شرعية العقوبات الأميركية على المحكمة الجنائية الدولية

إعداد: د. شيماء محمود كامل – باحثة مشاركة.
- الملخص باللغة العربية:
تهدف المقالة إلى معرفة أسباب فرض عقوبات أميركية على المحكمة الجنائية الدولية ومدى شرعية تلك العقوبات، فضلًا عن معرفة نشأة المحكمة الجنائية الدولية واختصاصتها ودورها في دعم الـقضية الفلسطينية. ومن جانب آخر ستسعى المقالة إلى توضيح ردة فعل المجتمع الدولي على فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية وموظفيها، وكذا الآثار السلبية لتلك العقوبات على المحكمة والقضايا قيد التحقيق حاليًا.
الكلمات الدالة: (العقوبات الأميركية – الشرعية – المحكمة الجنائية الدولية – فلسطين – إسرائيل)
- الملخص باللغة الإنجليزية:
This article aims to know the reasons for imposing US sanctions on the International Criminal Court and the legitimacy of those sanctions, in addition to knowing the origins of the International Criminal Court, its jurisdiction and its role in supporting the Palestinian cause. On the other hand, this article will seek to clarify the international community’s reaction to US President Donald Trump imposing sanctions on the International Criminal Court and its employees, as well as the negative effects of those sanctions on the court and the cases currently under investigation.
Keywords: (US sanctions – legitimacy – International Criminal Court – Palestine – Israel)
- المقدمة:
شهدت الأيام القليلة الماضية توترات وقلق على الساحة الدولية عقب إصدار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمر تنفيذي بتاريخ 6 فبراير 2025 بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية متهمًا إياها بالتورط في أعمال غير مشروعة، وذلك من خلال فرض عقوبات اقتصادية وعقوبات سفر على الأشخاص العاملين في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية بشأن مواطني الولايات المتحدة وحلفائها، وتأتي تلك العقوبات على غرار قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” ووزير دفاعه السابق “يوآف غالانت“، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب التي شنتها إسرائيل ضد حماس في غزة. هذا وقد قال ترامب أن “المحكمة أساءت استخدام سلطتها بإصدار مذكرات اعتقال لا أساس له تستهدف نتنياهو وغالانت، وزعم أن أفعالها تشكل سابقة خطيرة، وتعرض بشكل مباشر الموظفين الأميركيين الحاليين والسابقين للخطر” وتشكل “تهديدًا غير عادي للأمن القومي الأميركي. “[1]
والجدير بالذكر أنها لم تكن المرة الأولى التي تفرض فيها الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، ففي عام 2020 خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب فرض عقوبات على المدعية العامة للمحكمة آنذاك فاتو بنسودا ومسؤول قـضائي كبير آخر في المحكمة وذلك بعد قرار بنسودا طـلب الإذن بفتح تحقيق في الوضع في أفغانستان، والذي شمل قضايا محتملة ضد مواطنين أميركيين.[2]
وعليه، تحاول السطور القادمة التعرف على المحكمة الجنائية الدولية نشأتها وعملها. فـضلًا عن دورها في محاكمة مجرمي الحرب، ومشروعية العقوبات الأميركية عليها، والتداعيات السلبية الناتجة عن فرض عقوبات أميركية على المحكمة.
- أولًا: نشأة المحكمة الجنائية الدولية:
أعتمد نظام روما في 10 نوفمبر 1998 المعاهدة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية، وأنشأت المحكمة بموجب هذا الاتفاق في عام 2002 عندما دخل النظام الأساسي حيز النفاذ في يوليو2002، ويقع مقر المحكمة في لاهاي بهولندا، وصادقت 125 دولة حتى تاريخه على نظام المحكمة الجنائية الدولية. أما الدول العربية الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية فهي (الأردن، جيبوتي، جزر القمر، تونـس، فلسطين)، علمًا بأن الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل ليسوا أعضاء بالمحكمة.[3]
وقد نـص النظام الأساسي في المادة الأولى على أن “تنشأ بهذا محكمة جنائية دولية، وتكون المحكمة هيئة دائمة لها السلطة لممارسة اختصاصها على الأشخاص إزاء أشد الجرائم خطورة موضع الاهتمام الدولي، وتكون المحكمة مكملة للاختصاصات القـضائية الجنائية الوطنية ويخـضع اختـصاص المحكمة واسلوب عملها لاحكام هذا النظام الأساسي”. هذا وقد نـصت المادة الرابعة من النظام الأساسي على أن “تكون للمحكمة شخصية قانونية دولية كما تكون لها الأهلية القانونية اللازمة لممارسة وظائفها كما أن للمحكمة أن تمارس وظائفها وسلطاتها على النحو المـنصوص عليه في النظام الأساسي في إقليم أي دولة طرف، ولها بموـجب اتفاق خاص مع أية دولة أخرى أن تمارسها في إقليم تلك الدولة”. فضلًا عن أن اختـصاص المحكمة يقتصر على أشد الجرائم خطورة موضع الأهتمام الدولي وتتمثل تلك الجرائم في: (جرائم الإبادة الجماعية – الجرائم ضد الإنسانية – جرائم الحرب – جريمة العدوان)[4].
وفي 24 سبتمبر 2012، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماع رفيع المستوى حول سيادة القانون على المستويين الوطني والدولي، تحدث خلاله العديد من المندوبين عن أهمية المحكمة الجنائية الدولية. وفي الإعلان الذي اعتمده الاجتماع، اعترفت الدول “بدور المحكمة الجنائية الدولية في نظام متعدد الأطراف يهدف إلى إنهاء الإفلات من العقاب وإرساء سيادة القانون”[5].
- ثانيًا: أسباب فرض عقوبات أميركية على المحكمة الجنائية الدولية:
قبل التطرق إلى أسباب فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية يجب توضيح مفهوم العقوبات وما هو الهدف منها، حيث تُعرف العقوبات بأنها “إجراءات مقيدة للسلوك تفرضها دولة، أو مجموعة من الدول، أو مجلس الأمن، لإقناع فاعل ما بتغيير سلوكه وتقييده لمنعه من الانخراط في بعـض الأنشطة المحظورة، ومنعه من انتهاك المعايير الدولية”[6]. ويوضح الشكل التالي نموذج نظري لتحليل تاثير العقوبات والهدف من فرض العقوبات.
شكل (1) نموذج نظري لتحليل تأثير العقوبات

المـصدر: https://www.researchgate.net/publication/281619387
يوضح الشكل المُشار إليه أعلاه العلاقة بين المرسل والهدف ضمن نظام العقوبات وتوضح الأسهم كيف يتم تـصفية تأثير العقوبات من خلال أنواع مختلفة من العوامل، ممثلة هنا بالعوامل الدولية والمحلية لإحداث تغيير في السلوك السياسي، ويمثل مربع العوامل الدولية التي تعزز أو تـُضعـف تكاليف العقوبات على الهدف، كما تمثل العوامل المحلية الصندوقية العوامل الداخلية للهدف التي تعزز أو تضعف تكاليف العقوبات[7].
تُشير أدبيات العلاقات الدولية إلى أنه لا يُمكن النظر إلى العقوبات التي تتخذها الولايات المتحدة الأميركية ضد أي دولة بمعزل عن طبيعة النظام السياسي الأميركي والسياسة الداخلية الأميركية، وينظم دستور الولايات المتحدة سلوك السياسة الخارجية الأميركية من خلال نظام الضوابط والتوازنات، حيث ينص الدستور على سلطة الكونجرس (السلطة التشريعية) والرئيس (السلطة التنفيذية) على التوالي، مع السلطة القانونية في تشكيل العلاقات مع الدول الأجنبية[8].
وتُعتبر صلاحيات الرئيس الأميركي في فرض العقوبات محدودة بالنسبة للقرارات التي يُمكن أن يُصدرها الكونجرس، وبالرغم من الـصلاحيات الواسعة والسلطة الحقيقية التي يتمتع بها الرئيس الأميركي في فرض عقوبات مالية وتجارية، إلا أنه يُفرض عليه التشاور وتقديم التقارير المنتظمة إلى الكونجرس في حال تم اتخاذ مثل تلك الخطوات، حيث يقدم الرئيس إلى لجان الكونغرس تقريرًا يحدد كل شـخص أجنبي أو وكالة أو أداة تابعة لدولة أجنبية (ساعد أو رعى أو قدم عن علم دعم مالي أو مادي كبير بشكل مباشر أو غير مباشر لدعم الأنشطة الإرهابية، قدم خدمات مالية أو غيرها من الخدمات لدعم الأنشطة الإرهابية)[9].
ويتم فرض معظم العقوبات باستخدام سلطة تفويضية للرئيس في حالة الطوارئ الدولية من خلال قانون القوى الاقتصادية (IEEPA International Emergency Economic Powers Act) وقانون الطوارئ الوطني (NEA National Emergency Act)، هذا ومن جانب آخر يجوز للرئيس بناء على إعلان حالة طوارئ وطنية تقييد أو حظر نطاق واسع أو مجموعة من المعاملات التي تنطوي على “الممتلكات التي فيها أي دولة أجنبية أو أحد مواطنيها لديه أي مصلحة من قبل أي شخــص، أو فيما يتعلق بأي ممتلكات، خاضعة للولاية القـضائية للولايات المتحدة”، ويشمل “الشـخص” الأشخاص الطبيعيين والكيانات خلال الفترات التي “تشارك فيها الولايات المتحدة أعمال عدائية مسلحة أو تعرض لهجوم من قبل دولة أجنبية أو الرعايا الأجانب”، وتتمثل سلطة الرئيس أيضًا في منع وحظر المعاملات في ممتلكات الأشخاص المعينين وتوسعت لتشمل مـصادرة الممتلكات. ويجوز للرئيس أن يأمر بأن تتم مصادرة أي ممتلكات لشـخص أجنبي، مع حقه في ذلك الممتلكات الممنوحة إلى وكالة أو شخــص معين من قبل رئيس. ويجوز للرئيس أيضًا تحديد الشروط التي يجوز حيازة الممتلكات المصادرة أو بيعها فيما بينها أشياء اخرى. عند ممارسة السلطات بموجب قانون IEEPA، يقوم الرئيس بإصدار أمراً تنفيذيًا.[10]
وبعد أن استعرضنا سلطة الرئيس الأميركي لفرض العقوبات سيتم فيما يلي معرفة أسباب فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، حيث سبق وأن ذكرنا أعلاه أن السبب الرئيسي لإصدار الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” أمر تنفيذي في فبراير 2025 لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية هو معاقبة المحكمة لإصدار أوامر اعتقال في 21 نوفمبر 2024 بحق كبار المسؤولين الإسرائيليين بما في ذلك رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” ووزير الدفاع السابق “يوآف غالانت”، حيث خـلص قـضاة المحكمة إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة منذ 8 أكتوبر 2023، بما يشمل تجويع المدنيين، وتوجيه الهجمات عمدا ضد السكان المدنيين، والقتل، والاضطهاد.
ففي 20 مايو 2024 أعلن المدعي العام للمحكمة “كريم خان” أنه طلب من قضاة المحكمة إصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو، وغالانت، وفي 10 يونيو من نفس العام أجل نظر قـضاة المحكمة في طلبات خان عندما طلـبت المملكة المتحدة الأذن لتقديم مذكرة استشارية إلى المحكمة للقول أن “اتفاقية أوسلو” التي أبرمت عام 1993 بين إسرائيل و”منظمة التحرير الفلسطينية”، تمنع المحكمة من أن يكون لها اختصاص قـضائي على المواطنين الإسرائيليين. هذا وقد وافق القـضاة على طلب المملكة المتحدة، وسمحوا لـ 63 طرفا – منهم دول، ومنظمات حكومية دولية، وأكاديميون، ومسؤولون أمميون، ومنظمات المجتمع المدني – بتقديم مذكرات استشارية للمحكمة بشأن هذه القـضية. وشاركت فلسطين في تقديم مذكرة، لكن إسرائيل لم تقدم أي مذكرة في ذلك الوقت[11].
وفي 23 أغسـطس 2024 ، قدم مكتب “خان” رده على جميع المذكرات الاستشارية التي قُدمت إليه وطلب من قـضاة المحكمة اتخاذ قرار بشأن طلبه إصدار أوامر اعتقال “بأقـصى قدر من الاستعجال”، وفي 23 سبتمبر قدمت إسرائيل مذكرة تطعن في اختصاص المحكمة وطلبت من قضاة المحكمة رفـض طلبات أوامر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت. وفي 21 نوفمبر تم رفض طعن إسرائيل. وقد استندت المحكمة الجنائية الدولية في إصدار مذكرات الاعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع الإسرائيلي سابقًا إلى أن المحكمة لديها اختصاص في الوضع في فلسطين بعد الطلب الذي سبق وأن قدمته المدعية العامة السابقة “فاتو بنسودا” في يناير2020 لفتح تحقيقات بالوضع في فلسطين، والذي انتهى قرار المحكمة بشأنه في فبراير 2021 باختصاص المحكمة في الوضع في فلسطين مستندة في ذلك إلى أن “فلسطين دولة طرف” في “نظام روما الأساسي”، كما أن المحكمة الجنائية الدولية” تملك ولاية قضائية إقليمية عليها، أن هذه الولاية القضائية “تمتد إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وبالتحديد غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية”.
فوفقًا للمادة 12 (2) (أ) من “نظام روما الأساسي”، تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بالولاية القـضائية إذا كانـت الدولة “التي وقع في إقليمها السلوك قيد البحث” طرفًا في “نظام روما الأساسي” أو إذا قبلت بممارسة المحكمة اختصاصها بموجب إعلان، كما أنه وفقاً للمادة 19(1) من “نظام روما الأساسي” فإن المحكمة ملزمة بالفعل بـضمان امتلاكها للسلطة القضائية للتحقيق في حالة معينة[12].
في نوفمبر 2023 أحالت 5 دول أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية هم (بنغلاديش، وبوليفيا، وجزر القمر، وجيبوتي، وجنوب إفريقيا) الوضع في فلسطين إلى المدعي العام للمحكمة، موضحين إلى عديد من جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية، وفي نفـس الشهر قدمت عدد من المنظمات غير الحكومية الفلسطينية مذكرة حثت فيها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على النظر في إدراج جرائم الفـصل العـنصري والإبادة الجماعية كجزء من تحقيقه الجاري. كما أحالت المكسيك وتشيلي الوضع في فلسطين إلى المدعي العام للمحكمة في يناير 2024[13].
وردًا على هذا أصدر الرئيس ترامب الأمر التنفيذي الصادر في 6 فبراير 2025 “IMPOSING SANCTIONS ON THE INTERNATIONAL CRIMINAL COURT ” عقب استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” بالبيت الأبيـض، وبموجب هذا الأمر التنفيذي ستفرض الولايات المتحدة عقوبات على مسئولين بالمحكمة الجنائية الدولية وقد يشمل بعضها حجـب الممتلكات والأصول. فضلًا عن تعليق دخول مسؤولي المحكمة الدولية وموظفيها وأفراد أسرهم إلى الولايات المتحدة.[14]
هذا وقد جاء نـص القرار التنفيذي أن ” المحكمة الجنائية الدولية انخرطـت في أعمال غير مشروعة ولا أساس لها تستهدف أميركا وحليفتها الوثيقة إسرائيل، حيث أكدت المحكمة دون أساس مشروع اختصاصها وفتحت تحقيقات أولية بشأن أفراد من الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها بما في ذلك إسرائيل. كما أساءت استخدام سلطتها بإصدار أوامر اعتقال لا أساس لها تستهدف رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” ووزير الدفاع السابق “يوآف غالانت”، ليس للمحكمة الجنائية الدولية ولاية قضائية على الولايات المتحدة أو إسرائيل، نظرًا لعدم انضمام أي من الدولتين إلى نظام روما الأساسي وعدم اعترافهما باختصاص المحكمة الجنائية الدولية[15].
- ثالثًا: شرعية العقوبات الأميركية المفروضة على المحكمة الجنائية الدولية ورد الفعل الدولي:
أعرب خبراء أمميون* عن استيائهم من العقوبات الأميركية المفروضة على المحكمة الجنائية الدولية، حيث إن المحكمة هي هيئة مستقلة ومحايدة أنشأها المجتمع الدولي لمعاقبة مجرمي الحرب والعقوبات المفروضة على موظفي المحكمة نظير قيامهم بواجباتهم المهنية يعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان ويضرب استقلال القضاء وسيادة القانون ويقوض بشكل لا يمكن إصلاحه روح العالمية التي يقوم عليها نظام العدالة الدولي. فضلًا عن إن مثل هذه الإجراءات تؤدي إلى تآكل الثقة في نزاهة واستقلالية العدالة، وتسييس الوظائـف الـقضائية وتُضعف الالتزام العالمي بالمساءلة والإنصاف.[16]
هذا وقد استنكرت “أنياس كالامار” – الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية من العقوبات الأميركية على المحكمة الجنائية الدولية معتبرة تلك العقوبات بأنها رسالة مفادها أن إسرائيل فوق القانون والمبادئ العالمية للعدالة الدولية. فضلًا عن أن ترامب يؤيد جرائم الحكومة الإسرائيلية ويتبنى الإفلات من العقاب. هذا وقد دعت كالامار الحكومات حول العالم والمنظمات الإقليمية لبذل أقـصى جهد للتخفيف من وطأة عقوبات الرئيس ترامب وإبطال تأثيرها. ويمكن للدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية من خلال الجهود المشتركة والجماعية التي تبذلها أن تحمي المحكمة وموظفيها. كما أن هناك حاجة لتحرك عاجل أكثر من أي وقت مضى[17]. هذا وقد نددت المحكمة الجنائية الدولية بالعقوبات المفروضة عليها وتعهدت بمواصلة إحقاق العدالة في العالم[18].
- الخاتمة:
ختامًا، تُعدّ العقوبات الأميركية على المحكمة الجنائية الدولية غير شرعية، إذ إن المحكمة هي هيئة مستقلة ومحايدة تمارس مهامها وفقًا للمعاهدة التأسيسية لنشأتها “نظام روما الأساسي”، كما أن المحكمة لم تنتهك المعايير الدولية ولم تنخرط في أنشطة محظورة حتى يتم فرض عقوبات عليها بل إنها مارست عملها في نطاق اختصاصها، وهذا الهجوم على المحكمة سيلحق الضرر بسعيها المستقل لتحقيق العدالة الدولية. كما أن العقوبات الأميركية الصادرة تجاه المحكمة ستضر بالمساءلة التي تُعتبر عنصرًا أساسيًا للأمن العالمي والمستدام، كما أن تلك العقوبات تُزيد من خطر الإفلات من العقاب في أخطر الجرائم، وتهدد بإضعاف سيادة القانون الدولي.
وعليه، يجب على الدول الأعضاء في المحكمة وكذا المجتمع الدولي مساندة المحكمة الجنائية الدولية لممارسة اختصاصتها الأصلية التي أنشأت من أجلها، وأن تقدم الدعم اللازم للمحكمة حتى لا تضطر إلى إغلاق مكاتبها الميدانية أو تعليق عملها بالقضايا التي تخضع للتحقيق حاليًا.
[1] CNN بالعربية، “لماذا الآن فرض ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية؟.. إليكم ما نعلمه”، 8 فبراير 2025، تاريخ الدخول: 3/7/2025، ساعة الدخول 3مساءً.
[2] HUMAN RIGHTS WATCH, “US: Trump Authorizes International Criminal Court Sanctions”, February 7, 2025, available on: https://www.hrw.org/news/2025/02/07/us-trump-authorizes-international-criminal-court-sanctions, accessed on: 8/2/2025, at: 3 pm.
[3] عربي BBC NEWS ، “بعد أن فرض ترامب عقوبات عليها، ماذا نعرف عن المحكمة الجنائية الدولية؟ وما صلاحياتها؟”، متاح على الرابط، https://www.bbc.com/arabic/articles/c8r584d624ko، تاريخ الدخول: 8/2/2025، ساعة الدخول: 6مساءً.
[4] المحكمة الجنائية الدولية، “نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”، 7يوليو 1998، A/CONF.183/9، متاح على الرابط، https://legal.un.org/icc/statute/arabic/rome_statute(a).pdf، تاريخ الدخول: 8/2/2025، ساعة الدخول: 5 مساءً.
[5] Bhaswat Prakash, ” U.S. Sanctions on International Criminal Court”, 5 May 2021, available on: https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=3838256, accessed on: 21/2/2025, at: 8pm.
*مارغريت ساترثويت، المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين؛
فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967؛
جورج كاتروغالوس، الخبير المستقل المعني بتعزيز النظام الدولي الديمقراطي والعادل.
[6] Emmanuel Decaux, “The definition of traditional sanctions: their scope and characteristics”, International review of the red Cross, Vol. 90 No.870, June 2008, available on: https://international-review.icrc.org/sites/default/files/irrc-870_3.pdf, accessed on: 7/3/2025, at: 11am.
[7] Susanne Oxenstierna & Per Olsson, “The economic sanctions against Russia: Impact and prospects of success”, September 2015, available on: https://www.researchgate.net/publication/281619387 , accessed on: 7/3/2025, at: 11am.
[8] Micaela Del Monte and Elena Lazarou, “How Congress and President shape US foreign policy”, European Parliamentary Research Service (EPRS), March 2017, available on: https://www.europarl.europa.eu/, accessed on: 8/3/2025, at: 5pm.
[9] IN THE HOUSE OF REPRESENTATIVES, “Congressional Bills 118th Congress”, 1st Session, H. R. 340, the U.S. Government Publishing Office, January 12, 2023, available on: https://www.congress.gov/118/bills/ , accessed on:8/3/2025, at: 7pm.
[10] Congressional Research Service, “Enforcement of Economic Sanctions: An Overview”, March 18, 2022, available on: https://crsreports.congress.gov/product/pdf/IF/IF12063, accessed on: 20/12/2023, at: 9pm.
[11] HUMAN RIGHTS WATCH, “Palestine: ICC Warrants Revive Hope for Long-Delayed Justice”, November 21, 2024, available on: https://www.hrw.org/news/2024/11/21/palestine-icc-warrants-revive-hope-long-delayed-justice, accessed on: 7/3/2025, at: 5pm.
[12] ألكسندر لونجاروف، “حالة التحقيق؟ «المحكمة الجنائية الدولية» و “الوضع في فلسطين”، ٢٧ أغسطس 2021، متاح على الرابط، https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/halt-althqyq-almhkmt-aljnayyt-aldwlyt-w-alwd-fy-flstyn، تاريخ الدخول: 8/3/2025، ساعة الدخول: 9 مساءً.
[13] HUMAN RIGHTS WATCH, “Palestine: ICC Warrants Revive Hope for Long-Delayed Justice”, Opcit.
[14] CNN العربية، “ترامب يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.. ماهي؟”، 7 فبراير 2025، متاح على الرابط، https://arabic.cnn.com/world/article/2025/02/07/trump-signs-executive-order-sanctioning-the-international-criminal-court، تاريخ الدخول: 21/2/2025، ساعة الدخول: 8 مساءً.
[15] Whitehouse, “IMPOSING SANCTIONS ON THE INTERNATIONAL CRIMINAL COURT”, February 6, 2025, available on: https://www.whitehouse.gov/presidential-actions/2025/02/imposing-sanctions-on-the-international-criminal-court/, accessed on: 7/3/2025, at: 4pm.
[16] الأمم المتحدة، “خبراء أمميون: مشروع القانون الأمريكي ضد المحكمة الجنائية الدولية يعزز ثقافة الإفلات من العقاب”، 10 يناير 2025، متاح على الرابط، https://news.un.org/ar/story/2025/01/1138061K ، تاريخ الدخول: 21/2/2025، ساعة الدخول: 7 مساءً.
[17] منظمة العفو الدولية، “الولايات المتحدة الأمريكية: العقوبات ضد المحكمة الجنائية الدولية خيانة لنظام العدالة الدولية”، 7 فبراير 2025، متاح على الرابط، https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2025/02/https-www-amnesty-org-en-latest-news-2025-02-usa-sanctions-against-international-criminal-court-betray-international-justice-system/، تاريخ الدخول: 8/3/2025، ساعة الدخول: 10 مساءً.
[18] BBC News، “الجنائية الدولية تندد بالعقوبات الأمريكية ضدها ورئيس وزراء إسرائيلي سابق يقول إن “غزة ليست ملكاً لنا لنسلّمها”، 7 فبراير 2025، متاح على الرابط، https://www.bbc.com/arabic/articles/ce3lpy2q3w8o، تاريخ الدخول:8/3/2025، ساعة الدخول: 10 مساءً.