تقارير

“حول تنامي ظاهرة الإرهاب في القارة الإفريقية”

كتب : رامي زهدي

عضو الهيئة الاستشارية للشئون الافريقية بالمركز

القارة الإفريقية وبخاصة مناطق الصراعات والتي منها ماهو صراعات دائمة لاتنتهي ومنها صراعات ماتلبث ان تنتهي حتي تبدأ من جديد وهناك شكل آخر لصراعات مثل كرات اللهب تنتقل من نطاق جغرافي لآخر بسرعة سريان اللهب في الهشيم الجاف،  وبالتوازي مع هذا نجد أمراض مجتمعية واقتصادية متمكنة من مفاصل القارة العظيمة،  نقص الغذاء،  نقص الطاقة،  الفساد والرشاوي والمحسبية واستغلال النفوذ ومنهجية استغلاله مابين نفوذ سياسي،  مالي،  قبلي،  وظيفي،  ديني او عرق طائفى،  بالإضافة للجريمة والجريمة المنظمة والجريمة عابرة الحدود،  بالتوازي مع أمراض عضوية وبنية تحتية صحية وعلاجية هي الأضعف علي الإطلاق بين قارات العالم،  كل ذلك ويزيد خلق مطبخ إعداد او معمل كبير للإرهاب داخل القارة لتصبح القارة احد مراكز بؤر الجماعات الإرهابية والفكر المتطرف.

دوافع مختلفة:

الإرهاب في القارة له مستويات متدرجة،  اولا علي المستوي الأقل علي الإطلاق وهو العنصر الإرهابي الصغير الذي يحمل سلاحا او يقدم خدمات معلوماتية او لوچيستية للجماعة الإرهابية ويكون دائما عقله متشبع بأفكار متطرفة استطاع المستوي القيادي الأعلي منه زرعها بثبات في عقله ووجدانه،  وليس بالضرورة هنا ان يكون التطرف ديني او مرتبط بالدين بصفة عامة او بالدين الإسلامي او المسيحي بصفة خاصة،  وغالبا ما يعمل هذا العنصر إما دفاعا عن أفكاره ونظير اموال بسيطة ليصبح العنصر الأضعف داخل منظومة الإرهاب والأسهل للسيطرة عليه،  ثم ننتقل لمستوي قيادي تالي،  يكون مؤمن جزئيا بقدر من الفكر لكنه أذكي كثيرا يستطيع ان يصدق وقتما يشاء وان يكذب في وقت أخر ويستطيع بيع مجهوده بسعر أعلي،  ثم نتقل لمستوي مركزي أعلي،  يعرف دائما ان مايحدث هو صناعة وتجارة لها مخرجات بناء علي مدخلات ولها عوائد وتكون دائما علي كافة المستويات دوافع اقتصادية،  للسيطرة علي مصادر اقتصادية طبيعية،  او مناطق زراعات او مناجم،  او فرض جباية مالية علي المواطنين، بالإضافة لأنشطة أخري غير مشروعة سواء تهريب،  مخدرات،  او تجارة بشر،  ثم ننتقل لمستوي أعلي وأعلي يتحرك وفق استراتيجية دولية ولصالح قوي دولية ضد قوي أخري وأيضا الدوافع اقتصادية لكنها عملاقة مهولة،  بعدما وجدت الدول الكبري حتي التي تحارب الإرهاب او هكذا يبدو، أن إدارة تمدد إرهابي معين في نطاق جغرافي محدد يوفر لهذه الدولة تحقيق خططها الإستعمارية الجديدة بالسيطرة علي مكتسبات ومقدرات الشعوب او منع غيرها من ذلك او تغير ديمغرافية معينة لصالح أخري،  كل ذلك بمجهود أقل وبتكاليف بسيطة بالنسبة لها ثم ينمو الإرهاب ذاتيا ويتكاثر إليا لتصبح الجماعة جماعات والفكر أفكار والتطرف مناهج، وعندما تقرر هذه الدولة إنهاء العرض فإنها بالتأكيد تستطيع،  تنزل الستارة وتسحب الممثلين وتقتل من لايستجيب او من فقد دوره ويظل الجمهور (الشعوب)  هو مسدد لتكلفة العرض المسرحي في النهاية.

الأدوات:

إذا كان الإتفاق علي أن الدوافع للإرهاب إقتصادية،  يبقي الإختلاف علي أدوات التنفيذ،  يتم الإستقطاب الفكري في القارة بالمال والجنس والوعد بالجنة والحكم والسيطرة وممارسة الإقصاء السياسي والديني والمجتمعي والقبلي والإنفراد بخيرات البلاد والدول دون شعوبها.،  لكن نظل نحن الأفارقة الطرف الأكثر إنفتاحا للأسف وقبولا لتواجد مثل هذه الجماعات داخل صميم المجتمع الإفريقي،  فعلي سبيل المثال بوكوحرام في غرب القارة وحركة الشباب الصومالية في أقصي شرق القارة دخلت في مرحلة أمر واقع بالنسبة للسكان هذه الدول يتجارون معهم،  يعملون معهم،  يتزوجون منهم،  ويدفعون لهم نظير الحماية أو إتقاء شرورهم في ظل غياب مؤسسات هذه الدول خاصة العسكرية والأمنية منها او ضعفها علي الأقل بالإضافة لإفتقار تكنولوجيات المعلومات والعتاد والتدريب الجيد للعناصر البشرية.

نحتاج ماذا؟

إننا في مواجهة تحديات الإرهاب والفكر المتطرف, نحتاج تطورا نوعيا في مواجهة الظاهرة الأكثر خطورة على مستقبل العالم والأجيال القادمة. منذ أدرك العالم الشرير أن الإرهاب والإرهاب المنظم وسيلة فعالة جدا ومنخفضة التكاليف نسبيا لتغيير خرائط العالم وتدمير أمم وشعوب وسرقة ونهب ثروات أجيال قادمة، منذ هذه اللحظة بات الإرهاب وداعميه من أعداء الإنسانية خطر رهيب يغلف كوكب الأرض مثله مثل غلافه الجوي، فلم تعد بقعة ما من بقاع الكوكب ببعيدة عن ذلك المرض المتفشي في جسد العالم، الدول التي كانت قديما تتبنى خطط استعمارية واجرامية من أجل السيطرة على دول أخرى لأغراض سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، أصبحت الأن مهمتها أسهل، كل ما تحتاجه هو دعم كيان إرهابي من مرتزقة ومجرمين وتقديم كل الدعم اللوجيستي والسياسي والملاذ الآمن لهم ثم توجيه عملهم لنقاط جغرافية مستهدفة بهدف إحداث تغييرا ما في جغرافية أو إقتصاديات منطقة ما أو دولة ما. هؤلاء المرتزقة هم فقط وقود النار، يحصلون على الأموال الضخمة من أجل إدارة اللعبة وهم لايموتون ولا يصابون، هما فقط يجندون غيرهم من الشباب الصغير ويستغلون نقاط ضعف عديدة منها الجهل ومنها الفقر ومنها لعبة السياسية، و يستخدمون وسائل متعددة مبتكرة تتقدم يوما بعد يوم. إن أقوى جيوش الأرض لن تستطيع ابدا القضاء على إرهاب في عقول وقلوب الشباب خاصة في قارتنا الإفريقية.

 يستطيع الجندي الوطني المقاتل مطاردة إرهابي مرتديا حزاما ناسفا حول جسده بينما لا يستطيع نفس المقاتل أن يطارد شابا معتنقا للفكر المتطرف وكره الأخر ومرتديا حزام ناسف داخل عقله وقلبه المريض. من هنا  اصبح الإتحاد والتكامل من اجل المواجهة , هي امور حتمية أوجدتها الضرورة القصوى من أجل برامج متطورة نفسية وعقلية وعلمية دينية ومجتمعية وذات صبغة محترفة وإسلوب متطور من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف والاستقطاب بين الشباب، ليكون بداية طوق نجاه وتحرك إيجابي قوي تجاه المشكلة ولنصل يوما بأن يكون الإرهاب والتطرف والاستقطاب مجرد ذكريات متنهية من عقل وقلب الأوطان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى