المشهد الاستراتيجي بين الهند وباكستان: دراسة تحليلية في الأبعاد والمآلات

إعداد: مايسة خليل حسن – باحثة ببرنامج الدراسات الاستراتيجية بالمركز.
مراجعة : د. تامر سامي – مدير برنامج الدراسات الإستراتيجية.
مقدمة
تمرّ العلاقات بين الهند وباكستان بمرحلة من توتر متصاعد، يعكس عمق التعقيدات التاريخية والسياسية التي لطالما ميزت هذه العلاقة. ويأتي هذا التصعيد في أعقاب التطورات الأخيرة في إقليم كشمير، الذي يُعد بؤرة توتر دائمة بين البلدين النوويين. في هذا السياق، تهدف هذه الدراسة إلى تحليل الأبعاد المختلفة لهذا التصعيد وتأثيراته المحتملة على الأمن الإقليمي والدولي. فقليلٌ من مناطق العالم يُضاهي كشمير كثافةً عسكريةً وتقلباتٍ مستمرة، حيث تقع هذه المنطقة المُتنازع عليها في جبال الهيمالايا، وتحدها ثلاث قوى نووية هي الهند وباكستان والصين، ولطالما كانت بوتقةً للتنافسات الإقليمية والطموحات الإقليمية المستمرة، وتجلى هذا التقلب بقوةٍ مُميتة خلال الفترة الأخيرة. فقد تتجه تبعًا لذلك العلاقات الهندية الباكستانية نحو منعطف حرج يتطلب استراتيجيات دبلوماسية فعالة لتجنب المزيد من التصعيد. وعليه، فإن غياب الحوار والتفاهم بين القوتين النوويتين قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، ليس فقط على مستوى الأمن الإقليمي، بل على المستوى الدولي أيضًا. لذا، فإن تعزيز قنوات الاتصال الدبلوماسي والتعاون الدولي يُعدّ أمرًا ضروريًا لتفادي السيناريوهات الكارثية المحتملة.
ففي يوم الثلاثاء الماضي 22 من أبريل، شهدت منطقة “بيهالغام” في كشمير هجومًا دمويًا، مما أدى إلى تصعيد حاد في التوترات بين الهند وباكستان، حيث هاجم مُسلحون مجموعةً من السياح في الجزء الخاضع لإدارة الهند من كشمير، مما أسفر عن مقتل 26 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات في أسوأ هجومٍ على المدنيين في الإقليم منذ سنوات. وصفت الهند عملية القتل بأنها هجومٌ إرهابي. وكان قبل أيامٍ فقط، قد قُتل ثلاثة مُسلحين وجندي هندي في سلسلةٍ من المُعارك النارية في أنحاء المنطقة – وهي مؤشراتٌ على أن التوتر على الأرض لا يزال مُرتفعًا بشكلٍ خطير. ردت الحكومة الهندية بسرعة على هذا الهجوم من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات القسرية، منها إمهال المواطنين الباكستانيين المتواجدين على أراضيها لمغادرتها. كما شملت تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية، وإغلاق الحدود البرية والجوية، وتعليق معاهدة مياه نهر السند لعام ١٩٦٠، التي تنظم تقاسم مياه نهر السند، مما يعكس حالة من عدم الثقة المتزايدة بين الجانبين.[1]
من جانبها، لم تتأخر باكستان في الرد على الإجراءات الهندية، حيث أصدرت بيانًا رسميًا يؤكد أن أي تهديد لسيادتها سيُقابل بردٍ رادع. في خطوة تصعيدية، أغلقت باكستان مجالها الجوي وحدودها البرية مع الهند، مما يزيد من تعقيد الوضع ويعكس استعدادها لمواجهة أي تصعيد محتمل. هذه الإجراءات تعكس عدم الاستقرار السائد في المنطقة، وتثير القلق من إمكانية حدوث تصعيد عسكري أكبر.[2]
في ظل الأجواء المتوترة، وقعت اشتباكات مسلحة بين القوات الهندية والباكستانية في منطقة وادي ليبا. هذه الاشتباكات تمثل تجسيدًا فعليًا للتوترات المتزايدة، حيث اتهم الجيش الهندي باكستان ببدء إطلاق النار. بينما أكدت السلطات الباكستانية أن الحياة اليومية لا تزال مستمرة في المناطق المتأثرة. التصريحات الرسمية من كلا الجانبين تعكس حالة من الاستعداد العسكري، حيث تعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بملاحقة الإرهابيين، في حين أكد وزير الدفاع الباكستاني أن بلاده مستعدة لأي تصعيد.[3] لذا تثير هذه التطورات مخاوف جدية من اندلاع حرب نووية بين الهند وباكستان، وهو سيناريو قد يؤدي إلى خسائر بشرية ضخمة على كلا الجانبين. بالإضافة إلى تأثيرات سلبية على الأمن الإقليمي والدولي. في هذا السياق، تواصل الأمم المتحدة الدعوة إلى ضبط النفس، محذرة من تفاقم الوضع إذا لم يتم اتخاذ خطوات دبلوماسية فعالة لتخفيف التوترات.
المحور الأول: الخلفية التاريخية للنزاع بين الهند وباكستان[4]
تبلغ مساحة منطقة كشمير حوالي 85,800 ميل مربع (222,200 كيلومتر مربع)، وهي مُقسمة بين الهند وباكستان والصين – لكن كلًا من الهند وباكستان تُطالب بالسيادة الكاملة عليها. يقطن المنطقة حوالي 20 مليون نسمة – يُقدر عددهم بنحو 14.5 مليون نسمة في الأراضي الخاضعة للإدارة الهندية، وحوالي 6 ملايين في الأراضي الخاضعة للإدارة الباكستانية، وأقل من بضعة آلاف في الأراضي الخاضعة للإدارة الصينية – وتقع عند ملتقى مصالح استراتيجية واقتصادية ودينية بالغة الأهمية. تعود مطالبة باكستان بكشمير، من بين أمور أخرى، إلى التأكيد على أن المنطقة، ذات الأغلبية المسلمة، كان ينبغي أن تصبح جزءًا من باكستان وقت التقسيم. في المقابل، تُصرّ الهند على أن وثيقة الانضمام لعام ١٩٤٧ التي وقّعها هاري سينغ تجعل مطالبة الهند بالإقليم شرعية ونهائية. لكنّ خبراء القانون يُشكّكون في هذا، ويُشكّكون في صحة وثيقة وُقّعت تحت الإكراه.[5]
يُعتقد أن الهند تحتفظ بأكثر من 750 ألف جندي في جميع أنحاء جامو وكشمير، ويتمركزون بشكل أساسي في وادي كشمير ذي الأغلبية المسلمة. من جانبها، تنشر باكستان ما يصل إلى 120 ألف فرد أمن على طول خط السيطرة الفاصل بين مناطقها الخاضعة لإدارتها والهند، بما في ذلك قوات متخصصة مثل قوة المجاهدين، و230 ألف جندي في المنطقة. ويتهم كلا الجانبين الآخر بالمبالغة في نشر قواتهما، ولا ينشر أي منهما أرقامًا دقيقة. ومع ذلك، يتفق المحللون على أن الكثافة العسكرية في المنطقة، وخاصةً فيما يتعلق بعدد سكانها المدنيين، تُضاهي أو تتجاوز كثافة شبه الجزيرة الكورية. وتُضيف الجماعات المتمردة مستوى آخر من التعقيد التمرد المسلح في الهناستمرّ النزاع في كشمير، الذي بدأ في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، بفضل مزيج من السخط المحلي والدعم الخارجي. تتهم الهند باكستان بدعم الجماعات المسلحة، وهو ادعاء تنفيه إسلام آباد.[6]
1. تأسيس الدولتين
تقسيم الهند عام 1947:
في عام 1947، تم تقسيم الهند البريطانية إلى دولتين مستقلتين: الهند وباكستان. كان هذا التقسيم نتيجة للتوترات الدينية والسياسية التي تراكمت على مدى عقود. وتم إنشاء باكستان كدولة ذات أغلبية مسلمة، بينما كانت الهند دولة ذات أغلبية هندوسية. لكن هذا التقسيم لم يؤثر فقط على البنية السياسية، بل أدى أيضًا إلى عمليات نزوح جماعي، حيث انتقل الملايين من الهند إلى باكستان والعكس، مما أسفر عن مآسي إنسانية وعنف طائفي واسع النطاق.
إقليم كشمير:
كانت كشمير واحدة من أكثر المناطق تعقيدًا في هذا التقسيم، حيث حصلت على حق الاختيار بين الانضمام إلى الهند أو باكستان. فكان يسعى المهراجا هاري سينغ، في البداية، للحفاظ على استقلال كشمير. لكن بعد غزو القوات الباكستانية، قرر الانضمام إلى الهند في أكتوبر 1947، وهو قرار أثار الكثير من الجدل وأدى إلى اندلاع الحرب الهندية الباكستانية الأولى. هذه الحرب كانت بداية النزاع المستمر حول كشمير، حيث اعتبرت كل من الدولتين أن السيطرة على كشمير أمر حيوي لأمنها القومي.
2. الحروب والنزاعات[7]
الحرب الهندية الباكستانية 1947-1948:
انتهت هذه الحرب بتوقيع اتفاقية كراتشي عام 1949، التي أسست خط وقف إطلاق النار (CFL) وأدخلت مراقبين من الأمم المتحدة. ومع ذلك، لم يتم حل النزاع، واستمر التوتر بين البلدين، مما أدى إلى مزيد من الاشتباكات في السنوات التالية.
حرب 1965:
في عام 1965، تدهورت العلاقات مرة أخرى بسبب الاشتباكات على الحدود، مما أدى إلى حرب شاملة. وعلى الرغم من تدخل المجتمع الدولي، لم يتمكن الطرفان من التوصل إلى حل دائم، مما أدى إلى استمرار التوترات. الحرب أظهرت أن النزاع لم يكن مجرد نزاع حدودي، بل كان له أبعاد قومية ودينية عميقة.
حرب 1971:
كانت هذه الحرب نتيجة للتوترات الداخلية في باكستان، حيث دعمت الهند حركة استقلال شرق باكستان، مما أدى إلى تأسيس بنغلاديش. ومن الجدير بالذكر إن انتصار الهند في هذه الحرب تسبب في زيادة حدة العداء بين الهند وباكستان، حيث اعتبرت باكستان هذا التدخل تهديدًا لسيادتها.
3. محاولات السلام
اتفاقية سيملا 1972:
سعّت هذه الاتفاقية إلى تعزيز العلاقات الثنائية وإنشاء خط السيطرة (LOC) كحدود مؤقتة. ورغم الجهود الدبلوماسية، إلا أن النزاع حول كشمير استمر، حيث اعتبرت كل من الدولتين أن السيطرة على كشمير أمر حيوي لأمنها القومي، فكانت هذه الاتفاقية محاولة لتحسين العلاقات، لكنها لم تحقق السلام الدائم.
تطوير الأسلحة النووية:
أدت اختبارات الهند النووية في عام 1974 إلى سباق تسلح نووي مع باكستان، التي اختبرت سلاحها النووي بعد عقدين. هذا التطور زاد من تعقيد النزاع، حيث أصبح أي تصعيد عسكري يحمل مخاطر نووية، مما جعل المجتمع الدولي أكثر قلقًا بشأن الوضع في المنطقة.
4. التوترات المستمرة
حركة المقاومة في كشمير:
في أواخر الثمانينيات، استغلت باكستان حركة المقاومة المتزايدة في كشمير لتعزيز نفوذها. فلم تكن هذه الحركة مجرد نزاع عسكري، بل تطورت إلى عنف طائفي واسع النطاق، حيث شهدت كشمير صراعات دموية بين القوات الهندية والمقاتلين الكشميريين.
حرب كارجيل 1999:
عبر جنود باكستانيون خط السيطرة في كارجيل، مما أدى إلى نزاع عسكري آخر. انتهت الحرب بعودة القوات الباكستانية إلى مواقعها، ولكن التوترات استمرت على الحدود، مما زاد من قلق المجتمع الدولي حول إمكانية نشوب حرب شاملة.
5. الأحداث البارزة في العقدين الأخيرين
هجمات مومباي 2008:
الهجمات التي نفذتها جماعة لشكري طيبة في مومباي أثارت قلقًا دوليًا من احتمال تصعيد عسكري. وعلى الرغم من الضغط على باكستان، اختارت الهند اتباع نهج دبلوماسي بدلاً من التصعيد العسكري، مما يعكس تعقيد العلاقات بين الدولتين.
محاولات الحوار في 2014:
بعد دعوة رئيس الوزراء الهندي مودي لرئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، كانت هناك آمال في تحسين العلاقات. لكن هذه الآمال تلاشت بعد إلغاء محادثات في أغسطس 2014 بسبب لقاءات غير رسمية بين المسؤولين الباكستانيين وزعماء كشميريين، مما أظهر هشاشة الجهود الدبلوماسية.
6. تصاعد العنف في السنوات الأخيرة
هجوم بولواما 2019:
كان هذا الهجوم نقطة تحول كبيرة، حيث أدى إلى تصعيد كبير في النزاع. ردت الهند بشن غارات جوية على معسكرات تدريب إرهابية في باكستان، مما أدى إلى تصعيد عسكري غير مسبوق، بما في ذلك تبادل الضربات الجوية. هذا التصعيد أعاد إلى الأذهان المخاوف من نشوب حرب شاملة.
وتسيطر الهند اليوم على الجزء الأكثر اكتظاظًا بالسكان في المنطقة، والذي يشمل وادي كشمير وجامو ولداخ. في حين تسيطر باكستان على أجزاء من شمال كشمير، بما في ذلك آزاد جامو وكشمير (AJK) وجيلجيت بالتستان. في غضون ذلك، تدير الصين منطقة أكساي تشين قليلة السكان في الشمال الشرقي، والتي تطالب بها الهند أيضًا، ووادي شاكسجام، حيث لا تعترف الهند بالسيطرة الصينية.[8]
المحور الثاني: البعد الصيني على خلفية النزاع الهندي الباكستاني
على الرغم من هيمنة الهند وباكستان على رواية كشمير، إلا أن الصين تمتلك أيضًا جزءًا استراتيجيًا من اللغز. ففي الجزء الشمالي الشرقي من المنطقة، تُدير الصين وادي شاكسجام وأكساي تشين، لكنّ الهند تُطالب بهما. وفي حين أن وادي شاكسجام نادرًا ما يكون مأهولًا بالسكان بسبب تضاريسه القاسية، فإنّ منطقة أكساي تشين تُعدّ بالغة الأهمية للاتصال البري لبكين بين التبت ومنطقة شينجيانغ الغربية. فأحكمت الصين سيطرتها على أكساي تشين في خمسينيات القرن الماضي من خلال بناء طريق سريع استراتيجي يربط شينجيانغ والتبت، وهو طريق يمرّ عبر أراضٍ تُطالب بها الهند. اعترضت الهند على الوجود الصيني في المنطقة، وتصاعدت التوترات إلى حرب صينية هندية قصيرة ولكن مكثفة عام 1962. بعد صراع قصير، احتفظت الصين بالسيطرة على أكساي تشين وأدارتها منذ ذلك الحين. في السنوات الأخيرة، وسّعت بكين وجودها العسكري على طول خط السيطرة الفعلية المتنازع عليه (LAC) الذي يهدف إلى ترسيم الحدود بين الصين والهند، مما أدى إلى مواجهات متكررة بين القوات على كلا الجانبين. في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن أهمية المنطقة بالنسبة للصين ليست استراتيجية فحسب، بل اقتصادية أيضًا. [9]ويمر الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC)، وهو حجر الزاوية في مبادرة الحزام والطريق الصينية، عبر جيلجيت بالتستان التي تديرها باكستان. وهذا يجعل استقرار كشمير مسألة قلق مالي، وليس جيوسياسي فحسب، لبكين لعقودٍ طويلة. وقد أعربت الهند عن قلقها إزاء التعاون الاستراتيجي السري بين الصين وباكستان، والذي قدّمت بكين من خلاله دعمًا كبيرًا لبرامج الأسلحة النووية والصواريخ الباكستانية، إلا أنه في السنوات الأخيرة، يبدو أن نيودلهي قد تصالحت مع هذا الوضع، مفضلةً تجاهل الشراكة الصينية الباكستانية، وتعزيز روابطها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ومختلف الدول الغربية، مع تحسين علاقاتها الاقتصادية مع الصين. وفي جانبٍ إيجابي للهند، أصبحت الصين أقل دعمًا لسياسة باكستان في كشمير. والجدير بالذكر أنها لم تدعم “صديقها الدائم” خلال صراع كارجيل بين الهند وباكستان عام 1999، لا ماديًا ولا سياسيًا. والجانب الآخر من العلاقات الصينية الباكستانية المعاصرة الذي يُقلق الهند هو الشراكة الثلاثية المتينة بين باكستان وأفغانستان والصين، حيث تزيد الصين نفوذها في المنطقة بشكل مطرد من خلال استراتيجيتها المبتكرة “طريق الحرير الجديد”، ومن خلال تقديم المساعدة الاقتصادية والتنموية لباكستان. كما تشارك بكين بشكل متزايد في مبادرات “إدارة الصراع” الإقليمية، حيث تتوسط بين كابول وطالبان، وتنظم مشاركات استراتيجية ثلاثية مع أفغانستان وباكستان. على سبيل المثال، في نوفمبر 2014، التقى ممثلون عن طالبان من مكتبها في الدوحة في بكين لإجراء محادثات. و في فبراير من هذا العام، أطلقت الصين وباكستان وأفغانستان حوارًا استراتيجيًا ثلاثيًا جديدًا في كابول. ثم، في يوليو، استضافت باكستان اجتماعًا في موري، كجزء من “عملية موري للسلام”، بين الحكومة الأفغانية وممثلين عن حركة طالبان باكستان (TPP)، الفرع الباكستاني لحركة طالبان، والذي حضره أيضًا ممثلون عن الصين والولايات المتحدة..[10]
المحور الثالث: تداعيات إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي في ضوء النزاع الهندي الباكستاني.
ألغت الهند المادة ٣٧٠ من دستورها في عام 2023، مُجرّدةً بذلك جامو وكشمير من استقلالها الذاتي. وأثارت هذه الخطوة، التي أدانتها باكستان، اضطرابات في المنطقة. ومنذ ذلك الحين، ظلت التوترات عالية، على الرغم من خفوت الاهتمام العالمي. تاريخيًا، غيّر بشكل كبير الديناميكيات الاستراتيجية بين الهند وباكستان، وهما دولتان متجاورتان لهما تاريخ طويل من الصراع على كشمير. فُسّر إلغاء المادة 370 بطرق مختلفة، مع تداعيات بعيدة المدى على الأمن الإقليمي والدبلوماسية وحياة المقيمين في المنطقة، حيث أدى إلغاء المادة 370 إلى سلسلة من العواقب المعقدة والمترابطة التي لا تزال تُشكّل المشهد الجيوسياسي لجنوب آسيا. تشمل هذه التداعيات مخاوف بشأن القانون الدولي وحقوق الإنسان وحق الشعب الكشميري في تقرير المصير. بالإضافة إلى ذلك، أثارت هذه الخطوة ردود فعل دبلوماسية وسياسية حادة، وغيّرت الديناميكيات الأمنية، وكانت لها آثار اقتصادية واجتماعية عميقة على المنطقة.[11]
يجادل منتقدو الإلغاء بأنه يُشكّل انتهاكًا للقانون الدولي، لا سيما فيما يتعلق بوضع جامو وكشمير. سبق لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن أصدر قراراتٍ تدعو إلى تحديد وضع كشمير من خلال استفتاء. واتُّهمت الهند، بتغييرها وضع المنطقة من جانب واحد، بتجاهل هذه القرارات وتقويض الإطار القانوني الدولي المُنشأ لمعالجة نزاع كشمير.
أثار إلغاء المادة 370 أيضًا مخاوف كبيرة بشأن حقوق الإنسان. وعقب الإعلان، فرضت الحكومة الهندية حظر تجول، وقطعت الإنترنت، واعتقلت آلاف القادة السياسيين والناشطين. ووردت تقارير عن انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب وقيود على حرية التعبير والتجمع، مما أثار إدانةً من منظمات حقوق الإنسان الدولية. ولا يزال الوضع في كشمير متوترًا، حيث يواجه السكان المحليون قيودًا شديدة على حرياتهم الأساسية. فلطالما كانت قضية تقرير مصير كشمير قضيةً مثيرةً للجدل. اعتبر الكثيرون في كشمير المادة 370 ضمانًا لهويتهم الفريدة واستقلالهم الذاتي داخل الاتحاد الهندي. واعتبر العديد من الكشميريين إلغاء هذه المادة محاولةً لمحو هويتهم الثقافية والسياسية المتميزة. وقد أثارت هذه الخطوة استياءً وغضبًا بين سكان كشمير، الذين يشعرون بأن تطلعاتهم لمزيد من الحكم الذاتي أو حتى الاستقلال قد تقوضت أكثر.[12]
كانت التداعيات الدبلوماسية والسياسية لإلغاء المادة 370 كبيرة. فقد أدانت باكستان، على وجه الخصوص، هذه الخطوة بشدة، واعتبرتها انتهاكًا للقانون الدولي وحقوق الشعب الكشميري. وسعّت إسلام آباد إلى تدويل القضية، مناشدةً الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى دعمها. ومع ذلك، تباينت ردود الفعل الدولية، حيث أيدت بعض الدول موقف الهند، بينما أعربت دول أخرى عن قلقها إزاء احتمال تفاقم حالة عدم الاستقرار في المنطقة. من وجهة نظر الهند، يُنظر إلى إلغاء المادة 370 على أنها خطوة ضرورية لدمج جامو وكشمير بالكامل في الاتحاد الهندي. وقد جادلت الحكومة الهندية بأن الوضع الخاص الممنوح للمنطقة كان حكمًا مؤقتًا أعاق تنميتها وسمح للمشاعر الانفصالية بالازدهار. وتهدف الهند من خلال إلغاء المادة 370 إلى جعل جامو وكشمير على قدم المساواة مع الولايات الأخرى من حيث التنمية والحوكمة وإنفاذ القانون. كما أكدت الحكومة أن هذه الخطوة مسألة داخلية ولا ينبغي للدول الأخرى التدخل فيها. في المقابل، تنظر باكستان إلى إلغاء المادة 370 على أنه تحد مباشر لموقفها من كشمير. ولعقود من الزمن، أكدت باكستان أن كشمير إقليم متنازع عليه وأن وضعه يجب أن يتحدد بإرادة الشعب الكشميري، وفقًا لما نصت عليه قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقد اعتبرت إسلام آباد هذه الخطوة الهندية محاولة من جانب واحد لتغيير وضع المنطقة وضمها بالكامل إلى الهند. فردت باكستان بخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الهند، وتعليق التجارة، وإثارة القضية في المحافل الدولية. كما حذرت الحكومة الباكستانية من احتمال تزايد العنف وعدم الاستقرار في المنطقة نتيجةً لأفعال الهند.[13]
المحور الثالث: البعد النووي في النزاع الكشميري[14]
لطالما شكّل التنافس والتوترات التي نوقشت في تقديرات وتحليلات الاستخبارات موضوعًا محوريًا في العلاقات الهندية الباكستانية منذ سبعينيات القرن الماضي. فعندما خسرت باكستان حرب عام ١٩٧١ مع الهند، ضاعف ذلك من اهتمام الرئيس ذو الفقار علي بوتو ببرنامج أسلحة نووية حتى لو كان ذلك يعني أن بلاده ستضطر إلى “أكل العشب” لدفع ثمنه. في مايو ١٩٧٤، أثمر استثمار الهند طويل الأمد في القدرات النووية ذات الاستخدام المزدوج عن “انفجار نووي سلمي”، والذي بدوره حفّز بوتو على مواصلة تطوير قدرات نووية أصرّ على أنها لأغراض “سلمية”. وبحلول أواخر سبعينيات القرن الماضي، كانت باكستان قد حصلت على مجمع أجهزة طرد مركزي غازي لإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب. لم تتخذ الهند خطوات لتسليح قدراتها النووية، لكنها كانت تُطوّر أنظمة توصيل متقدمة.
وخلال عامي ١٩٧٩ و١٩٨٠، كانت الاستخبارات الأمريكية تكتشف المزيد عن برنامج باكستان السري لإنتاج المواد الانشطارية لـ الأسلحة النووية، جزئيًا باستخدام تقنية أجهزة الطرد المركزي الغازية المسروقة. وقد زاد هذا التطور من قلق واشنطن بشأن الانتشار النووي وتداعياته على الاستقرار في جنوب آسيا. وكانت الهند تراقب الوضع النووي الباكستاني عن كثب نظرًا للتهديد المحتمل الذي تشكله خلال السنوات المقبلة. وبحلول عام 1981، ومع تقدم القدرات النووية الباكستانية، تساءل مسؤولو الحكومة الأميركية عما إذا كانت هذه التطورات ستحفز الهند على اتخاذ إجراءات وقائية وأزمة جديدة. ومع معارضة القادة الهنود لإنتاج الأسلحة النووية، ربما رأوا في احتمال امتلاك باكستان للأسلحة النووية تهديدًا لا يُطاق، مما جعل اتخاذ إجراءات وقائية أمرًا جديرًا بالاهتمام. وقد أدت هذه المخاوف إلى تكليف تقدير استخباراتي وطني لتقييم التحركات الهندية المحتملة، مما أدى إلى تقدير استخباراتي وطني خاص (SNIE) 31/31-81، “رد فعل الهند على الأسلحة النووية”.
تُظهر تقارير استخباراتية أمريكية رُفعت عنها السرية من ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي أنه حتى مع انخفاض احتمال نشوب حرب بين الهند وباكستان، اعتقدت الولايات المتحدة بوجود احتمال قوي بأن يؤدي مثل هذا الصراع إلى استخدام الأسلحة النووية. على سبيل المثال، خلص تقرير استخباراتي صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام ١٩٨٩ ، إلى أنه على الرغم من استبعاد نشوب حرب بين البلدين، إلا أن الخطر “كبير” بأن تتحول “حرب تقليدية إلى تبادل لإطلاق النار نووي” نتيجة “سوء تقدير أو رد فعل غير عقلاني”. ويقدم تقرير عام ١٩٨٩ الصادر عن مكتب الاستخبارات والبحوث التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، والمعنون “العلاقات الهندية الباكستانية: توازن دقيق”، منظورًا للتنافس الهندي الباكستاني. وقد وجد محللو المكتب أن الحرب “أقل الاحتمالات ترجيحًا” لأن قادة كلا الجانبين أرادوا تجنب الصراع المفتوح. ومع ذلك، “قد تندلع الأعمال العدائية عرضًا، أو – وهو احتمال أقل ترجيحًا – قد تندلع نتيجة جهود نيودلهي لتدمير جميع منشآت الأسلحة النووية الباكستانية في ضربات جراحية منسقة”. كانت “الشكوك والأحكام المسبقة” لدى كلا الجانبين، و”نقاط الخلاف”، مثل المطالبات المتنافسة بكشمير و”الاتهامات المتبادلة بالتدخل” – أي أن كلاً منهما يُزوّد ”المتطرفين الانفصاليين” في الدولة الأخرى بالأسلحة والمساعدة – عوامل تُهيئ الأرضية لإمكانية نشوب صراع. وخلص تقرير INR إلى وجود “خطر” من أن يتصاعد الصراع التقليدي إلى “تبادل نووي”.
بحلول عام ١٩٩٣، ازداد قلق أجهزة الاستخبارات الأمريكية بشأن احتمال نشوب صراع في جنوب آسيا، حيث قيّمته بنسبة “واحد من خمسة تقريبًا”، وفقًا لتقدير الاستخبارات الوطنية لعام ١٩٩٣ بعنوان “الهند وباكستان: احتمالات الحرب في التسعينيات”، والذي نُشر اليوم لأول مرة من قِبل أرشيف الأمن القومي. أصدرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) جزءًا كبيرًا من محتويات تقدير الاستخبارات الوطنية استجابةً لطلب الأرشيف بمراجعة إلزامية لرفع السرية.
وخلص تقدير الاستخبارات الوطنية لعام ١٩٩٣ إلى أن عناصر العلاقة المتوترة بين الهند وباكستان التي زادت من مخاطر الصراع تتمثل في التنافس النووي، والمطالبات المتنافسة بكشمير، والشكوك المتبادلة بشأن التدخل الداخلي. علاوة على ذلك، فإن وصول الأحزاب “المتطرفة” إلى السلطة في الهند أو باكستان قد يزيد من خطر نشوب صراع. وبحلول أوائل التسعينيات، كانت الحركات السياسية الهندوسية اليمينية في ازدياد في الهند، وارتبطت بتزايد العنف الطائفي.
كان احتمال نشوب صراع هندي باكستاني محوريًا أيضًا في تقرير استخباراتي وطني خاص (SNIE) رُفعت عنه السرية عام ١٩٨١، ونُشر اليوم بعنوان “رد فعل الهند على التطورات النووية في باكستان”. مع مضي باكستان قدمًا في جهودها لإنتاج مواد انشطارية للأسلحة النووية، قيّمت الاستخبارات الأمريكية احتمال شنّ هجوم هندي على المنشآت النووية الباكستانية في حال هددت التطورات في ذلك البلد أمن الهند. ووفقًا لتقرير SNIE، من المرجح أن تتخذ الهند موقف “الانتظار والترقب” قبل توجيه ضربة إلى باكستان، وتتخذ قرارًا “بناءً على ما إذا كانت باكستان تنتج أسلحة نووية أم تخزنها”. رافق تقرير SNIE مذكرةٌ من وزارة الخارجية، نُشرت أيضًا لأول مرة، حول العواقب الإشعاعية المتوقعة لهجوم هندي على محطة كراتشي للطاقة النووية (KANUPP). وقد شدد الإحاطة التي قدّمها علماء مختبر لورانس ليفرمور على خطر اليود ١٣١ المُشتت، والذي كان أحد المخاطر الإشعاعية الرئيسية المرتبطة بكارثة تشيرنوبيل بعد خمس سنوات. في ظل “الظروف القاسية” التي افترضها العلماء الذين طوروا الدراسة، “من المحتمل أن يتلقى سكان كراتشي جرعة استنشاق تتراوح بين 10 إلى 20 REM [من اليود 131] على مسافة تصل إلى 25 كيلومترًا في اتجاه الريح”، وهي كمية “أكبر بعشرين مرة من تسرب اليود الخطير أثناء حادث في مفاعل بريطاني في ويندسكيل في عام 2000”.
وبحلول الوقت الذي بدأ فيه مسؤولو الاستخبارات الأميركية بإعداد تقديرات الاستخبارات الوطنية لعام ١٩٩٣، كانوا يرون أن احتمال نشوب حرب بين الهند وباكستان “مستبعد للغاية”. وكما هو الحال مع INR، وجد محللو الاستخبارات أن قادة كلا البلدين أرادوا تجنب الحرب، إلا أن “بؤر التوتر” مثل كشمير، و”التدخل الداخلي”، والحوادث الإرهابية، و”الحوادث الطائفية” قد تُشعل أزمات ومواجهات، وقد تؤدي إلى استخدام الأسلحة النووية. كما زاد من خطر الصراع احتمال وصول الأحزاب المتطرفة إلى السلطة، مثل حزب بهارتيا جاناتا (حزب الشعب الهندي) في الهند، والإسلاميين المتطرفين في باكستان. ومع ذلك، حتى لو لم تكن الحرب “تلوح في الأفق”، فإن احتمال نشوبها قد يزداد بسبب “سوء التقدير”، بما في ذلك الإخفاقات الاستخباراتية التي قد تُؤدي إلى “هجوم سابق لأوانه”. تصوّر المحللون ظروفًا قد تُؤدي إلى “مواجهة متصاعدة”، بما في ذلك “تصاعد متواصل للعنف في كشمير”، أو “تدريب عسكري واسع النطاق في المناطق الحدودية”، أو “هجوم إرهابي مُروع” قد يُنسبه أحد الطرفين إلى الآخر. وقد ينطوي أكبر خطأ في التقدير على “انهيار الردع النووي خلال الأزمة”، خاصةً إذا طوّر القادة العسكريون من كلا الجانبين “استجابات مُفاجئة تُؤمّن تصعيد الأزمة”. منذ تسعينيات القرن الماضي، ظلت العلاقات الهندية الباكستانية متوترة. وإدراكًا لمخاطر الصراع بين دولتين نوويتين، درس علماء الاجتماع والطبيعة العواقب المحتملة لحرب نووية بين الهند وباكستان. ووفقًا لأحد السيناريوهات الموصوفة في دراسة عام ٢٠١٩ التي أعدها علماء المناخ وخبراء نوويون، قد يُقتل ٥٠ مليون شخص، وقد تكون عواقبها على المناخ العالمي وخيمة: إذ قد تُسبب التفجيرات النووية آثارًا تُخفض درجات الحرارة وتُلحق الضرر بالإنتاج الغذائي. وكان من أهم استنتاجات الدراسة أن “أيًا من الحالات النووية الهندية الباكستانية التي نطرحها بوضوح ستُسبب انخفاضًا كبيرًا في الزراعة ونقصًا في الغذاء”، مما قد يؤدي إلى “مجاعة لملايين أو مليارات البشر”.
إن خطر التصعيد العسكري حاليًا بين القوتين النوويتين يتزايد بشكل ملحوظ، حيث يمكن أن تؤدي التوترات المتزايدة إلى سوء تقدير من قبل القادة العسكريين. هذا الوضع ينذر بخطر نشوب صراع نووي، وهو ما قد يترتب عليه عواقب كارثية على المستوى الإنساني والبيئي. إن أي تصعيد عسكري قد يؤدي إلى استخدام الأسلحة النووية، مما سيؤثر بشكل مباشر على حياة الملايين ويترك آثارًا مدمرة على البيئة. وتتجلى تأثيرات التصعيد في كشمير، والتي تُعتبر نقطة اشتعال تاريخية بين الهند وباكستان، حيث يمكن أن يمتد تأثير هذا النزاع إلى الدول المجاورة. إن وجود ثلاث قوى نووية في المنطقة، وهي الهند وباكستان والصين، يزيد من تعقيد الوضع ويجعل من الممكن تدخل قوى خارجية. هذا الأمر يعكس حالة من عدم الاستقرار الإقليمي، حيث يمكن أن تؤدي أي تحركات غير محسوبة إلى تفاقم الأوضاع وزيادة التوترات.
على الصعيد الدولي، قد يستدعي تصاعد التوترات تدخل المجتمع الدولي. يمكن أن يؤدي ذلك إلى ضغوط دبلوماسية على كلا الجانبين، حيث تسعى الدول الكبرى إلى منع التصعيد من خلال الوساطة أو تقديم الدعم لأحد الأطراف. إن هذا التدخل قد يكون له تأثيرات بعيدة المدى على العلاقات الدولية، حيث يمكن أن يتسبب في توترات جديدة بين القوى الكبرى في العالم. علاوة على ذلك، فإن التصعيد العسكري المحتمل بين الهند وباكستان قد يؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي في كلا البلدين. يمكن أن يتأثر الاقتصاد بشكل سلبي، حيث تتراجع الاستثمارات وتتعطل السياحة. إن أي نزاع عسكري قد يُعرقل الأنشطة التجارية ويؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة، مما ينعكس سلبًا على حياة المواطنين في كلا البلدين.
في سياق الأمن الداخلي، قد تلجأ الحكومتين إلى اتخاذ إجراءات قمعية ضد المعارضين تحت ذريعة الحفاظ على الأمن القومي، هذا الأمر قد يزيد من حالة التوتر الداخلي ويؤدي إلى تصاعد العنف. كما يمكن أن تثير الظروف المتوترة ردود فعل من الجماعات المتطرفة، مما يؤدي إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار في المنطقة. وفي هذا السياق، تظهر الحاجة الملحة لتعزيز قنوات الاتصال الدبلوماسي بين الهند وباكستان. إن تعزيز الحوار والتعاون الدولي يعد أمرًا ضروريًا لتفادي السيناريوهات الكارثية المحتملة. يجب على المجتمع الدولي أن يسعى لضمان عدم تفاقم النزاع وتحقيق السلام المستدام في المنطقة. وعليه، يمثل التوتر النووي بين الهند وباكستان تحديًا كبيرًا ليس فقط للأمن الإقليمي، بل للأمن الدولي أيضًا. يتطلب الوضع الحالي استراتيجيات دبلوماسية فعالة لتعزيز الحوار والتعاون، وتفادي التصعيد العسكري الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، حيث إن العمل على تحقيق السلام والاستقرار في هذه المنطقة الحساسة يعد أمرًا حيويًا لمستقبل الأمن العالمي.
المحور الرابع: البعد المائي في النزاع الكشميري.
تتفاقم النزاعات المائية بين الهند وباكستان على مدى ما يقرب من ستين عامًا، حيث صمدت معاهدة مياه نهر السند (IWT) في وجه التوترات الدبلوماسية، إلا أن مشاريع البنية التحتية المائية الأخيرة في المنبع أججت الصراعات. وفي غضون ذلك، يهدد الصراع الإقليمي على كشمير بتقويض المعاهدة. كما إن الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في الهيمالايا قد تزيد من احتمالية وقوع الكوارث وتهدد الأمن المائي للمجتمعات على المدى الطويل. ولهذه العوامل جميعها آثار على التعاون المستقبلي بين الدولتين والتطورات الإقليمية لأكثر من نصف قرن، كان التنافس على موارد النهر مصدرًا للتوتر بين الدولتين.[15] وخلال تقسيم الهند البريطانية عام 1947 وتشكيل الدولتين، رُسمت خطوط الحدود وفقًا لما عُرف بـ”مستجمع مياه نهر السند”[16]. أدى موقع الخطوط إلى سيطرة الهند على السدود الواقعة أعلى النهر، والتي كانت تُنظّم تدفق المياه إلى باكستان). ومع مرور الحدود بين الهند وباكستان عبر العديد من روافد النهر، نشأ هيكل سلطة بين المنبع والمصب، وهو ما كان مصدرًا للتوترات بين البلدين، لا سيما ردًا على مشاريع السدود في الأراضي الخاضعة للإدارة الهندية).[17]
تُغذّي الأنهار الجليدية وروافده، التي تنبع من الجبال العالية في مقاطعة نغاري غرب التبت، وجبال الهيمالايا، وجبال هندوكوش في أفغانستان، وجبال كاراكورام، نظام نهر السند الواسع. ويُعد سهله الفيضي، حيث يعيش معظم سكان باكستان، من أكبر المناطق الزراعية في آسيا. ويعتمد حوالي 90% من غذاء باكستان و65% من فرص العمل فيها على الزراعة وتربية الحيوانات، التي يعتمد عليها نهر السند .[18]
ينقسم نظام النهر بشكل رئيسي بين الهند (39%) وباكستان (47%) مع أقسام صغيرة في التبت وشرق أفغانستان[19]. في الجبال، لعبت مجاري روافده دورًا رئيسيًا في تحديد “خط السيطرة” (LOC) والطعن فيه، وهو خط حدودي بري يفصل الأراضي الهندية والباكستانية [20]. تمر العديد من الروافد عبر خط السيطرة وعلى طوله، الذي يفصل جامو وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية عن منطقتي جيلجيت بالتستان وأسد كشمير الخاضعتين للإدارة الباكستانية. في هذا السياق، تواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية. ووفقًا لوكالة ناسا، يُعد حوض نهر السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية إجهادًا في العالم. وعلى عكس الهند، تعتمد باكستان بشكل شبه حصري على نهر السند، وتُعد المناطق الجنوبية الواقعة أسفل النهر معرضة بشكل خاص للضغوط على إمدادات المياه في الحوض. هذا يجعل باكستان واحدة من أكثر دول العالم معاناة من شح المياه، على الرغم من وجود تفاوتات كبيرة في كيفية مواجهة هذا الأمر. ويُمثل الإفراط في استخراج موارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض نهر السند .[21]على المدى الطويل، من المتوقع أن ينخفض معدل تغذية المياه الجوفية بشكل كبير،[22]مما يقلل من توافر المياه للحوض بأكمله.[23] وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050[24]في شمال الهند حيث تتدفق روافد نهر السند، يكون الري مكثفًا بشكل خاص، وقد يزداد استنزاف المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75% في عام 2050، مما يزيد الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.[25]
على الرغم من أن ندرة المياه في حوض نهر السند غالبًا ما تُعزى إلى سوء إدارة المياه، إلا إن تغير المناخ يلعب دورًا مهمًا أيضًا. من المتوقع أن تتقلص الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تُغذي حوض نهر السند، بشكل أكبر في السنوات القادمة. قد يؤدي هذا إلى زيادة تدفق المياه على المدى القصير، ولكنه سيؤدي أيضًا إلى استنزاف مخزون المياه الجوفية على المدى الطويل، مما يُقلل من موارد المياه المتاحة. في الوقت نفسه، من المتوقع أن تصبح الأمطار الغزيرة خلال موسم الرياح الموسمية أكثر انتظامًا، مما يُفاقم التحديات في مواجهة مخاطر الفيضانات المحتملة، ومن المرجح أن يُفاقم هذا التوترات حول قضايا توزيع المياه وإدارة تدفقها.[26]
إن تعليق معاهدة مياه نهر السند (IWT) التي تنظم تقاسم مياه نهر السند بين الهند وباكستان سيؤدي إلى آثار جسيمة على الأمن المائي والعلاقات بين البلدين. قد يؤدي هذا التعليق إلى تصعيد التوترات العسكرية، حيث ستشعر باكستان بالتهديد من نقص المياه، مما قد يزيد من احتمالية حدوث صراعات مسلحة بسبب النزاع على الموارد المائية. وعلى مستوى الأمن المائي، تعتمد باكستان بشكل كبير على مياه نهر السند، وتعليق المعاهدة قد يؤدي إلى نقص حاد في المياه، مما يؤثر سلبًا على الزراعة والأمن الغذائي. ستواجه المجتمعات في حوض نهر السند ضغوطًا متزايدة على إمدادات المياه، مما قد يؤدي إلى نزاعات محلية.
فيما يتعلق بالتأثيرات الاقتصادية، من المتوقع أن تتأثر الزراعة في باكستان بشكل كبير، مما قد يؤدي إلى فقدان الوظائف وزيادة الفقر. كما قد تتأثر التجارة بين الهند وباكستان، حيث يمكن أن تؤدي النزاعات المائية إلى عرقلة التبادلات التجارية. أما بالنسبة للتداعيات البيئية، فإن الاستغلال المفرط للموارد المائية قد يؤدي إلى تدهور البيئة، مثل تملح التربة ونقص التنوع البيولوجي. بالإضافة إلى ذلك، ستؤثر التغيرات المناخية على تدفق المياه، مما يزيد من تعقيد إدارة الموارد المائية. وفي الجانب الدبلوماسي، قد يصبح من الصعب استئناف المفاوضات بشأن إدارة المياه، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار. كما سيؤدي تعليق المعاهدة إلى فقدان الثقة بين الهند وباكستان، مما يعيق أي جهود مستقبلية للتعاون.
مآلات المشهد الاستراتيجي: السيناريوهات المحتملة للعلاقات الهندية-الباكستانية.
السيناريو الأول: التصعيد العسكري النووي
مع تزايد التوترات الأخيرة بين الهند وباكستان، يمكن أن يؤدي أي تصعيد عسكري إلى نشوب صراع شامل، مما يهدد باستخدام الأسلحة النووية. تتزايد المخاوف من أن حادثًا على الحدود أو هجومًا إرهابيًا قد يثير ردود فعل متسارعة، خاصة مع وجود ترسانة نووية في كلا البلدين. وفي هذا الإطار، يصبح البعد النووي عنصرًا حاسمًا، حيث يمكن أن تؤدي أي مواجهة إلى عواقب كارثية على الأمن الإقليمي والدولي. علاوة على ذلك، فإن النزاعات حول موارد نهر السند قد تساهم في تصعيد هذا السيناريو، حيث يمكن أن تؤدي الإجراءات الأحادية من الهند في إدارة المياه إلى ردود فعل عنيفة من باكستان.
السيناريو الثاني: التعاون الدبلوماسي
يمكن أن تنجح الجهود الدبلوماسية في تخفيف التوترات بين الهند وباكستان، مما يؤدي إلى تحسين العلاقات وتعزيز التعاون في مجالات متعددة، بما في ذلك إدارة المياه. فقد يتمكن الطرفان من التفاوض على اتفاقيات تضمن توزيعًا عادلًا لموارد نهر السند، مما يسهم في بناء الثقة، ويمكن أن تلعب المنظمات الدولية دورًا حيويًا في تسهيل الحوار، مما يساعد على تحويل النزاعات المائية إلى فرص للتعاون. فقد يساعد وجود قنوات اتصال دبلوماسية فعالة أيضًا في منع التصعيد العسكري ويعزز الاستقرار الإقليمي.
السيناريو الثالث: تصاعد العنف بسبب النزاعات المائية
قد تستمر النزاعات المسلحة والعمليات الإرهابية، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني. وفي هذا السيناريو، يمكن أن تؤدي النزاعات حول الموارد المائية إلى تصعيد العنف، حيث قد تتهم باكستان الهند بسرقة مياه نهر السند، مما يزيد من التوترات، مما يعكس خطر اندلاع حرب شاملة، حيث يمكن أن تتداخل الأبعاد المائية مع الأبعاد العسكرية، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الأزمات. كما يمكن أن تؤدي التغيرات المناخية إلى تفاقم النزاعات المائية بين الهند وباكستان، مما يزيد من الضغوط على الموارد المائية ويهدد الأمن الغذائي. فقد تصبح الأنهار الجليدية في الهيمالايا أقل قدرة على تلبية احتياجات المياه المتزايدة، مما يؤدي إلى نزاعات أكبر حول توزيع المياه. وهذه التوترات قد تعزز من إمكانية تصعيد النزاعات العسكرية، حيث يمكن أن تتداخل الأبعاد المائية مع الأبعاد النووية، مما يزيد من خطر نشوب صراع شامل.
السيناريو الرابع: البعد الصيني الاستراتيجي
يمكن أن يؤدي تعزيز التعاون بين الصين وباكستان إلى زيادة الضغوط على الهند، مما يعقد المشهد الاستراتيجي في المنطقة، فيمكن أن تستفيد باكستان من الدعم العسكري والاقتصادي الصيني لتعزيز قدراتها، مما يزيد من تعقيد التوازن الاستراتيجي. وهذا التعاون قد يشمل أيضًا مشاريع مائية تعزز من قدرة باكستان على مواجهة الهند في النزاعات المائية. في المقابل، قد تسعى الهند إلى تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد, مما قد يزيد المشهد تعقيدًا.
الخاتمة
تظل العلاقات بين الهند وباكستان محاطة بالتوترات المستمرة، التي تعكس تاريخًا طويلًا من الصراع والنزاع حول كشمير والموارد المائية. لقد أظهرت الأحداث الأخيرة، بما في ذلك التصعيد العسكري والهجمات الإرهابية، أن الوضع في المنطقة لا يزال هشًا، مما يتطلب استراتيجيات دبلوماسية فعالة لتجنب المزيد من التصعيد.
تعتبر معاهدة مياه نهر السند (IWT) حجر الزاوية في إدارة الموارد المائية بين الدولتين، لكن إلغاءها من جانب الهن يعزز من فرص التصعيد العسكري. فيجب أن تشمل الجهود الدبلوماسية تقليل التوتر بتبادل المعلومات حول تدفق المياه، وتنفيذ مشاريع مشتركة لتحسين إدارة الموارد المائية، مما يساعد على تفادي النزاعات المحتملة.
في الوقت نفسه، تظل المخاوف من استخدام الأسلحة النووية قائمة، مما يزيد من تعقيد المشهد الاستراتيجي. إن وجود ترسانة نووية في كلا البلدين يمثل تهديدًا حقيقيًا، حيث يمكن أن تؤدي أي مواجهة عسكرية إلى تصعيد سريع وغير متوقع. يجب أن تكون هناك آليات فعالة للردع، بالإضافة إلى حوار مستمر حول نزع السلاح النووي، لضمان عدم تحول النزاعات إلى صراعات نووية.
كما إن التعاون مع الصين من قبل باكستان، وتعزيز علاقات الهند مع الدول الغربية، يشكلان عناصر إضافية تؤثر على الديناميكيات الإقليمية. ويتطلب هذا الوضع من الهند أن تعزز تحالفاتها الاستراتيجية، وأن تتبنى سياسة خارجية مرنة تستطيع من خلالها التعامل مع التحديات المتزايدة.
لذا، يتطلب الوضع الراهن جهودًا متواصلة من المجتمع الدولي لتعزيز قنوات الحوار والتفاهم بين الهند وباكستان، وتقديم الدعم اللازم لتخفيف التوترات. يجب على المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، أن تلعب دورًا نشطًا في تسهيل المحادثات بين الطرفين، وتقديم منصات للتفاوض حول القضايا العالقة.
إن تجاوز هذه التحديات يتطلب رؤية استراتيجية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد التاريخية والسياسية والاقتصادية والبيئية للنزاع. ويجب أن تسعى هذه الرؤية إلى تحقيق سلام دائم واستقرار في المنطقة، من خلال تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين الظروف المعيشية للسكان في كلا البلدين. وفي النهاية، إن تحقيق السلام والاستقرار بين الهند وباكستان ليس مجرد مسألة ثنائية، بل هو قضية تتعلق بالأمن الإقليمي والدولي. لذا، فإن التعاون والتفاهم بين الدولتين، مدعومًا بجهود المجتمع الدولي، يمكن أن يسهم في بناء مستقبل أكثر أمانًا وازدهارًا لشعوب المنطقة.
[1]شادي عبد الحافظ, أكثر من 100 مليون قتيل.. ماذا لو قامت حرب نووية بين الهند وباكستان؟, 25/4/2025 الجزيرة نت.
https://www.ajnet.me/politics/2025/4/25/%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D9%86-100-%D9%85%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%82%D8%AA%D9%8A%D9%84-%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%84%D9%88-%D9%82%D8%A7%D9%85%D8%AA-%D8%AD%D8%B1%D8%A8
[2] Monir Ghaedi, What’s at stake as India-Pakistan tensions rise in Kashmir, 25_4_2025, DW, https://www.dw.com/en/whats-at-stake-as-india-pakistan-tensions-rise-in-kashmir/a-72337273
[3] Conflict Between India and Pakistan, By the Center for Preventive Action
https://www.cfr.org/global-conflict-tracker/conflict/conflict-between-india-and-pakistan
[4] Conflict Between India and Pakistan By the Center for Preventive Action
[5] بشـير عبـد الفتـاح، “الصـراع الهنـدي-الباكسـتاني حـول إقلـيم كشـمير “، مجلـة السياسـة الدوليـة، العـدد ،137 )مؤسسـة الأهـرام، القـاهرة1999:(.
[6] Kashmir: Why India and Pakistan fight over it, BBC, 8 August 2019
https://www.bbc.com/news/10537286
[7] Jyotindra Nath Dixit, India-Pakistan in War and Peace, Routledge, 2002, ISBN: 0415304725, 9780415304726
[8] Qazi Shakil Ahmad, Pakistan-India Relations: Some Geostrategic Considerations, Pakistan Horizon, Vol. 57, No. 3, PAKISTAN-INDIA RELATIONS (July 2004), pp. 13-19 (7 pages), Pakistan Institute of International Affairs
[9] CERI STRATEGY PAPERS N° 8 – Rencontre Stratégique du 17 septembre 2010 The China-India-Pakistan Triangle: Scenarios for the 21st Century .Brahma CHELLANEY
[10] Happymon Jacob, China, India, Pakistan and a stable regional order, India’s Foreign Policy, October 2020. ECFR Asia and China Progamme, https://ecfr.eu/special/what_does_india_think/analysis/china_india_pakistan_and_a_stable_regional_order
[11] بقرار بالإجماع، يؤيد المحكمة العليا القرار الحكومي الأساسي بإلغاء المادة 370 لجموعة وكشمير. India News Network, 2023-12-11
https://www.indianewsnetwork.com/ar/20231211/in-unanimous-decision-sc-upholds-central-government-s-decision-to-scrap-article-370-for-jammu-and-kashmir
[12] ما الذي يعنيه إلغاء الهند المادة الدستورية التي تمنح كشمير وضعا خاصا؟, BBC, 2019, https://www.bbc.com/arabic/world-49237655
[13] Rubina Waseem, Post-Revocation: Strategic Dynamics between India and Pakistan, August 5, 2024, Center for International Strategic Studies AJK, King Abdullah Campus: https://cissajk.org.pk/2024/08/05/post-revocation-strategic-dynamics-between-india-and-pakistan/
[14] Feroz Hassan Khan, Eating Grass: The Making of the Pakistani Bomb (Stanford: Stanford University Press, 2012)
Jayita Sarkar, Ploughshares and Swords: India’s Nuclear Program in the Global Cold War (Ithaca: Cornell University Press, 2022)
Bruce Riedel, Avoiding Armageddon: America, India, and Pakistan to the Brink and Back (Washington, D.C., Brookings Institution Press, 2013), 133-134.
P.R. Chari, Pervaiz Iqbal Cheema, and Stephen Philip Cohen, Four Crises and a Peace Process: American Engagement in South Asia (Washington, D.C.: Brookings Institution Press, 2007), 118-148.
Riedel, Avoiding Armageddon, 135.
Ludovica Castelli and Olamide Samuel, “Justifying Attacks on Nuclear Facilities,” The Nonproliferation Review 30 (2023): 83-105.
Chari et al., Four Crises, 39-79.
Bruce Riedel, Avoiding Armageddon, 101-102.
Rabia Akhtar and Ruhee Neog, “Through the Sands of Time: The Enduring Legacy of the India-Pakistan Non-Attack Agreement,” RUSI/Stanley Center for Peace and Security, “Analysis and New Insights, July 2024.
Chari et al., Four Crises and a Peace Process 80-117, and Riedel, Avoiding Armageddon), 110-111.
[15] Wirsing, A. & Jasparro, C. Spotlight on Indus River Democracy: India, Pakistan and Baglihar Dam Dispute. Asia-Pacific Center for Security Studies. (2006).
[16] Gardner, K. Moving watersheds, borderless maps, and imperial geography in India’s Northwestern Himalaya. The Historical Journal, 62(1), (2019), 149-170.
[17] Gupta, J. & Ebrahim, Z.T. Win some, lose some, Indus Waters Treaty continues. Climate Diplomacy. (2017).
[18] Pohl, B. & Schmeier, S. Hydro-Diplomacy Can Build Peace Over Shared Waters, But Needs More Support. New Security Beat. (2014).
[19] FAO, AQUASTAT Transboundary River Basins – Indus River Basin. Rome: FAO. (2011a).
[20] Gardner, K. Moving watersheds, borderless maps, and imperial geography in India’s Northwestern Himalaya. The Historical Journal, 62(1), (2019)., 149-170.
[21] Kugelman, M. Why the India-Pakistan War Over Water Is So Dangerous. Foreign Policy. (2016).
[22] Jayaram, D. Why India and Pakistan Need to Review the Indus Waters Treaty. (2016).
[23] Dharmadhikary, S. Mountains of Concrete: Dam Building in the Himalayas. Berkeley, California: International Rivers. (2008).
[24] Amir, P. & Habib, Z. ACT Report: Estimating the impacts of climate change on sectoral water demand in Pakistan. (2015).
[25] Dhawan, V. Water and Agriculture in India Background paper for the South Asia expert panel during the Global Forum for Food and Agriculture (GFFA) 2017. OAV – German Asia-Pacific Business Association.
[26] Diamond, K. Adil Najam: Pakistan’s Security Problems Distract From Climate Vulnerabilities. New Security Beat. (2014).