القوة الصاعدة

التنافس الإقليمي في سوريا: قراءة في تطور العلاقات التركية الإسرائيلية

إعداد: آية حسام محمد – يوسف جمال – باحثين متدربين ببرنامج دراسات القوى الصاعدة بالمركز.

المقدمة:

   لم تنعم العلاقات التركية الاسرائيلية منذ بدايتها باستقرار الأوضاع وثباتها لفترة طويلة، فقد اتسمت بعدم الاستقرار والتوترات، فنجد أن العلاقات يشوبها الود والسلام لفترة، ثم القطيعة والاختلافات، وتلك سمة العلاقات بينهما. ويعود ذلك بشكل أساسي إلى اختلاف المصالح بينهما تجاه قضية معينة. وكانت أبرز قضية شهدت اختلافات وتشاحنات بين البلدين هي القضية الفلسطينية، التي أدت إلى تدهور العلاقات بين البلدين مع مرور الوقت، لدرجة وصلت إلى حد قطع العلاقات السياسية والاقتصادية بينهما عقب حرب غزة الأخيرة.

  ولعل السبب في اعتراف تركيا بإسرائيل مبكرًا عن سائر الدول الإسلامية هو رغبة مصطفى باشا أتاتورك في فصل جميع المعالم الإسلامية عن الدولة الجديدة “تركيا”، وتأسيس دولة علمانية على الطراز الأوروبي، رغبةً منه في أن تكون تركيا في مصاف الدول الأوروبية، معتقدًا أن الحل يكمن في تغييب الإسلام عن المشهد، والسير بالقيم العلمانية، حتى ترضى عنه الدول الأوروبية، وخصوصًا الولايات المتحدة.

  ومع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم بقيادة أردوغان عام 2004، بدأ الخطاب السياسي بين تركيا وإسرائيل يتغير تدريجيًا نحو التدهور، بسبب السياسات التي اتبعتها إسرائيل في عدوانها العنيف على لبنان وغزة. وتفجرت الأوضاع بشكل أكبر مع حادثة سفينة مرمرة عام 2010، التي أدت إلى قطع العلاقات بين البلدين لمدة ست سنوات كاملة، انتهت عام 2016 بالاتفاق الاستراتيجي لتطبيع العلاقات بينهما، بعد اعتذار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتعويض عائلات الضحايا بمبلغ 20 مليون دولار. لكن تجدر الملاحظة أن قطع العلاقات بينهما كان يحدث على المستوى السياسي فقط، من حيث سحب السفير، وإنهاء التعاملات الدبلوماسية ومختلف الأشكال الأخرى،  بينما تم النظر للمصالح الاقتصادية باعتبارها شق منفصل تماماً عن  الأوضاع السياسية بين البلدين.

إلا إن هذه المعادلة بدأت تتغير مع بدء العدوان على قطاع غزة عقب أحداث السابع من أكتوبر، وذلك في 13 نوفمبر، بعد مرور عام على أحداث غزة، ولكن سبقتها خطوات لتقييد تصدير بعض البضائع. أي أن تركيا بدأت تنظر إلى الاقتصاد كأداة هامة لتحقيق أهدافها، لاسيما وإن حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل، بالإضافة إلى أن تركيا على المستوى القضائي رأت أن عليها مساندة جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية لملاحقة الاحتلال الاسرائيلي في المحاكم الدولية.

  ويرجع استخدام تركيا لسلاح قطع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل إلى العديد من الأسباب، أبرزها مسألة الضغط الشعبي الواقع على السلطات في تركيا، إذ إن حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان لا يرغب في خسارة الانتخابات، كما حدث في الانتخابات المحلية. لذلك، كان من الضروري تبني خطاب شعبوي في مواجهة إسرائيل، حتى لا يتراجع الدعم الداخلي له ولحزبه، وكذلك من أجل إعادة تموضعه الإقليمي مع الدول العربية والإسلامية.

وفي خضم الحديث عن العلاقات التركية الإسرائيلية المتعلقة بالحرب العدوانية على قطاع غزة، ظهرت ساحة جديدة للصراع بين الطرفين، وهي الساحة السورية. فمع صعود هيئة تحرير الشام، ومحاولات إسقاط نظام الأسد بدعم من السلطات التركية، وجدت إسرائيل نفسها أمام تهديد محتمل، إذ إن وجود سلطة مدعومة من تركيا في قلب الصراع التركي الإسرائيلي قد يشكّل تهديدًا مباشرًا لأمنها، خصوصًا بعد توقيع اتفاق دفاع مشترك بين تركيا والسلطة السورية الجديدة.

  لهذا، اشتعل الصراع من جديد بين الطرفين، وأصبحت الأراضي السورية ساحة للتحركات التركية والإسرائيلية. فبدأت إسرائيل بالدخول والسيطرة على أراضٍ في جنوب سوريا، بما في ذلك منطقة جبل الشيخ، وهي من أهم النقاط الاستراتيجية لأنها تطل على دمشق بالكامل، ما يُعد مكسبًا كبيرًا لإسرائيل. في المقابل، لا تزال تركيا تتقدم داخل الأراضي السورية، وتحرص على البدء بإنشاء قواعد عسكرية هناك. فهل تقف تركيا وإسرائيل على أعتاب مواجهة غير مباشرة في سوريا؟ أم أن تقاطع مصالحهما لا يزال محكومًا بسقف معيّن من التنسيق أو التجاهل المتبادل ضمن لعبة كبرى تتجاوزهما معًا؟

  لذلك، تسعى هذه الورقة إلى الكشف عن التحولات الرئيسية في العلاقات التركية الإسرائيلية، ومحاولة فهم العوامل التي لعبت دورًا في قوة أو ضعف هذه العلاقات، وذلك في سبيل فهم الأحداث الجارية والوصول إلى سيناريوهات متوقعة بشأن القضايا البارزة بين الطرفين، وعلى وجه الخصوص قضيتي غزة وسوريا.

أولًا: العلاقات التركية-الإسرائيلية:

   تعود بداية العلاقات التركية الاسرائيلية إلى عام 1949، حيث أن تركيا أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل عام 1949. ويرجع ذلك إلى أنه في ذلك الوقت كانت تركيا تحت حكم مصطفى أتاتورك الذي كان متعلق بأفكار التحديث وإحلال القيم الغربية ورفض كل القيم الإسلامية التي هيمنت لسنوات على تركيا من خلال الخلافة العثمانية. وأيضًا يشير البعض إلى أن من ضمن أسباب اعتراف تركيا بإسرائيل في ذلك الوقت هو رغبتها في الظهور كدولة داعمة لليهود، وبالتالي تعزيز مصالحه مع الدول الأوروبية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.[1]

  وكانت أول مرة تشهد فيها تركيا واسرائيل تنسيقًا عسكريًا فيما بينهم، عقب إعلان مصر وسوريا الوحدة عام 1958، وذلك يعود لتوافق الرؤى فيما بينهم حول ضرورة تعزيز التنسيق والتعاون العسكري، وأن الإسرائيليون سوف يقومون ببعض الاستثمارات في تركيا ومن أهمها بناء عدة مطارات، لكن كان لتركيا غرض أخر من وراء ذلك التعاون وهو أن تستعيد قبرص تحت رايتها. وكانت أبرز حادثة شهيرة للتعاون العسكري فيما بين تركيا واسرائيل عقب حرب لبنان 1982 عندما قامت تركيا بالانحياز نحو إسرائيل واتخذت خطوات لدعمها ببعض الوثائق السرية المتعلقة بمنظمة التحرير الفلسطينية وعلاقتها ببعض المنظمات داخل تركيا. وذلك أسهم في تقوية موقف الجانب الإسرائيلي ونجاحه في الضغط بشكل أكبر على منظمة التحرير ويعتبر ذلك وصمة عار في تاريخ تركيا.[2]

     بالإضافة إلى ذلك، أعلنت كل من تركيا وإسرائيل عن اتفاق عسكري عام 1996، مما أدى إلى استياء إقليمي واسع واتهامات عدة من جانب الدول العربية للجانب التركي، لأن ذلك الاتفاق باختصار شديد يعني أن كلًّ من تركيا واسرائيل سيقومون بمناورات عسكرية مشتركة وجهد استخباراتي مشترك لجمع المعلومات حول مختلف القضايا وخصوصًا معلومات عن سوريا وإيران، فقد تم إجراء مناورتين بحريتين عام 1996 وهي ذئب البحر ناحية السواحل السورية والقبرصية ومناورة أخرى عام 1998 يطلق عليها حورية البحر وشاركت فيها الولايات المتحدة، وكانت ناحية شرق البحر المتوسط. وكانت من ضمن أهداف تركيا من وراء ذلك الحلف هو الحصول على الدعم والرضاء الأميركي في سبيل تسهيل الطريق لها للانضمام للإتحاد الأوروبي، لكن ذلك واجه أدانات شديدة واتهامات من قبل الدول العربية وأولهما الموقف المصري الذي أوضح أن تلك المناورات هدفها تهديد الاستقرار في الشرق الأوسط وتنذر بمؤشرات خطيرة تشعل المنطقة ككل وخصوصا الأراضي السورية.[3]

  وقد يتساءل البعض: لماذا كانت كلٌ من تركيا وإسرائيل تكنّ العداء لسوريا في ذلك الوقت؟ فنجد أنه، للإجابة على هذا السؤال، يجب أن نشير إلى أن سوريا قد مثّلت تهديدًا وجوديًا لإسرائيل في المقام الأول، فلقد أصبحت سوريا الدولة الراعية لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بعد طرد قيادتها من الأردن عقب ضغط الإدارة الأمريكية على السلطات الأردنية. لذا، استضاف النظام السوري السابق قيادات الحركة المنفيين، وفتح لهم مقرًا في دمشق عام 2001. لذلك، صنّفت الولايات المتحدة سوريا كدولة راعية للإرهاب في ذلك الوقت، وذلك لأن اسرائيل كانت تنظر إليها باعتبارها جزءاً مما يطلق عليه “محور المقاومة”. وحتى بعد سقوط النظام السوري السابق ومجيء نظام جديد بقيادة أحمد الشرع، رأت إسرائيل أن وجوده يمثل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، وسنتطرق إلى ذلك بعد قليل.[4]

  أما بالنسبة لتركيا، فكانت ترى أن سوريا تمثل تهديدًا لها بسبب وجود حزب العمال الكردستاني في الشمال السوري، الذي يمثل تهديدًا للأمن القومي، حيث كانت تخشى تركيا أن يُحرّض حزب العمال الأكراد في تركيا على الانفصال أو القيام باحتجاجات تؤدي إلى عدم الاستقرار في تركيا. وأيضًا لأن هناك نزاعًا حول منطقة لواء الإسكندرونة، أو ما يُطلق عليه “منقار البطة”، أدى إلى العديد من الخلافات بين تركيا والجانب السوري في السابق. ولا شك أيضًا فيما يتعلق ببناء تركيا للسدود على نهر الفرات، لأنه ينبع في الأساس من تركيا، وتحديدًا من جبال طرطوس.[5]

وقد مثّلت تلك الأزمات مع الجانب السوري نقطة للتعاون بين تركيا وإسرائيل، فوجد كلا الجانبين في ذلك الوقت أن إيجاد سبل للتعاون بينهما سيحقق لهما العديد من المكاسب المشتركة، وخصوصًا الجانب الإسرائيلي، الذي يتضور جوعًا لأي فرصة تعزز من فرص استقراره إقليميًا.

أما بالنسبة للعلاقات الاقتصادية، فكما سبق الذكر، فإن تركيا تعتبر أول دولة إسلامية تعترف بنشأة إسرائيل، وبطبيعة الحال ساهم ذلك في بدء ممارسة النشاط التجاري بينهما بشكل طبيعي، ووقعت العديد من الاتفاقيات التي وثّقت الصلة التجارية بين الجانبين، سواء بتبادل المواد الغذائية كالقمح أو السكر. لكن مع حلول عام 1973، وبعد أن أصبحت للعرب اليد العليا على الإسرائيليين، خصوصًا في قطاع النفط، عادت تركيا مرة أخرى لتعزيز العلاقات مع العرب، وأبقت على العلاقات مع إسرائيل لكن بشكل سري حتى لا تُستثار غضب الدول العربية. لكن ما لبثت أن عادت مرة أخرى لإعلان العلاقات بينها وبين إسرائيل بشكل علني، بعد أن زادت المشاكل مع سوريا والعراق حول تقسيم مياه نهر الفرات، لدرجة أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل بين عامي 1978-1988 وصل إلى 90 مليون دولار. وأدى ذلك إلى ارتفاع نسب الاستثمارات بين الجانبين.[6]

     ووجدت تركيا الفرصة الذهبية لشرعنه شراكتها مع إسرائيل وزيادتها بشكل أكبر، نتيجة اتفاقيات السلام التي شهدها الشرق الأوسط في ذلك الوقت، وتحديدًا اتفاقية أوسلو عام 1993، وكذلك اتفاقية وادي عربة عام 1994. فاستغلت تركيا كل ذلك ووقّعت اتفاقية استراتيجية عام 1996، كما سبق الذكر. وتلك التطورات السياسية رجّحت الكفة نحو مزيد من الانفتاح التجاري بين البلدين، فتم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بينهما عام 2000. وقد أدى ذلك إلى صعود حجم التبادل التجاري بينهما لأعلى درجة ممكنة، حيث وصل في عام 2001 إلى “1125” مليون دولار أمريكي كإجمالي حجم التجارة بين الجانبين.[7]

     ومع وصول أردوغان إلى السلطة في عام 2004 عن طريق حزب العدالة والتنمية، سار في البداية على نفس النهج في محاولة لضبط العلاقات مع إسرائيل، لكن تدهورت بعدها العلاقات عدة مرات نتيجة لأحداث مختلفة، وخصوصًا ما يتعلق منها بالقضية الفلسطينية. لكن، رغم كل تلك المحاولات، تسببت حرب لبنان عام 2006، في اشتعال الاتهامات بين الطرفين، وأدى ذلك إلى أن استدعت إسرائيل السفير التركي، وقامت باستفزازات دبلوماسية فيما يُعرف بحادثة “إجلاس السفير على كرسي منخفض”، وذلك كنوع من التقليل من قيمته وشأنه، مما أشعل حدة الأزمة.[8]

   كما لا يمكن إغفال أزمة منتدى دافوس عام 2009 عندما قال أردوغان صراحة لرئيس الوزراء الاسرائيلي شمعون بيريز “حين يتعلق الأمر بالقتل، أنتم تعرفون جيدًا كيف تقتلون. أنا أعرف كيف قتلتم الأطفال على الشواطئ” ثم غادر أردوغان المؤتمر بعد منعه من استكمال حديثه[9]، وذلك هدد العلاقات بشكل أكبر بينهما، واستمرت العلاقات في التدهور، سواء بمنع الرحلات بين البلدين أو بتبادل الاتهامات بين الدولتين.

   و ما فجّر العلاقات فيما بين البلدين كانت حادثة “سفينة مرمرة” عام 2010، أو ما يُطلق عليه “أسطول الحرية 1″، الذي ضم سفناً تركية وأخرى يونانية وقبرصية. فكان هدف تلك السفن كسر الحصار المفروض على قطاع غزة من خلال إدخال أطنان من المساعدات الإنسانية بمشاركة عدد من النشطاء والحقوقيين وعدد من أعضاء البرلمان الإنجليزي، ويُقدّر عدد هؤلاء جميعًا بحوالي 750 مشاركًا. وكان هدف ذلك الأسطول إحراج إسرائيل حتى تقبل دخول المساعدات، وأنها لن تقدر على رفض ذلك لأنها مطالبات من المجتمع الدولي، لكن ذلك لم يردعها، فقامت إسرائيل في ذلك الوقت بمهاجمة تلك السفن المشاركة في المياه الدولية، وقامت بإنزال قوات بحرية للاستيلاء على السفينة والقبض على المشاركين في الأسطول، وذلك أدى إلى مقتل حوالي 9 مواطنين أتراك وجرح 54 شخصاً، بالإضافة إلى اعتقال الباقين. وقد تم أخذ أدوات التصوير من الصحفيين على تلك السفينة لمنع نشر الأخبار.[10]

    وكان تبرير إسرائيل لتلك الحادثة أن المشاركين على متن السفن قاموا بالاعتداء على أفراد الجيش الإسرائيلي وأطلقوا عليهم النار. لكن واقع الأمر أن هؤلاء المشاركين لم يمتلكوا سوى أدوات بسيطة للدفاع عن أنفسهم، كان أقواها المكنسة الخشبية. وأسهمت تلك الحادثة في خفض العلاقات الدبلوماسية بشكل كبير بين تركيا وإسرائيل حتى عام 2016، في إطار ما عُرف بالاتفاق الثنائي بينهما، حيث اعترف رئيس وزراء إسرائيل آنذاك “نتنياهو” بأن تلك الحادثة وقع فيها أخطاء ويجب تعويضها. فتم تعويض أهالي الضحايا بمبالغ بلغت 20 مليون دولار، بعد أن كان أهالي الضحايا رافضين تماماً لذلك في البداية عام 2014.[11]

   وفي هذا الإطار، يلاحظ أن ذلك الاتفاق الثنائي قد حمل في طياته رغبة كلاً من تركيا واسرائيل في إنهاء ذلك الخلاف فيما بينهم بعد مرور 6 سنوات على حادثة مرمرة، وفي واقع الأمر كان السبب الأهم لطول مدة ذلك الخلاف هو تمسك تركيا برفع الحصار عن كامل قطاع غزة حتى يتسنى للفلسطينيين العمل بحرية به، لكن بعد طول المفاوضات تخلت تركيا عن ذلك الشرط واكتفت فقط بمجرد السماح بدخول المساعدات عن طريق ميناء أسدود لأن اسرائيل امتنعت عن السماح بدخول تلك المساعدات إلى قطاع غزة بشكل مباشر بدون إشرافها، و جاء ذلك على لسان رئيس وزراء اسرائيل “نتنياهو”، وأنه أيضا ستقوم تركيا باستكمال مشاريع البناء في غزة من خلال مؤسسة الإسكان، وأن يتم فتح منطقة صناعية في جنين، وأن يعود تبادل السفراء فيما بين البلدين.[12]

  وتضمن الاتفاق أيضًا أن تقوم تركيا ببناء مستشفى حديث ومحطة تحلية مياه البحر ومحطة توليد كهرباء في قطاع غزة حتى يستفيد السكان الغزيون منها، وأن تعود العلاقات الأمنية والاستخباراتية فيما بين تركيا واسرائيل بشكل طبيعي كما سبق. وفيما يتعلق بحركة حماس فقد اتفق الطرفان على منع حركة حماس من القيام بأي أنشطة عسكرية تسهم في تهديد أمن اسرائيل من الجانب التركي، وتنازلت اسرائيل عن شرط طرد قيادتها من تركيا وخصوصاً صالح العاروري حيث يتم فقط السماح للحركة بالعمل الدبلوماسي.[13]

  وقد يتساءل البعض: لماذا تخلّت تركيا عن شرط رفع الحصار بعد سنوات من الخلاف حول ذلك الشرط مع الإسرائيليين؟ يمكن تفسير ذلك بعدة أسباب، أبرزها وأهمها الأوضاع في سوريا، حيث زادت الخلافات بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بخصوص الأزمة السورية، ولا سيما مع الولايات المتحدة بسبب دعمها للفصائل المسلحة الكردية في الشمال السوري، والتي تُعد تهديداً للأمن القومي التركي.[14]

   كما أن التطورات التي واجهها الاحتلال والمخاطر المحتملة، لاسيما في الملف السوري، دفعته إلى العودة لعلاقاته الطبيعية القديمة مع تركيا. ومن جهة أخرى، فإن رغبة تركيا في إعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي تعود إلى سعيها لتعزيز التعاون مع دولة الاحتلال في ملف الغاز الطبيعي، في إطار طموحها لأن تصبح ممراً ووسيطاً لنقل الغاز الطبيعي إلى الدول الأخرى، مما من شأنه أن يقلل من اعتمادها على الغاز الروسي.[15]

    ورغم ما شابته العلاقات من توتر وتبادل للاتهامات وخلافات، لاسيما منذ حادثة مرمرة، إلا أن ذلك لم يؤدِّ إلى انخفاض في نسبة التبادل التجاري بين البلدين، باستثناء عام 2015، في ظل الضغوط التي شابت المفاوضات بينهما. بل على العكس، نجد أن نسبة التبادل التجاري قد زادت، وكأن الخلافات السياسية مفصولة تماماً عن الجوانب الاقتصادية بين الطرفين، كما يتضح في الشكل التالي:[16]

شكل رقم 1 صادرات تركيا إلي إسرائيل

  لكن كالمعتاد، لم تدم العلاقات بين تركيا وإسرائيل بشكل إيجابي، فعادت للتدهور مرة أخرى بسبب ما حدث من قمع إسرائيلي لمسيرات العودة، وكذلك إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، لذلك أعلنت تركيا سحب سفيرها من إسرائيل. لكن العلاقات عادت مرة أخرى بعد سنتين، وذلك نتيجة رغبة تركيا في تحسين علاقاتها مع جيرانها الإقليميين المختلفين، وخصوصاً مصر، والسعودية، والإمارات، وبالطبع إسرائيل، بعد التوتر الذي شاب العلاقات بينهم عقب ثورات الربيع العربي، وذلك في إطار عودة تركيا إلى سياسة “تصفير المشاكل”. وقد جاء ذلك أيضاً ضمن السعي لتحقيق مكتسبات سياسية، خاصةً مع دخولها في العديد من الصراعات في المنطقة. كما أن الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن رأت ضرورة الانسحاب الجزئي من صراعات الشرق الأوسط للتفرغ لمشكلات أخرى، وترك زمام بعض الملفات لأحد حلفائها في المنطقة، وهي تركيا.[17]

  ثم ما لبثت أن عادت العلاقات مرة أخرى إلى التدهور عقب شن إسرائيل حربها العدوانية على قطاع غزة، فبدأت الحرب الكلامية بين تركيا وإسرائيل، حينما وصف أردوغان نتنياهو وإدارته بأنهم “نازيون العصر”. واستمرت الحرب الكلامية بين الطرفين، إلى درجة أن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يسرائيل كاتس، وضع صورة أردوغان بجانب صدام حسين، وأوضح أن مصيره سيكون مثل صدام حسين، وذلك على خلفية تصريح أردوغان بأنه يستطيع التدخل في إسرائيل على غرار ما فعله في ليبيا. لكن، وصف البعض تصريحات أردوغان هذه بأنها للاستهلاك الإعلامي وتعزيز مكانته الشعبية خصوصا بعد خسارة حزب العدالة والتنمية للانتخابات المحلية، على أساس أن البعض ينظر إليه على أنه “خليفة المسلمين”، على غرار الخلفاء العثمانيين.

  لكن واقع الأمر أنه نتيجة العدوان الغاشم على قطاع غزة بعد السابع من اكتوبر، قررت تركيا أن تقطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الجانب الإسرائيلي والتي وصفت بأنها “خطوة في سبيل وقف ذلك العدوان النازي على الفلسطينيين”، وذلك نتيجة لاعتبارات كثيرة من أهمها الضغط الشعبي على الحكومة التركية، لكن المعضلة التي واجهتها الحكومة التركية بعد قطع العلاقات التركية هو أنه تم التحايل والالتفاف على تلك العقوبات من خلال طلب المنتجات التركية عن طريق أشخاص فلسطينيين بهويات فلسطينية مما يسهم في الالتفاف حول تلك العقوبات.[18]

    وبالرجوع إلى الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجانب التركي، نجد أن وزارة التجارة التركية أشارت إلى انخفاض التجارة مع الجانب الإسرائيلي بنسبة 32%، كذلك تراجعت الواردات من الاحتلال بحوالي 43%. لم يتم تسجيل أي صادرات أو واردات رسمية بين البلدين حتى الوقت الراهن، وذلك منذ إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بينهما. وعلى الرغم من أن هذا الانقطاع ليس كاملاً بنسبة 100%، إلا أنه أسهم بشكل ملموس في إضعاف الموقف الاقتصادي الإسرائيلي، وشكّل أحد أدوات الضغط الاقتصادي التركي، ولا يدل ذلك على أن تركيا لم تتضرر، بل تضررت بشكل كبير، خاصة أن هناك نسبة كبيرة من الشركات الصغيرة والمتوسطة تعتمد على التبادل التجاري في الأسواق الإسرائيلية بنسبة تصل إلى 80%، لكن ذلك كان ضرورة للحكومة التركية برئاسة أردوغان حتى لا تضعف قاعدتها الشعبية بعد أن انتشرت المظاهرات الشعبية المطالبة بقطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الجانب الصيني، وذلك أيضا جاء لعامل هام وهو خسارة حزب العدالة والتنمية للانتخابات المحلية بعد انخفاض القاعدة الشعبية واستحواذ حزب الشعب الجمهوري التركي عليها.[19]

ثانيًا: بداية التصعيد في سوريا:

    شهدت الساحة السورية خلال الفترة الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق في العمليات العسكرية، حيث شنت القوات الجوية الإسرائيلية سلسلة من الغارات على مطارات، وقواعد عسكرية سورية،[20] كان من أبرزها مطار حماة، ومطار T4 في محافظة حمص، وتشير تقارير متقاطعة إلى أن هذه الضربات استهدفت وحدات تركية كانت متمركزة داخل هذه القواعد،[21] وذلك في سياق اتفاقية تعاون عسكري أبرمت بين الحكومة السورية المؤقتة، بقيادة “أحمد الشرع “، وتركيا.[22]

  وجاء هذا التصعيد في أعقاب تقرير صادر عن لجنة “ناجل” لفحص ميزانية الأمن،[23] وبناء القوة في إسرائيل، والذي قُدم إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في يناير 2025، محذرًا صراحًة مما وصفه بـ”التهديد التركي” المتنامي في سوريا، فقد بيّن التقرير أن أنقرة باتت تعزز بشكل متسارع نفوذها العسكري والسياسي من خلال دعم المعارضة السورية، وتوقيع اتفاق دفاع مشترك مع النظام الجديد في دمشق، وذلك يشمل إنشاء قواعد عسكرية داخل الأراضي السورية وتقديم التدريب للجيش السوري الجديد[24] و من هذا المنطلق، رأت اللجنة أن تحول سوريا إلى “وكيل فعلي” لأنقرة سيؤدي إلى تعقيد البيئة الأمنية في الجبهة الشمالية لإسرائيل، وقد ألقى التقرير بظلاله على المواقف السياسية والعسكرية الإسرائيلية، [25]خاصة في ظل الزيارات الرسمية المتبادلة بين تركيا والنظام السوري الجديد، وتصاعد مستوى التعاون الاستخباراتي بين الطرفين. من هذا المنطلق، يمكن تفسير الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على أنها خطوة استباقية تهدف إلى إحباط محاولة تثبيت النفوذ التركي في العمق السوري، لاسيما في المناطق الاستراتيجية القريبة من دمشق، وبالتوازي مع الهجمات الجوية، قامت إسرائيل بتنفيذ عمليات إنزال بري وتوغلات مدرعة داخل الأراضي السورية، ولا سيما في محافظة درعا، تلتها ضربة جديدة استهدفت العاصمة دمشق.[26]

ثالثًا: دلالات توقيت الهجمات الإسرائيلية في سوريا:

  في هذا السياق، برزت روايتان رئيسيتان حول توقيت الهجمات الإسرائيلية، تذهب الرواية الأولى إلى أن إسرائيل شنت الهجمات قبل أن تصل القوات التركية رسميًا إلى المطارات المستهدفة، وذلك بهدف تفادي أي اشتباك مباشر، أو تصعيد دبلوماسي قد يُحرج الطرفين.

   أما الرواية الثانية، فتزعم أن القوات التركية كانت قد بدأت بالفعل في تركيب منظومة الدفاع الجوي المتقدمة “حصار”، وهو ما شكّل تهديدًا مباشرًا لتفوق إسرائيل الجوي، ودفعها لتوجيه ضربة سريعة في محاولة لتدمير هذه القدرات قبل أن تدخل حيّز التشغيل الفعلي.

    بغض النظر عن الرواية الأرجح، فإن غياب أي رد دفاعي جوي أثناء تنفيذ الضربات الإسرائيلية، يعزز من احتمالية الرواية الأولى، إذ لم تُسجَّل محاولات للتصدي للطائرات الإسرائيلية، ما يشير إلى أن منظومات الدفاع لم تكن جاهزة بعد. وفي هذا السياق، تبرز أهمية منظومة “حصار”، [27]التي تُعد واحدة من أبرز برامج الدفاع الجوي التركية،[28] والتي طورتها شركتا “روكيتسان” و**”أسيلسان”، وتتميز المنظومة بقدرتها على العمل بشكل مستقل، أو ضمن شبكة دفاع جوي متكاملة، إذ تستخدم صواريخ “أرض-جو” دقيقة التوجيه بمدى يصل إلى 15 كم في النسخة القصيرة، و25 كم في النسخة المتوسطة، مما يُمكّنها من التعامل مع مختلف التهديدات الجوية، بدءًا من الطائرات الحربية، والمروحيات، وصولًا إلى الطائرات بدون طيار، والصواريخ المجنحة وصواريخ “جو-أرض”، كما تمتاز راداراتها بقدرتها على العمل في مختلف الظروف الجوية، مع إمكانية تمييز الأهداف الصديقة من المعادية.[29]

   بناءً على هذه المعطيات، يمكن القول إن “حصار” تمثل عنصرًا فاصلًا في معادلة الردع، وقد يكون وجودها الوشيك في قلب سوريا سببًا كافيًا لاتخاذ قرار إسرائيلي سريع بالحسم قبل اكتمال منظومة الدفاع التركية.[30]

رابعًا: اتفاقية التعاون العسكري بين سوريا وتركيا

  في ضوء ما سبق، تشير مصادر سياسية إلى أن “أحمد الشرع ” قد أبرم اتفاقية تعاون عسكري شاملة مع الجانب التركي تضمنت ثلاث مراحل رئيسية:[31]

أولًا: الهيكلة السياسية

  وتشمل هذه المرحلة دعم تركيا في إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية، من خلال صياغة دستور جديد، وتشكيل حكومة تتضمن وزارات سيادية مثل الدفاع والخارجية والاستخبارات.[32]

ثانيًا: الهيكلة العسكرية

  تقوم وزارة الدفاع السورية بتحديد احتياجاتها من الأسلحة والمعدات، وتُحال هذه الاحتياجات إلى تركيا لتوفيرها، في إطار مشروع متكامل لإعادة بناء القدرات الدفاعية السورية، [33]ووفقًا للتقارير، تشمل المساعدات العسكرية التركية لسوريا ما يلي: أنظمة دفاع جوي، حيث نشر منظومات متقدمة في قاعدة “T4” الجوية وتدريب الطيارين السوريين، بجانب تزويد الجيش السوري بتكنولوجيا الدرون التركية، والمقاتلات الجوية F-16 ، ودعمها بالمركبات المدرعة، وأنظمة المدفعية، وأنظمة الحرب الإلكترونية، والرادارات.[34]

ثالثًا: مرحلة التنفيذ:

     تبدأ تركيا في هذه المرحلة بنقل وحداتها، ومنظوماتها الدفاعية إلى قواعد سورية استراتيجية، وتولي مهام تدريب الجيش وتأمين المجال الجوي، كما سيتم إنشاء قواعد تركية جديدة للدعم اللوجستي، والتقني،[35] مع التركيز على مطار حماة ومطار T4 باعتبارهما نقاط ارتكاز استراتيجية،[36] وتُعتبر هذه الاتفاقية جزءًا من صفقة سياسية غير معلنة جرى التفاهم حولها بين القوى الفاعلة في الملف السوري – وتحديدًا: الولايات المتحدة، وتركيا، وروسيا، وإيران، وإسرائيل – والتي مكّنت أنقرة من لعب دور مركزي في إعادة تشكيل النظام السوري على أسس موالية لها سياسيًا، وعسكريًا، وبموجب هذه التفاهمات،[37] حازت تركيا على نوع من التفويض غير المعلن للسيطرة على القرار السياسي والعسكري في شمال ووسط سوريا، مقابل التزامات متبادلة تحفظ مصالح باقي الأطراف.[38]

خامسًا: مشروع النفوذ التركي في سوريا:

  في هذا السياق، يمكن قراءة المشروع التركي في سوريا بوصفه استراتيجية متكاملة تهدف إلى توسيع النفوذ الإقليمي، من خلال مزيج من التحركات العسكرية، والسياسات الدبلوماسية، والدعم اللوجستي للفصائل الحليفة.

أولًا: تعزيز النفوذ العسكري: حيثتسعى تركيا إلى إعادة تموضع قواتها في مناطق استراتيجية داخل سوريا، مثل T4 وقاعدة تدمر، إلى جانب نشر أنظمة دفاع جوي متطورة مثل “حصار”، وربما لاحقًا منظومة “S-400”.[39] وفي موازاة ذلك، تستمر أنقرة في دعم فصائل المعارضة السورية المسلحة، لا سيما تلك التي تواجه الأكراد.

ثانيًا: مواجهة الأكراد: حيث تستهدف تركيا بشكل متزايد المناطق الكردية، مثل كوباني (عين العرب)، [40]لمنع توسع الإدارة الذاتية الكردية وتقويض مشروع الحكم الذاتي شمال شرق سوريا، وتدعم أنقرة فصائل مسلحة لمحاربة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، وتسعى لتقليص النفوذ الأميركي في المناطق الكردية.[41]

ثالثًا: التعاون مع الحكومة السورية الجديدة: تسعى أنقرة لتعزيز التعاون مع الحكومة السورية الجديدة، من خلال مشاريع مشتركة لإعادة تأهيل الجيش والبنية العسكرية، وخلق توازنات داخلية تخدم مصالحها.

رابعًا: الأهداف الإقليمية الأوسع: على المستوى الإقليمي، تستخدم تركيا ملف اللاجئين كورقة ضغط لتعزيز دورها في عمليات إعادة الإعمار،[42] والمشاركة في رسم ملامح الحل السياسي النهائي. كما تُوظّف وجودها العسكري في سوريا كورقة ضغط على إسرائيل، خصوصًا في قضايا الغاز شرق المتوسط، [43]حيث تركيا تسعى إلى تعزيز نفوذها في شرق المتوسط من خلال وجودها العسكري في سوريا، والذي يمكن أن يؤثر على خطوط أنابيب الغاز المحتملة بين إسرائيل وقبرص واليونان، وقد تسعى تركيا لعرقلة أو إبطاء مشاريع النفط والغاز التي تهدد مصالحها الإقليمية، والمواقف المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

سادسًا: مشروع النفوذ الاسرائيلي:

في إطار مشروعها الواسع لترسيخ نفوذها جنوب سوريا، سعّت إسرائيل إلى توظيف الورقة الطائفية والعرقية كجزء من استراتيجيتها لتقسيم الداخل السوري وكسب حلفاء محليين. وكالعادة، ومن أجل تبرير تدخلها وإظهاره كأنه شرعي في سوريا، تحجّجت إسرائيل بمسألة حقوق الإنسان وحماية الأقليات، وخصوصًا الدروز، من “النظام الإسلامي المتطرف في سوريا” على حدّ تعبيرها. وكان جزءًا من خطة إسرائيل لإغراء الدروز بالدخول تحت رايتها هو وعدهم بالحماية من النظام الجديد في سوريا بقيادة أحمد الشرع، الذي يُنظر إليه باعتباره كان من جبهة النصرة، والتي ارتكبت، بحسب بعض الروايات، انتهاكات بحقهم، وبالتالي ما زالوا متوجسين من منحه الثقة أو الشعور بالأمان تجاهه.  [44]

لذلك، استغلت إسرائيل هذا الانقسام، وعملت على تعميق التفرقة بين المكوّنات السورية المختلفة، وعرضت أيضًا منح الدروز حق العمل داخل الأراضي السورية الواقعة تحت سيطرتها، وكل ذلك في سبيل كسب ولائهم وتسهيل ضم أراضٍ من الجنوب السوري. لكن تلك المحاولات الاسرائيلية بضم الدروز ستؤدي الي النظر إليهم بأنهم المتسببين في التدخل الاسرائيلي في الأراضي السورية مما يضعهم في دائرة الاستهداف.[45]

سابعًا: الموقف التركي وردود الأفعال:

لا تزال تركيا تلتزم الصمت الرسمي حيال التطورات العسكرية الجارية في الساحة السورية، وهو ما يُفهم ضمنيًا في عدد من القراءات التحليلية على أن الضربات الجوية الإسرائيلية جاءت في توقيت يسبق الانتشار الرسمي للقوات التركية داخل القواعد العسكرية السورية. ويُنظر إلى هذا الصمت على أنه اعتراف غير مباشر بكون الهجمات الإسرائيلية تهدف إلى الحيلولة دون تثبيت الحضور التركي في مناطق وسط سوريا، وتحديدًا في محيط العاصمة دمشق.

وفي مقابل هذا الموقف التركي المتريث، أدلى وزير الخارجية الإسرائيلي بتصريحات اتهم فيها أنقرة بالسعي لتحويل سوريا إلى “محمية تركية”، وهو ما دفع الجانب التركي إلى الرد بوصف هذه التصريحات بأنها “انتهاك للأعراف الدبلوماسية” وتعبير عن “وقاحة سياسية”، معتبرًا أن مثل هذا الخطاب لا يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي،[46]

وفي أول تعليق رسمي من الجانب التركي، صرّح وزير الخارجية هاكان فيدان بأن بلاده لا تسعى إلى أي تصعيد عسكري مع إسرائيل داخل الأراضي السورية،[47]مشيرًا إلى أن الغارات الإسرائيلية المتكررة على مواقع عسكرية سورية ساهمت في تقويض قدرات الحكومة السورية الجديدة على احتواء التهديدات. كما عبّر، خلال لقاء عقده على هامش اجتماع وزراء خارجية حلف الناتو في بروكسل، عن قلق بلاده إزاء ما وصفه بالسلوك الإسرائيلي الذي يفتح الباب أمام اضطرابات أوسع في المنطقة.[48]

في المقابل، كثّفت إسرائيل من غاراتها الجوية داخل سوريا، معتبرة إياها رسائل تحذيرية مباشرة للنظام السوري الجديد، كما اتهمت أنقرة بمحاولة فرض وصايتها السياسية والعسكرية على الأراضي السورية.[49]

  وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن الضربات الأخيرة تأتي في إطار استراتيجية واضحة تهدف إلى حماية الأمن القومي الإسرائيلي، رافضًا أي تهديدات محتملة في هذا الصدد.[50]

ورغم تصاعد التصريحات من الجانب الإسرائيلي، اكتفت تركيا بإصدار بيانات رسمية تندد بالهجمات، من دون أن تتخذ أي إجراءات عسكرية مقابلة، داعية في الوقت ذاته إلى عدم الانجرار خلف ما وصفته بـ”المعلومات المضللة” بخصوص تحركاتها العسكرية. ويشير هذا الموقف إلى تفضيل أنقرة للمسار الدبلوماسي، ويعزز من التحليلات التي ترى أن سيناريو المواجهة المباشرة بين تركيا وإسرائيل بات أقل ترجيحًا، مقابل تصاعد الحديث عن تفاهمات غير معلنة تهدف إلى إعادة رسم حدود النفوذ داخل الأراضي السورية.[51]

  في سياق متصل، نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية تقريرًا يتضمن تصورًا لتقسيم الجغرافيا السورية إلى مناطق نفوذ تخضع لرعاية قوى إقليمية ودولية، بحيث تؤول مناطق الشرق للولايات المتحدة، والساحل الغربي لروسيا، والشمال لتركيا، والجنوب لإسرائيل، مع احتفاظ الأخيرة بمنطقة عازلة في هضبة الجولان المحتلة.[52]

وبحسب التقرير، فإن التهديد الرئيسي الذي تواجهه إسرائيل لا يتمثل فقط في التواجد العسكري التركي، بل في بروز تركيا كقوة إقليمية ذات قيادة سياسية فعالة، وهو ما قد يُشكّل تهديدًا استراتيجيًا طويل الأمد للمكانة الإسرائيلية في المنطقة. كما أشار التقرير إلى أن التحدي الأبرز الذي تخشاه إسرائيل يتمثل في نشوء محور سني بقيادة أنقرة، قد يحل محل إيران كفاعل إقليمي رئيسي يهدد التوازنات الاستراتيجية في الإقليم.[53] وفي محاولة لاحتواء هذا التوتر، ناقش الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، مسألة الخلاف التركي-الإسرائيلي في سوريا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مُبدياً استعداده للقيام بدور الوسيط بين الطرفين،[54] مستندًا إلى علاقته الشخصية الوثيقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.[55] غير أن المقترحات الإسرائيلية بشأن إعادة تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ لم تحظَ بتأييد واضح من الإدارة الأمريكية، التي بدت، في ذلك الوقت، أكثر ميلاً إلى إدارة الصراع من الانخراط في ترتيبات تقسيمية جديدة.[56]

ثامنًا: محادثات« تركية–إسرائيلية »

أفادت مصادر رسمية من تركيا وإسرائيل ببدء محادثات فنية بين مسؤولين من الجانبين في العاصمة الأذربيجانية باكو، [57]بهدف إنشاء آلية لتفادي أي اشتباك عسكري محتمل في سوريا،     في ظل تزايد نشاط الجيشين التركي والإسرائيلي داخل الأراضي السورية. وبحسب المصادر التركية، تمثل هذه الخطوة بداية لفتح قناة اتصال دائمة لتنسيق العمليات وتفادي سوء الفهم أو الحوادث غير المرغوب فيها، خاصة في ضوء تصاعد التوترات عقب الغارات الإسرائيلية المكثفة الأخيرة على مواقع عسكرية سورية، بعضها مرتبط بوجود تركي.[58] وقد حذّرت إسرائيل من أن أي انتشار تركي دائم، خصوصًا في منطقة تدمر، يُعد خرقًا لقواعد اللعبة ويُواجه بخطوات حاسمة.

وقد ترأس الوفد الإسرائيلي في المحادثات مستشار الأمن القومي تساحي هنجبي، وفقًا لبيان رسمي من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي امتنع عن ذكر تفاصيل إضافية حول طبيعة أو نتائج الاجتماع.

تأتي هذه المحادثات في أعقاب تقارير عن قيام فرق تركية بتفقد قواعد جوية داخل سوريا بهدف نشر قوات تركية فيها ضمن اتفاق دفاع مشترك محتمل مع الحكومة السورية الجديدة. وتشير التحركات إلى محاولة أنقرة تعزيز وجودها العسكري والاستراتيجي داخل العمق السوري.

وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن المحادثات الجارية تندرج ضمن “آليات فنية” مماثلة لتلك التي تربط أنقرة بواشنطن وموسكو في إدارة العمليات العسكرية، وشدد على أن الهدف الأساسي منها هو تفادي التصعيد، وليس استئناف العلاقات الطبيعية مع إسرائيل، والتي لا تزال متوترة على خلفية العدوان الإسرائيلي على غزة منذ عام 2023.[59]

ختامًا، يمكن القول إن العلاقات التركية–الإسرائيلية لم تعد محكومة فقط بعوامل ثنائية تقليدية كالتمثيل الدبلوماسي أو التبادل التجاري، بل أصبحت تتقاطع بشكل مباشر مع صراعات إقليمية مركبة، في مقدمتها القضيتان الفلسطينية والسورية. وقد تبيّن من خلال تحليل مسار العلاقات بين الطرفين أن التغيرات الكبرى لم تكن ناتجة فقط عن أحداث مفصلية مثل حادثة “مرمرة” أو حرب غزة، بل أيضًا بسبب التحولات الجيوسياسية العميقة في الإقليم، خصوصًا ما يتعلق بإعادة رسم خرائط النفوذ، وصعود فواعل جديدة كالحكومة السورية المؤقتة المدعومة من أنقرة.

ففي القضية الفلسطينية، ورغم أن الخطاب التركي اتّسم على الدوام بالدعم العلني والرمزي للفلسطينيين، إلا أن العلاقة بين الدعم الفعلي والسياسات الواقعية كانت دومًا عرضة لمعادلات داخلية معقّدة، أبرزها ضغوط الانتخابات وتوازن المصالح الاقتصادية. لكن الحرب الأخيرة على غزة مثّلت نقطة انعطاف حقيقية، دفعت تركيا نحو خطوات عملية تمثلت في قطع العلاقات السياسية والاقتصادية، في مشهد يؤكد أن أنقرة بدأت تنظر إلى علاقاتها مع تل أبيب من منظور أوسع، يأخذ في الحسبان الانعكاسات الإقليمية والداخلية معًا.

أما في الساحة السورية، فقد تحوّلت العلاقة من مجرد تباين في المواقف إلى صراع غير مباشر متعدد الأبعاد. إذ أصبح الوجود التركي في الداخل السوري – خصوصًا بعد توقيع اتفاقات عسكرية مع الحكومة السورية الجديدة – يُنظر إليه في إسرائيل كتهديد استراتيجي متزايد، دفع تل أبيب إلى تكثيف ضرباتها الاستباقية والبحث عن تفاهمات إقليمية لتطويق النفوذ التركي.

هذا التعقيد في العلاقات يعكس دخول تركيا وإسرائيل في مرحلة جديدة من التفاعل الجيوسياسي، حيث لم تعد المواجهة تدور فقط حول ملفات تقليدية كفلسطين أو قضايا الاستخبارات، بل تحوّلت إلى صراع على إعادة تشكيل الإقليم، والتحكّم في موازين القوة، والتحالفات الناشئة بعد الحرب السورية، لذلك تبرز أربع سناريوهات محتملة للعلاقات في بين تركيا واسرائيل كالتالي:

السيناريو الأول: استمرار التصعيد غير المباشر:

أ: سوريا:

ويمكن أن يحدث ذلك من خلال استمرار تركيا في زيادة عدد قواعدها العسكرية داخل سوريا، ووضعها على مقربة من مناطق النفوذ الإسرائيلية داخل سوريا، بالإضافة إلى دعم الإدارة السورية بشكل أكبر مما سبق.

بينما ستقوم إسرائيل بزيادة تحريض الأقليات السورية على الإدارة السورية الجديدة، لكي تلعب دور المدافع عن الأقليات، كما ستزيد من مساحة الضغط الإعلامي على الإدارة السورية الجديدة من خلال ترديد رواية اضطهاد الأقليات، وذلك لتبرير نفوذها في سوريا.

ب: فلسطين:

أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فمن المرجح أن تستمر تركيا في قطيعتها السياسية والاقتصادية حتى وقف الحرب في غزة، وقد رأينا ذلك سابقًا عندما استمرت القطيعة بين تركيا وإسرائيل لمدة ست سنوات بسبب أحداث سفينة مرمرة، ثم عادت العلاقات مرة أخرى. لذلك من المرجح أن تكتفي تركيا بدعم حماس إعلاميًا وليس عسكريًا، لأن الدعم العسكري قد يُدخل تركيا وإسرائيل في مرحلة خطرة جدًا من العلاقات قد تؤدي إلى حرب بينهما.

أما إسرائيل، فقد تبدأ في تنفيذ عمليات اغتيال لقيادات حماس داخل تركيا، مثلما اغتالت إسماعيل هنية داخل إيران أثناء زيارته لها.

السيناريو الثاني: تقاطع المصالح على حساب سوريا:

في ظل تراجع الاهتمام الأميركي المباشر بالملف السوري، قد تنشأ تفاهمات ضمنية بين أنقرة وتل أبيب لتقاسم مناطق النفوذ، مقابل التزامات متبادلة تضمن أمن إسرائيل وتوسع تركيا الإقليمي، وهو سيناريو يلقى قبولًا ضمنيًا من بعض الأطراف الدولية.

لكن هذا السيناريو مستبعد بنسبة كبيرة، لأن خطابات الجانب التركي لطالما أكدت على ضرورة وحدة واستقرار الأراضي السورية ككل، وذلك تماشيًا مع توجهات الدول العربية الرافضة لأن تكون سوريا ساحةً للصراع.

السيناريو الثالث: توتر حول “الخطوط الحمراء”

في هذا السيناريو، تفرض إسرائيل “خطوطًا حمراء” تمنع تركيا من التمركز العسكري في مناطق معينة داخل سوريا، خاصةً قرب الجولان ودمشق، معتبرةً أن أي وجود تركي دائم في هذه المناطق يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. في إطار مفاوضات غير معلنة، تطرح إسرائيل هذه الشروط مقابل ضمانات بعدم توسع النفوذ التركي في مناطق أخرى. في المقابل، ترفض أنقرة هذه الشروط، معتبرةً إياها انتهاكًا لسيادتها، خاصةً وأن تركيا تربطها اتفاقات أمنية مع الحكومة السورية الجديدة.

بجانب ذلك، تظهر الهواجس الإسرائيلية من التوسع التركي في سوريا باعتباره تهديدًا استراتيجيًا لميزان القوى في المنطقة، وهو ما يدفع إسرائيل إلى تكثيف ضرباتها الجوية “التحذيرية” ضد المواقع العسكرية التركية في سوريا. هذه الضربات تهدف إلى ردع أنقرة عن توسيع وجودها العسكري في المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية. بالمقابل، ترد تركيا بدبلوماسية حادة، ما يعكس توترًا مستمرًا بين الجانبين دون تصعيد ميداني مباشر، مما يخلق حالة من التوتر المستمر ضمن سياق مفاوضات معقدة حول النفوذ والسيادة في سوريا.

السيناريو الرابع: نجاح المفاوضات بين تركيا وإسرائيل

  إذا نجحت المفاوضات بين تركيا وإسرائيل، سيؤدي ذلك إلى تحول استراتيجي في علاقاتهما، مع التوصل إلى تفاهمات أمنية وجغرافية. من أبرز هذه التفاهمات، ستوافق تركيا على تجنب التصعيد في الجنوب السوري مقابل ضمانات إسرائيلية بعدم دعم الأكراد أو السماح بإنشاء “ممرات انفصالية” على الحدود التركية. في المقابل، ستحتفظ تركيا بوجودها في إدلب وحلب، بينما ستفرض إسرائيل سيطرتها على الجنوب السوري، وخاصةً في منطقة الجولان.

سيُنشأ أيضًا تنسيق عسكري عبر أذربيجان لتجنب الصدامات غير المتعمدة بين قوات البلدين. بالإضافة إلى ذلك، ستسمح تركيا لإسرائيل بمواصلة ضرباتها ضد الميليشيات الإيرانية في سوريا، على أن تتغاضى إسرائيل عن الوجود العسكري التركي في شمال ووسط سوريا. هذه التفاهمات ستسهم في استقرار الأوضاع الإقليمية، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وفي ظل هذا المشهد المعقد، تظل السيناريوهات الأربعة تمثل أبرز المسارات المحتملة لمستقبل العلاقات التركية–الإسرائيلية. لكن ما يميز المرحلة الراهنة هو أن كافة السيناريوهات تتقاطع في نقطة واحدة: أن المسار المستقبلي للعلاقات لن يُحدّده العامل الثنائي وحده، بل توازنات أكبر تتعلق بالنظام الإقليمي ككل، ومستقبل القوى الفاعلة في سوريا، وقضية غزة، وطبيعة الاصطفافات الإقليمية القادمة.

وبالتالي، فإن فهم العلاقات التركية–الإسرائيلية يتطلب قراءة ديناميكية لا تقف عند الأفعال الظاهرة، بل إن مصالح وأهداف الطرفين قد تدفع كلاً من تركيا وإسرائيل -رغم العداء المتبادل- إلى تقبل بعضهما البعض، إذ أن كل دولة تمثل أهمية استراتيجية للأخرى، وأن كلاً منهما يسعى لتحقيق مصالح معينة من هذه العلاقة.


[1] احمد خالد سعيد الزعتري، “ العلاقات التركية-الإسرائيلية (2002-2004)”، رسالة ماجستير، جامعة القدس، 2015، ص.37، https://n9.cl/5xilp

[2] سعيدي السعيد، ” تطور العلاقات التركية الاسرائيلية.”، مجلة العلوم الإنسانية – جامعة محمد خيضر بسكرة، ع.21، مارس 2011، ص.5، https://n9.cl/71p57

[3] مرجع سابق، ص.6-7

[4] Cafiero Giorgio, “Why Syria is So Silent About Hamas”, Middle East & North Africa,  March 19, 2024, accessed at 4/7/2025, https://n9.cl/7keosd

[5] Armenak Tokmajyan and Kheder Khaddour, “ Border Nation: The Reshaping of the Syrian-Turkish Borderlands”, Carnegie Middle East Center, March 30, 2022, https://n9.cl/qd0ic, accessed at 4/7/2025

[6] احمد خالد سعيد الزعتري، مرجع سبق ذكره، ص.50

[7] المرجع السابق، ص.51

[8] أمين حبلا، تركيا وإسرائيل.. صداقة بطعم العداوة وعلاقات دبلوماسية لا تموت ولا تحيا، الجزيرة، 9/11/2023، https://n9.cl/tovum ، تاريخ الاطلاع 4/7/2025.

[9]  أردوغان ينسحب من دافوس“، 30/1/2009، الجزيرة، https://www.youtube.com/watch?v=TCj7sY9Tn9A

[10] مافي مرمرة”.. سفينة تركية قادت إسرائيل إلى محاكم دولية.”، تاريخ النشر: 1/2/2024، الجزيرة، https://n9.cl/vcxq5 ، تاريخ الاطلاع: 4/9/2025

[11] مرجع سابق.

[12] أبرز بنود الاتفاق التركي الإسرائيلي، تاريخ النشر:27/6/2016، الجزيرة، https://n9.cl/exjeig ، تاريخ الإطلاع: 4/9/2025

[13]  “اتفاق المصالحة بين تركيا وإسرائيل”،  عربي, 26 يونيو 2016، BBC Arabic https://n9.cl/i37u5p، تاريخ الإطلاع: 4/9/2025

[14] سعيد الحاج، هل يعود التحالف الإستراتيجي بين تركيا وإسرائيل؟، تاريخ النشر: 3/7/2016، https://n9.cl/gev0g ، تاريخ الإطلاع: 4/9/2025

[15] مرجع سابق.

[16] هند محروس محمد الجلداوي، “تأثير العلاقات التركية -الإسرائيلية على القضية الفلسطينية”، مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر: 18 مارس 2024، https://n9.cl/nz56wb، تاريخ الإطلاع: 4/9/2025.

[17] سعيد الحاج، “عودة العلاقات بين تركيا واسرائيل: ما الجديد في هذه المرة؟”، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، نوفمبر 2022، ص.4:6، https://n9.cl/12dqgu

[18] هنا داود، الجدل حول التبادل التجاري بين تركيا – إسرائيل، شاف SHAF، 23 أكتوبر 2024، https://n9.cl/1h966، تاريخ الإطلاع 4/9/2025.

[19] زيد اسليم، “حرب غزة غيّرت معادلة التجارة بين تركيا وإسرائيل”، الجزيرة، تاريخ النشر: 27/3/2025، https://n9.cl/6duvyu، 4/9/2025.

[20]Lucy Williamson,Israeli, strikes in Syria a challenge to Turkey, BBC,  https://www.bbc.com/news/articles/cx27y7e2vk9o , 10/4/2025

[21] English Asharq Aawsat , Report: Israel Hit Syrian Bases Scoped by Türkiye, Hinting at Regional Showdown, https://n9.cl/a79mh , 10/4/2025

[22] MEMRI ,Media Reports: Turkey To Establish New Military Bases In Syria,   https://www.memri.org/reports/media-reports-turkey-establish-new-military-bases-syria

[23] مراجعةٌ نقديةٌ لمقال “تركيا: التهديد الكبير القادم لإسرائيل؟” – مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية،https://n9.cl/1iw5hg  ،١٠/٤/٢٠٢٥

[24] “إعلام عبري: لجنة حكومية توصي بالاستعداد لـ’مواجهة محتملة’ مع تركيا.” وكالة الأناضول،https://n9.cl/ozzva  ، ١٠/٤/٢٠٢٥

[25] Vijeta Uniyal,Report: Israel Destroys Syria’s Military and Air Bases Which Turkey Planned to Occupy, LI , https://n9.cl/61hhq , 10/4/2025

[26] Turkish Minute, Israeli strike on Syria’s T4 was a warning to Ankara over military buildup: reports, https://n9.cl/ewd4b ,10/4/2025

[27] زاهر البيك ، حصار وصونغور.. تعرف على المنظومات الأحدث في صناعة الدفاع الجوي التركي،الجزيرة https://n9.cl/j85c0 ، ١٠/٤/٢٠٢٥

[28]  “تركيا تطوّر منظومة الدفاع الجوي.” Defense Arabia، 7 أغسطس 2024. https://www.defense-arabic.com/2024/08/07/تركيا-تطور-منظومة-الدفاع-الجوي10 أبريل 2025.

[29]  “إسرائيل ورسائل قصفها المكثف على سوريا.” إندبندنت عربية، 10 أبريل 2025. https://www.independentarabia.com/node/621084/سياسة/تقارير/إسرائيل-ورسائل-قصفها-المكثف-على-سوريا

[30]  “كيف يعزز نظام ‘حصار’ الدفاع الجوي التركي؟” Defense Arabia، 10 أبريل 2025. https://defensearabia.com/2025/01/كيف-يعزز-نظام-حصار-الدفاع-الجوي-الترك/

[31]  توقعات بتوقيع اتفاقية تعاون عسكري بين دمشق وأنقرة خلال زيارة الشرع إلى تركيا، صوت العاصفة، https://damascusv.com/archives/66113    ، ١٠/٤/٢٠٢٥

[32] مستقبل الدور التركي في سوريا ما بعد الأسد: الفرص و التحديات ، مركز المتوسط للدراسات السياسية ، https://n9.cl/ldxqsu ، ١٠/٤/٢٠٢٥

[33] Turkish Minute, Israeli strike on Syria’s T4 was a warning to Ankara over military buildup: reportshttps://n9.cl/ewd4b ,10/4/2025

[34] AGENS HELO ,From rebuilding the armed forces to selling drones, how Turkey can enhance Syria’s defense, Breaking Defense ,https://n9.cl/ebxjr ,10/4/2025

[35] زمان تركيا، تركيا تدرس إنشاء قاعدة لتدريب الجيش السوري الجديد، https://n9.cl/krje9 ،١٠/٤/٢٠٢٥

[36] Paul Iddon, Turkey’s Planned Syria Military Deployment Echoes Russia’s A Decade Ago , https://n9.cl/zd63m ,10/4/2025

[37]  “هل هناك تنسيق تركي أميركي روسي لإبعاد الأسد عن إيران؟”،  https://n9.cl/l8dxw 10/4/2025   

[38] English Asharq Aawsat , Report: Israel Hit Syrian Bases Scoped by Türkiye, Hinting at Regional Showdown, https://n9.cl/a79mh ,10/4/2025

[39] منظومة دفاعية ومسيرات هجومية.. تركيا تتحرك لإنشاء قاعدة عسكرية قرب تدمر، تلفزيون سوريا، https://n9.cl/gviwt ،١٠/٤/٢٠٢٥

[40]   عبد الغني دياب ، قواعد عسكرية للأضداد… هل تتحوّل سوريا إلى “مختبر إستراتيجي” للقوى الدولية المتصارعة؟، رصيف ، https://n9.cl/8k9a5g  ، ١٠/٤/٢٠٢٥

[41] كرم سعيد ، تداعيات استمرار الهجمات التركية على المدن الكردية في شمال شرق سوريا ،مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ، https://acpss.ahram.org.eg/News/21345.aspx? ١٠/٤/٢٠٢٥

[42] د. محمد مجاهد الزيات، التقارب التركي – السوري.. مصالح مُتغيرة وشروط مُتبادلة،مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة ،https://n9.cl/cjjw9  ، ١٠/٤/٢٠٢٥

[43] برهان الدين دوران ،محمود الرنتيسي،  تركيا والطاقة في شرق المتوسط الحاضر والمستقبل، مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، سبتمبر ٢٠٢٢

[44] مايكل هوروفيتز، “حماية الاقليات”…استراتيجية إسرائيلية خطرة في سوريا”، المجلة، تاريخ النشر: 6 ابريل 2025، المجلة،      https://n9.cl/aqjv7 ، تاريخ الإطلاع: 4/10/2025.

[45] مرجع سابق

[46]  محمية تركية“.. مصادر تكشف لرويترز سبب القصف الإسرائيلي لسوريا””، https://n9.cl/5elj2  ،١٠/٤/٢٠٢٥

[47] سكاي نيوز ، وزير خارجية تركيا: سوريا ليست ملكا لإسرائيل،https://n9.cl/f2g1o ،١٠/٤/٢٠٢٥

[48] Samia Nakhoul, Exclusive: Turkey wants no confrontation with Israel in Syria, foreign minister says, Reuters, https://n9.cl/3hqg0 ,10/4/2025

[49] إعلام عبري: محادثات تركية إسرائيلية لتفادي التصادم في سوريا، تلفزيون سورياhttps://n9.cl/sdpi ،١٠/٤/٢٠٢٥

[50]  تركيا: لا نريد مواجهة مع إسرائيل في سوريا، سكاي نيوز، https://n9.cl/35nnl ،١٠/٤/٢٠٢٥

[51]  تركيا تدعو لعدم الانسياق وراء الأخبار الكاذبة بشأن تحركاتها في سوريا، الشرق الأوسط،https://n9.cl/x015ro ،١٠/٤/٢٠٢٥

[52] اقتراح من إسرائيل لتركيا حول سوريا.. تقرير يكشف”، سكاي نيوز، https://n9.cl/xhvg6   ،١٠/٤/٢٠٢٥

[53]  النفوذ في سوريا: مناورة إسرائيلية لكبح تمدد أنقرة وتوسيع الهيمنة”، العدسة، https://n9.cl/Iym64 ،١٠/٤/٢٠٢٥

[54]  “تركيا تجري ” محادثات فنية” مع إسرائيل لخفض التوترات بشأن سوريا” ، سكاي نيوز،  https://n9.cl/psyj8  ، ١٠/٤/٢٠٢5

[55] إسماعيل درويش ، “تركيا وإسرائيل والبحث عن توافق في سوريا”، إندبندت عربية ، https://n9.cl/0j0wy   ،١٠/٤/٢٠٢٥

[56] إسرائيل و تفكيك سوريا بين حماية وتأمين المصالح”، سكاي نيوز،   https://n9.cl/7sby9 d ،١٠/٤/٢٠٢٥

[57]  “مصدران: محادثات فنية بين إسرائيل وتركيا لمنع التصادم في سوريا”، سي إن إن الإخبارية، https://n9.cl/q7xb1  ، ١٠/٤/٢٠٢٥

[58] تركيا وإسرائيل.. “محادثات فنية” تجنبا للصدام في سوريا،https://n9.cl/psyj8   سكاي نيوز،١٠/٤/٢٠٢٥  

[59]  “مصدران: محادثات فنية بين إسرائيل وتركيا لمنع التصادم في سوريا”، سي إن إن الإخبارية،  https://n9.cl/q7xb1  ، ١٠/٤/٢٠٢٥

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى