مشروع حالة العلم: “التضليل السياسي”

إعداد: أسماء عادل حجازي – باحثة مشاركة بالمشروع.
إشراف ومراجعة: د. لبنى غريب عبد العليم مكروم – مدرس العلوم السياسية بجامعة السويس ومدير المشروع.
مقدمة
لأن المعرفة السياسية تعتبر على نطاق واسع أساسًا للديمقراطية التمثيلية فإن المستوى المنخفض والتوزيع غير المتساوي لهذه المعرفة أثار تساؤلات معيارية خطيرة ومع ذلك فهناك مصدر قلق أكبر وهو المعلومات المضللة، والتي تحدث عندما يعتنق الناس معتقدات واقعية غير صحيحة ويثقون بها بشدة، ويصف هوشيلد وأينشتاين هذه الظاهرة بأنها خطيرة، ويلاحظ فلين وآخرون أن المعلومات المضللة شوهت آراء الناس حول بعض من أهم القضايا في السياسة والعلوم والطب، ولا يبدو أن تلك المشكلة قد تراجعت أو خفت حدتها بل على العكس يري بودي وفراغا أن النظام السياسي الأمريكي حاليًا ملئ بالمعلومات المضللة.
يعرض هذا المقال تعريف المعلومات المضللة السياسية وتمييزها عن المفاهيم ذات الصلة مثل الشائعات والاعتقاد بالمؤامرة في القسم الثاني تناول الأصول النفسية للمعلومات المضللة، مع التركيز على الدوافع المختلفة التي تؤثر على عملية التفكير والتي يمكن أن تجعل الناس يصبحون مضللين بعد ذلك يستعرض الأدبيات حول كيفية تصحيح المعلومات المضللة، والأهم من ذلك، ما إذا كان يمكن تصحيحها يلخص القسم الثالث هذا العمل والذي يمتد عبر تخصصات العلوم السياسية والاتصالات وعلم النفس ويتناول القسم الرابع مسألة مهمة وغير محلولة يثيرها هذا العمل وهي ما إذا كانت تقارير الناس عن معتقداتهم الواقعية الخاصة بهم حقيقية أم أنها شكل من أشكال الحديث الحزبي الرخيص وفي القسم الأخير يسلط الضوء على الأفكار الرئيسية.
ما هو التضليل السياسي:
يصبح الشخص مضلل عندما “يؤمن بشدة بمعلومات خاطئة” وفي دراسة أجريت على سكان إلينوي، وجد المؤلفون أن الناس لديهم معتقدات خاطئة حول سياسة الرعاية الاجتماعية، مثل حجم مدفوعات الرعاية الاجتماعية النموذجية وخصائص الأشخاص الذين يتلقون المساعدة وعلى الرغم من عدم دقتها، أبلغ المستجيبون عن ثقة عالية بأن معتقداتهم صحيحة، ووفقًا للمؤلفين فإن التضليل يختلف عن عدم المعرفة وهي حالة لا يمتلك فيها الشخص أي معتقدات واقعية حول الموضوع قيد التناول.
هذا التمييز له آثار معيارية كبيرة حيث يستند الرأي السياسي للمضللين إلى معتقدات غير دقيقة، وعندما تكون شرائح كبيرة من الجمهور مضللة في نفس الاتجاه، يمكن أن تؤثر هذه المفاهيم الخاطئة بشكل منهجي على الرأي الجماعي مما يقوض فكرة أن الأخطاء على مستوى الفرد تلغي بعضها البعض في المجموع والأمر الأكثر إزعاجًا هو احتمال قيام الأشخاص المضللين باتخاذ إجراءات سياسية بناءً على معلومات غير صحيحة، ليصبحوا ما يسميه هوشيلد وآينشتاين “المضلل النشط”.
تعتبر المعلومات المضللة والايمان بالشائعات والنظريات التآمرية من الموضوعات التي حظيت باهتمام كبير من الباحثين وتُعرف الشائعات على أنها “تصريحات تفتقر إلى أدلة محددة” ولكنها تكتسب المصداقية من خلال الانتشار الاجتماعي الواسع، الشائعات ليست “مُعتقدات مبررة” بمعنى أنها مدعومة برأي علمي أو رأي خبير، ولكنها قد تتحول في بعض الأحيان إلى حقيقة هذه الميزة تميز الشائعات عن المعلومات الخاطئة ومع ذلك، فإن الفروق بين هذه المفاهيم يمكن أن تكون ضبابية وتختلف نظريات المؤامرة عن كل من المعلومات الخاطئة والمعتقدات بالشائعات حيث تفسر النظريات التآمرية الأحداث السياسية أو التاريخية من خلال الإشارة إلى “مخططات الأشخاص الأقوياء” كما أن المعلومات الخاطئة يمكن أن تكون نتيجة لأسباب نفسية أو عوامل بيئية مثل الرغبة في التمسك بمعتقداتنا أو نتيجة للتأثير الإعلامي.
ما هي أسباب التضليل السياسي؟
عند النظر في أسباب المعلومات المضللة من المفيد تذكر أن “المواطنين ينقلون إلى السياسة نفس البنية النفسية التي ينقلونها إلى جميع جوانب الحياة الفردية والاجتماعية” وبالتالي فإن الأبحاث في علم النفس توفر الأساس للتفكير النظري حول هذه الظاهرة وتكشف لنا دراسات في علم النفس أن هناك ميلًا بشريًا عامًا للسعي لتحقيق أهداف معينة، وأن هذه الدوافع تؤثر على جميع جوانب عملية التفكير، بدءًا من البحث عن الأدلة وتقييمها وصولًا إلى تكوين الانطباعات وقد تكون الدوافع متناقضة بين الرغبة في الوصول للحقيقة والرغبة في تأكيد المعتقدات الشخصية.
من الجوانب المهمة في معالجة المعلومات السياسية أن الميول السياسية أو الأيديولوجية السابقة تؤثر بشكل كبير على كيفية استقبالنا وتقييمنا للمعلومات فعلى سبيل المثال، الشخص المعارض بشدة للهجرة قد يعتنق أفكار خاطئة تعزز وجهة نظره، مثل المبالغة في تقدير عدد المهاجرين ومثال آخر حول هجمات ١١ سبتمبر عندما قدم الباحثون أدلة لجمهوريين مؤيدين أن صدام حسين متورط في الهجمات، دافعوا عن معتقداتهم بدلاً من تقبل الأدلة الجديدة.
قد تختلف أهدافنا في معالجة المعلومات ففي بعض الأحيان نركز على الدقة وفي أحيان أخرى تسيطر علينا الرغبة في تأكيد معتقداتنا يحدث هذا لأننا نميل إلى تكوين انطباعات سريعة عن الأشياء والأشخاص، سواء كانت إيجابية أم سلبية هذه الانطباعات تؤثر على كيفية تفسيرنا للمعلومات اللاحقة، على الرغم من ذلك لا تهيمن الرغبة في تأكيد الذات دائمًا على عملية التفكير فقد أظهرت العديد من الدراسات أن الأفراد يمكن أن يتأثروا بمعلومات جديدة ومع ذلك، لا يزال الباحثون يحاولون فهم العوامل التي تؤثر على كيفية معالجة المعلومات، مثل البيئة الإعلامية والظروف الاجتماعية.
وتشير العديد من الدراسات التي تقيس الأنماط المعرفية إلى وجود فروق بين الأفراد في كيفية استقبالهم للمعلومات الجديدة حتى تلك التي تقدم صورة سلبية عن قادة حزبه أو سياساته، ويتم قياس هذه الانماط باستخدام نوعين للأسلوب المعرفي: الحاجة إلى الإدراك والحاجة إلى العاطفة، الأشخاص الذين يتمتعون بحاجة عالية للإدراك يميلون إلى التفكير بعمق وتحليل المعلومات بشكل نقدي بينما الأشخاص الذين يتمتعون بحاجة عالية للانفعال يميلون إلى اتخاذ قرارات بناء على مشاعرهم وعواطفهم، كما يميل الناس الي البحث عن المعلومات التي تؤكد معتقداتهم وتجنب المعلومات التي تتعارض معها، ويصعب تصحيح المعلومات المضللة التي يؤمن بها الاشخاص لارتباطها بأسباب دافعية ومعرفية فقد ترتبط هذه المعلومات بهويتهم السياسية أو معتقداتهم وقد تصبح جزء من طريقة تفكيرهم مما يجعل من الصعب تغييرها.
التغلب على المعلومات الخاطئة من خلال التصحيح:
ونظرًا لأن المعلومات الخاطئة تظل متاحة في الذاكرة، يتم تفعيلها تلقائيًا عند التفكير في الموضوع، ذكرت الأبحاث اللاحقة في علم النفس المعرفي اقتراحات محددة حول كيفية تصحيح المعلومات الخاطئة على سبيل المثال، تقديم بديل واقعي فعال لأنه يمكن للشخص استبدال المعلومات الخاطئة المرفوضة بالشرح البديل بالإضافة إلى ذلك كلما كان المصدر الذي يقدم التصحيح أكثر مصداقية زادت احتمالية تصديقه، كما أنه من الضروري ألا تؤدي محاولات التصحيح إلى زيادة تردد المعلومة الخاطئة، كما يحدث في حالة النفي البسيط الذي يعيد تكرار الادعاء الخاطئ (مثل “أوباما ليس مسلمًا”).
على الرغم من وجود فهم جيد للأسباب الكامنة وراء انتشار المعلومات الخاطئة، إلا أن الأبحاث لم تتفق على الطريقة المثلى لتصحيحها ففي بعض الدراسات يتم تقييم فعالية رسائل التصحيح بناءً على إجابات المشاركين على أسئلة واقعية لاحقة مثل: هل أصبحوا أكثر عرضة لتقديم الإجابة الصحيحة بعد التصحيح؟، بينما في دراسات أخرى يكون الهدف الرئيسي هو قياس الرأي مثل: هل تغيرت مواقفهم بعد التصحيح؟ هذا التباين في الطرق المستخدمة يجعل من الصعب الوصول إلى نتائج نهائية واضحة.
ونظرًا لهذا التنوع في الطرق التي يستخدمها الباحثون لدراسة التصحيح فإن النتائج تظهر اتجاهات متباينة فقد أظهر الباحثون أدلة على نجاح وفشل التصحيح أو ما يسمى بـالتأثير العكسي هناك أيضًا أدلة على نتائج وسطية حيث يتم تصحيح المعلومة الخاطئة ولكن تبقى الآراء السابقة وبالتالي فإن المعلومات أحياناً تكون فعالة في تصحيح المفاهيم الخاطئة أو تغيير المواقف، وأحياناً أخرى لا تكون كذلك وفي محاولة لتفسير هذه النتائج المتباينة نعود إلى فكرة أن الدوافع توجه جميع جوانب عملية التفكير تمامًا كما تساهم دوافع الشخص (السعي إلى الدقة أو التأكيد على رأي معين) في انتشار المعلومات الخاطئة، فإن الأهداف المعرفية تؤثر أيضًا على نجاح جهود التصحيح هذا المنظور يساعدنا على فهم الظروف التي تجعل التصحيح ناجحًا وسنركز في مناقشتنا أدناه على عاملين رئيسيين: نوع القضية ومصدر رسالة التصحيح.”
دور طبيعة القضية أو المشكلة:
كما تختلف فعالية جهود تصحيح المعلومات الخاطئة بشكل كبير بناءً على طبيعة القضية المطروحة ففي القضايا المرتبطة بشكل وثيق بهوية الشخص الحزبية أو الأيديولوجية يميل الأفراد إلى معالجة المعلومات بطريقة تحافظ على تلك الهوية وبالتالي يصعب تصحيح المعلومات الخاطئة حول القضايا الشائكة أو الشخصيات السياسية البارزة لأن ذلك يعني التشكيك في نظرة الشخص للعالم وأيضاً بالنسبة للقضايا التي تخضع لنقاش سياسي مستمر (مثل الإجهاض والهجرة) أو تلك التي تكتسب أهمية كبيرة في وقت معين (مثل قضية ( لجان الموت أو دين أوباما في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين) بل تتكرر المعلومات الخاطئة بشكل متزايد حيث يبحث الأفراد عن معلومات تتوافق مع معتقداتهم وهويتهم.
على النقيض من ذلك تنجح جهود التصحيح بشكل أكبر عندما لا يشكل قبول التصحيح تهديدًا لهوية الشخص أو معتقداته الأساسية ويمكن توضيح ذلك بمقارنة نتائج دراسة نيهان ورايفلر (٢٠١٠) حول تخفيضات ضرائب الرئيس بوش وأسلحة الدمار الشامل في العراق (وهما قضيتان مثيرتان للجدل وحزبية للغاية) بنتائج دراسة يونغ وزملائه (٢٠١٨) حول مشروع خط أنابيب كيستون (وهو مشروع أقل إثارة للجدل). كما توجد أدلة على نجاح التصحيح في الحالات التي يمكن فيها تفسير المعلومات الخاطئة على أنها حدث معزول ولا يتعارض مع الهوية الحالية للشخص كما يظهر نجاح التصحيح بشكل أكبر في القضايا التي لا ترتبط المعلومات الخاطئة فيها ارتباطًا وثيقًا بالأيديولوجية السياسية للشخص.
وقد تم تأكيد هذا الادعاء من خلال دراسة تجريبية أجريت على مجموعة من المشاركين، هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تدرس تأثير المعلومات الخاطئة على المعتقدات الراسخة لدى الأفراد، قام الباحثون في هذه الدراسة بالتلاعب بنوع المعلومات الخاطئة التي قدموها للمشاركين فإما أن تكون هذه المعلومات عبارة عامة ذات آثار مباشرة على وجهة نظر الشخص السياسية أو يمكن تجاهلها على أنها حدث عابر، وقد وجد الباحثون أن المشاركين كانوا أكثر عرضة لتعديل معتقداتهم عندما كانت المعلومات الخاطئة محددة مثل: ادعاء خاطئ حول سلوك فاسد لأحد أعضاء حزب سياسي معين مقارنة بكونها عامة مثل: ادعاء خاطئ حول سلوك فاسد لجميع أعضاء حزب سياسي معين.
مصدر الرسالة التصحيحية:
بالإضافة إلى الاختلافات في الدرجة التي يحفز بها موضوع معين الدوافع الاتجاهية، فإن خصائص الرسالة التصحيحية – ولا سيما مصدرها – أمر بالغ الأهمية لفهم الشروط التي تنجح فيها عملية التصحيح فحتى عندما تكون الرغبة في تصديق ادعاء كاذب قوية قد يشك الشخص في مصادر عالية الجودة مثل الخبراء وبحسب بيرينسكي (٢٠١٧)، فإن المصدر الأكثر إقناعًا هو المصدر غير المتوقع وبالتالي موثوق به بشكل غير عادي، مثل سياسي حزبي يتحدث ضد مصالح حزبه الظاهرة، يستكشف بيرينسكي هذه الفكرة في حالة قانون الرعاية الصحية والادعاء الخاطئ بأن التشريع فرض “لجان الموت”، تم توقيع قانون الرعاية الصحية من قبل الرئيس أوباما في عام ٢٠١٠، وكان مُعارضًا بشكل كبير من قبل المشرعين الجمهوريين وبالتالي فإن سياسيًا جمهوريًا ينفي وجود “لجان الموت” سيكون يتحدث ضد حزبه مما يضفي على الرسالة مصداقية إضافية وعندما نسبت رسالة تصحيحية حول وجود “لجان الموت” في قانون الرعاية الصحية الأمريكي إلى سياسي جمهوري، زادت مصداقيتها بشكل كبير وقادت إلى تغيير أكبر في المعتقدات مقارنة بنسبتها إلى ديمقراطي أو مصدر محايد هذا لأن الجمهوريين عادة ما يعارضون قانون الرعاية الصحية، وذلك وفقًا لدراسة أجراها بيرينسكي في عام ٢٠١٧ ورغم أن النتائج الإجمالية للدراسة كانت معتدلة، إلا أن هناك نمطًا واضحًا ظهر بين المشاركين الذين انتبهوا إلى مصدر الرسالة ففي المجموعة التي لم تتلق أي تصحيحات رفض ٥٠٪ من المشاركين الشائعة حول “لجان الموت” بينما ارتفعت هذه النسبة إلى ٥٨٪ بعد قراءة تصحيح نسب إلى جمهوري، كانت قوة التصحيح “غير المتوقعة” من قبل الجمهوري أكثر وضوحًا بين المشاركين الانتباهين: حيث رفض ٦٩٪ من هؤلاء المشاركين الشائعة بعد تلقيهم تصحيحًا جمهوريًا مقارنة بـ ٥٧٪ في المجموعة الضابطة و ٦٠٪ في حالة التصحيح المحايد.”
يوضح اثنين من الدراسات التي أجرتها” إميلي فراغا وليتيسيا بودي” كيف يمكن أن تكون الرسائل التصحيحية الصريحة وغير السياسية فعالة للغاية، في إحدى الدراسات قام الباحثون بتعيين رسائل تصحيحية عشوائية تتعلق بالأطعمة المعدلة وراثيًا نسبت إلى ميزة “القصص ذات الصلة” على فيس بوك مما يجعل مصدر الرسالة خوارزمية غير سياسية، وهكذا انخفضت نسبة المعلومات الخاطئة بشكل كبير لدي المشاركين الذين تعرضوا لـ “القصص ذات الصلة” التي تحتوي على معلومات تصحيحية مقارنة بالظروف التي أكدت فيها القصص ذات الصلة المعلومات الخاطئة أو احتوت على رسالة مختلطة أو كانت غير ذات صلة، على النقيض من دراسة بيرينسكي (٢٠١٧)، التي أوضحت كيف يمكن استخدام “قوة الحزب ” لمكافحة المعلومات الخاطئة، كان غياب النية الحزبية أمرًا بالغ الأهمية في نتائج بودي وفراغا، حيث كان المشاركون أقل عرضة لتجاهل التصحيح لأنه تم إنشاؤه بواسطة عملية خوارزمية والتي لم تُنظر إليها على أنها متحيزة علنًا.
فجوات متبقية في الأدبيات:
على الرغم من الإبداع الذي أظهره الباحثون في دراسة ظاهرة تصحيح المعلومات المغلوطة، إلا أن هناك فجوات في فهم هذه الظاهرة، سلط الباحثان الضوء على ثلاث طرق يمكن أن تؤثر فيها القرارات المتعلقة بتصميم البحث بشكل كبير على الاستنتاجات التي يتوصل إليها الباحثون.
تتعلق المسألة الأولى بقرار ما إذا كان الباحثون سيقومون بقياس المعلومات المغلوطة أو التلاعب بها ففي أحد أنماط تصميم البحث يتم قياس المعلومات المضللة ثم يتم تقديم معلومات تصحيحية لعينة عشوائية من المستجيبين ثم يتم تقييم المواقف لمعرفة ما إذا كان التصحيح فعالًا ولكن من أجل قياس الظاهرة محل الاهتمام، غالبًا ما يختار الباحثون قضايا يفترض أن الناس لديهم معلومات مضللة بشكل مزمن فيها (أي هناك دافع قوي، في النمط الثاني من التصميم يتم التلاعب بالمعلومات المضللة، أي أن المشاركين يتعرضون لمعلومات مضللة، ويتم تقديم معلومات تصحيحية لعينة عشوائية من المشاركين ومع ذلك غالبًا ما تتضمن هذه التجارب مرشحين وهميين حيث يكون الدافع أو آلية التحفيز ضعيفة أو غائبة أو يكون الغرض من الدراسة هو فحص فعالية أسلوب معين من التصحيح، مما يعني إيلاء اهتمام أكبر لـ “أفضل الممارسات” لمواجهة المعلومات المضللة، لا يوجد خيار صحيح عند الحديث عن قياس المعلومات المغلوطة أو التلاعب بها ومع ذلك قد تكون ميزة التصميم هذه مرتبطة بشكل جوهري باحتمالية التصحيح.
ثانيًا، لا يزال هناك جدل محتدم حول ما إذا كانت عمليات التصحيح الفاشلة خاصة الآثار العكسية غير متماثلة بين الليبراليين والمحافظين وتشير أدلة من عدة دراسات سابقة إلى أن المحافظين أكثر عرضة للآثار العكسية من الليبراليين ويتوافق هذا النمط مع النتائج المتعلقة بالخصائص الشخصية المميزة للمحافظين سياسياً (مثل الحاجة إلى الإغلاق، وتجنب التعقيد، وعدم تحمل الغموض) والتي يمكن أن تؤدي بدورها إلى معدلات غير متناسبة من النتائج العكسية بين الأشخاص على اليمين السياسي، ومع ذلك، تظهر دراسات أخرى أن الإدراك التحفيزي يحدث عبر الطيف الأيديولوجي بأكمله، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتسوية مسألة التفاوتات الحزبية وهذه منطقة أخرى يجب على الباحثين فيها الحرص على اختيار القضايا بطريقة متوازنة، تتضمن بعض أوضح الأمثلة على المعلومات المضللة تتعلق بمواضيع يتحدى فيها الإجماع العلمي وجهة نظر المحافظين (مثل تغير المناخ)، وهناك عدد أقل من الدراسات التي سعت بنشاط إلى إيجاد أدلة على تأثيرات النتائج العكسية لدى المشاركين ذوي الميول اليسارية.
ثالثًا وأخيرًا، من الصعب بشكل ملحوظ تحديد معيار للتصحيح الناجح، خاصة عندما يكون المتغير التابع هو الموقف والأكثر من ذلك، من غير الواضح كيف نفسر أن الرسالة التصحيحية لم تؤدِ إلى أي تأثير (أي بقيت المواقف كما هي بعد تلقي الرسالة التصحيحية)، يمكن أن يحدث هذا النمط إما لأن الرسالة التصحيحية كانت غير فعالة أو لأن اعتبارًات أخرى (أي اعتبارات لم تثرها التصحيحات) كانت مرتبطة بشكل أكبر برأي الشخص حول تلك القضية.
ركز كوكلينسكي وزملاؤه على ست حقائق مرتبطة بالرعاية الاجتماعية وقد حددها علماء السياسة الاجتماعية على أنها أساسية لتلك القضية وقد اتبع الباحثون اللاحقون نهجًا مشابهًا ولكن مع تزايد الأدلة على أن الناس يقومون بتحديث معتقداتهم الواقعية استجابة لمعلومات جديدة، لكنهم يفسرون هذه المعلومات بعد ذلك بطريقة تترك المواقف دون تغيير، تصبح الحالة المعيارية للمعتقدات الواقعية غير واضحة، في الكثير من الأبحاث التي تم تناولها في المراجعة، فإن نموذج اتخاذ القرار الضمني هو نموذج يستخدم فيه الناس تصوراتهم عن العالم لتوجيه تفضيلاتهم (أي تؤدي المعتقدات إلى التفضيلات)، تشير المناقشة السابقة إلى وجود تعقيدين لهذا النموذج البسيط، أولاً يجب على الباحثين التجريبيين غالبًا أن يفترضوا أي المعتقدات مرتبطة بأي تفضيلات ونتيجة لذلك، هناك حالات يتم فيها تصحيح المعتقدات الخاطئة ولكن تبقى المواقف دون تغيير، ثانيًا تتضمن المعلومات المضللة التي تعتمد على الدوافع عملية عكسية حيث تكون المعتقدات نتيجة للتفضيلات بدلاً من كونها سببًا لها (أي تؤدي التفضيلات إلى المعتقدات).
دروس مستفادة من علم النفس
باعترافهم بصعوبة التصحيح صاغ علماء النفس المعرفي جوهر المشكلة: لا يتم حذف المعلومات الباطلة ببساطة من الذاكرة لأن الذاكرة لا تعمل مثل السبورة البيضاء فعندما نؤمن بقضية ما نربطها بمشاعر وقيم ومعتقدات أخري وهذا الارتباط يجعل من الصعب التخلي عن هذا الاعتقاد، وهناك بعض الاقتراحات لتقليل المعلومات المضللة منها تأكيد وجهة نظر الشخص قبل التصحيح فالمنطق هو أن الشخص سيكون أكثر استعدادًا لقبول التصحيح إذا تم تعزيز وجهة نظره، هذه الفكرة بديهية ومع ذلك كانت فعالية هذه التقنية في السياقات السياسية أكثر غموضًا.
تدور توصية أخرى حول التمييز بين العمليات التلقائية والاستراتيجية للذاكرة، فتأثيرات المعلومات المضللة مدفوعة بعمليات تلقائية ولكن يمكن تعطيلها من خلال عملية أكثر جهدًا وهي “المراقبة الاستراتيجية”، يشار إلى هذا التمييز باسم “نظرية المعالجة المزدوجة للمعلومات المضللة”، وعلى الرغم من وجود بعض الأدلة على أن أثر التأثير المستمر يمكن تقليله من خلال تحذير الناس صراحة من أنهم قد يتعرضون للتضليل من خلال رسالة لاحقة إلا أنه كانت هناك محاولات قليلة لدراسة مراقبة الاسترجاع الاستراتيجية خارج إطار التأثير المستمر وبمواضيع سياسية صريحة على سبيل المثال دراسة Ecker et al. ‘s حول عناوين الصحف المضللة، في تلك الدراسة تعرض المشاركون لعناوين كانت إما متسقة أو غير متسقة مع بقية القصة، أولئك الذين أدركوا وجود تعارض بين عنوان مضلل وبقية القصة الإخبارية قائمة على الحقائق استخدموا موارد المعالجة الاستراتيجية لتصحيح انطباعهم الأولي، وعند الاستعانة بعلم النفس المعرفي، من المهم أن نضع في اعتبارنا أن تأثير الاستمرار والتأثير العكسي ظاهرتان مختلفتان ينشأ تأثير الاستمرار من آليات معرفية التي تسمح للمعلومات الخاطئة بالتأثير على عملية التفكير حتى بعد دحض تلك المعلومات أما التأثير العكسي فتعني أننا قد نصبح أكثر اقتناعًا بالمعلومات الخاطئة عند محاولة دحضها نتيجة لدوافع نفسية واجتماعية.
القياس: هل الاجابة خاطئة أم معبرة عن الرأي؟
من الأمور الشائعة أن نخطئ في بعض جوانب العالم السياسي، ولكن الأمر يختلف تمامًا عندما نكون مخطئين ونؤمن بشدة بصحة رأينا، كان أحد الأنماط المثيرة للاهتمام التي لاحظها كوكلينسكي وزملاؤه (٢٠٠٠) هو العلاقة الإيجابية بين عدم الدقة والثقة بالنفس: فكلما كانت معتقدات الناس حول الرعاية الاجتماعية أقل دقة، زادت ثقتهم بأنهم على حق، على الرغم من طبيعة هذا الادعاء الاستفزازية، إلا أن هناك القليل من الاهتمام بالثقة بالنفس حيث تُظهر العديد من الدراسات أن مستجيبين الاستطلاعات يقدمون إجابات غير صحيحة عن أسئلة تتعلق بالأوضاع الاقتصادية ومحتوى وتأثير سياسات محددة وحجم الأقليات وغيرها من “الوقائع الاجتماعية” ولكن قلة من هذه الدراسات تقيس صراحة الثقة في المعرفة، في هذه الحالات، هل الناس مضللون أم مجرد جاهلون؟
في استثناء ملحوظ، وجد باسك وزملاؤه (٢٠١٥) أن الناس لا يبلغون إلا عن مستويات معتدلة من الثقة عبر مجموعة واسعة من الحقائق، في دراسة باسك وزملائه (٢٠١٥) طُلب من المستجيبين الإجابة عن أسئلة محددة للغاية على سبيل المثال، ما إذا كان قانون الرعاية الصحية في الولايات المتحدة (ACA) يطلب من الشركات التي تصنع الأدوية دفع رسوم جديدة للحكومة الفيدرالية كل عام، أو ما إذا كان القانون “يطلب من شركات التأمين فرض رسوم إضافية قدرها 1000 دولار سنويًا على أي شخص يشتري تأمينًا منهم ويدخن السجائر”، إلى الحد الذي يتم فيه دفع المعلومات المغلوطة بدوافع اتجاهية، فإن أسئلة باسك وزملائه (٢٠١٥) تبدو مكانًا غير محتمل للعثور على دليل على هذه الظاهرة.
في ٢٠١٨ قام غراهام بفحص الوعي والثقة عبر حوالي عشرين موضوعًا سياسياً بما في ذلك أسئلة المعرفة العامة وعناصر ذات صلة أكبر بالحزب، وجد أن حوالي خُمس إلى ثلث المستجيبين الذين أجابوا بشكل غير صحيح كانوا واثقين جدًا من إجابتهم الخاطئة (أي كانوا غير مدركين لجهلهم) والأكثر شيوعًا كان الأشخاص الذين أجابوا بشكل غير صحيح على دراية بنقص معرفتهم (أي كانوا غير صحيحين وأبلغوا عن مستويات منخفضة من الثقة)، حتى في الحقائق المتوقع أن تكون غير ملائمة لميولهم الحزبية، تؤدي هاتان الدراستان إلى توصية واضحة: إن الإدراج المنتظم لمقاييس الثقة في المعرفة من شأنه تحسين تصنيف هذه العناصر (على سبيل المثال، الجهل مقابل المعلومات المغلوطة) وزيادة قدرتنا على التعميم عبر الدراسات، في الواقع كانت إحدى أهم نتائج غراهام (2018) هي درجة تشابه الديمقراطيين والجمهوريين في المعلومات المغلوطة حول نفس الحقائق – وهي نتيجة لا يمكن أن تظهر إلا في دراسة تتناول الثقة في المعرفة عبر مجموعة من القضايا.
تقليديًا، تم تفسير مقاييس الثقة كمؤشر على ما إذا كان المستجيبون يؤمنون بإجاباتهم، يذكر لي وماتسوي (٢٠١٨) أن العناصر التي تقيس الثقة ضرورية “لتحديد ما إذا كان الرد على سؤال واقعي يعتمد على اعتقاد حقيقي” بدلاً من مجرد تخمين، ومن الجدير بالملاحظة أن مجموعة من الدراسات الجديدة تشكك في صدق المعتقدات الواقعية المعلنة للمستجيبين – خاصة في المجالات التي تختلف فيها الأحزاب حول تصوراتها عن الواقع الموضوعي تُعرف هذه الظاهرة باسم “الاستجابة التعبيرية”، والتي تحدث عندما “يقوم الناس عمدًا بتقديم معلومات مغلوطة” لغرض تأكيد هويتهم الحزبية فقد يقدم فرد ما معلومات خاطئة عمدًا لدعم وجهة نظر حزبه.
“قد يتردد الفرد في الاعتراف بوجود أوقات اقتصادية سيئة عندما يكون حزبه مسيطرًا على الرئاسة، وبالتالي يتعمد التقليل من شأن معدل البطالة عند سؤاله عنه في استطلاع للرأي وفي دراسات حول هذا السلوك، وجد الباحثون أن الحوافز المالية العشوائية تقلل بشكل كبير من الاختلافات الحزبية في الاستجابة للاستطلاع، مما يؤدي إلى الاستنتاج بأن الكثير من الاختلاف الظاهر في المعتقدات الواقعية هو تعبيري وليس صادق.
إن انتشار الاستجابات التعبيرية له آثار مهمة على البحوث المتعلقة بالمعلومات المضللة، فبقدر ما تحدث الاستجابات التعبيرية، فإن الاختلافات في المفاهيم الخاطئة بين الأحزاب تعكس “بهجة التشجيع الحزبي” بدلاً من الاختلافات الصادقة في المعتقدات حول الحقيقة، لم تعد المعلومات المضللة مشكلة ذات عواقب وخيمة على الديمقراطية التمثيلية؛ بل هي بالأحرى نتاج لتجربة الاستبيان. في الواقع، يفسر الباحثون نتائجهم بأنها “تشكك في الافتراض الشائع بأن ما يقوله الناس في الاستطلاعات يعكس معتقداتهم”. ويترتب على ذلك أيضًا أنه إذا كانت استجابات الاستطلاعات تعكس التشجيع الحزبي بدلاً من الاختلافات الصادقة في المعتقدات، فإن الحلول لهذه المشكلة يجب أن تركز على أدوات الاستطلاع (مثل منح المستجيبين حافزًا للإبلاغ بدقة عن معتقداتهم) بدلاً من الجهود التصحيحية.
توجد حاليًا تحديات نظرية وتجريبية مهمة تحيط بمفهوم الاستجابات التعبيرية، أولاً ننظر في القضايا النظرية حيث يعتقد أن الاستجابات التعبيرية تحدث عندما يكون هناك اختلاف بين الاستجابة التي يشكلها المستجيب أي “معتقده الحقيقي” والاستجابة التي يبلغ عنها في استطلاع رأي، تتعارض هذه العملية المكونة من خطوتين مع الأبحاث التي تُظهر أن الشخص العادي يكرس القليل من الاهتمام بالسياسة ويبني على الأرجح استجاباته لمعظم أسئلة الاستطلاع الواقعية من رأسه، وفقًا لهذا الرأي قد تغير الحوافز المالية ببساطة مزيج الاعتبارات التي تتبادر إلى الذهن، وهناك تفسير بديل قدمه كاهان ( ٢٠١٦) وهو أن الحوافز تحول المستجيبين من حماة للهوية إلى مكتسبين للمعرفة العلمية، وتفعّل التحول المقابل في أنماط معالجة المعلومات المناسبة لتلك الأدوار، هذا التمييز مهم إذا كانت الاستجابة النقدية لا ترتبط بالسلوك السياسي الفعلي (مثل اختيار التصويت) بنفس الطريقة التي ترتبط بها الاستجابة التعبيرية، هناك تفسير آخر للأنماط المرصودة يختلف تمامًا عن التشجيع الحزبي – وهو أن المستجيبين غير متأكدين من الإجابة الصحيحة ويستخدمون الهوية الحزبية كوسيلة استدلالية، أي أنهم يعطون الإجابة المؤيدة للحزب.
من الناحية التجريبية، من الصعب تحديد ما إذا كانت استجابات الاستطلاع تعكس معتقدات حقيقية أم حديثًا حزبيًا رخيصًا، ولهذا ابتكر العلماء طرقًا مبتكرة للغاية لدراسة هذه الظاهرة، ويقترح الباحثان بعض الاتجاهات الممكنة للأعمال المستقبلية أولاً، إذا كان المستجيبون يدركون الواقع بدقة ولكنهم يتجاهلون هذه المعلومات بشكل استراتيجي، فإن أوقات الاستجابة يجب أن تكون أطول للاستجابات التعبيرية مقارنة بالاستجابات غير التعبيرية هذه نتيجة قابلة للاختبار لم يتم التحقيق فيها بعد.
ثانيًا، تم استخدام مسارات مؤشر الماوس، التي تلتقط حركات ذراع المشاركين، لتحليل الدوافع المتنافسة الكامنة وراء التفكير التآمري ذي الصبغة السياسية، يعد نموذج تتبع الماوس طريقة غير مزعجة لدراسة كيف يمكن للشخص أن ينجذب إلى المؤامرات السياسية ويرفضها في نفس الوقت، يمكن للباحثين تكييف هذه الطريقة بشكل معقول لدراسة الاستجابات التعبيرية والتي تدفعها صراع مماثل بين الهوية وأهداف الدقة.
أخيرًا يمكن استخدام مقابلات التحدي التي أجرها براساد وزملاؤه (٢٠٠٩) لاكتشاف الأعماق التي سيذهب إليها الناس للدفاع عن المعتقدات الراسخة، أجرى براساد وزملاؤه (٢٠٠٩) مقابلات متعمقة حول الارتباط بين صدام حسين وهجمات 11 سبتمبر، ركزت المقابلات على الجمهوريين الذين صرحوا بأن صدام حسين كان متورطًا في الهجمات (في وقت كان فيه دليل واضح وغير قابل للجدل على عكس هذا)، كان الغرض من مقابلات التحدي هو تقديم تحديات جوهرية لآرائهم وتقييم ما إذا كانوا (وكيف) يقاومون المعلومات المتناقضة بما يتسق مع نموذج لودج وتابر ٢٠١٣ شارك المشاركون في سلوكيات مقاومة (مثل، تقديم حجج مضادة للمعلومات غير المتوافقة مع الموقف وتجنيد المعلومات التي تدعم آرائهم بشكل انتقائي)، يمكن تطبيق سياقات مماثلة على مقابلات معلوماتية عميقة واختبارها في سياقات أخرى. على سبيل المثال، قدم شافنر ولوك (٢٠١٨) صورًا غير واضحة للجمهور من حفلات تنصيب ترامب وأوباما (وسميت الصورة أ والصورة ب) وطلبوا من المستجيبين في الاستبيان أي صورة بها حشد أكبر كان المستجيبون الذين يدعمون الرئيس ترامب أكثر عرضة للادعاء (بشكل غير صحيح) أن هناك المزيد من الأشخاص في الصورة التي تصور تنصيب ترامب، خلص شافنر ولوك إلى أن الاستجابة التعبيرية هي السبب الجذري تقريبًا، بالنظر إلى أن الإجابة الصحيحة كانت واضحة جدًا وبسيطة، ولكن كيف سيرد هؤلاء الأفراد على التحديات اللاحقة لموقفهم المعلن أو على الاستفسارات حول كيفية وصولهم إلى خيار الإجابة؟
الخاتمة:
تشير الأدبيات السابقة إلى أن الناس لديهم معلومات خاطئة حول مجموعة واسعة من القضايا والمسائل السياسية علاوة على ذلك، فإن الدافع وراء هذه المعلومات المضللة يعني أن احتمالات تصحيح المعتقدات الخاطئة ضئيلة ومع ذلك، فإن فهمنا لمشهد المعلومات المضللة يقتصر بالضرورة على الموضوعات التي قرر الباحثون دراستها (الرفاهية، الهجرة، التشريعات البارزة مثل قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة، وما إلى ذلك) ولكن كما أشارت إحدى المراجعات، “يمكن تسييس العديد من الحقائق ومع ذلك، فإن معظمها ليس كذلك، من المهم أن ندرك كيف تؤثر مجموعة المعتقدات التي نأخذها في الاعتبار على الاستنتاجات التي نتوصل إليها، إن اختيار القضايا لا يؤثر فقط على المستويات المرصودة من المعلومات المضللة بل له أيضًا آثار على نجاح الجهود التصحيحية المختلفة أي قد يكون من الأسهل تصحيح المفاهيم الخاطئة حول القضايا غير البارزة).
تم تحقيق تقدم كبير في كل من المجالات التي نظرنا فيها في استعراضنا – الأسباب، التصحيح، والقياس – على الرغم من أننا نشعر بأن العائد على الاستثمار يختلف اختلافًا كبيرًا عبر المجالات الثلاثة، فيما يتعلق بأسباب المعلومات المضللة، قام العلماء بتطوير الآليات التي صاغها كوكلينسكي وآخرون (٢٠٠٠) بطريقة مثمرة، باستخدام مجموعة من الأساليب والبيانات لتوضيح فهم المجال للدوافع المعالجة وحتى وقت كتابة هذا التقرير، هناك إجماع شبه كامل على أن الدوافع الاتجاهية تلعب دورًا حاسمًا في مشكلة التضليل، إن الرغبة في أن تكون متسقًا مع المواقف السابقة أو الحزب السياسي يمكن أن تدفع الناس إلى التمسك بشدة بالمفاهيم الخاطئة، ما يزال غير واضح هو مدى ارتباط هذه الدوافع الاتجاهية بسمات فردية على مستوى الفرد (بحيث يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة لتضليل المعلومات بشكل مزمن من الآخرين)، كما أنه غير مستقر إلى أي مدى يمكن أن ترفع السياقات السياسية الخاصة الدوافع الاتجاهية في قطاعات واسعة من الجمهور.
كما أنه على الرغم من وجود الكثير من الدراسات حول كيفية تصحيح المعلومات الخاطبة، إلا أنه لا يوجد اتفاق كامل على أفضل الطرق للقيام بذلك لا يزال هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات مثل: ما الذي يعتبر نجاحًا في تصحيح المعلومات الخاطئة؟ وما هي الطرق الأفضل لتقديم المعلومات الصحيحة؟ بالإضافة إلى ذلك يعد قياس مدى انتشار المعلومات المضللة وتأثيرها على الناس هو أمر صعب ويحتاج إلى مزيد من البحث.
الرابط التالي للإطلاع على النسخة الأصلية: https://doi.org/10.1146/annurev-polisci-050718-032814