اعلاميةتقارير

ازدواجية معايير الإعلام الغربي ما بين تناول الأزمة الأوكرانية الروسية وقضايا الشرق الأوسط

كتبت : أمنية رشاد

تدخل الحرب الروسية الأوكرانية في أسبوعها الثالث، عقب قيام قوات الدفاع الروسية في صباح الخميس ٢٤ فبراير بعملية قصف وحشد للقوات العسكرية، وسماع لأصوات الانفجارات في خاركييف وكييف  وأوديسا ودونباس.

وبحسب تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقتها، أن العملية العسكرية تهدف لحماية الأقليات الروسية بالدولتين حديثة الانفصال عن اوكرانيا دونتيسك ولوغانسك.

ومنذ نحو ثلاثة أسابيع وتتجه أنظار الإعلام عالمياً لتغطية الأزمة الأوكرانية الروسية، وبدورنا نتابع كباحثين إعلاميين التغطية والتناول للأزمة في مختلف وسائل الإعلام عالمياً ومحليا.

اللافت للنظر في بادئ الأمر وبعمل مسح سريع من خلال المتابعة، تجد محاولات الإعلام الغربي لشيطنة الهجوم الروسي على أوكرانيا، باعتباره معتدي لا يحق له الدفاع عن حدود دولته.

وبدأت وسائل الإعلام الغربي في توجيه الرأي العام العالمي لدعم أوكرانيا ضد روسيا، باعتبار الإعلام الغربي ممثلاً لوجهات نظر حلف الناتو والولايات المتحدة، أعداء روسيا.

أصبح التركيز على تناول القصص الإنسانية من خلال التقارير الصحفية أو التليفزيونية المصورة، للنازحين الاوكرانيين وإبراز مدى تضررهم من الحرب بصورة كبيرة، لإكساب التعاطف عالمياً مع أوكرانيا.

وإذا ما قارنا ما تناوله الاعلام الغربي للأزمة السورية واليمنية والفلسطينية على سبيل المثال، لن نجد هذا الكم من التناول والتركيز على القصص الإنسانية، أو ضحايا الحرب وصور للاجئين والأطفال والنساء المتضريين. سوريا تدخل عامها الحادي عشر في الحرب واليمن أيضاً، وفلسطين منذ أكثر من ٧٤ عاماً، ويعاني العديد من المدنيين العزل في قطاع غزة من نقص الإمدادات الغذائية والطبية وغيرها، ولا يشكل هذا ضغطاً على الإعلام الغربي في التناول، بينما تنشر أخبار وبكثافة على العديد من المنصات والمواقع الإخبارية تفيد بفتح باب التطوع من جميع دول العالم للدفاع عن أوكرانيا وشعبها.

خبر نشرته صفحة جريدة يورو نيوز الأكثر شهرة وانتشارا وقراءة في الاتحاد الأوربي يفيد بالتمييز بين أزمة لاجئي وأوكرانيا ولاجئي أفغانستان في أغسطس الماضي.

حيث نشرت الخبر الآتي نصه”شنت النائبة الإيرلندية في البرلمان الأوروبي، كلاير دالي، هجوماً عنيفاً ذكرت من خلاله النواب الأوروبيين الحاضرين في قاعة البرلمان بالطريقة التي تمّت عبرها إدارة أزمة لجوء الأفغانيين، وقارنت بينها وبين الرد الأوروبي على أزمة لجوء الأوكرانيين”، في بادئ الأمر يعد هذا حيادية في تناول الأزمة بالنسبة لهذا الموقع حيث نشر الهجوم المضاد من قبل الساسة وقادة الرأي الأوروبي ضد ما تقوم به وسائل الإعلام العالمية في توجيه الرأي العام العالمي، فالنائبة الإيرلندية نفسها انتقدت إدارة الأزمة لنفس القضية باختلاف المتضررين الافغانيين باعتبارهم عالم ثالث، بينما الاوكرانيين فهم أوروبيين مثلهم.

إن ما يحدث ليس حباً في أوكرانيا أو شعبها أو عن الإنسانية كما تدعي تقاريرهم،انما دفاعاً عن أيديولوجية النظام الغربي بأسره، فسقوط اوكرانيا يمثل انهزام وسقوط للاتحاد الأوروبي بأكمله، وضربه موجعة للولايات المتحدة، من منافسها وعدوها الأبرز موسكو .

ما يبرز أيضا ازدواجية معايير التناول الإعلامي في الغرب، ما يتم التركيز عليه بسؤال الشخصيات العالمية أو الرياضية للحديث عن رأيهم في الأزمة الأوكرانية الروسية، وهو ما لم يكن مقبولاً من قبل بحسب القواعد العالمية للرياضة، فلا سياسة في الرياضة، ويتم توجيه الضيف نحو إجابة محددة، وهي التعاطف ومحاولة الانحياز لرأي المعسكر الغربي في شيطنة الهجوم الروسي على أوكرانيا.

ما لم يكن في حسبان الإعلام العربي رد بطل العالم في الإسكواش المصري علي فرج بعد فوزه ببطولة أوبتاسيا في لندن، حينما تم سؤاله عن رأيه في الحرب الروسية الأوكرانية حيث قال  “أعلم ان ما سأقوله سيسبب لي مشاكل ولكن الفلسطينيون يعانون منذ 74 عام ولا أحد يتكلم، فقط لأن هذا ليس على هوى الإعلام الغربي،ولكن الأن بما ان الجميع يتعاطف مع أوكرانيا فيجب ان نذكر فلسطين أيضا”.

وكان الرد كالصاعقة على الإعلام الغربي والعالمي المناهض لروسيا، فإذا ما كان الإعلام بالفعل يريد الحديث عن مأساة ومعاناة الشعوب من ويلات الحروب فليكن على مستوى العالم ، لا على مستوى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو فقط.

هذا ما يتم اتباعه والسؤال عنه في الصحف ووسائل الإعلام الغربية والأمريكية، بينما على سبيل المثال في موقع روسيا اليوم سنجد التناول مختلف نوعاً ما لتناول التغطية الإعلامية خاصة ما يتعلق بآراء اللاعبين في السياسة، حيث نشر موقع روسيا اليوم تقرير حول سياسة الكيل بمكيالين في تغطية الصحف الغربية.

حيث أوضح التقرير أن  الاتحاد الدولي لكرة القدم مرارا وتكرارا تحذيرات بعدم خلط الرياضة بالسياسية، كما حذر أيضا من استخدام الرياضة كورقة ضغط سياسية بين الدول، إلا أن الاتحاد نفسه ضرب بكل ذلك عرض الحائط، بإصداره قرارا مشتركا مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، أمس الاثنين، أعلنا خلاله استبعاد روسيا من تصفيات كأس العالم المؤهلة لمونديال قطر، وتعليق مشاركة منتخباتها وأنديتها في المسابقات الدولية والقارية وذلك لأسباب سياسية محضة.

وذكر التقرير في روسيا اليوم أنه تعرض عدة نجوم لعقوبات تتراوح بين الغرامات المالية والإيقاف، ففي عام 2009، عاقب الاتحاد الإسباني لكرة القدم، النجم المالي فريدريك عمر كانوتيه، مهاجم نادي إشبيلية السابق بغرامة مالية، بعدما كشف عن قميص يرتديه كتبت عليه كلمة “فلسطين” بعدة لغات، أثناء احتفاله بإحراز هدف في مباراة فريقه ضد ديبورتيفو كورونا في كأس ملك إسبانيا.

كما قرر “الفيفا” معاقبة نجمي المنتخب السويسري لكرة القدم شيردان شاكيري وغرانيت تشاكا، بتغريمهما على خلفية احتفالهما “السياسي” بعد التسجيل في مرمى صربيا خلال لقاء الفريقين في مونديال “روسيا 2018”.

وكان المصارع الجزائري فتحي نورين في العام الماضي، أكبر المتضررين من عقوبة “إقحام السياسة في الرياضة”، بعد إيقافه لمدة 10 سنوات على خلفية انسحابه من مواجهة مصارع إسرائيلي في أولمبياد “طوكيو 2020”.

ليس هذا فحسب، فإذا ما تابعنا مفردات الخطاب الإعلامي الغربي، سواء في قنوات مثل بي بي سي او سي إن إن ، سنجد هناك تركيزاً على خطاب تحريضي على العنف والكراهية تجاه العرب، وتمييز عنصري على أساس اللون والعرق والجنس، حيث ذكر في تقرير أحد تلك القنوات ما يلي: “إنه من الطبيعي أن نستيقظ على أصوات الانفجارات ورؤية مشاهد القتل والعنف واللاجئين ولكن في العالم العربي، وليس هنا لدينا في دولة أوروبية ، أنهم بيض مثلنا ويشبوهننا تماماً”، وهو ما يعد خطاب عنصري صريح بامتياز.

وكانت أبرز التصريحات العنصرية الداعمة لأوكرانيا تصريح الأمير البريطاني ويليام ” لا نتصارع كآسيا وإفريقيا، إراقة الدماء في أوكرانيا كانت غريبة على أوروبا ولا تشبه الصراعات الأخرى”، وتم الترويج لها بكثافة في الإعلام الغربي، كتأييد ودعم للأزمة الأوكرانية، في حين تم الهجوم على الأمير وتوجيه إنتقادات لاذعة له عبر المواقع الإخبارية العربية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتهمه بالعنصرية وتم مطالبته بالاعتذار.

ولعل تلك الهجمة دفعت الصحافي ريتشارد بالمر، الذي نشر القصة الأصلية للمرة الأولى، لأن يتراجع في وقت لاحق عن أي إشارة إلى إفريقيا أو آسيا في حديث الأمير وليام، وأكد أن تصريحاته كانت “غير مسموعة”، وفقا لصحيفة “ذا إندبندنت” البريطانية.

أي أن القائم بالاتصال طبقا لنظرية حارس البوابة قام بالتعديل على الخبر الأصلي وتطويعه وفق ما يتلائم ويتناسب مع الصورة الذهنية للأمير ويليام، وهو ما يتنافى مع الموضوعية والحياد في التناول الإعلامي.

هذه مجرد رؤية بسيطة عابرة لا نستطيع القول بأنه دراسة تحليلية كاملة، ربما نفرد لها فيما بعد بالتحليل والشرح والتوضيح، ولكن ما نود التأكيد عليه، أنه لا يوجد حياد في الإعلام الغربي الذي طالما نادى بالمهنية وحيادية التناول الإعلامي للقضايا، الإعلام الغربي يخدم أيديولوجيات أنظمته السياسية، ويخدم مصلحته الشخصية وفقط، فلا مجال للحديث عن الإنسانية وأخلاقيات العمل الإعلامي إذا ما كانت القضايا المثارة تخص الوطن العربي، أو العرب أصحاب البشرة السمراء.

الإعلام الغربي مليء بالازدواجية في معايير التناول الإعلامي للقضية نفسها، فالحرب على سوريا واليمن وفلسطين حلال مباحة متاحة لمحاربة الإرهاب، وأزمة لاجئي أفغانستان، بينما الحرب الروسية على أوكرانيا التي لم تتجاوز الشهر حرام على الإنسانية أن تقف مكتوفة الأيدي، ولابد من فتح باب التطوع للدفاع عن الاوكرانيين، ولكن في الوطن العربي يتم توصيفهم بالارهابيين.

لينك المقالات المشار اليها في تحليل السابق  :-

https://www.forbes.com/sites/edwardsegal/2022/03/11/reported-comment-by-britains-prince-william-about-ukraine-creates-temporary-crisis-for-royal-family/?sh=efa4f57733f6&fbclid=IwAR30rIEvGJ7SG54vKBtUQ7zKDIeTwOdjmQMQk2-S8e8I_4B-9SbfrF8BCDA

https://arabic.euronews.com/2022/03/12/video-eu-mep-clare-daly-critisize-harshly-eu-dealing-afghan-humanitarian-crisis-ukraine-on?utm_medium=Social&utm_source=Facebook&fbclid=IwAR3LCSZcv-sf8nVku0IeXNsjzsOct2jVdVSQJqA__Pe1YvPCmWWy2mhgJX8#Echobox=1647121694

https://arabic.euronews.com/2022/03/12/video-eu-mep-clare-daly-critisize-harshly-eu-dealing-afghan-humanitarian-crisis-ukraine-on?utm_medium=Social&utm_source=Facebook&fbclid=IwAR3LCSZcv-

https://arabic.rt.com/sport/1329774-السياسة-والرياضة-سياسة-الكيل-بمكيالين/?fbclid=IwAR3PiMU7AYdvVyEFXp6gP09m8qxs8VXX4OQhdfDWrCPpi6ecdUoTXnXoIs4sf8nVku0IeXNsjzsOct2jVdVSQJqA__Pe1YvPCmWWy2mhgJX8#Echobox=1647121694

https://www.latimes.com/entertainment-arts/tv/story/2022-03-01/russia-ukraine-invasion-trevor-noah-daily-show?fbclid=IwAR1VN3evPDIOYyF4j_Xj6IryxT1ihLpSjF38XSVLnU9x7RJM5jNIQO3Vwg0

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى