آليات تعزيز سوق المال المصري و خفض المدينوية – تطور سوق الأوراق المالية المصري والرؤية المستقبلية في ضوء نقد بناء
كتبت /رانيا محمود الجندي
في البداية نود أن نوجهة الأنظار إلى العناية الخاصة التي أولاها سيادة رئيس جمهورية مصر العربية، بسوق الأوراق المالية في مصر، وذلك منذ عام 2019 إلى عام 2022 وبالأخص شهر إبريل الذي وافق شهر رمضان المعظم، حيث قام سيادتة بتكليف الحكومة في حفل إفطار الأسرة المصرية بوضع رؤية شاملة لتطوير البورصة المصرية، وطرح شركات مملوكة للقوات المسلحة في البورصة المصرية قبل نهاية العام الحالي.
وتُشير التنبؤات إلى أن من هذه الشركات شركة صافي لصناعة المياه المعبأة، وشركة مشغل محطات الوقود وطنية. وأضاف سيادته وبالأرقام ضرورة إعلان الحكومة عن برنامج خاص، لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليار دولار للسنة الواحدة أي 40 مليار دولار خلال الأربع سنوات القادمة هو مايعادل 739.2 مليار جنية مصري أي مايتخطى القيمة السوقية الحالية للبورصة المصرية بمقدار يعادل 20 مليار جنية، في حين كانت قيمة طرح عملاق المدفوعات الإلكترونية إي فينانس مايعادل 5.8 مليار جنية مصري، وحينها وصل رأس المال السوقي للبورصة المصرية لحوالي 750 مليار عندما تخطت قيمة السهم 25 جنية مصري، ولم تكن هذة القيمة هي أعلى حيث حقق رأس المال السوقي 836 مليار جنية في الربع الثاني لعام 2018 إثر إعادة تسعير الأصول بعد التعويم الذي حدث للجنية المصري في نوفمبر 2016 واستمرت حينها سلسلة من الارتفاعات ووصلت قمتها في إبريل 2018.
وكانت على رأس تكليفات سيادة الرئيس جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية والمحلية في مجالات البنية التحتية والطاقة والسياحة والتطوير العقاري. ونرى أنه في ظل التطورات المتتالية لسوق المال المصري أن طرح مشروعات تخدم البنية التحتية للدولة هو المخرج الوحيد والأسرع والذي يتمتع بتكلفة أقل وإجراءات ميسره وزمن قياسي، في ظل التراخيص الحديثة لشركات الاستحواذ والإندماج SPACs وكذلك الشركات التي تستعد هيئة الرقابة المالية لإصدار ترخيصها وهي شركات التمويل الجماعي Crowd funding وهي شركات آلية للتمويل مقابل الحقوق المالية المستقبلية. وهذا أفضل بكثير من التفاوض مع المؤسسات الدولية التي تُفرض شروطها وتحدد مصادر الإنفاق قبل الموافقة على التمويل مع بعض الشروط التي قد يرفضها الشارع المصري وتُثقل عاتق الحكومة. خاصة في ظل وجود تريليونات الجنيهات من ودائع القطاع الخاص والأسر المصرية التي تبحث عن الأمان ممزوجاً بعائد مربح. وهو بديلاً أكثر استدامة من أدوات الدين التي لاتلقى لدى المدخرين الأفراد استجابة سريعة.
وفيما يخص القطاعات التي أشار إليها الرئيس وبالإسقاط على سوق المال، وهما قطاع الطاقة والسياحة والتطوير العقاري، نُشير أن قطاع الطاقة والخدمات المساندة في سوق المال المصري يحتوي على الحد الأدنى من عدد الشركات المدرجة وهي ثلاث شركات فقط. فيما تعتبر أسواق المال مرآة للإقتصادات. فيحتوي القطاع على شركة الإسكندرية للزيوت المعدنية بنسبة تركز داخل القطاع 35%، والخدمات الملاحية والبترولية- ماراديف مقيم بالدولار على نسبة مماثلة، والحفر الوطنية بنسبة تركز 30%. وهذا القطاع يُعد من أهم القطاعات الجاذبة للاستثمارت الأجنبية خاصة في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية وأزمات الطاقة التي خلقتها تلك الأزمة.
وفيما يخُص قطاع السياحة وهو القطاع الذي يُعد من أهم موارد جذب العملة الأجنبية والذي يدعم بدوره الاحتياطات الأجنبية لدى المركزي المصري، يتكون القطاع من 6 شركات أضخمهم هي شركة المصرية للمنتجعات السياحية حيث تستحوذ على 35% من القطاع، وتعاني الشركة من مشاكل هيكلية مزمنة وكذلك سعر أسهم الشركة في انخفاض مستمر، وتم نقل الشركة إلى القائمة (د) لبضعة أيام لمشاكل تخص كفاءة تشغيلها.
وبالإنتقال إلى قطاع التطوير العقاري نجد أن القطاع يستحوذ على النسبة الأكبر من حيث عدد الشركات المدرجة. ويبلغ عددهم في كل من قطاع العقارت وقطاع مقاولات وانشاءات هندسية و قطاع الموارد الأساسية وقطاع مواد البناء، 68 شركة مدرجة في سوق المال المصري من عدد 246 شركة في الإجمال مابين السوق الرئيسي وسوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبنسبة مساهمة لقطاع العقارات والقطاعات المعاونة تصل إلى 27.64% من إجمالي عدد الشركات في سوق المال المصري. وتستحوذ شركة طلعت مصطفى على نسبة 32% من مؤشر العقارات، وأراسكوم كونستراكشن على 35% من مؤشر مقاولات وانشاءات هندسية، وأبوقير للأسمدة على 35% من مؤشر المواد الأساسية وهذة الأخيرة قد قام صندوق أبوظبي السيادي بالإستحواذ على ما قيمة 391.945 مليون دولار، من أسهم الشركة.
وتحدث سيادة الرئيس بشكل متخصص عن ضرورة وضع الحكومة رؤية متكاملة لزيادة عدد الشركات المقيدة (المدرجة) في سوق المال المصري وكذلك حجم وقيم التداول، وزيادة أعداد المستثمرين المحليين والأجانب في سوق المال. والشكل التالي يوضح عدد الشركات ورأس المال السوقي في البورصة المصرية خلال فترة (2016- 2022) وتم اختيار عام 2016 لأنه في 3 نوفمبر من هذا العام تم تعويم سعر الصرف من 8.88 جنية مصري/ دولار إلى فوق 18 جنية واستقر عند 15.70 جنية قبل عام 2022 عام الأزمة الروسية الأوكرانية ثم وصل سعر الجنية إلى 18.50 مقابل الدولار في نهاية الربع الأول من عام 2022، ولذلك تضمن الرسم البياني الربع الأول من العام رغم أن البيانات المدونة سنوية. وعدد الشركات بالمائة وقيم رأس مال البورصة المصرية بالمليار جنية مصري.
وزيادة عدد الشركات لن تكون سوى بالطروحات الحكومية المؤجلة منذ سنوات عدة والتي تحدث عنها وللمرة الثانية على التوالي رئيس الجمهورية، حيث كانت البداية منذ أن أعلن سيادته عن طرح مقترب لشركة العاصمة الإدارية يُقدر بالتريليونات وأهتز السوق حينها، حيث أن مستهدفات رأس المال السوقي للبورصة المصرية ومنذ سنوات تكمن في تخطي التريليون الواحد. وهنا أنتظر السوق طفرة تعيده لأمجاده السابقة. وفي خطاب سيادته في حفل إفطار الأسرة المصرية وبالأخص في المحور رقم (11) خص الطروحات الحكومية ومن ضمنها شركات القوات المسلحة كما أشرنا سابقاً، لكن الحكومة دائماً تنتظر الوقت المناسب فتم إرجاء الطروحات من جديد في تصريح من وزارة قطاع الأعمال لشهر سبتمبر من العام الحالي. في حين استمرار الطروحات في الدول المجاورة ومنها دول الخليج العربي، بداية من طرح أرامكو قبل الجائحة الصحية Covid-19 والذي اخترق قمته بسبب أزمة الطاقة العالمية المخلقة من أزمة روسيا وأوكرانيا، وصولاً لطروحات عدة حتى بعد إندلاع الأزمة الحالية.
وينتظر سوق المال المصري طرح بنك القاهرة المرتقب منذ أكثر من ثلاث سنوات حتى يستحوذ على حصة لايستهان بها من المؤشر الرئيسي Egx30 الذي يهيمن على أدائه سهم البنك التجاري الدولي.
وتتطلع البورصة المصرية بتدشين الإستنساخ الرابع للمؤشر الثلاثيني، حيث أن لدى سوق المال المصري 10 مؤشرات تقيس 246 شركة مقسمة بين بورصة النيل التي لايتجاوز رأس مال شركاتها 100 مليون جنية مصري، والبورصة الرئيسية. ومؤشر آخر حديث للسندات بمؤشراته الفرعية وهنا يستبعد مؤشر من العشر مؤشرات، ومؤشر القطاعات الذي يتضمن بداخله 17 قطاع، والمؤشر السبعيني Egx70 متساوي الأوزان، والمؤشر الأوسع نطاقاً Egx100 والذي يضم الثلاثين والسبعين شركة السابق ذكرهم بشكل متساوي الأوزان وبنفس منهجية المؤشر السبعيني. أما الثلاثيني منفرداً فيوجد منه مؤشر مماثل مُقيم بالدولار، وكذلك Egx30 capped الذي يحتوي على نفس تلك الأسهم للمره الثالثة أو الرابعة لتكرارها في المائة ولكن الحصة الأكبر منه لاتتخطى 15%، حيث أن البنك لتجاري الدولي يتمتع بحصه في مؤشر الثلاثيني تُقدر بحوالي 33.36%، وفي Egx30 capped لاتتخطى نسبته 15%.
وفي النهاية نرى أن كثرة المؤشرات التي تقيس نفس الأسهم لاتمثل الرؤية الأمثل لسوق المال المصري. فنفس الأسهم مكرره في مؤشر S&P، وEgx50 و Egx30 TR . ومن الطروحات المرتقبة التي ستغير شكل مؤشرها القطاعي، الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.
وقد تم أيضاً تكليف الحكومة في المحور التاسع من خطاب الرئيس، بإعلان خطة واضحة لخفض الدين العام كنسبة من الدخل القومي والعمل على خفض عجز الموازنة على مدار 4 سنوات. وقد صرح وزير المالية أنه من ضمن حزم التحفيز للقطاع الخاص دراسة عروض اقتناص حصص مباشرة في شركات برنامج الطروحات الحكومية في الطرح الأولي، لتوسيع قاعدة الملكية. وكذلك طرح صكوك سيادية وخاصة بعد إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الصكوك السيادية الصادر بالقانون رقم (138) لسنة 2021، ولائحته في 28 أبريل 2022. بصيغها الأربعة: صكوك المرابحة، و الإجارة، والاستصناع، والوكالة. وقد أشار سيادتة أن الطرح المرتقب باليوان الصيني وأن الإصدار في حدود نصف مليار دولار.
ونرى أنه في حال تحفيز القطاعين الخاص والعائلي، التي تتخطى ودائعهم 6 تريليونات جنية مصري، وذلك كما حدث في شهادة 18% في مارس 2022، وشهادة قناة السويس سابقاً، مع إرسال الطمأنينة على مستقبل العملة المحلية أمام الدولار، خاصة في ظل ارتفاع رصيد الذهب من الاحتياطي لدى المركزي من 81 طن إلى 125 طن تقريباً، مما يدعم استقرار الجنية المصري خلال فترة إصدار السندات. وقد يساعد ذلك في خفض الدين الخارجي الذي يشكل مخاطر أعلى وتبعية محتملة وخاصة أن مؤشر الدين الخارجي في زيادة خلال الفترة السابقة مع التنويه لتطور الناتج المحلي الإجمالي الذي حقق 6.4 تريليون جنية لعام 2020_-2021 ومتوقع أن ينمو رغم الأزمة الروسية الأوكرانية.
التوصيات
- الإسراع بملف الطروحات الحكومية المرتقبة لزيادة حجم وعدد الشركات المقيدة بسوق المال.
- تفعيل دور سوق المال في التمويل وحشد المدخرات بالعملة المحلية والدولار عن طريق آلية التمويل مقابل الحقوق المستقبلية، مع ضمان الحفاظ على قيمة العملة أو توفير معدل فائدة يفوق معدلات التضخم.
- استهداف نمو نسبة رأس المال السوقي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وبوتيرة متسارعة لغلق فجوة الأعوام السابقة.
- محاولة الحد من الرقابة الصارمة على سوق المال المصري، خاصة أنه لم يعود على سوق المال بأثار إيجابية.
- تفعيل تراخيص شركات القطاع المالي غير المصرفي وخاصة أن بعض مالكيها من رجال الأعمال العرب والذي أكد رئيس الجمهورية على استهداف جذب المستثمرين المحليين والعرب والأجانب وتوفير بيئة استثمار جاذبة.
- الحد من تخارج شركات الوساطة المالية التي عددها في تقلص مستمر، نظراً لصعوبة توفيق الأوضاع في ظل سوق يتآكل وأزمات متلاحقة، (تراخيص الشركات بالشكل المبدئي دون ملاحقة التطورات 5 مليون جنية مصري، في حين تُعرض هذه الشركات بأقل من مليون جنية) مما يُعد إهدار للثروات.
- تحفيز الشركات المدرجة على التسويق لشركتها ولسوق المال المصري، على المستوى المحلي والدولي لجذب مستثمرين جدد، خاصة بالنسبة للشركات العملاقة والتي تحقق أرباح رغم الأزمات الاقتصادية العالمية الحالية.