سياسة

اوكرانيا وروسيا في السياسة الواقعية فى عامَى 2014 ، 2022

بقلم/ ساجدة السيد ميز

استهلال:

من أجل تفسير المواقف الصراعية لابد من التعرف على عدد من النظريات فى العلاقات الدولية كالنظرية الواقعية التى ظهرت بشكل واضح منذ عام 1945 حتى وقتنا هذا والتى تقدم عدد من المقولات لتفسير العلاقات بين الدول بعضها ببعض ، وطَرَقَ على تلك النظرية عدد من التطورات داخلية ارتبطت بمواقف عدة جديدة فى العلاقات الدولية اختلفت بالفعل عن ماقدمته النظرية بشكل كلاسيكى من ذى قبل فأصبح لدينا ما يُعرف بالواقعية الكلاسيكية والواقعية الجديدة أو البنيوية والواقعية الكلاسيكية الجديدة. ظهرت المدرسة الواقعية بشكل عام بعد الحرب العالمية الثانية والتى جاءت بالفعل كرد فعل صريح على المدرسة اللليبرالية أو المثالية التى تقدم مقترحات وأفكار حول ما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول على المسرح السياسى حيث تهدف الواقعية إلى محاولة دراسة وفهم السلوكيات الناتجة من الدول والتى تُحدِث حالة من تبادل العلاقات بين تلك الدول ، وتركز الواقعية على أمور هامة كسياسات القوة والحرب والنزاعات والتى نجد الأزمة الأوكرانية الروسية فى يومنا هذا والتى تدخل فيها دول كروسيا وأوكرانيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية ففى هذا التقرير سيتم تناول طرف رئيسى فى تلك الأزمة الراهنة ألا وهو دولة أوكرانيا ومحاولة التعرف على الأزمة التى شهدتها فى عام 2014 ومقارنة ذلك بالأزمة الراهنة 2022 ومحاولة التعرف على رد فعل دولة أوكرانيا لكن وفق افتراضات تطرقت إليها النظرية الواقعية ونخص بالذِكر هنا الواقعية الكلاسيكية الجديدة.

النظرية الواقعية الكلاسيكية الجديدة:

ظهرت الواقعية الكلاسيكية الجديدة بداخل الواقعية بشكل عام خاصةً بعد انتهاء الحرب الباردة من أجل تفسير التغيرات التى يشهدها النظام الدولى بما يتعرض له من حروب وأزمات شتى تغير موقع الدول العظمى والكبرى فى تولى قبضة هذا النظام الدولى ، ففى هذا الحين حدث انتقال جذرى فى حالة هذا النظام الدولى فتحول من الثنائية القطبية إلى مرحلة أخرى لكن ملامحها لم تكون واضحة بالمرة. تنطلق الواقعية الكلاسيكية الجديدة من عدة افتراضات ومقولات تبنتها ممثلة فى: الفوضوية الهيكلية ، معضلة الأمن ، مصلحة الدولة وقوتها ، الصراع لتحقيق المصالح ، الدولة رشيدة ، توازن القوى. سأتطرق إلى عرض تفسير مُبَسَط لكل مقولة على حِدى لكن سأركز بشكل أساسى على المقولة الثانية الممثلة فى “مصلحة الدولة وقوتها” التى تشمل: الواقعية الهجومية ، والواقعية الدفاعية ، وعلى هذا الأساس سيتم تحديد موقف دولة أوكرانيا من الأزمة التى تعرضت إليها سواء فى عام 2014 أو عام 2022 الراهن من الناحية الهجومية أو الدفاعية.

مقولات الواقعية الكلاسيكية الجديدة:

  1. الفوضوية الهيكلية: أكدت الواقعية الكلاسيكية الجديدة على غياب السلطة المركزية لكن مع البقاء على القواعد الحاكمة والضابطة للعلاقات بين الدول أى عدم وجود سلطة على غرار الحكومة لكن على المستوى الدولى.
  2. معضلة الأمن: ترى الواقعية الكلاسيكية الجديدة أن نتيجة للفوضوية المتواجدة فى النظام الدولى فإن كل دولة مسئولة عن تحقيق الأمن الذاتى الخاص بها كما أن الدول من الممكن أن تتجه للتعاون من أجل تحقيق الأمن وأنه ليس من الضرورى تواجد الصراع لتحقيق الأمن.
  3. الصراع طبيعة بشرية: قدمت الواقعية الكلاسيكية الجديدة مفهومى الواقعية التعاونية والواقعية الطارئة كأساس للعلاقات بين الدول.
  4. الدولة رشيدة: أكدت الواقعية الكلاسيكية الجديدة على أن للمؤسسات الدولية دوراً هاماً فى تنظيم كافة العلاقات بين الدول.
  5. توازن القوى: غاب هذا المفهوم فى ظل الواقعية الكلاسيكية الجديدة ؛ لافتراضها أن الدور الأساسى للمؤسسات الدولية والتعاون السائد بين الدول من أجل خلق حالة من الاستقرار بين الدول فالأساس الذى يقوم عليه التوازن هو إحداث هذا الاستقرار.
  6. مصلحة الدولة وقوتها: ترى الواقعية الكلاسيكية الجديدة أن مصالح الدول هى المحرك الأساسى لها فتحديدها فى غاية الأهمية بالنسبة للأمن القومى للدولة حيث ترى أيضاً أن القوة هى الوسيلة الاساسية التى تستخدمها الدول من أجل تحقيق مصالحها والوفاء بكافة متطلباتها الأمنية فكيفية استخدام القوة هنا انقسمت إلى شقين إما هجومى أو دفاعى.

التمييز بين الواقعية الدفاعية والواقعية الهجومية كشق فرعى من الواقعية الكلاسيكية الجديدة:

  • الواقعية الدفاعية:

تؤكد الواقعية الدفاعية على أن الفوضوية الواردة فى النظام الدولى ليست بفوضوية مطلقة لكنها فوضوية ناضجة حيث أن الأمن يعتبر أساس متين تستند عليه الدولة ولايشكل معضلة تواجه كافة الدول ، وسمة الرشادة التى خصتها الواقعية الكلاسيكية الجديدة للدولة مكنت الدولة من التمييز بين نوعين من الأسلحة ألا وهما: الأسلحة الهجومية ، والأسلحة الدفاعية. المقصود بالأسلحة الهجومية أنها أسلحة تهدف بشكل أساسى إلى التوسع ، أما الأسلحة الدفاعية تهدف لمنع التهديد الوارد حدوثه من قِبَل الدول ، ففى تفضيلات الواقعية الدفاعية أنها ترجح استخدام الاسلحة الدفاعية وعدم التهديد الذى يُحدِث حالة من عدم الأمن والاستقرار حتى لو واجهت الدولة تهديداً عنيفاً فإنها لا تلجأ إلى الاسلحة الهجومية بل تلجأ إلى إعادة ترتيب أولوياتها وقدراتها بشكل مؤقت يمكنها من التصرف بشكل سِلمى فنستنتج من ذلك أن الواقعية الدفاعية تؤدى إلى الواقعية التعاونية بين الدول بعضها ببعض. تتمثل افتراضات الواقعية الدفاعية فى:

  1. النظام الدولي فوضوي.
  2. تمتلك الدول بطبيعتها بعض القدرات العسكرية الهجومية، والتي تمنحها القدرة على الأذى وربما تدمير بعضها.
  3. لا يمكن للدول أن تكون على يقين من نوايا الدول الأخرى.
  4. الدافع المحرّك الأساسي هو البقاء.
  5. تفكر الدول بطريقة استراتيجية في كيفية البقاء في النظام الدولي.
  • الواقعية الهجومية:

تنطلق الواقعية الهجومية من تيار مضاد لتيار الواقعية الدفاعية فالواقعية الهجومية هنا ترى أن الفوضوية الواردة فى النظام الدولى لم تكن فوضوية ناضجة بل فوضوية مطلقة تؤدى إلى عدم الاستقرار وعدم تحقيق الأمن للدولة ، ومن ثَمَ ترى أن الدولة لابد لها من زيادة قوتها من أجل مواجهة الدولة الطموحة التى تحاول الدخول فى حالة من عدم الإستقرار ومحاولة الانتصار عليها كما أنها تركز فقط على أهدافها ومصالحها دون الأخذ فى الاعتبار لمصالح وأهداف الدول الأخرى. تنطلق الواقعية الهجومية من عدة افتراضات:

  1. القوى العظمى هي الجهات الفاعلة الرئيسية والمؤثرة في السياسة العالمية.
  2. النظام الدولي هو نظام فوضاوي يشجع الدول على تعظيم قوتها من أجل البقاء.
  3. جميع الدول تمتلك القدرات العسكرية الهجومية.
  4. لا يمكن للدول أن تعرف النوايا التي تخفيها الدول الأخرى.
  5. الدول هي أطراف فاعلة عقلانية قادرة على وضع استراتيجيات سليمة تعظم قوتها من أجل البقاء.

وعليه، نجد الفارق الأساسى بين النظريتين الواقعيتين الكلاسيكيتين الدفاعية والهجومية مُمَثَل فى مستوى القوة الذى يتعين على الدول بلوغه فالواقعية الدفاعية تؤكد على أنه ليس من الحكمة سعى الدول لزيادة قوتها وحصتها من القوة العالمية وأن الزيادة ستضع الدول فى موقف حَرِج يؤدى لمعاقبتها ؛ نظراً لمحاولتها الهيمنة العالمية فالطرف المدافع هنا لديه مزايا من شأنها تعينه على مواجهة المهاجم له ، أما الواقعية الهجومية تؤكد على أنه من المنطق سَعِى الدول إلى زيادة مستوى القوة لحد الهيمنة كلما استطاعت بل وعليها إن واتتها الظروف أن تسعى للهيمنة من أجل تأمين بقائها كما حدث أثناء الاحتلال النازى لأوروبا الغربية وأثناء الهيمنة السوفيتية على أوروبا الشرقية فالطرف البادئ بالحرب من وجهة النظر الهجومية هو الطرف الذى سيلقى انتصاراً.

الأزمة الأوكرانية عام 2014:

كخلفية سريعة لابد من معرفة أن أوكرانيا منذ تفكك الاتحاد السوفيتى كانت حائرة بين أمرين إما البقاء تحت المظلة الروسية أو الاتجاه نحو الغرب خاصةً أن الجزء الغربى من البلاد يتحدث الأوكرانية أما اللغة الروسية تغلب على الأجزاء الشرقية والجنوبية آنذاك ويُستنتج من ذلك أن عدد المتحدثين بالروسية يقرب الخمسين بالمائة فتصبح بذلك هى الأقلية ذات الوزن الذى لا يُستهان به. نجد شبه جزيرة القِرَم بلغ عدد سكانها آنذاك كا يقرب من 2.3 مليون نسمة ومعروفون بتبعيتهم لروسيا ، فنجد على البحر الأسود ميناء “سيفاستوبول” الذى يعتبر مركزاً للأسطول الروسى ، كما أن المراكز الصناعية الشرقية فى أوكرانيا مثل “لوهانسك” و “دونيتسك” لديها شعور وطنى قوى لروسيا. نهاية عام 2013 بدأت احتجاجات الميدان الأوروبي في “كييف” للمطالبة بدخول أوكرانيا إلى الاتحاد الاوربي بعد تعليق حكومة الرئيس “فيكتور يانوكوفيتش” التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد ، ازدادت وتيرة هذه الاحتجاجات مع بداية 2014 وأدت إلى مقتل العديد من المحتجين والقوى الحكومية وتأججت الاشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين ابتداءً من يوم 20 فبراير 2014 وفي ظل تلك الظروف صوت مجلس النواب الأوكراني على عزل الرئيس يانوكوفيتش في 22 فبراير2014. وفى 16 مارس 2014 تم إجراء استفتاء فى القرم من أجل الانفصال عن أوكرانيا نتيجة الإحتجاجات الشعبية الكبيرة فى العاصمة كييف ورحيل الرئيس “فيكتور يانوكوفيتش” الذى خُيِر بين أمرين هما: عقد صفقة تحقق المزيد من الاندماج الاقتصادى التجارى مع الاتحاد الأوروبى أو قبول قرض من روسيا بقيمة 15 مليار دولار والانتقال ببلاده إلى مشروع اتحاد أوراسيا . قرر الرئيس الأوكرانى “فيكتور يانوكوفيتش” قبول العرض الروسى فحدث توتر فى العلاقات بين كل من روسيا والغرب فاندلعت الاحتجاجات العنيفة منذ ذلك الوقت فى ميدان الاستقلال بالعاصمة الأوكرانية “كييف” ، ووسط تلك الاحتجاجات العنيفة الواسعة فَرَ الرئيس الأوكرانى “يانوكوفيتش” من كييف إلى روسيا حتى تتشكل حكومة ائتلافية من قِبَل المعارضة لإجراء انتخابات فى 2014 ، سيطر الجنود الروس المسلحين على مناطق على شبه جزيرة القِرَم تتسم بحيويتها مما ساهم ذلك فى إجراء استفتاء حول مستقبل القِرَم الذى خول فيها البرلمان الروسى من قبل الرئيس الروسى “فلاديمير بوتين” بقيامه بإرسال قوات جمة إلى القرم إذا شعر بضرورة ذلك وتطلب الأمر. لم يكن قرار الرئيس الاروسى “بوتين” هيناً بالمرة فعلى وجه السرعة تم ترجمة قراره هذا بأنه “غزو روسى على أوكرانيا” حيث تم استفتاء حول انضمام القرم إلى روسيا وبعد نجاح الاستفتاء فى الانضمام إلى روسيا تمكن الرئيس الروسى “فلاديمير بوتين” من القيام بتوقيع معاهدة ضم بموجبها “شبه جزيرة القرم” بشكل رسمى إلى روسيا ، وإثر ذلك ألقى الرئيس الروسى “بوتين” خطاباً نارياً ندد فيه ب”النفاق الغربى” ؛ نظراً لأن بوتين يرى أنها مؤامرة من أطراف جمة خارج روسيا وخاصةً الغرب. لم يقف الغرب صامتاً أمام ما أعلن عنه الرئيس الروسى “بوتين” حيث قام الغرب بتفعيل المناورات البحرية فى بحر “البلطيق” وألغى التعاون العسكرى مع روسيا ، ولم تسفر اللقاءات التى عقدت بين مسئولين روس والأمريكيين والأوروبيين من إحراز تَقَدُم أما الجانب الروسى. أتت إثر ذلك أزمة انخفاض أسعار النفط مما أحدث آثار عصفت بالدول التى تنتج النفط كروسيا فى السوق العالمية ، وتدهور سعر صرف “الروبل” الروسى وبالتالى نجحت روسيا فى ضم شبه جزيرة القرم إلى المنطقة العسكرية الجنوبية  والتخلص من الكثير من الجنود الأوكرانيين فى شبه جزيرة القرم وتم النجاح من خلال الدعاية المتقنة والعمل الاحترافى لاستخباراتها فقوتها لم تستخدمها بشكل فعلى ولكن استعرضتها فقط ، وتم إطلاق لقب “الأُناس المهذبون” على الجنود الروس نتيجة تلقيهم تعليمات خاصة بضرورة تعاملهم بشكل رحيم مع المدنيين الأوكرانيين داخل شبه جزيرة القرم حتى يصلوا لمحو كل ما هو أوكرانى فيها.

عام 2015، قامت حرب بالوكالة فى “دونباس” حيث شن الانفصاليون هجوماً تم الزعم حينها بأن روسيا وراء هذه الحرب وأن الدعم كان من قِبَل قوات روسية لاتحمل شارات تعريف حتى نفت موسكو هذا الإدعاء ، جراء تلك الحرب لاقت القوات الأوكرانية هزيمة ثانية فى مدينة “ديبالتسيفى” الاستراتيجية مما اضطر الجيش الأوكرانى التخلى عن تلك المدينة بشكل أشبه بالهروب ، برعاية غربية تم الاتفاق على “مينسك 2” التى تشكل أساساً لمحاولات إحلال السلام التى لم تزال بنودها لم تُنَفَذ بالكامل.

عام 2019، كان هناك بصيص أمل، إذ تم إحراز نجاح في سحب جنود من الجهتين المتحاربتين من بعض مناطق المواجهة. لكن منذ قمة النورماندي التي عُقدت في باريس في ديسمبر عام 2019، لم تحصل أي لقاءات، والرئيس الروسى “فلاديمير بوتين” لا يرغب في لقاء شخصي مع الرئيس الأوكراني الحالي “فلودومير زيلينسكي” ؛ لأنه- من وجهة نظر موسكو- لا يلتزم باتفاق مينسك الذى جرى عام 2015.

ديسمبر عام 2021، طلب الرئيس الروسي بشكل علني من الولايات المتحدة الأمريكية ألا تسمح بانضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو أو تتلقى مساعدات عسكرية، لكن الحلف لم يرضخ لهذه المطالب ، فموسكو منزعجة بشدة من فكرة انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو” بل ويمثل ذلك خطاً أحمر بالنسبة للرئيس الروسي “بوتين” ، ويرجع ذلك إلى أنه وفقاً للفصل الخامس من اتفاقية “الناتو” الذى يؤكد على أن أي هجوم يتعرض له عضو في الحلف يعتبر هجوماً على الحلف بأكمله، ما يعني أن أي هجوم عسكري روسي على أوكرانيا يعني وضع موسكو في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، والدول الـ27 الأعضاء في الحلف. حاول “بوتين” اختبار الولايات المتحدة والغرب في الأزمة الأوكرانية مراراً، الأولى في ربيع 2021 عندما حشد بعض القوات والعتاد العسكري على الحدود، وأدى ذلك إلى انتباه الولايات المتحدة، والتي سعت لإجراء مباحثات بين بوتين وبايدن، وبعد ذلك بأيام سحبت روسيا قواتها. وفي الوقت نفسه، فإن نظرة بوتين إلى الولايات المتحدة الأمريكية تغيرت كثيراً، وخاصة بعد الانسحاب العسكري الفوضوي الأمريكي من أفغانستان، والاضطرابات التي تعانيها أمريكا على الصعيد الداخلي في أعقاب الاستقطاب الذي شهدته بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو ما تراه موسكو أنها مؤشرات للضعف الأمريكي. فيرى بوتين الغرب في حالة انقسام شديد بشأن دور الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، ولا يزال الرئيس الأمريكى “بايدن” يحاول إعادة توحيد التحالف عبر الأطلسي.

الأزمة الأوكرانية عام 2022:

فى نوفمبر الماضى، قامت روسيا بإصدار قرار البدء فى نقل أعداد من قواتها إلى المناطق القريبة من الحدود الأوكرانية فأصبحت الحرب على المحك خاصةً مع تصريحات الرئيس الروسى “فلاديمير بوتين” خلال خطابه الذى أكد فيه على أنه سيعترف باستقلال المنطقتين الأوكرانيتين التى يسيطر عليهما انفصاليون مدعومون من روسيا كما زعم بأن أوكرانيا ليس لها تاريخ يصفها بأنها دولة حقيقية متمهماً بذلك السلطات الأوكرانية بالفساد. في 24 فبراير 2022، بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشن “عملية عسكرية روسية” في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا ، وخلال ساعات من الغزو الروسي لأوكرانيا أعلنت روسيا تدمير كافة أنظمة الدفاع الجوي للقوات المسلحة الأوكرانية  فبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشن “عملية عسكرية روسية” في إقليم دونباس، شرقي أوكرانيا. وخلال ساعات من الغزو الروسي لأوكرانيا أعلنت روسيا تدمير كافة أنظمة الدفاع الجوي للقوات المسلحة الأوكرانية ، فخلال الحشد العسكري الثاني أصدرت روسيا مطالب للولايات المتحدة والناتو حيث تقدمت بمشروعي معاهدتين تضمَّنتا طلبات لما وصفته “بالضمانات الأمنيّة” بما في ذلك تعهُد مُلزِمٌ قانونًا بعدم انضمامِ أوكرانيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي وخفض قوات الناتو والعتاد العسكري المتمركز في أوروبا الشرقية وهدَّدت بِرد عسكري غير محدد إذا لم تلبى هذه المطالب بالكامل. أعلنت أوكرانيا في 23 فبراير حالة الطوارئ على مستوى البلاد باستثناء الأراضي المحتلّة في دونباس ، وصلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى أَوْجِ جموحها ففى هذا الشأن، تزداد التحالفات ويتغير شكل النظام العالمى ويتصارع الجميع حول مَن سيتربع على عرش العالَم ، فالحرب يمكن وصفها أنها حرب استنزاف الطاقات من أقصى مغرب الأرض إلى مشرقها. استمر الزحف الروسى على الأراضى الأوكرانية فالعاصمة كييف فى مرمى الصواريخ الروسية مما تم فرض حظر تجوال فى كييف ، ومازالت روسيا تقوم بالقصف على الأراضى الأوكرانية مما تسبب فى قتل البعض فى كييف وكذلك استهداف مبانٍ سكنية بقلب كييف. كما أعلنت الدفاع الروسية إحكام السيطرة على “خيرسون” بالكامل مع تدمير ما يقرب من 136 منشأةأوكرانية بينها مواقع قيادة وأنظمة اتصالات وغيرها ، ف”خيرسون” من أوائل الدول التى سقطت كلياً بأيدى القوات الروسية وتم تعيين عمدة روسى لقيادة خيرسون. أما مدينة “ماريوبل” المُحاصَرَة من قبل القوات الروسية بها استمرت الهجمات العنيفة مما وضع المدينة فى حالة من العُزلة ،  خاصةً أنه تم تدمير مايقرب من 80% منها وأكثر من ألفى مدنى لقوا حتمهم منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية مما حول الشوارع والساحات إلى مقابر عشوائية بأوكرانيا. أما مدينة “خاركيف” الأوكرانية أيضاً تعرضت لقصف روسى عنيف تزامناً مع تحركات لإجلاء مدنيين أوكرانيين مما أحدث ذلك دمار كثيف نتيجة القصف المتواصل من قِبَل القوات الروسية ، ف “خاركيف” ثان أكبر المدن بعد “كييف” بأوكرانيا فهى ذات أهمية استراتيجية وهدف للقوات الروسية. أما مدينة “دينبرو” ظلت بمنأى عن القصف الروسى منذ بدئه فتم إحداث ثلاث غارات روسية عليها خلال ساعات فقط ، فأحدث ذلك إصابة روضة أطفال ومبنىسكنى ومصنع تجارى فأعلن حاكم المنطقة عن تسجيل دمار هائل فى المطار بالنيران الروسية.

تحليل رد فعل دولة أوكرانيا:

نلاحظ وبعد التعرف على مجموعة الافتراضات التى تقوم عليها النظرية الواقعية خاصةً الواقعية الكلاسيكية الجديدة بشقيها الدفاعى والهجومى وتحليل الأحداث وتتبع تطورات الأزمة الأوكرانية منذ عام 2014 حتى وقتنا الراهن أن أوكرانيا فى حالة دفاع دائم عن نفسها ، وبالتالى تصبح من الدول التى تسير على نهج النظرية الواقعية الدفاعية والتى انطبق عليها كافة الافتراضات التى قدمتها فنجد أنها حقاً لم تكن تدرك كل النوايا التى من شأنها تدمر أراضيها ومدنها بالشكل الذى سردناه ، فأوكرانيا تسعى للبقاء والدليل على ذلك محاولة رئيسها الاستعانة بالكثير من الدول كالولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الكبرى من أجل رد قصفات الجانب الروسى لأن ترك الأمر لروسيا سيجعل أمر البقاء لأوكرانيا مستحيلاً ، وبالتالى تحاول أوكرانيا بطريقة استراتيجة بعيدة عن الحرب فى كيفية بقائها فى النظام الدولى بشكل عام فأوكرانيا حقاً لا تسعى للهيمنة العالمية وبالتالى فهى تلجأ لمحاولة التحكم فى ما تبقى من أراضيها حتى بعد الاستيلاء على شبه جزيرة القرم من قبل القوات الروسية وطالبت بالدعم من قِبَل حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا وجمهورية التشيك وإستونيا وفرنسا وهولندا والمملكة المتحدة من أجل إرسال أسلحة دفاعية لأوكرانيا ووافقَ الاتحاد الأوروبي في نفس اليوم على شراء أسلحة لأوكرانيا بشكلٍ جماعي وتولت بولندا مسئولية التوزيع للأسلحة فنلاحظ أن أوكرانيا حقاً تتبع المدرسة الواقعية الدفاعية وتحاول امتلاك أسلحة دفاعية أيضاً.

 

 

المصادر:

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى