Uncategorized

“الإنقلابات العسكرية في إفريقيا””مابين أطماع جامحة وحركات تصحيح””نموذج انقلاب النيچر يوليو 2023”

كتب / رامي زهدى

  • خبير الشؤون الإفريقية – عضو الهيئة الاستشارية للدراسات الافريقية بالمركز

مابين أطماع وحركات تغيير حقيقية، ومابين احداث تغير في تاريخ وواقع الشعوب مرات بالإيجاب وكثيرا بالسلب، تتصدر القارة الإفريقية العالم بعدد محاولات الإنقلابات العسكرية، 205 إنقلاب عسكري خلال 70 عاما فيما بعد تحرر الدول الإفريقية من الإستعمار، منها 100 محاولة علي الأقل ناجحة، وعدد غير محدد من المحاولات الغير ناجحة ولكن غير معلنة، لانه في احيان كثيرة لا تعلن الدول الإفريقية عن بعض المحاولات الغير ناجحة لأسباب مختلفة تتعلق بكل دولة او نظام حاكم، بينما يقاس نجاح الإنقلاب من عدمه بدرجة تأثير الإنقلاب في إحداث تغيير في الواقع السياسي والأمني والمجتمعي في الدول وكذلك استبدال الأنظمة الحاكمة بغيرها.، لكن يظل دائما الإختلاف فيما بين الإنقلاب لأسباب طموح وطمع في السلطة ومابين حركات تصحيح وتعديل المسارات هو مدي نجاح الإنقلاب في تحسين أوضاع الدول والشعوب والإنتقال الي مراحل اقتصادية وسياسية وتنموية افضل ولم يكن ابدا ممكن للأنظمة المنقلب عليها احداث ذلك، مع الوضع في الإعتبار الإرادة الشعبية وتوجهات الشعوب والي مدي يتوافر نموذج الدول الوطنية والزعماء والقادة الوطنيين في القارة الإفريقية.

افريقيا ثم أمريكا اللاتنية مازالوا هما الأبرز في شكل وعدد ومضمون الإنقلابات العسكرية في العالم، حتي ان متوسط عدد محاولات الإنقلابات في إفريقيا سنويا يتجاوز 4-5 إنقلابات بينما يصل متوسط عدد الإنقلابات الي 3 انقلابات ناجحة في تاريخ عدد غير قليل من دول القارة، وتأتي بوركينافاسو في الصدراة بعدد انقلابات 7 فشل منهم واحدا فقط
مشكلات مثل الإقصاء السياسي والمجتمعي، والديني والعنصري والقبلي بالإضافة لأوضاع اقتصادية صعبة وتهميش لمشاركة القوي السياسية، كلها اسباب الي جانب التداخل الخارجي والإستقطاب وتحويل بعد النطاقات الجغرافية في القارة الي مسرح عمليات للصراع الدولي بين القوي الدولية المتنافسة في كل شئ وعلي كل شئ في ظل انكماش وتعثر الإقتصاد العالمي.
بحدوث انقلاب 26 يوليو في النيچر، تصل عدد الإنقلابات في الثلاثة سنوات الأخيرة الي 9 انقلابات في ثمانية دول، منها انقلابين او انقلاب علي الإنقلاب في بوركينافاسو الي جانب انقلابات في مالي، السودان، غينيا كوناكري، غينيا بيساو، تشاد وأخيرا النيچر

بدا لنا في بادئي الأمر ونحن نتابع المشهد، انه لاجديد، كما هي افريقيا، مشاهد الانقلابات متكررة ولاجديد يطفو فوق السطح خاصة في منطقة الساحل وغرب افريقيا، فأخر 25 انقلاب حدث في افريقيا، كان منها 21 في منطقة الساحل والصحراء وغرب القارة،
لكن الإنقلاب في النيچر ليس مثل سابقيه، سواء في النيچر الذي حدث بها من قبل اربعة انقلابات منذ عام 1960 واستقلالها عن فرنسا، وكان اخر هذه الانقلابات في العام 2010، ولا علي مستوي الانقلابات بصفة عامة في القارة الإفريقية، الإنقلاب هذه المرة مثل تحول چيوسياسي عميق في افريقيا يؤثر بشدة هذه المرة وبشكل مباشر علي المصالح الغربية خاصة الفرنسية ويدعم فكرة الجيل الافريقي الجديد المعادي لكل ماهو غربي او فرنسي، بينما الانقلاب مثل انتصارا جديدا للتقدم الروسي داخل القارة، خاصة في ظل وجود قوات روسية ممثلة في مجموعة فاجنر في 10 دول افريقية علي الاقل،
الإنقلاب في النيچر يفتح الباب نحو مزيدا من التحرك في نفس الإطار لدول افريقية أخري مما يمثل تطور خطير بتحول المنطقة لساحة قتال غير مباشرة للقوي الكبري في دائرة الصراع الدولي المحتدم ويشكل ذلك اعادة تركيب المشهد الاستراتيچي في منطقة حيوية من القارة الإفريقية والتي تمثل ذاتها منطقة حيوية جدا من العالم.

احتمالات تمدد تداعيات الإنقلاب نحو دول الجوار المباشر للنيچر ودول جوار الجوار، وكذلك شهد الإنقلاب في النيچر علي تراجع غربي مؤثر في سباق التدافع نحو افريقيا، في ظل فشل بناء الدول الوطنية في افريقيا وظهور صراعات الإثنيات والنزاعات وصعود قوي الإرهاب بالتوازي مع ظروف اقتصادية ليست فقط صعبة او سيئة وإنما محبطة للشعوب التي لم تعد تري ان هناك أمل او فرصة في حياة افضل، كل هذه الدعائم او المحركات كانت او تظل اسباب دائمة لكل انقلاب، سواء اسباب حقيقة وهي الدافع الحقيقي او ان الدافع غير ذلك والأسباب ماهي الا ادوات، بالإضافة الي ذلك في النيچر ظهرت حالة رفض من كبار الضباط لنقلهم من مراكزهم او اعفائهم من اعمالهم واتهموا الرئيس المنقلب عليه محمد بازوم انه يعمل فقط لصالح فرنسا وضد مصالح الشعب ومصالحهم الشخصية بالتأكيد لانه لايمكن ابدا افتراض المثالية والوطنية في الجميع.

من الأسباب لإنقلاب النيچر وانقلابات اخري سابقة ولاحقة ان العقوبات الإفريقية بلا أنياب وان الإتحاد الإفريقي والمؤسسات الإفريقية في مأزق دائم في التعاطي مع هذه الإنقلابات لأنها لا تمتلك ادوات حاكمة وينتهي الأمر دائما بالجميع بقبول الأمر الواقع أيا ماكان، بخلاف ان العقوبات تتطال وتضر الشعوب اكثر من الأنظمة الحاكمة ذاتها.

من التداعيات الصعبة ايضا لمنطقة تئن في الاساس تحت وطأة فوضي امنية وسياسية وازمات اقتصادية لاتنتهي ووضع هش مهتز ان الشعوب نفسها اصبحت مابين نقيضين، الاول الرغبة في رؤية حاكم قوي حتي لو جاء بآليات ضد الشرعية او ان الشعوب فقدت الإهتمام علي الإطلاق بالأنظمة الحاكمة وبدا ان الشعوب تحت ضغوط الظروف الصعبة لم يعد يعنيهم الا اقل القليل من الغذاء او الكساء والعلاج لانهم متأكدون ان هذا اقصي ما يستطيعون الوصول اليه في اوطانهم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى