بمستويات ١٩٩٠، وأعلنت الصين عن هدفها للوصول بذروة الكربون بحلول ٢٠٣٠ وتحقيق الحياد الكربوني بحلول ٢٠٦٠، كما رفعت المملكة المتحدة أهدافها لخفض الانبعاثات بنسبة ٦٨% بحلول ٢٠٣٠ مقارنة بمستويات ١٩٩٠.[27]

ساهمت عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية أيضًا في تعزيز التمويل المناخي لمساعدة الدول النامية على مواجهة آثار تغير المناخ، سواء من خلال دعم تقنيات الطاقة النظيفة أو المشاريع المستدامة. كما أدى ذلك إلى زيادة الضغط على الدول الأخرى للالتزام بشكل أكبر، مما ساهم في تحفيز المؤتمرات الدولية في هذا الشأن، مثل مؤتمر COP26 في غلاسكو.[28]

في يناير عام ٢٠٢٥، ومع عودة الرئيس الأمريكي ترامب لولايته الثانية، تبنى خطابًا يشير إلى عدم نيته الالتزام باتفاقية باريس أو وضع القضايا المتعلقة بالمناخ ضمن أولوياته، واصفًا التغيرات المناخية بأنها مجرد “خدعة”. رفع شعار “أمريكا أولًا” مرة أخرى، قائلًا: “إن سياسة إدارتي هي وضع مصالح الولايات المتحدة والشعب الأمريكي في المقام الأول”، مشيرًا إلى أن بلاده أنفقت أكثر من تريليون دولار بسبب هذه الاتفاقية.

يعني ذلك أن ترامب سيعزز استخدام الوقود الأحفوري من خلال رفع القيود عن صناعات النفط والغاز، رغم أن الأمم المتحدة تؤكد أن الغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري تعد السبب الرئيسي للتغير المناخي.

المحور الثالث: الأثار والتداعيات الناتجة عن السياسة المناخية الامريكية

أولًا آثار البيئية :

السياسة المناخية التي يتبعها الرئيس الامريكي دونالد ترامب قد تحمل تداعيات كبيرة على عدة أصعدة، بدءًا من التأثيرات البيئية التي قد تؤدي إلى زيادة الانبعاثات الغازية، وصولاً إلى الأبعاد الاقتصادية التي قد تعيد تشكيل سياسات الطاقة في أمريكا، إضافة إلى التحديات السياسية التي قد تبرز نتيجة لتراجع دور الولايات المتحدة في قيادة الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي.

على المستوى البيئي، تعد الولايات المتحدة واحدة من أكبر الدول المسؤولة عن الانبعاثات الكربونية عالميًا، حيث تحتل المرتبة الثانية بعد الصين. وإذا نظرنا إلى السياسة الحالية، فإنها قد تؤدي إلى زيادة في انبعاثات الغازات الدفيئة بمقدار 4 مليارات طن حتى عام ٢٠٣٠، مما قد يفاقم من حدة المخاطر البيئية مثل موجات الحر المتكررة، الفيضانات، حرائق الغابات، الجفاف والمجاعات، وتعد إفريقيا من أكثر المناطق تضررًا من هذه الكوارث، حيث أودت الكوارث الطبيعية بين عامي ٢٠١٣ و٢٠٢٢ بحياة أكثر من ١٠٠,٠٠٠ شخص، بالإضافة إلى تأثر أكثر من ١٣١ مليون شخص.[29]

ثانيًا الآثار الاقتصادية:

سيؤدي انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية إلى تبعات اقتصادية سلبية، خاصةً في مجال التمويل المناخي. فبخروج الولايات المتحدة من الاتفاقية، ستصبح غير ملزمة بتقديم الدعم المالي للتصدي للتغيرات المناخية، وفقًا لتحليل أجرته اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، فإن احتياجات التمويل التي تم تحديدها في المساهمات الوطنية المحددة (NDCs) لـ ٧٨ دولة تصل إلى حوالي 5.8 تريليون دولار حتى عام ٢٠٣٠، أي حوالي ٦٠٠ مليار دولار سنويًا. وهذه الأرقام لا تشمل الاستثمارات التي يجب أن تقوم بها الدول المتقدمة لتقليل انبعاثات الكربون، والنفقات الحكومية لمعالجة آثار الأحداث المناخية المتطرفة مثل الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات. هذه النفقات تدرس بشكل منفصل بموجب آلية التمويل الخاصة بالخسائر والأضرار التي تم الاتفاق عليها في COP27.[30]

على الرغم من التزام الدول المتقدمة، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي، بتقديم تمويل مناخي للدول النامية، إلا أن الجهود المبذولة لم تكن كافية لتحقيق الهدف المالي بالكامل. ففي عام ٢٠٢٠، تم جمع حوالي ٨٣.٣ مليار دولار، وهو أقل من الهدف السنوي المحدد البالغ ١٠٠ مليار دولار. ومع انسحاب الولايات المتحدة، ستواجه دول الاتحاد الأوروبي عبئًا إضافيًا، خاصةً وأنها تعد من أكبر المساهمين في التمويل المناخي. وبالتالي، سيتعين على الاتحاد الأوروبي زيادة مساهماته لتعويض النقص الناتج عن غياب الدعم الأمريكي، مما قد يزيد الضغوط المالية على اقتصادات دوله في ظل التحديات الاقتصادية العالمية الحالية.[31]

ثالثًا مجال الطاقة:

أعلن ترامب “حالة طوارئ في مجال الطاقة” بهدف تقليل التضخم وخفض تكاليف المعيشة، متعهدًا بتوسيع إنتاج النفط والغاز عبر تسهيل عمليات التنقيب في الأراضي والمياه الفيدرالية، بما في ذلك محمية القطب الشمالي. كما أصدر قرارات تنفيذية لتسريع التصاريح في ألاسكا وتعزيز البنية التحتية لاستخراج الوقود الأحفوري، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستصبح المنتج الأكبر عالميًا. وعلى الجانب الآخر، ألغى “تفويض السيارات الكهربائية”، مبررًا ذلك بحرية المستهلك في اختيار المركبة التي يرغب بها، رغم أن إدارة بايدن كانت قد دعمت هذا القطاع بحوافز ضريبية واستثمارات ضخمة في البنية التحتية للشحن.[32]

 كذلك، أوقف ترامب منح عقود جديدة لطاقة الرياح البحرية، معتبرًا أنها غير فعالة وتشوه المناظر الطبيعية، رغم أن بعض ولايات حزبه تعتمد عليها كمصدر رئيسي للطاقة. هذه الإجراءات تعكس تحوّلًا جذريًا في سياسة الطاقة الأمريكية، حيث تعزز الوقود الأحفوري على حساب الطاقة النظيفة.[33]

رابعًا الآثار على الصعيد السياسي:

  يعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ ضربة للثقة الدولية في الالتزامات الأمريكية، حيث يُنظر إلى هذا القرار على أنه انتكاسة للجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. فبعد أن أعاد الرئيس بايدن الولايات المتحدة إلى الاتفاقية، كانت هناك آمال كبيرة في أن تقود واشنطن التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة. إلا أن انسحاب ترامب مجددًا أثار شكوكًا حول مصداقية الولايات المتحدة في الوفاء بتعهداتها الدولية، ويعزز هذا القرار مواقف الدول الكبرى الداعمة للوقود الأحفوري، مثل روسيا والصين والسعودية، والتي قد تستغل غياب القيادة الأمريكية لتأخير التحول نحو الطاقة النظيفة.[34]

من ناحية أخرى، سيؤدي الانسحاب إلى سحق التعهدات التي قطعتها إدارة بايدن بشأن خفض الانبعاثات الملوثة للبيئة بنسبة تصل إلى ٦٦% خلال العقد المقبل. كما يضع هذا القرار العديد من الالتزامات الأمريكية الأخرى موضع شك، بما في ذلك المساعدات المالية بمليارات الدولارات المخصصة لدعم الدول الفقيرة التي تواجه آثارًا مدمرة لتغير المناخ.[35]

خامسًا ردود الفعل الدولية على قرارالإنسحاب

 أثار قرار الانسحاب ردود فعل واسعة النطاق على المستوى الدولي، حيث اعتبره العديد من القادة السياسيين والنشطاء بمثابة ضربة لجهود مكافحة التغير المناخي. تباينت ردود الأفعال بين الإدانة التي ترى أن القرار يسبب تأثيرات سلبية على البيئة، وبين الدعم الذي يعتبره مؤيدوه فرصة لزيادة إنتاج الطاقة. فخروج ترامب من اتفاقية باريس يعكس تمسك الحزب الجمهوري بمواقفه المعارضة للتحركات الدولية لمكافحة التغير المناخي، وتجاهله للتحذيرات العلمية المستمرة.

يدافع حلفاء ترامب عن قراراته بالإشارة إلى أن العالم لم يلتزم بتعهداته، مستشهدين بزيادة الانبعاثات العالمية وافتتاح محطات طاقة تعمل بالفحم في الصين. ويؤكدون أن الانسحاب من اتفاق باريس يمنح الحكومة الجديدة الفرصة لإلغاء إعفاءات الضرائب الخاصة بالطاقة النظيفة التي فرضها بايدن، رغم أن الولايات المتحدة غير ملزمة قانونًا بالوفاء بأهداف الاتفاق. وفي هذا السياق، قال مايرون إيبيل، منتقد لعلم المناخ، إن الانسحاب من الاتفاق يعتبر خطوة نحو إزالة العوائق أمام إلغاء إنجازات  بايدن والكونغرس الديمقراطي.[36]

وقالت جينا مكارثي، المستشارة السابقة للمناخ في عهد بايدن ورئيسة التحالف “أمريكا كلها معًا”: إن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس يعكس تخلي الإدارة عن مسؤوليتها في حماية الأمن القومي الأمريكي، لكنها أكدت أن الولايات والدول والشركات ستستمر في قيادة التحول إلى الطاقة النظيفة. وأشار الناشطون والمسؤولون السابقون في إدارة بايدن إلى أن الانسحاب يعزز منافسة الصين وغيرها في صناعة الطاقة النظيفة، ما يجعل التصدي لتغير المناخ أصعب دون مشاركة الولايات المتحدة.[37]

كما وصف فوبكه هوكسترا، مفوض الاتحاد الأوروبي المعني بتغير المناخ، هذا القرار بأنه “تطور مؤسف”، مشيرًا إلى أن انسحاب أكبر اقتصاد في العالم وأحد أقرب حلفاء الاتحاد في مكافحة تغير المناخ يعد خسارة كبيرة. ومن جهتها، أكدت أورسولا فون دير لايين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أن اتفاقية باريس تظل “أفضل أمل للبشرية جمعاء” في مواجهة تحديات تغير المناخ.[38]

أشار سايمون ستيل، الأمين التنفيذي للأمم المتحدة لتغير المناخ، إلى أن تبني “طفرة الطاقة النظيفة العالمية” سيؤدي إلى أرباح ضخمة، وخلق ملايين الوظائف، وتحسين جودة الهواء، بينما تجاهلها سيؤدي إلى تحويل الثروة إلى اقتصادات منافسة وزيادة الكوارث المناخية التي تؤثر على الغذاء والاقتصاد. كما أكد أن باب اتفاق باريس يظل مفتوحًا، مرحبًا بمشاركة جميع الدول.[39]

من جانبه، أكد علي محمد، رئيس مجموعة المفاوضين الأفارقة، أهمية قيادة الولايات المتحدة في حشد التمويل المناخي وتعزيز التحولات نحو الطاقة النظيفة، مشددًا على ضرورة تعزيز التعددية لمواجهة تحديات المناخ العالمية، معتبرا أن اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ هي الأداة الأكثر فعالية لتحقيق التعاون والمساءلة.[40]

وأعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، عن قلق الصين إزاء إعلان الولايات المتحدة انسحابها من اتفاق باريس، مؤكدة أن تغير المناخ يشكل تحديًا مشتركًا للبشرية بأسرها، وأنه لا يمكن لأي دولة أن تتجنب تأثيراته أو أن تكون محصنة ضده.[41]

وقالت حاكمة نيويورك كاثي هوشول، وحاكمة نيو مكسيكو ميشيل لوجان جريشام، الرئيسان المشاركان للتحالف المناخي الأمريكي، أن الولايات والأقاليم الأمريكية لا تزال تتمتع بسلطة كبيرة بموجب الدستور الأمريكي لحماية تقدمها ودفع الحلول المناخية المطلوبة. وأضافتا أن هذا الأمر لن يتغير حتى مع حدوث تغييرات في الإدارة الفيدرالية… وشددتا على أهمية أن يعرف المجتمع الدولي أن العمل المناخي سيستمر في الولايات المتحدة، مؤكدتين أن التحالف سيحمل هذه الرسالة إلى مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في البرازيل (COP30) في وقت لاحق من العام.[42]

ِ وذكرت المتحدثة باسم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، كلير نوليس، أن الولايات المتحدة تعد المسؤولة عن الجزء الأكبر من الخسائر الاقتصادية الناتجة عن المخاطر المرتبطة بالطقس والتغير المناخي والمياه على مستوى العالم. وأوضحت أن الولايات المتحدة تعرضت لأكثر ٤٠٠ كارثة جوية ومناخية منذ عام ١٩٨٠، حيث تجاوزت التكاليف الإجمالية لهذه الكوارث مليار دولار. وأضافت أن الحاجة إلى اتفاق باريس أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.[43]

الخاتمة

ختامًا، يتضح من تحليل القرارات الأمريكية الأخيرة بشأن المناخ أنها تعكس تباينًا كبيرًا في التوجهات السياسية والاقتصادية للإدارات المتعاقبة، مما يؤثر بشكل مباشر على الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي. وقد أسفر تحليلنا عن عدة نتائج رئيسية توضح التأثيرات المحتملة لهذه القرارات على السياسة المناخية العالمية، والتي تشمل:

١-احتمالية زيادة انبعاثات الكربون: من المتوقع أن تؤدي السياسات التي اتبعها ترامب، مثل تخفيف القيود على الوقود الأحفوري، إلى زيادة مستمرة في انبعاثات الكربون. إذا استمرت هذه الاتجاهات، فقد تتجاوز مستويات الانبعاثات في الولايات المتحدة الأهداف المحددة في اتفاق باريس، مما يزيد من المخاطر المرتبطة بتغير المناخ ويتضح ذلك أكثر من خلال الإجراءات التي اتخذها حيث قام بإعلان حالة الطوارئ في مجال الطاقة والتي صاغها كجزء من جهوده لكبح التضخم وخفض تكاليف المعيشة، وتعهد ترامب باستخدام جميع الموارد اللازمة لبناء البنية التحتية الحيوية، وهي خطوة غير مسبوقة يمكن أن تمنح البيت الأبيض سلطة أكبر لتوسيع إنتاج الوقود الأحفوري. كما وقّع أمرًا تنفيذيًا “لتشجيع التنقيب عن الطاقة وإنتاجها في الأراضي والمياه الفيدرالية”، وأمرًا آخر يسرّع عملية منح التصاريح للاستكشاف في ألاسكا، بما في ذلك في محمية القطب الشمالي الوطنية للحياة البرية.

٢-تراجع الاستثمارات في الطاقة المتجددة: قد تؤدي السياسات الداعمة للوقود الأحفوري إلى تراجع الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ويتضح ذلك من خلال منع ترامب رسميًا عقود تأجير جديدة لطاقة الرياح البحرية وسيقوم بمراجعة التصاريح الفيدرالية لمشاريع طاقة الرياح، ليفي بوعده “بإنهاء تأجير مزارع الرياح الضخمة التي تتسبب في تدهور مناظرنا الطبيعية وتفشل في خدمة مستهلكي الطاقة الأمريكيين، ومن المرجح أن تواجه هذه الخطوة مقاومة من أعضاء حزبه. فالولايات الأربع الأولى في توليد طاقة الرياح – تكساس وأيوا وأوكلاهوما وكانساس – هي ولايات حمراء قوية، ومن غير المرجح أن ترضخ.

٣-تأثير سلبي على الصحة العامة: زيادة الانبعاثات الناتجة عن تخفيف القيود البيئية يمكن أن تؤدي إلى تدهور جودة الهواء، مما يسبب مشاكل صحية مثل الربو وأمراض القلب. هذا قد يؤدي إلى زيادة التكاليف الصحية على النظام الصحي الأمريكي وخاصة في ظل كما ذكر سابقا عن زيادة المتوقعة في الانبعاثات الكربونية.

٤-تأثيرات سلبية على الاقتصاد

ا-في حال استمرت الولايات المتحدة في الاعتماد على الوقود الأحفوري، فقد تواجه البلاد تقلبات اقتصادية بسبب تقلبات أسعار النفط والغاز. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم الاستثمار في الطاقة المتجددة قد يجعل الاقتصاد الأمريكي أقل قدرة على المنافسة في السوق العالمية المتجهة نحو الاستدامة بالطبع فأن ذلك سوف يؤدي بالطبع الي زيادة في تقلبات أسعار الطاق حيث إن زيادة الاعتماد بشكل أكبر على الوقود الأحفوري من خلال الاستمرار في سياسات التي تشجع على استخراج واستخدام الوقود الأحفوري، فقد يؤدي ذلك إلى تقلبات كبيرة في أسعار الطاقة.

والتاريخ يوضح أن الأزمات النفطية، الناتجة عن عدم الاستقرار في الدول المنتجة للنفط أو زيادة الطلب، يمكن أن تؤدي إلى ركود اقتصادي. يؤدي الاعتماد المستمر على الوقود الأحفوري إلى زيادة تقلبات أسعار الطاقة، مما قد يجعل الاقتصاد الأمريكي عرضة للأزمات النفطية التي شهدها التاريخ مرارًا.

ب-فقدان فرص العمل في قطاع الطاقة المتجددة, تراجع الاستثمارات إذا تم تخفيض الاستثمارات في الطاقة المتجددة، فإن ذلك قد يؤدي إلى فقدان فرص العمل في هذا القطاع. على سبيل المثال، صناعة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح قد تشهد تراجعًا في التوظيف بسبب قلة المشاريع الجديدة.

٥- زيادة الضغط الدولي: قد تواجه الولايات المتحدة ضغوطًا متزايدة من المجتمع الدولي للامتثال للمعايير البيئية ومكافحة تغير المناخ. هذا يمكن أن يؤثر على العلاقات الدولية ويجعل الولايات المتحدة تبدو كدولة غير ملتزمة بالقضايا العالمية.

وانطلاقًا من هذه النتائج، نقترح عددًا من التوصيات التي يمكن أن تسهم في الحد من الآثار السلبية لهذه السياسات وتعزيز الجهود المناخية، ومن أبرزها:

التوصيات

١- تعزيز التعاون الدولي; ينبغي على الولايات المتحدة العمل بشكل وثيق مع الدول الأخرى لتعزيز الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ وتعزيز التعاون الدولي في مجال المناخية خلال تبادل المعرفة والخبرات حيث ان الدول المختلفة قد تمتلك تجارب ناجحة في مجالات معينة، مثل استخدام الطاقة المتجددة أو تقنيات التكيف مع تغير المناخ. من خلال التعاون، يمكن تبادل هذه المعرفة والخبرات للاستفادة من أفضل الممارسات، كما أن تنسيق السياسات من خلال التعاون، يمكن للدول العمل معًا لتنسيق سياساتها المناخية، مما يقلل من التوترات الناتجة عن السياسات المتناقضة ويعزز الفعالية العامة للجهود المبذولة.

٢-زيادة التمويل للطاقة المتجددة: يجب زيادة الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة لضمان تحقيق الأهداف المناخية بشكل أسرع وأكثر فعالية حيث تعتبر الموارد المالية عنصرا حيويا في جهود مواجهة تغير المناخ خاصة بالنسبة الدول النامية التي تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية يمكن من خلاله المساهمة في تنفيذ المشاريع المناخية مثل تحسين كفاءة الطاقة وتمويل مشاريع الطاقة المتجددة ودعم الابتكار والتكنولوجيا من خلال توفير التمويل اللازم لأبحاث والتطوير.

٣-تحسين التعليم والتدريب: ينبغي تعزيز برامج التعليم والتدريب في مجالات التكنولوجيا النظيفة والاستدامة لتأهيل القوى العاملة لمواجهة تحديات المناخ.

٤- تطوير سياسات مرنة: يجب أن تكون السياسات المناخية مرنة وقابلة للتكيف مع التغيرات السريعة في العلوم والتكنولوجيا.

٥-تشجيع الابتكار: ينبغي دعم الابتكار من خلال تقديم حوافز للشركات التي تعمل على تطوير تقنيات جديدة لمكافحة تغير المناخ.

٦-تعزيز المشاركة المجتمعية: يجب تشجيع المجتمعات المحلية على المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمناخ لضمان أن تكون السياسات ملائمة لاحتياجاتهم بالطبع، من خلال زيادة الوعي والمعرفة حيث تعتبر المشاركة المجتمعية وسيلة فعالة لرفع مستوى الوعي حول قضايا تغير المناخ وآثاره. من خلال التعليم والتوعية، يمكن للمجتمعات فهم التحديات التي تواجهها وكيفية التصرف للمساهمة في الحلول كما ان العمل المحلية هام حيث إن المجتمعات المحلية هي الأكثر تأثرًا بتغير المناخ، لذا فإن إشراكهم في اتخاذ القرارات يضمن أن تكون الحلول ملائمة للسياق المحلي وتلبي احتياجاتهم ما أن تعزيز المساءلة له دور كبير عندما يشارك الأفراد في عملية صنع القرار، يصبحون أكثر قدرة على مساءلة الحكومات والمؤسسات حول تنفيذ السياسات والمبادرات المتعلقة بالمناخ.


[1] BYJU’S, List of Greenhouse Gases, Available at; https://byjus.com/biology/list-of-greenhouse-gases /

[2] موقع معجم المناخ والتحول في مجال الطاقة، انتقال الطاقة، ب.ت، متاح عبر: https://www.naqla-initiative.com/dictionary-ar، تاريخ الاطلاع: 5 فبراير 2025.

[3] الأمم المتحدة، “ما هو تغير المناخ؟”، ب.ت، متاح عبر: https://www.un.org/ar/climatechange/what-is-climate-change، تاريخ الاطلاع: 5 فبراير 2025.

[4] المرجع السابق.

[5] جهاز شئون البيئة، “عن التغيرات المناخية”، ب.ت، متاح عبر: https://www.eeaa.gov.eg/Topics/78/30/Details، تاريخ الاطلاع: 5 فبراير 2025.

[6] الأمم المتحدة، “أسباب وآثار التغير المناخي”، ب.ت، متاح عبر: https://www.un.org/ar/climatechange/science/causes-effects-climate-change، تاريخ الاطلاع: 5 فبراير 2025.

[7] الأمم المتحدة، “اتفاق باريس”، ب.ت، متاح عبر: https://www.un.org/ar/climatechange/paris-agreement، تاريخ الاطلاع: 5 فبراير 2025.

[8] الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، التقرير التقييمي السادس – ملخص لصناع القرار، ب.ت، متاح عبر: https://www.ipcc.ch/report/ar6/wg1/downloads/outreach/IPCC_AR6_WGI_SummaryForAll_Arabic.pdf، تاريخ الاطلاع: 5 فبراير 2025.

[9] المرجع السابق.

[10] اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، استخدام نظم المعلومات الجغرافية لتحليل بيانات التغيرات المناخية، ب.ت، متاح عبر: https://www.unescwa.org/ar/publications/استخدام-نظم-المعلومات-الجغرافية-لتحليل-بيانات-التغيرات-المناخية، تاريخ الاطلاع: 6 فبراير 2025.

[11] المرجع السابق.

[12] المرجع السابق.

[13] U.S. Environmental Protection Agency, Climate Change Regulatory Actions and Initiatives, EPA, January 22, 2025, Available at: https://www.epa.gov/climate-change/climate-change-regulatory-actions-and-initiatives, Accessed: February 5, 2025.

[14] Idem.

[15] Climate & Clean Air Coalition, Colombia’s National Policy on Climate Change, 2017, Available at: https://www.ccacoalition.org/policy-database/colombias-national-policy-climate-change, Accessed: February 5, 2025.

[16] Idem.

[17] Idem.

[18] Climate & Clean Air Coalition, Peru National Planning for Short-Lived Climate Pollutants, n.d., Available at: https://www.ccacoalition.org/projects/peru-national-planning-short-lived-climate-pollutants, Accessed: February 5, 2025.

[19] Idem.

[20] Idem.

[21] Climate & Clean Air Coalition، “قانون خفض التضخم: الولايات المتحدة تتخذ إجراءات جريئة بشأن المناخ والهواء النظيف”،7 أغسطس 2022.
متاح على: https://www.ccacoalition.org/ar/news/inflation-reduction-act-us-takes-bold-action-climate-and-clean-air.

Ocean Winds، “About Ocean Winds“،: Available at https://www.oceanwinds.com/#:~:text=About%20Ocean%20Winds,and%20reducing%20greenhouse%20gas%20emissions.

Hawaiian Electric, Waiau Repower: Project Summary, n.d., Available at: https://www.hawaiianelectric.com/about-us/our-vision-and-commitment/investing-in-the-future/waiau-repower/project-summary.

ScienceDirect, Solar Energy Technology, n.d
Available at: https://www.sciencedirect.com/topics/earth-and-planetary-sciences/solar-energy-technology.

MCE Clean Energy, Looking Ahead: Energy Initiatives for Our Future, n.d., Available at: https://mcecleanenergy.org/ar/looking-ahead-energy-initiatives-for-our-future, Accessed: February 5, 2025.

[22]الشرق، أجندة ترمب تحشد نشطاء البيئة وتحيي احتجاجات المناخ بالجامعات، 23 نوفمبر 2024، متاح على: https://asharq.com/reports/107612/أجندة-ترمب-تحشد-نشطاء-البيئة-وتحيي-احتجاجات-المناخ-بالجامعات/،

تاريخ الاطلاع: 5 فبراير 2025.

[23] “Why the United States did not become a party to the Kyoto Protocol: German, Norwegian, and US perspectives,” December 7, 2010. Available at: https://journals.sagepub.com/doi/full/10.1177/1354066110380964,

[24] الامم المتحدة، اتفاق باريس، م.س.ذ.

[25] State Department Home, On the U.S. Withdrawal from the Paris Agreement, November 4, 2019, Available at: https://2017-2021.state.gov/on-the-u-s-withdrawal-from-the-paris-agreement/,

[26] العربية، “ما لا تعرفه عن اتفاق المناخ التي انسحبت منه واشنطن”، يونيو 2017، متاح عبر: https://www.alarabiya.net/arab-and-world/american-elections-2016/2017/06/02/ما-لا-تعرفه-عن-اتفاقية-المناخ-التي-انسحبت-منها-واشنطن.

[27] European Commission, 2030 Climate Targets, n.d., Available at: https://climate.ec.europa.eu/eu-action/climate-strategies-targets/2030-climate-targets_en

CGTN، الصين تحقق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، 2021-04-21 https://arabic.cgtn.com/n/BfJEA-BAA-FEA/FbCaEA/index.html

المملكة المتحدة، تحالف المناخ والهواء النظيف، ب.ت، متاح عبر:

https://www.ccacoalition.org/ar/partners/united-kingdom

[28]United Nations, COP26: Together for Our Planet, n.d., Available at: https://www.un.org/en/climatechange/cop26

[29] Sabrine Emran, Outlook for Climate Policy Under President Trump’s Renewed Mandate, Policy Center for the New South, November 11, 2024, Available at: https://www.policycenter.ma/publications/outlook-climate-policy-under-president-trumps-renewed-mandate, Accessed: February 4, 2025.

[30] UNDP Climate Promise, what is Climate Finance and Why Do We Need More of It?, October 2, 2023.
https://climatepromise.undp.org/news-and-stories/what-climate-finance-and-why-do-we-need-more-it. (تاريخ الاطلاع 5 فبراير 2025).

[31] Ministry for Europe and Foreign Affairs, “Financing the Fight Against Climate Disruption,”, November 2023., Available at :  https://www.diplomatie.gouv.fr/ar/politique-etrangere-de-la-france/climat-et-environnement/la-lutte-contre-les-changements-climatiques/financement-de-la-lutte-contre-le-dereglement-climatique/.  (تاريخ الاطلاع 5 فبراير 2025).

[32] عماد حسن، “كيف تؤثر قرارات ترامب على البيئة والمناخ عالمياً؟”، دويتشه فيله، 22 يناير 2025، متاح عبر: https://www.dw.com/ar/كيف-تؤثر-قرارات-ترامب-على-البيئة-والمناخ-عالمياً/a-71368921، تاريخ الاطلاع: 5 فبراير 2025.

[33] المرجع السابق.

[34] القاهرة الإخبارية، “يهدد بفشل الجهود المناخية.. ماذا يعني خروج ترامب من اتفاقية باريس؟”،٢١ يناير ٢٠٢٥.
متاح على: https://alqaheranews.net/news/113703.

[35] Sarah Schonhardt, Zack Colman, and Karl Mathiesen, “What Trump’s Exit from the Climate Deal Really Means,” Politico, January 20, 2025, Available at: https://www.politico.com/news/2025/01/20/trumps-exit-climate-deal-means-00199406, Accessed: February 5, 2025.

[36] Idem.

[37] Idem.

[38] الحرة، “الصحة العالمية واتفاقية المناخ تعني الانسحاب الأميركي؟”، 21 يناير 2025.
متاح على: https://www.alhurra.com/usa/2025/01/21/الصحة-العالمية-واتفاقية-المناخ-يعني-الانسحاب-الأميركي.
(تاريخ الاطلاع 5 فبراير 2025).

[39] صحيفة الرياض، “العالم يتفاعل مع انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ”، 27 يناير 2025، متاح عبر: https://www.alriyadh.com/2115393، (تاريخ الاطلاع 5 فبراير 2025).

[40] المرجع السابق.

[41] Reuters, “World reacts to Trump’s plan to withdraw US from Paris climate pact,” January 21, 2025, Available at: https://www.reuters.com/business/environment/world-reacts-trumps-plan-withdraw-us-paris-climate-pact-2025-01-20/, Accessed: February 5, 2025.

[42] Idem.

[43] Idem.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى