التنمية المستدامة والطاقة

عرض تقرير المخاطر العالمية 2025: انتفاضة العالم نحو المواجهة

إعداد: حسين حمدي ربيع – نوران محمد صلاح – باحثين متدربين ببرنامج التنمية المستدامة والطاقة.
مراجعة: د. مي أحمد – مسئول برنامج التنمية المستدامة والطاقة.

  • مقدمة عن تاريخ التقرير:

يُعتبر تقرير المخاطر العالمية دراسة سنوية يصدرها المنتدى الاقتصادي العالمي (منذ عام 2006) قبل اجتماعه السنوي في دافوس، سويسرا. يهدف التقرير إلى وصف التغيرات في مشهد المخاطر العالمية من عام لآخر، واستكشاف الترابط بين هذه المخاطر، والنظر في كيفية تنظيم استراتيجيات التخفيف منها.

تعود جذور هذا التقرير إلى عام 2004، عندما أُنشئت شبكة المخاطر العالمية لتعقب تطور مجموعة من المخاطر في خمسة مجالات على مدى عشر سنوات: الاقتصاد، الجيوسياسة، البيئة، المجتمع، والتكنولوجيا.

يرجع استمرار المنتدى الاقتصادي العالمي في إصدار تقرير المخاطر العالمية إلى أنه أصبح مرجعًا رئيسيًا لصناع القرار، والحكومات، والقطاع الخاص، والمنظمات الدولية لمواجهة المخاطر العالمية بطريقة استباقية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التحديات المعقدة التي تهدد الاستقرار العالمي.

تاريخ المنتدى الاقتصادي العالمي:

المنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Forum – WEF) هو منظمة دولية غير ربحية تأسست عام 1971 على يد البروفيسور كلاوس شواب، بهدف تعزيز التعاون بين الحكومات والشركات والمجتمع المدني لمعالجة القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العالمية. يقع مقره الرئيسي في كولوني، سويسرا، ويهدف إلى توفير منصة للحوار العالمي، وتعزيز التنمية المستدامة، ومعالجة الأزمات العالمية مثل تغير المناخ والفجوة الاقتصادية. يعقد المنتدى اجتماعه السنوي في دافوس، سويسرا، ويصدر تقارير مؤثرة مثل تقرير المخاطر العالمية لدعم صناع القرار. بفضل تأثيره الكبير، يُعد المنتدى منصة رئيسية تجمع قادة الحكومات، الشركات، والأكاديميين لمناقشة أهم القضايا العالمية وإيجاد حلول مبتكرة لها.

  • المحور الأول: عرض المخاطر البيئية والاقتصادية التي تداولها التقرير
  • أولا: المخاطر البيئية
  • الوضع الراهن (2025)

المخاطر المرتبطة بالظواهر الجوية المتطرفة تعد مصدر قلق رئيسي للعام الحالي 2025، حيث اختارها 14٪ من المستجيبين كأحد أهم المخاطر لتأتى في المرتبة الثانية بعد الصراع المسلح بين الدول (شكل 1). يزداد تأثير تغير المناخ وضوحًا كل عام، حيث يؤدي التلوث الناجم عن الاستخدام المستمر للوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز إلى زيادة تكرار وشدة الظواهر الجوية المتطرفة. وتشمل بعض الأمثلة الحديثة على ذلك موجات الحر في أجزاء من آسيا، والفيضانات في البرازيل وإندونيسيا وأجزاء من أوروبا، وحرائق الغابات في كندا، بالإضافة إلى الأعاصير “هيلين” و”ميلتون” في الولايات المتحدة.

  • وفقا لتصورات المخاطر العالمية الحالية حسب الفئات العمرية، تحتل المخاطر المرتبطة بالظواهر الجوية المتطرفة المركز الثاني بالنسبة لكل الفئات العمرية باستثناء الفئة العمرية دون الثلاثين عاما التي قامت باختيارها في المرتبة الاولي.
  • وفقا تقرير المخاطر العالمية 2024، تصدرت الظواهر الجوية المتطرفة المرتبة الأولى للعام الماضي 2024 بنسبة 66%
  • يبرز خطر بيئي آخر ضمن أعلى عشرة مخاطر لعام 2025، حيث يحتل التغير الحرج في النظم البيئية للأرض المرتبة السابعة بنسبة 4%.

شكل (1) مشهد المخاطر في الوضع الراهن 2025

    2.المخاطر العالمية قصيرة المدى (عام 2027)

    أظهرت نتائج مسح إدراك المخاطر العالمية (GRPS) استمرار المخاوف بشأن المخاطر البيئية خلال العامين المقبلين. فقد جاءت الظواهر الجوية المتطرفة في المرتبة الثانية لأعنف المخاطر المتوقعة لعام 2027، بينما تقدم التلوث إلى المرتبة السادسة (شكل 2)، متقدمًا بأربعة مراكز مقارنةً بالعام السابق. يعكس هذا التقدم في ترتيب التلوث تحولًا في إدراك المخاطر البيئية، التي أصبحت تُنظر إليها كمخاطر وشيكة التأثير بعدما كانت تُعتبر طويلة الأمد. كما يبرز تغير المناخ بوصفه محركًا رئيسيًا للعديد من المخاطر، مثل الهجرة القسرية أو النزوح، التي احتلت المرتبة الثامنة ضمن التصنيفات العالمي

    • المخاطر العالمية على المدى القصير (عامان)، حسب الفئات العمرية: تحتل الظواهر الجوية المتطرفة المرتبة الثانية وفقًا للفئتين العمريتين (50-59) و (60-69)، بينما يأتي التلوث في المرتبة السادسة لدى الفئتين العمريتين (30-39)  و(40-49)
    • Description: Global risks ranked by severity - Global Risks Report 2025المخاطر العالمية على المدى القصير (عامان)، حسب مجموعات أصحاب المصلحة: تتواجد الظواهر الجوية المتطرفة والتلوث ضمن قائمة أبرز عشرة مخاطر على المدى القصير، مما يعكس تزايد القلق العالمي بشأن تأثيراتهما المباشرة على البيئة والمجتمعات.

    شكل 2 (المخاطر العالمية على المدى القصير وامدى البعيد مرتبة حسب شدتها)

    3. المخاطر العالمية طويلة المدى لعام 2035: نقطة اللاعودة

    يتوقع أن تزداد حدة المخاطر العالمية مع اقتراب عام 2035، ما لم تُتخذ إجراءات جماعية استباقية بمشاركة جميع أصحاب المصلحة لتحقيق الاستدامة. وفقًا لمسح إدراك المخاطر العالمية (GRPS)، تهيمن المخاطر البيئية، تليها المخاطر التكنولوجية، على مشهد المخاطر طويلة الأمد، حيث احتلت المخاطر البيئية خمسة مراكز ضمن العشرة الأوائل. جاءت الظواهر الجوية المتطرفة في المرتبة الأولى كأكبر تهديد خلال العقد المقبل، للعام الثاني على التوالي، تلتها فقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظم البيئية في المرتبة الثانية، بعد تقدمها من المركز الثالث العام الماضي. كما احتلت التغيرات الحادة في النظم البيئية للأرض المرتبة الثالثة، ونقص الموارد الطبيعية المرتبة الرابعة، فيما حلّ التلوث عاشرًا، مما يعكس التوقعات القاتمة للمخاطر البيئية. (شكل 2)

    يبدي المشاركون في المسح تشاؤمًا متزايدًا تجاه المستقبل، حيث توقع 62%  منهم مستقبلًا مضطربًا خلال العقد المقبل مقارنةً بالمدى القصير. وتُظهر مقارنة تصنيفات المخاطر بين أفق السنتين والعشر سنوات ارتفاعًا عامًا في شدة جميع المخاطر الـ 33 التي شملها الاستطلاع، مما يعكس تنامي القلق بشأن تفاقم التحديات المستقبلية.

    رغم استقرار ترتيب المخاطر العشر الأولى مقارنةً بتقرير العام الماضي، حيث احتفظت الظواهر الجوية المتطرفة بالمرتبة الأولى، تلاها نقص الموارد الطبيعية (المرتبة الرابعة) والتلوث (المرتبة العاشرة)، يبرز اختلاف واضح في إدراك المخاطر بين الفئات العمرية ومجموعات أصحاب المصلحة. فقد صنف المستجيبون الأصغر سنًا (دون 30 عامًا) التلوث في المرتبة الثالثة ضمن أخطر المخاطر، بينما أدرجه المسؤولون الحكوميون، والمجتمع المدني، والأوساط الأكاديمية ضمن أهم عشرة مخاطر، في حين لم يحظَ بنفس الأولوية لدى القطاع الخاص والمنظمات الدولية.

    يعكس هذا التباين اختلاف وجهات النظر حول الأولويات العالمية، حيث قد يركز القطاع الخاص والمنظمات الدولية بشكل أكبر على المخاطر الاقتصادية أو التكنولوجية بدلاً من القضايا البيئية. ومع ذلك، فإن هذا الاختلاف قد يؤدي إلى تحديات في تنسيق الجهود لمكافحة التلوث، مما يستدعي تعاونًا أقوى بين جميع القطاعات لضمان استجابات أكثر شمولية وفعالية تجاه المخاطر البيئية المتزايدة.

    • المخاطر العالمية على المدى الطويل (10 سنوات) حسب المنطقة:

    بينما تتصدر المخاطر البيئية مشهد القلق العالمي في معظم المناطق، فإن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعكس صورة مختلفة، حيث تطغى التحديات الأمنية، التكنولوجية، والجيوسياسية. ومع ذلك، فإن المخاطر البيئية مثل نقص الموارد الطبيعية والظواهر الجوية المتطرفة لا تزال جزءًا من المشهد، ولكنها لا تتصدر الأولويات مقارنة بالمناطق الأخرى.

    إذا استمر هذا النهج دون تكامل بين إدارة المخاطر البيئية والجيوسياسية، فقد تتفاقم الأزمات، مما يستدعي تعزيز السياسات البيئية ضمن استراتيجيات الأمن الإقليمي.

    • التلوث عند مفترق الطرق

    خصص تقرير المخاطر العالمية لعام 2025 قسمًا خاصًا للتلوث بهدف استكشاف المخاطر البيئية التي لم تحظَ بالتقدير الكافي، والتي يُرجح أن تزداد أهميتها بحلول عام 2035، نظرًا لتأثيرها العميق على الصحة البشرية والنظم البيئية. ويؤكد التقرير أنه ما لم تُتخذ إجراءات ملموسة وعاجلة للحد من الأنشطة الملوثة، فمن المتوقع تفاقم هذه التأثيرات، مما قد يؤدي إلى تدهور بيئي واسع النطاق يصعب عكسه مستقبلاً.

    احتل التلوث المرتبة العاشرة ضمن تصنيف المخاطر العالمية طويلة الأمد (10 سنوات) وفقًا لمسح إدراك المخاطر العالمية (GRPS)، حيث أعرب 23٪ من المشاركين عن قلقهم الشديد حياله. وأبدت الفئة العمرية الأقل من 30 عامًا قلقًا أكبر، إذ صنفته في المرتبة الثالثة ضمن أخطر المخاطر للعقد المقبل.

    في عام 2024، تم تجاوز ستة من تسعة حدود كوكبية لصحة البيئة، مع اقتراب السابع من الخطر، مما يهدد استقرار النظم الداعمة للحياة. وترجع هذه التهديدات إلى أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة التي تؤدي إلى تغير المناخ، التلوث، وفقدان التنوع البيولوجي، والتي تصفها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) بـأزمة الكوكب الثلاثية.

    ويُعد التلوث أكبر خطر بيئي على الصحة العامة، مسببًا 92٪ من الوفيات المرتبطة به، حيث تتحمل البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل العبء الأكبر من الخسائر الصحية والاقتصادية. يسبب التعرض للملوثات العديد من الامراض أبرزها الارتفاع المتزايد في حالات أمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الجهاز التنفسي، ومعدلات العقم، والسرطان.

    يؤثر التلوث بشكل غير متناسب على الفئات الضعيفة، خاصة في المناطق الحضرية والصناعية والمجتمعات المهمشة القريبة من مصادر الانبعاثات والتي تعاني من قلة المساحات الخضراء، مما يزيد عدم المساواة الصحية والأعباء الاقتصادية. ففي عام 2024، وُجد أن الأشخاص الذين يعيشون في أكثر المناطق تلوثًا في العالم يتنفسون هواءً ملوثًا بمقدار ستة أضعاف مقارنة بمن يعيشون في المناطق الأقل تلوثًا.

    وفقًا لاستبيان آراء التنفيذيين، الذي حدد أهم خمسة مخاطر تهدد الدول خلال العامين المقبلين. رغم احتلال التلوث المرتبة الثامنة عشرة عالميًا بين 34 خطرًا، إلا أنه يمثل أكبر مصدر قلق في آسيا الوسطى (المرتبة الأولى)، ويعد من المخاطر الرئيسية في جنوب آسيا (المرتبة السادسة) وبين الاقتصادات ذات الدخل المتوسط الأدنى (المرتبة الحادية عشرة). وعلى  مستوى الدول، ظهر التلوث ضمن أعلى ثلاثة مخاطر في 10 دول، منها مالطا، أذربيجان، غانا، وكوسوفو، ويبرز كتهديد رئيسي في البلدان ذات الكثافة السكانية العالية، مثل بنغلاديش (المرتبة الثالثة) والهند (المرتبة الرابعة).

    (شكل 3)

    يتطلب التحول الأخضرمراعاة تأثيرات الملوثات، خاصة تلك الحديثة أو الناشئة التي ما زالت تأثيراتها المحتملة غير مفهومة بالكامل. غالبًا لا تخضع هذه الملوثات للتنظيم إلا بعد ظهور أدلة على تأثيراتها طويلة الأجل على الصحة والنظم البيئية. ويُعد فهم هذه الملوثات أساسًا لتطوير سياسات فعالة، إذ تؤثر على الهواء، الماء، والتربة، وتُحدث تأثيرات بيئية مترابطة.

    يتناول هذا القسم من التقرير ملوثات المناخ قصيرة الأجل، مثل الكربون الأسود والميثان، التي تسرّع التغير المناخي، إضافة إلى ملوثات المياه، بما في ذلك المواد المشبعة والمفلورة (PFAS)، والميكرو والنانو بلاستيك، والمخلفات الدوائية، ويختتم بمناقشة تلوث النيتروجين والنفايات وتأثيرهما البيئي.

    • الملوثات الفائقة في الهواء

    ملوثات المناخ قصيرة الأجل المعروفة باسم “الملوثات الفائقة”، هي مجموعة من الملوثات التي تبقى في الغلاف الجوي لفترة زمنية قصيرة نسبيًا مقارنةً بغازات الدفيئة طويلة العمر. ومع ذلك، فإن هذه الملوثات لها تأثير غير متناسب على جودة الهواء والاحتباس الحراري العالمي. حيث تساهم هذه الملوثات بما يصل إلى  45%من الاحتباس الحراري العالمي على المدى القريب.

    تشمل ملوثات المناخ قصيرة الأجل بشكل رئيسي:

    • الكربون الأسود                      الهيدروفلوروكربونات (HFCs)
    • الميثان                                الأوزون التروبوسفيري (في الطبقة السفلى من الغلاف الجوي) 
    العنصر الميثان (Methane)الكربون الأسود (Black Carbon)
    التعريفأحد ملوثات المناخ قصيرة الأجل، يتميز بتأثير احتراري أقوى بأكثر من 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون خلال 20 عامًا.أحد ملوثات المناخ قصيرة الأجل، يتكون من جزيئات سوداء دقيقة تنتج عن الاحتراق غير الكامل للوقود الأحفوري.
    المصادر الرئيسيةالوقود الأحفوري – الزراعة (تربية الماشية، حقول الأرز) – النفاياتاستهلاك الطاقة (تجارية ومنزلية) – الإنتاج الصناعي – حرق المحاصيل الزراعية – المواقد التي تعمل بالاحتراق – حرائق الغابات
    التأثيرات الصحيةتقليل انبعاثاته يمنع سنويًا: – فقدان 26 مليون طن من المحاصيل – 255,000 حالة وفاة مبكرة مرتبطة بتلوث الهواء – 775,000 حالة دخول للمستشفيات بسبب الربو – ضياع 73 مليار ساعة عمل بسبب الحرارة الشديدةيخترق مجرى الدم عبر الحويصلات الهوائية، مما يؤدي إلى نقل مركبات سامة في الجسم. – يسبب أمراضًا مزمنة مثل: – أمراض الجهاز التنفسي – السكتات الدماغية – النوبات القلبية – السرطان – تأثيرات سلبية على نمو الأطفال المبكر والقدرات الإدراكية.
    التأثيرات البيئيةيعد مقدمة رئيسية لتشكل الأوزون على مستوى سطح الأرض، مما يقلل إنتاجية الزراعة ويضغط على النظم البيئية.درجة حرارة أسطح النباتات، مما يؤدي إلى اضطراب هطول الأمطار وخسائر كبيرة في المحاصيل سنويًا. – يسرع ذوبان الجليد في المناطق القطبية والجبلية. – تأثيره الاحتراري أقوى بـ 1,500 مرة من تأثير ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة كتلة.
    مدة البقاء في الغلاف الجوي حوالي 12 سنة (قصير نسبيًا مقارنة بثاني أكسيد الكربون).قصيرة (أسابيع إلى بضعة أشهر).
    دوره في تغير المناخ يمتلك قدرة احترارية أقوى بأكثر من 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون خلال فترة 20 عامًا. – الفشل في الحد من انبعاثاته يعد من أخطر المخاطر قصيرة الأجل لارتفاع درجات الحرارة العالمية.يساهم بشكل كبير في الاحترار العالمي، خاصة في المناطق القطبية. – الجمع بين تقليل الكربون الأسود وثاني أكسيد الكربون يوفر حلاً سريعًا وفعالًا للحد من تغير المناخ.
    إمكانية الحد من التأثيرات خفض الانبعاثات بنسبة 30% بحلول 2030 وفقًا للتعهد العالمي بشأن الميثان (GMP) الذي تدعمه 159 دولة. – تحقيق هذا الهدف يمكن أن يخفض درجات الحرارة العالمية بمقدار 0.2 درجة مئوية بحلول عام 2050.تقليل الانبعاثات يمكن أن يخفض الاحترار العالمي بنسبة تصل إلى 50%، وحتى ثلثي الاحترار في القطب الشمالي. – يتطلب إجراءات فعالة ومنخفضة التكلفة.

    ملوثات المياه

    العنصرالمواد المشبعة والمفلورة متعددة الفلور (PFAS)الميكرو والنانو بلاستيكالأدوية (Pharmaceuticals)
    التعريفمواد كيميائية تُستخدم لجعل المنتجات مقاومة للماء والشحوم والبقع، وتُعرف بـ”المواد الكيميائية الأبدية” لصعوبة تحللهاقطع بلاستيكية صغيرة جدًا تنتج عن تحلل المنتجات البلاستيكية أو تصنع عمدًا بهذا الحجم، وتشمل الميكروبلاستيك (أقل من 5 ملم) والنانو بلاستيك (100-1000 نانومتر).
    ملوثات بيئية ناشئة تشمل المضادات الحيوية والأدوية المضادة للفيروسات والفطريات والطفيليات، التي تتسرب إلى البيئة من نفايات التصنيع أو الاستخدام المباشر.
    المصادر الرئيسية– المنتجات الاستهلاكية (الأدوات غير اللاصقة، رغوة إطفاء الحرائق). – التصنيع الصناعي.
    – تحلل المنتجات البلاستيكية مثل الزجاجات والإطارات والأقمشة الصناعية. – مستحضرات التجميل والمنظفات. – التلوث الناتج عن أنشطة الشحن والصيد. نفايات التصنيع الدوائي. – المنشآت الصحية. – الزراعة وتربية الحيوانات. – الاستخدام المباشر من قبل البشر والحيوانات.
    التأثيرات الصحية-انخفاض الخصوبة لدى النساء. – تأخر النمو لدى الأطفال. – زيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان. – ضعف الجهاز المناعي وتقليل قدرة الجسم على مكافحة العدوى. – اضطرابات هرمونية بسبب المواد المعطلة لعمل الغدد الصماء. – زيادة خطر الإصابة بالعقم، السمنة، السرطان، مشاكل الغدة الدرقية، واضطرابات النمو. – النانو بلاستيك شديد الخطورة بسبب إمكانية استنشاقه أو امتصاصه في الجسم. زيادة مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية، مما يجعل علاج العدوى أكثر صعوبة. – تهديد الصحة العامة بسبب صعوبة علاج الالتهابات الناتجة عن الكائنات المقاومة للأدوية.
    التأثيرات البيئية.– تلوث مياه الشرب والتربة والهواء والطعام. – تبقى في البيئة لفترات طويلة بسبب صعوبة تحللها.– تلوث المسطحات المائية والبحار. – يؤثر على النظام البيئي للتربة ويحد من نمو النباتات في البيئات البحرية والعذبة. – وجوده في أجسام الكائنات الحية وفي الهواء، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO). تلوث المسطحات المائية بالمضادات الميكروبية. – يؤدي إلى اختلال التوازن البيئي المائي. – تأثير طويل الأمد بسبب تراكم الأدوية في البيئة
    النطاق الزمني للخطر.طويل الأمد بسبب استمرارها في البيئة وعدم تحللها.طويل الأمد بسبب عدم تحلل البلاستيك وبقاء الجسيمات الصغيرة في البيئة.طويل الأمد نظرًا لتراكم المخلفات الدوائية وصعوبة تحللها في المسطحات المائية
    الاستجابة التنظيمية– تزايد اللوائح الحكومية للحد من التعرض لهذه المواد.– دعوات لمزيد من الأبحاث لفهم التأثير الصحي والبيئي. – تحذيرات من منظمة الصحة العالمية بشأن خطورة النانو بلاستيك.أصدرت منظمة الصحة العالمية (WHO) في سبتمبر 2024 إرشادات لتنظيم التلوث بالمضادات الميكروبية الناتج عن تصنيع الأدوية.
    ملاحظات إضافية– تُعد سامة حتى في المستويات المنخفضة جدًا..-يحتوي البلاستيك على أكثر من 13,000 مادة كيميائية، منها مواد معطلة لعمل الغدد الصماءتعتبر الأدوية ضمن فئة “الملوثات ذات القلق الناشئ”، وهي غير خاضعة للتنظيم حاليًا.
    • النيتروجين والتخلص من النفايات
    • النيتروجين

    تعتمد الزراعة الصناعية منذ فترة طويلة على الأسمدة النيتروجينية لزيادة الإنتاجية، مما أدى إلى تحول تلوث النيتروجين إلى أحد الملوثات الرئيسية للتربة والمياه والهواء.

    • المشكلة الأساسية:
    • كلما زاد استخدام هذه الأسمدة لزيادة إنتاجية المحاصيل، زادت كمية النيتروجين المفقودة في البيئة، حيث تتسرب إلى المياه والتربة وتتحول إلى غاز الأمونيا في الغلاف الجوي.
      • المخاطر الصحية لتلوث المياه الجوفية بالنيتروجين:
    • ارتفاع مستويات النترات في مياه الشرب يمكن أن يؤدي إلى:
      • مشاكل في الإنجاب.
      • متلازمة ميتهيموغلوبينية (Methemoglobinemia)، والتي تؤثر على قدرة الدم على حمل الأكسجين.
      • سرطان القولون والمستقيم.
      • أمراض الغدة الدرقية.
      • عيوب الأنبوب العصبي عند الأجنة.
    • التأثيرات البيئية:
      • تتدفق مركبات النيتروجين من الأنهار إلى البحار، مما يؤدي إلى الإثراء الغذائي (Eutrophication) في المياه الساحلية، وهي ظاهرة تؤدي إلى مشكلات صحية في مياه البحر.تشير الأدلة الحديثة إلى أن الإثراء الغذائي ظاهرة متزايدة وخطيرة.
      • 81٪ من انبعاثات الأمونيا عالميًا تأتي من مخلفات الماشية والأسمدة الزراعية. تؤدي مخلفات الماشية واستخدام الأسمدة إلى إنتاج أكسيد النيتروز (N₂O)، وهو غاز دفيء قوي يساهم في استنفاد طبقة الأوزون الستراتوسفيرية، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة بسرطان الجلد.
      • هذه الانبعاثات تساهم في 50٪  من تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة (PM2.5) في الاتحاد الأوروبي و30٪  في الولايات المتحدة. PM2.5 مرتبط بأمراض مزمنة قد تؤدي إلى الوفاة المبكرة.
    • التخلص من النفايات

    يمكن تصنيف النفايات وفقًا لمصدرها (مثل النفايات الصلبة البلدية أو النفايات الصناعية)، أو خصائصها (مثل النفايات الخطرة أو النفايات العضوية)، أو نوعها (مثل النفايات الإلكترونية أو النفايات الطبية). يمكن أن يؤدي التخلص غير السليم من النفايات إلى انتشار الأمراض المعدية، وانبعاث غاز الميثان، والتعرض للتلوث الناجم عن المواد الكيميائية المنبعثة من مدافن النفايات، والنفايات العضوية، وحرق النفايات. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التعرض للنفايات الإلكترونية التي تتم إدارتها بشكل غير صحيح ومكوناتها إلى إطلاق مجموعة واسعة من الجزيئات الكيميائية المختلفة في البيئة، مما قد يكون له آثار صحية وتنموية سلبية متعددة، خاصة على الأطفال الصغار والنساء الحوامل. وفي حالة عدم اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن إدارة النفايات، فإنه بحلول عام 2050، قد تتضاعف التكلفة السنوية العالمية للنفايات تقريبًا، آخذة في الاعتبار التكلفة المباشرة والتكاليف الخفية للتلوث، وسوء الصحة، وتغير المناخ الناتج عن ممارسات التخلص من النفايات غير السليمة، من 361 مليار دولار إلى 640 مليار دولار.

    • إجراءات يجب اتخاذها اليوم

    أ. تحسين أنظمة المراقبة، الإبلاغ، والتقييم

    بالنسبة للعديد من الملوثات الناشئة، مثل النانو بلاستيك، هناك نقص في البيانات الموثوقة حول المخاطر الصحية، بما في ذلك التسمم الإنجابي والتنموي والتأثيرات طويلة الأجل للتعرض بمستويات منخفضة.

    يشير تقرير GRPS إلى أن البحث والتطوير يحتل المرتبة الثالثة من حيث إمكانية دفع العمل نحو الحد من المخاطر والاستعداد لمواجهة التلوث خلال السنوات العشر المقبلة. (شكل 4)

    تعد أنظمة المراقبة، الإبلاغ، والتقييم (MRE) الحالية غير كافية لتحديد المخاطر الناشئة للملوثات وتتبع التقدم على مر الزمن. يؤدي غياب بيانات في الوقت الفعلي أو نظام موحد للإبلاغ، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، إلى صعوبة القياس والمراقبة واتخاذ الإجراءات اللازمة.

    من خلال تحسين أنظمة (MRE) الحالية ومشاركة البروتوكولات، يمكن لأصحاب المصلحة:

    • دعم القرارات السياسية.
    • تعزيز الشفافية بشأن الملوثات.
    • زيادة التدخلات المستهدفة لمعالجة مصادر التلوث وتأثيراته.

          شكل 4 ( ترتيب آليات دفع العمل للحد من المخاطر خلال السنوات العشر القادمة

    ب. تعزيز الأطر التنظيمية

    يتطلب الحد من التأثيرات الصحية والبيئية للملوثات تبني إجراءات تنظيمية شاملة واستباقية، حيث يمكن للإجراءات الحالية أن تسهم في الحد من تداعيات التلوث بحلول عام 2035.

    وفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة  (UNEP)، تفتقر ثلث الدول عالميًا إلى معايير قانونية ملزمة لجودة الهواء الخارجي، مما يستدعي تطوير وتعزيز أطر تنظيمية فعالة لمعالجة كل من الملوثات المعروفة والناشئة. كما حدد المشاركون في تقرير GRPS  أن التشريعات الوطنية والمحلية تمثل الآلية الأكثر فاعلية لدفع الجهود نحو تقليل المخاطر البيئية والاستعداد لمواجهة التلوث خلال السنوات العشر القادمة.

    يتطلب تحقيق تنظيم بيئي فعّال تبني سياسات تكيفية قائمة على الأبحاث العلمية المستمرة لضمان استجابة مرنة وفعالة للتحديات البيئية المتزايدة.

    ج. توفير تمويل طموح

    يستمر النقص المزمن في تمويل المبادرات المتعلقة بالتلوث. على سبيل المثال، بين عامي 2015 و2021، تم تخصيص أقل من  1% من إجمالي تمويل التنمية الدولية (17.3 مليار دولار) لمكافحة تلوث الهواء الخارجي.

    لمكافحة التلوث بفعالية على المستويات المحلية والوطنية والدولية، هناك حاجة إلى إجراءات تمويل واسعة النطاق، متكاملة، وتعاونية بين القطاعين العام والخاص والمنظمات الخيرية. كما أن الطبيعة العابرة للحدود للتلوث تتطلب آليات تمويل مبتكرة .على سبيل المثال، يمكن أن تلعب المؤسسات المالية الدولية والبنوك الإنمائية متعددة الأطراف دورًا رئيسيًا في دعم جهود الحد من التلوث من خلال تقديم قروض ميسرة أو منح.

    الحاجة إلى تمويل الحلول التكنولوجية

    • العديد من التقنيات الحالية تجعل الحد من بعض أنواع التلوث ليس فقط ممكنًا، بل مربحًا اقتصاديًا، حيث تساهم في خلق بيئات صحية وتحسين الصحة العامة، من الأمثلة على ذلك:
      • تحسين إدارة النفايات عبر أنظمة الترشيح المتقدمة والفرز السليم للنفايات عند المصدر.
      • تقنيات احتجاز غاز الميثان للحد من انبعاثاته الضارة.

    التحرك الفوري نحو الحلول المستدامة

    • يمكن أن يساعد التطبيق الواسع والفوري للتقنيات الحالية، إلى جانب تحسين الاستراتيجيات باستمرار مع توفر المزيد من البيانات، في بناء مستقبل أكثر صحة واستدامة ومرونة.
    • يمكن للحكومات تحفيز دمج هذه التقنيات في الممارسات الصناعية من خلال الحوافز الاقتصادية والتنظيمية.

    ثانيا: المخاطر الاقتصادية

    درجة شدة المخاطر على المدى القصير (عامين): المواجهة الجيواقتصادية

    تشير المواجهة الجيواقتصادية الى استخدام الأدوات اقتصادية من قبل القوى العالمية أو الإقليمية لإعادة تشكيل التفاعلات الاقتصادية بين الدول، مع تقييد السلع والمعرفة والخدمات أو التكنولوجيا بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقييد المنافسين الجيوسياسيين و/أو تعزيز نطاقات النفوذ. ويشمل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر: إجراءات العملة، ضوابط الاستثمار، العقوبات، المساعدات والدعم الحكومي، وضوابط التجارة.

    الشكل (5) : تبلغ متوسط درجة شدة المخاطرة لمدة عامين 4.1.

    • التصعيد العالمي للحماية التجارية القائمة على التعريفات الجمركية قد يؤدي إلى انخفاض التجارة العالمية.
    • تعميق الانفصال للتجارة بين الغرب والشرق سيكون له تداعيات عالمية، تتجاوز العلاقات التجارية.
    • مع ضعف النمو الاقتصادي في الصين وأوروبا بالفعل، فإن تصاعد حرب التجارة سيقدم المزيد من عدم اليقين للتوقعات الاقتصادية العالمية.

    العلاقات التجارية العالمية متوترة وهناك خطر من تغيرات غير متوقعة وحادة في السياسات التجارية حول العالم. تحتل المواجهة الجيو-اقتصادية (العقوبات، التعريفات الجمركية، ضوابط الاستثمار) المرتبة الثالثة في قائمة المخاطر الحالية (2025) وفقًا لتقرير مخاطر العالم، والمرتبة التاسعة على مدى سنتين. هذا يأتي بعد أن كانت التوترات التجارية في تصاعد حاد منذ عام 2017. وفقًا لـ Global Trade Alert، ارتفع عدد التدخلات السياسية الضارة الجديدة عالميًا سنويًا  من 600 في عام 2017 إلى أكثر من 3000 في كل من عامي 2022 ،2023 و2024.

    أشارت الإدارة الأمريكية القادمة إلى أنها ستفرض تعريفات جمركية أعلى على الواردات من جميع الشركاء التجاريين، مع التركيز بشكل خاص على الصين، وكذلك المكسيك وكندا. بينما قد تكون هذه التصريحات خطوات استباقية قبل مفاوضات مستقبلية تغطي التجارة وقضايا أخرى، إلا أنها بالتأكيد إشارة إلى بقية العالم بأن تعميق الحمائية على جدول الأعمال.

    يُفكر الشركاء التجاريون للولايات المتحدة في إجراءات انتقامية، بالإضافة إلى توقيت تنفيذها المحتمل. على مدى العامين المقبلين، هناك خطر كبير من تصاعد التعريفات الجمركية وغيرها من أشكال الحمائية التجارية عالميًا، مما قد يعجل بانفصال أوسع بين الولايات المتحدة والصين، وحلفائهما على التوالي. بينما قد تتصاعد الخطابات الشبيهة بالحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين وتزيد من التوترات التجارية بين الكتلتين، فإن العديد من الدول التي لا تنتمي إلى الغرب أو الشرق ستجد نفسها متأثرة بهذه التوترات.

    في مثل هذا السيناريو المتصاعد لحرب التجارة، قد تتوقف أو تتفكك المبادرات الجارية حاليًا. على سبيل المثال، من المرجح أن تواجه آلية ضبط حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي انتقامًا من الشركاء التجاريين، وستواجه الجهود للتعاون في مجال التنظيم الرقمي مواقف تفاوضية متصلبة. هذه المبادرات وغيرها تحتاج إلى تعاون مستمر لمواصلة التقدم.

    التعريفات الجمركية الشاملة

    في أسوأ سيناريو لتصاعد التعريفات الجمركية على مدى العامين المقبلين، قد تقرر الحكومات فرض تعريفات جمركية ليس فقط على الدول أو التكتلات التي تفرض تعريفات عليها، ولكن على جميع شركائها التجاريين. هذا التطبيق الواسع للتعريفات الجمركية الشاملة عالميًا سيؤدي إلى انكماش كبير في التجارة العالمية.

    قد ينشأ هذا السيناريو من تصاعد نزاع التعريفات الجمركية بين الولايات المتحدة والصين وهيمنة الصين على أسواق التصدير العالمية هي في صميم مخاوف الإدارة الأمريكية الجديدة. ليس فقط في الولايات المتحدة، ولكن قطاعات التصنيع في جميع أنحاء العالم واجهت صعوبات في المنافسة مع المنتجات الصينية في قطاعات، مثل الألواح الشمسية أو المركبات الكهربائية. بينما تباطأت الصادرات الصينية من 2022 إلى 2023، إلا أن نموها ظل قويًا على مدى خمس سنوات.

    شكل (6) تصورات المخاطر الوطنية: المواجهة الجيو-اقتصادية

    تصنيف المخاطر الوطنية وفقا لاستطلاع رأي التنفيذيين حول المخاطر الوطنية من السؤال “ما هي المخاطر الخمسة التي من المرجح أن تشكل أكبر تهديد لبلدك في العامين المقبلين؟”

    إذا تم تقييد وصول الصين إلى السوق الأمريكية بسبب التعريفات الجمركية الجديدة، فمن المرجح أن تتدفق الصادرات الصينية إلى الأسواق الأوروبية وأسواق أخرى. لكن الاتحاد الأوروبي بدأ بالفعل في الرد في مجالات معينة من التجارة مع الصين، على سبيل المثال، فرض تعريفات جمركية على واردات المركبات الكهربائية من الصين لمدة خمس سنوات في أكتوبر 2024. وإذا واجه الاتحاد الأوروبي تدفقًا محتملاً للواردات الصينية التي تم تحويلها من الولايات المتحدة، فقد يفرض تعريفات جمركية جديدة على الواردات الصينية.

    قد تتبع مناطق أخرى مثل أمريكا اللاتينية نهجًا مماثلاً في مواجهة الواردات المحولة بهدف حماية الصناعات المحلية. على مدى العامين المقبلين، قد يؤدي هذا إلى نمط من الحمائية المتدرجة والمتزايدة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم، بسرعات مختلفة في قطاعات مختلفة، تتجاوز التعريفات الجمركية الثنائية المتبادلة. قد تتحرك بعض الحكومات بشكل أكثر عدوانية من غيرها، وبمجرد أن تفرض الدول الأولى تعريفات جمركية شاملة على شركائها التجاريين، قد تتبعها دول أخرى بسرعة.

    تصعيد يتجاوز التعريفات الجمركية

    في بحث نُشر في نوفمبر 2024 يقيم مدى تعرض 173 دولة لإجراءات تجارية أمريكية تقييدية ويأخذ البحث في الاعتبار المخاوف الرئيسية لصانعي السياسات الأمريكية، بما في ذلك الفوائض التجارية الثنائية لتلك الدول مع الولايات المتحدة، والقيود على الوصول إلى الأسواق للصادرات الأمريكية، والتعريفات الجمركية الحالية، من بين معايير أخرى. بناءً على هذه المعايير، تم تحديد أن كوريا الجنوبية هي الأكثر عرضة لاستهدافها بإجراءات تجارية أمريكية تقييدية، تليها الصين واليابان وكندا والهند في المستوى التالي من المخاطر. ومع ذلك، فإن دولًا وكيانات أخرى معرضة للخطر أيضًا مثل: البرازيل، الاتحاد الأوروبي، إندونيسيا، أيرلندا، إيطاليا، كينيا، ماليزيا، المكسيك وتايلاند هي المجموعة التالية من الاقتصادات.

    هذا التقييم يتوافق مع نتائج استطلاع رأي التنفيذيين، الذي يظهر أن المواجهة الجيواقتصادية (العقوبات، التعريفات الجمركية، فحص الاستثمار، إلخ) هي مصدر قلق بارز في شرق آسيا بشكل خاص (الشكل 2). في تايوان والصين ومنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة بالصين، يُعتبر هذا الخطر ثالث أكبر مصدر قلق في توقعاتهم للعامين المقبلين. علاوة على ذلك، هناك 12 اقتصادًا آخر، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية، تصنف المواجهة الجيواقتصادية بين أهم 10 مخاطر لديها. بينما قد تكون منطقة شرق آسيا واحدة من أكثر المناطق تأثرًا بشكل مباشر بقيود التجارة الجديدة، إلا أن التفتت الجيواقتصادي العالمي المتسع سيؤثر على جميع الاقتصادات، مع احتمال أن تكون الأسواق الناشئة والدول ذات الدخل المنخفض هي الأكثر تضررًا على المدى الطويل.

    بالإضافة إلى التعريفات الجمركية، تُعتبر السياسة الصناعية في صلب الإجراءات الحمائية الأخرى المتعلقة بالتجارة. العالم يدخل بالفعل في عصر السياسة الصناعية، مع وجود عدد كبير من الحواجز غير الجمركية التي تؤثر على العلاقات التجارية. ثلثي إجراءات تقييد التجارة الضارة التي تم تنفيذها في السنوات الخمس الماضية كانت عبارة عن إعانات، باستثناء إعانات التصدير. تشريعات مثل قانون خفض التضخم أو مبادرات مثل “اصنع في الهند” أصبحت سمة متزايدة لتركيز الدول على الداخل، وقد يتسارع هذا الاتجاه في بيئة تجارية متفتته. على الرغم من أن السياسة الصناعية يمكن أن تكون لها فوائد، مثل معالجة إخفاقات السوق، إلا أن مخاطرها تشمل الفساد وسوء تخصيص الموارد. ومن المرجح أن تشهد منطقة ذات صلة تصاعدًا في حظر التجارة والاستثمار على أسس أمنية وطنية، مع توسيع عدد القطاعات التي تصنفها الحكومات على أنها “حساسة استراتيجيًا”.

    مع تقلص المساحة المتاحة لبيئة تجارية عالمية متعددة الأطراف وقائمة على القواعد ومفتوحة، قد تُستخدم تدخلات الحكومات في القطاع الخاص بشكل أكثر تكرارًا كشكل من أشكال الانتقام من حكومات الشركات الأم. قد يتعرض موظفو الشركات الأجنبية بشكل متزايد للملاحقة القضائية أو يواجهون قيودًا أكبر على إقامتهم في البلاد، وقد تزداد عدد وحجم الغرامات المفروضة على الشركات بسبب عدم الامتثال التنظيمي المزعوم. قد تلجأ الحكومات إلى استخدام العقوبات التي تستهدف الأفراد والمعاملات المالية والشركات بشكل أكبر.

    قد تشجع بعض الحكومات على حملات أكثر عدوانية من المعلومات المضللة والمعلومات الكاذبة حول السلع والخدمات من الدول المستهدفة. تشير نتائج استطلاع رأي التنفيذيين الى وجود مخاوف واسعة النطاق بشأن خطر المعلومات المضللة والمعلومات الكاذبة في مجموعة متنوعة من الدول، بما في ذلك الهند (#2)، ألمانيا (#4)، البرازيل (#6)، والولايات المتحدة (#6). وقد تؤدي تصورات الجمهور المتصلبة إلى مقاطعات استهلاكية أكثر تكرارًا للمنتجات.

    ستزداد تكاليف الشركات التي تعمل دوليًا في هذا السيناريو. ستحتاج الشركات العالمية إلى التنقل بين مجموعات متباينة من اللوائح في أجزاء مختلفة ومتشتتة من العالم. ستستخدم الحكومات تقنية التنظيم (RegTech) بشكل أكبر لمراقبة الشركات الأجنبية وضمان الامتثال، مما يقلل الوقت بين فرض اللوائح الجديدة وضرورة امتثال الشركات بشكل كامل. سيتم تكييف البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات بالإضافة إلى بروتوكولات أمن البيانات والتخزين مع المصالح الأمنية الوطنية على حساب الاعتبارات التجارية العابرة للحدود. أخيرًا، ستصبح التدفقات الدولية للبيانات والمعاملات المالية أكثر تعقيدًا وتكلفة، مما يعكس بعض التقدم السريع الذي تم إحرازه في السنوات الأخيرة من خلال تنفيذ التقنيات الجديدة.

    قد تصبح الجهود التي تقودها الحكومات في التجسس السيبراني التجاري أكثر تكرارًا كجزء من الجهود لإمالة ميدان اللعب لصاح الشركات الوطنية. يكشف استطلاع رأي التنفيذيين أن المستجيبين في الدول ذات الدخل المرتفع يميلون إلى تسليط الضوء على خطر الأمن السيبراني. في بعض هذه الدول – مثل الدنمارك ولوكسمبورغ وهولندا – يُعتبر انعدام الأمن السيبراني واحدًا من أهم ثلاثة مخاطر. قد تضع الحكومات أيضًا ضغوطًا على شركات خدمات السحابة التي تتخذ من البلاد مقرًا لها لتقييد الوصول في دول أخرى.

    سيثير سيناريو التفتت العالمي هذا الى إضعاف التعاون متعدد الأطراف المطلوب في العديد من المجالات. على سبيل المثال، سيصبح تنسيق الجهود التنظيمية وحشد الموارد المالية الضخمة اللازمة للتحول الأخضر أكثر صعوبة. ستواجه الابتكارات التكنولوجية التي قد تحدث فرقًا في جعل الاقتصادات أكثر اخضرارًا المزيد من العقبات في مشاركتها عبر الحدود وتوسيع نطاقها عالميًا. ومن المرجح أن تشهد مجالات أخرى تحتاج إلى تعاون عالمي أعمق، مثل الصحة العالمية أو الطاقة أو البنية التحتية، تباطؤًا أو تراجعًا في التقدم. سيترك هذا العالم أقل استعدادًا لمواجهة الوباء العالمي القادم، على سبيل المثال، بينما ستتراجع القضايا الصحية العامة العاجلة والقضايا الإنسانية الأوسع نطاقًا إلى مرتبة أدنى في الأجندة العالمية. قد ينتشر تأثير اضطرابات التجارة إلى انعدام الأمن الغذائي أيضًا. بعض المدن الكبيرة في أفريقيا جنوب الصحراء التي تعتمد على الأسواق العالمية للسلع الأساسية لتوفير الغذاء معرضة بشكل خاص للخطر.

    مزيد من عدم اليقين الاقتصادي

    وجدت توقعات الخبراء الاقتصاديين الرئيسيين للمنتدى الاقتصادي العالمي في سبتمبر 2024 أن معظم الخبراء الاقتصاديين الذين تم استطلاع آرائهم منهم 54% يتوقعون أن تظل حالة الاقتصاد العالمي دون تغيير خلال العام المقبل، لكن أربعة أضعاف هذا العدد يتوقعون أن تضعف الحالة 37% بدلاً من أن تتحسن 9%. تتماشى هذه التوقعات بشكل وثيق مع أحدث توقعات صندوق النقد الدولي، التي تشير إلى استقرار النمو الاقتصادي عند 3.2% سنويًا في عامي 2024 و2025. حتى دون احتساب التأثيرات المحتملة للمخاطر السلبية، فإن معدل النمو هذا يعتبر ضعيفًا مقارنة بمتوسط معدل النمو طويل الأجل البالغ 3.8% من عام 2000 إلى 2019.

    يلاحظ صندوق النقد الدولي ارتفاع المخاطر التي تهدد الاقتصاد بسبب تصاعد النزاعات، والتعريفات الجمركية، وعدم اليقين في السياسات التجارية، وانخفاض الهجرة، وتشديد الظروف المالية العالمية. قد يشكل الأخير تحديًا للاستقرار المالي نظرًا لأن التقييمات مرتفعة في عدة فئات من الأصول وأن حجم الرافعة المالية التي تستخدمها المؤسسات المالية كبير. يُعتبر النمو السريع في سوق الائتمان الخاص أحد المجالات التي يجب مراقبتها. بشكل عام، تستمر مستويات الديون الحكومية والخاصة في الارتفاع عالميًا. كانت هناك علامات مبكرة على أن المخاوف المالية قد تعود إلى الظهور خلال العامين المقبلين حيث ستواجه الأسواق حجمًا كبيرًا من عرض الديون السيادية.

    عالميًا، يحتل الركود الاقتصادي المرتبة الأولى في تصنيف مخاطر استطلاع رأي التنفيذيين خلال العامين المقبلين. يحتل هذا الخطر المرتبة الأولى في خمس مناطق: أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، أمريكا الشمالية، أوقيانوسيا، جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا. كما يحتل المرتبة الأولى في ثلاث من مجموعات الدخل الأربع للدول، مع استثناء وحيد هو الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض. يرى المستجيبون في 25 دولة أن الركود الاقتصادي هو الخطر الرئيسي، بما في ذلك الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والأسواق الناشئة مثل البرازيل وكينيا وماليزيا (الشكل 3).

    الشكل (7) تصورات المخاطر الوطنية: الركود الاقتصادي (مثل الكساد، الركود)

    تصنيف المخاطر الوطنية وفقا لاستطلاع رأي التنفيذيين حول المخاطر الوطنية من السؤال “ما هي المخاطر الخمسة التي من المرجح أن تشكل أكبر تهديد لبلدك في العامين المقبلين؟”

    على المدى القصير، تسببت التعريفات الجمركية المرتفعة على الواردات في زيادة أسعار السلع المستوردة. يعتمد تأثير ذلك على الناتج المحلي الإجمالي العالمي على عوامل تشمل قابلية الاستبدال بين السلع المستوردة والمحلية؛ استجابة الشركات المصدرة التي تواجه التعريفات؛ وردود فعل السياسة النقدية. فيما يتعلق بالأخيرة، فإن صانعي السياسات النقدية في وضع جيد حيث تمكنوا مؤخرًا من إعادة السيطرة على التضخم. يتوقع صندوق النقد الدولي (IMF) أن ينخفض التضخم العالمي إلى 3.5% بحلول نهاية عام 2025، وهو أقل من المتوسط في العقدين السابقين لجائحة COVID-19. ومع ذلك، فإن أحد المخاطر هو أن تصاعد حرب التجارة سيؤدي إلى ارتفاع آخر في التضخم، مما يضطر البنوك المركزية إلى وقف أو حتى عكس مسار خفض أسعار الفائدة. إذا كان هذا مرتبطًا بتعزيز الدولار الأمريكي، فقد تكون هناك مخاطر تبعية للدول والشركات التي تحتاج إلى إعادة تمويل ديونها بالدولار الأمريكي.

    تشمل التأثيرات غير المباشرة للتعريفات الجمركية انخفاض الإنتاجية، بسبب تغيير تخصيص الموارد الإنتاجية من القطاعات والشركات الأكثر إنتاجية إلى تلك الأقل إنتاجية والأكثر حماية؛ ارتفاع تكلفة رأس المال بسبب الضغوط المالية؛ وانخفاض الاستثمار بسبب زيادة عدم اليقين بشأن ظروف الأعمال المستقبلية، مما يدفع الشركات إلى تبني نهج “الانتظار والترقب”. يشير تقرير الاستثمار العالمي الأخير، الذي صدر في يونيو 2024، إلى أن تفتت التجارة والبيئات التنظيمية كانا من بين العوامل الرئيسية التي أدت إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي بنسبة 10% العام الماضي.

    تحليل منظمة التجارة العالمية (WTO) لمرحلة النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين من 2018 إلى 2020 يشير إلى أن التأثيرات المباشرة على الاقتصاد العالمي لزيادة التعريفات خلال هذه الفترة كانت أقل بكثير من تأثيرات عدم اليقين الأوسع حول السياسات التجارية. مع هذه التأثيرات الأوسع، تم تقدير الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 0.34-0.50% خلال هذه الفترة. ستكون لحرب تجارية عالمية حقيقية تأثيرات أكثر حدة، مع تقديرات غير مؤكدة لخسائر الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ولكنها قد تكون أعلى بكثير. كان للنزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين منذ عام 2018 أيضًا تأثيرات واضحة على الأعمال: زادت حالات خروج الشركات الأجنبية من الصين بنسبة 34% مقارنة بمستويات ما قبل عام 2018. الأهم من ذلك، أن التأثيرات كانت أوسع بكثير من القطاعات المحددة التي استهدفتها التعريفات الأمريكية على المنتجات الصينية وأثرت على الشركات غير الأمريكية وكذلك الشركات الأمريكية. تشير هذه النتائج إلى أن حتى نهج “المشرط” – فرض تعريفات على قطاعات محددة – لا يحقق نتائج مستهدفة بشكل جيد من حيث القطاع أو الجغرافيا. للتأكيد، فإن حرب تجارية عالمية أوسع ستضخم هذه التأثيرات على الأعمال.

    إجراءات اليوم

    • تعزيز التعددية

    يخلص استطلاع مخاطر العالم (GRPS) إلى أن النهج الذي يتمتع بأكبر إمكانات طويلة الأجل لدفع العمل نحو تقليل المخاطر والاستعداد فيما يتعلق بـ المواجهة الجيواقتصادية والمعاهدات والاتفاقيات العالمية (الشكل 4). ومن المجالات المحددة التي يجب إعطاؤها الأولوية هي

    الشكل (٤)  حوكمة المخاطر: المواجهة الجيواقتصادية

    ما النهج الذي تتوقع أن يكون له أكبر إمكانات لدفع العمل نحو تقليل المخاطر والاستعداد خلال السنوات العشر القادمة؟ اختر ما يصل إلى ثلاثة لكل خطر.

    • إحياء الإصلاحات في منظمة التجارة العالمية

    للتغلب على تحديات حل النزاعات، قواعد تحديد التعريفات الجمركية، وقضايا التجارة الرقمية. مع المواجهة الجيواقتصادية بين الولايات المتحدة والصين في قلب عالم يتفكك، ستفتح المزيد من الفرص للقوى الصاعدة، مثل الهند أو دول الخليج، لملء الفراغ وطرح بدائل متعددة الأطراف للنظام الاقتصادي السياسي العالمي الحالي. يمكن لهذه الدول أيضًا أن تستفيد من خلال العمل كجسر بين الغرب والشرق، على الرغم من أنها ستتعرض أيضًا للعديد من الآثار السلبية للبيئة المتشتتة. ستواجه الدول الأصغر ضغوطًا متزايدة للانحياز إلى الغرب أو الشرق في علاقاتها التجارية.

    • تطوير العلاقات الاستراتيجية

    يمكن للحكومات أن تفكر في تعزيز الجهود لتطوير علاقات إقليمية أو ثنائية استراتيجية مع دول تقدم تكاملًا من حيث القطاعات القوية، الموارد الطبيعية، والمهارات. يمكن النظر في اتفاقيات تجارية إقليمية “عميقة” – خارج إطار منظمة التجارة العالمية، ولكن متوافقة مع متطلباتها – واتفاقيات متعددة الأطراف أو “صغيرة الأطراف” قائمة على منظمة التجارة العالمية (الشكل 5). حتى على هذه المستويات، يجب تعزيز الحوار متعدد الأطراف لتأكيد الرسالة بأن تعميق التجارة المصمم جيدًا يمكن أن يؤدي إلى نتائج اقتصادية واجتماعية مفيدة للطرفين.

    • تعزيز المرونة الاقتصادية المحلية

    في بيئة تصبح فيها التجارة أكثر تكلفة وتعقيدًا، يجب التركيز على السياسات التي تعزز الاقتصاد المحلي، مثل تطوير القطاع المالي أو الاستثمار في التعليم، الصحة، والبنية التحتية. على جانب العرض، سيصبح تطوير قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي في القطاعات الاستراتيجية الرئيسية مثل الطاقة، الزراعة، والدفاع جانبًا مهمًا بشكل متزايد من المرونة على المستوى الوطني.

    الشكل (٥): أهم المخاطر التي يمكن معالجتها من خلال المعاهدات والاتفاقيات “صغيرة الأطراف”ما هي الأساليب التي تتوقع أن يكون لها أكبر إمكانية لدفع العمل على تقليل المخاطر والاستعداد خلال السنوات العشر القادمة

    نسب الأساليب المتوقعة مستخرجة من الشكل (5)

    1. المواجهة الجيواقتصادية (عقوبات، تعريفات جمركية، فحص الاستثمار) (83%)
    2. الصراعات المسلحة بين الدول (حروب بالوكالة، حروب أهلية، انقلابات، إرهاب، إلخ) (41%)
    3. أسلحة أو مخاطر بيولوجية، كيميائية، أو نووية (38%)
    4. تركيز الموارد الاستراتيجية (والتقنيات) (32%)
    5. الهجرة أو النزوح القسري (29%)
    6. اضطرابات في سلسلة توريد ذات أهمية نظامية (29%)
    7. التجسس والحرب السيبرانية (25%)
    8. العنف الداخلي (أعمال شغب، إطلاق نار جماعي، عنف عصابات، إلخ) (21%)
    9. اضطرابات في البنية التحتية الحرجة (20%)
    1. الجريمة والأنشطة الاقتصادية غير المشروعة (بما في ذلك الأمن السيبراني) (20%)
    • المحور الثاني: التحديات والمخاطر الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

    ركز تقرير المخاطر العالمية 2025م، على التأثيرات التجارية للحمائية الاقتصادية، لا سيما في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، حيث من المتوقع أن تؤدي هذه السياسات إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتراجع حركة التجارة الدولية، مما قد يفاقم المخاطر الاقتصادية عالميًا.

    إلا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)، تعاني من تحديات اقتصادية خاصة تؤثر على استقرارها ونموها. حيث وفقًا لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر من البنك الدولي لعام 2025، يُتوقع أن ينمو اقتصاد المنطقة من 1.8%  في عام 2024 إلى 3.4%  في 2025 و4.1% في 2026، إلا أن هذه التوقعات قد تكون مهددة بعدم التحقق بسبب مجموعة من المخاطر التي تؤثر على اقتصاديات المنطقة، والتي أبرزها التقرير فيما يلي: [1]

    1. النزاعات المسلحة وعدم الاستقرار السياسي

    إن تصاعد النزاعات المسلحة في فلسطين، اليمن، وسوريا ادى إلى إضعاف الاستثمار وزيادة حالة عدم اليقين الاقتصادي، كما رفع من معدلات التضخم في أغلب دول المنطقة. إضافةً إلى ذلك، اثرت  هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر سلبا على التجارة العالمية مما أدى إلى رفع تكاليف الشحن، وقد انعكس ذلك سلبًا على اقتصادات دول المنطقة، وخاصة مصر والتي تعتمد على قناة السويس كقناة رئيسية لإيرادات الموازنة العامة للبلاد.

    2. سياسات الأوبك وتقلبات أسواق النفط

    إن تراجع الطلب العالمي على النفط، ولا سيما من قبل الصين والولايات المتحدة، قد يؤدي إلى انخفاض سعر النفط، مما يؤثر سلبًا على موازنات الدول المصدّرة للنفط خاصة دول الخليج العربي، في ظل استمرار سياسات الأوبك بلس في تخفيض إنتاج النفط من قبل دول الأعضاء. علاوة على ذلك، قد تتسبب النزاعات الجارية في اضطرابات كبيرة في الإمدادات النفطية إذا امتدت إلى الدول المنتجة الرئيسية.

    3. السياسات الحمائية وتباطؤ التجارة العالمية

    إن السياسات التجارية الحمائية التي تنتهجها الدول الكبرى قد تؤدي إلى انخفاض الواردات من السلع والخدمات في دول المنطقة، خاصة مصر، المغرب، وتونس والتي تعتمد على العالم الخارجي لتلبية احتياجات السكان من السلع الأساسية. كما أن تصاعد القيود التجارية قد يؤثر على صادرات المنتجات الزراعية والصناعية، مما يضعف آفاق النمو الاقتصادي. إضافةً إلى ذلك، فإن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط، مما يزيد من الضغوط على الدول النفطية في المنطقة.

    علاوة على ذلك، فإذا تعرضت الاقتصادات الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة لتباطؤ غير متوقع نتيجة للسياسات الحمائية، فقد يؤثر ذلك سلبًا على الاستثمارات في المنطقة، إضافةً إلى احتمال حدوث تدفقات رأسمالية خارجية تؤثر على الاقتصادات الناشئة المعتمدة على التمويل الأجنبي في ظل سيادة حالة عدم اليقين.

    4.التضخم والسياسات النقدية الصارمة

    استمرار التضخم العالمي قد يدفع البنوك المركزية إلى تشديد السياسات النقدية كمحاولة لإبطائه، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التمويل الأجنبي، خصوصًا في الدول ذات المديونية المرتفعة مثل مصر، تونس، والأردن في ظل تراجع إيرادات تلك الدول بسبب حالة عدم اليقين التي تسببت فيها الاضطرابات الجيوسياسية.

    5. المخاطر الاجتماعية

    ارتفاع معدلات العنف والاضطرابات الاجتماعية، خاصة في الدول الهشة مثل سوريا، ليبيا، واليمن، قد يؤدي إلى تراجع الإنتاجية وزيادة عدم الاستقرار الاقتصادي. كما أن معدلات البطالة المرتفعة بين الشباب قد فاقم التوترات الاجتماعية، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على المنطقة.

    6.المخاطر الاجتماعية

    تشكل الظواهر الجوية المتطرفة مثل موجات الجفاف والفيضانات تهديدًا كبيرًا لقطاعات الزراعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخاصة في المغرب، مصر، والسودان، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء وزيادة انعدام الأمن الغذائي. كما أن الاحتباس الحراري قد يؤدي إلى نقص الموارد المائية، مما يفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في الدول التي تعاني من شح المياه

    • المحور الثالث : الجهود العالمية لمواجهة مخاطر التغير المناخ
    • اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغير المناخ

    إن اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ هي معاهدة متعددة الأطراف تم اعتمادها في عام 1992، بعد وقت قصير من اصدار الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لتقرير التقييم الأول في عام 1990، لتثبيت تركيزات الغازات الدفيئة عند مستوى من شأنه منع التدخل البشري (من صنع الإنسان) الخطير في النظام المناخي. وفرت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ منذ دخولها حيز التنفيذ في عام 1994 الأساس للمفاوضات الدولية بشأن المناخ، بما في ذلك الاتفاقيات التاريخية مثل بروتوكول كيوتو (1997) واتفاقية باريس (2015)[2] 

    • مؤتمر الأطراف COP

    في كل عام تجتمع الدول الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ لقياس التقدم المحرز والتفاوض بشأن الاستجابات المتعددة الأطراف لتغير المناخ. يوجد اليوم 198 دولة طرف في الاتفاقية. تم عقد الدورة الأولى للمؤتمر في برلين ألمانيا عام 1995 وسيتم عقد الدورة الثلاثين في نهاية هذا العام 2025 في البرازيل. وكانت أحدث نتائج لهذا المؤتمر في أذربيجان 2024 هي التركيز بشكل أساسي على التمويل المناخي، وجمع ما يقرب من 200 دولة في باكو، أذربيجان، حيث تم التوصل إلى اتفاق تاريخي يشمل:

    • زيادة التمويل ثلاثة أضعاف للدول النامية، من الهدف السابق البالغ 100 مليار دولار سنويًا إلى 300 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2035.
    • تأمين تعاون جميع الجهات الفاعلة لزيادة التمويل الموجه للدول النامية من المصادر العامة والخاصة، ليصل إلى 1.3 تريليون دولار سنويًا بحلول عام 2035. تم الاتفاق على هذه الأهداف، التي تعرف رسميًا باسم “الهدف الجماعي الكمي الجديد للتمويل المناخي” (NCQG)، بعد أسبوعين من المفاوضات المكثفة وعدة سنوات من العمل التحضيري، في عملية تتطلب موافقة جميع الدول بالإجماع على كل كلمة في الاتفاقية.[3]
    • بروتوكول كيوتو 1997

    اتفاقية كيوتو هي معاهدة دولية مددت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، والتي تلزم الدول الأطراف بتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. تم اعتماد اتفاقية كيوتو في كيوتو، بتاريخ 11 ديسمبر عام 1997، ودخلت حيز التنفيذ في 16 فبراير عام 2005. كان عدد أطراف الاتفاقية 192 في عام 2020.[4]

    • اتفاقية باريس 2015

    تبنت 197 دولة اتفاق باريس خلال مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين في باريس ديسمبر 2015 ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في أقل من عام. تهدف الاتفاقية الى مواجهة تغير المناخ واثاره السلبية من خلال الحد بشكل كبير من انبعاثات الغازات الدفيئة والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية.

    يتضمن الاتفاق التزامات من جميع الدول لخفض انبعاثاتها والعمل معاً للتكيف مع آثار تغير المناخ، وتدعو الدول إلى تعزيز التزاماتها بمرور الوقت. يوفر الاتفاق طريقاً للدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية في جهود التخفيف من حدة المناخ والتكيف معها مع إنشاء إطارٍ للرصد والإبلاغ الشفافَين عن الأهداف المناخية للدول.

    تعمل اتفاقية باريس على دورة مدتها خمس سنوات من العمل المناخي الطموح المتزايد الذي تقوم به البلدان. كل خمس سنوات، يُتوقع من كل دولة تقديم خطة عمل مناخية وطنية محدثة – تُعرف باسم المساهمة المحددة وطنيا أو NDC. في المساهمات المحددة وطنيًا، تقوم البلدان بالإبلاغ عن الإجراءات التي ستتخذها لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من أجل الوصول إلى أهداف  اتفاقية باريس. تتواصل البلدان أيضًا في المساهمات المحددة وطنيًا الإجراءات التي ستتخذها لبناء المرونة للتكيف مع تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة.  [5]


    [1] تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادرة من البنك الدولي: https://www.worldbank.org/en/publication/global-economic-prospects

    [2] الأمم المتحدة، “مؤتمرات الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ”، تم الاطلاع عليه في 22 مارس 2025، https://www.un.org/ar/climatechange/un-climate-conferences

    [3] اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، “مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP29) يوافق على مضاعفة التمويل العام للدول النامية من أجل حماية الأرواح”، 30 نوفمبر 2023، https://unfccc.int/ar/news/cop29-un-climate-conference-agrees-to-triple-public-finance-to-developing-countries-protecting-lives

    [4] أخبار الأمم المتحدة، “بروتوكول كيوتو المتعلق بالتغيرات المناخية”، 16 فبراير 2005، https://news.un.org/ar/story/2005/02/34472.

    [5] الأمم المتحدة، “اتفاقية باريس للمناخ”، تم الاطلاع عليه في 22 مارس 2025، https://www.un.org/ar/climatechange/paris-agreement

    مقالات ذات صلة

    زر الذهاب إلى الأعلى