اعداد : رنا جمال عبد الناصر
مقدمة: –
تحت ظل الظروف العالمية التي تتسم بالتنافس والاستقطاب “الحاد” بين القوى الدولية الكبرى مُمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، وتزامنًا مع أزمة اقتصادية أثرت على إمدادات الطاقة والغذاء في جميع دول العالم.
جاءت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأذربيجان لتشير إلى رغبة القاهرة في إحياء” استراتيجية الاستدارة شرقًا” والتركيز على تعزيز العلاقات الثنائية مع دول آسيا، لمُجابهة التحديات العالمية.
الرغبة في تطوير العلاقات مع دول آسيا بدت واضحة، خلال زيارة الرئيس السيسي لأذربيجان، التي شهدت اتفاق للبلدينغفي مجالات الطاقة والطاقة المتجددة كون أذربيجان دولة مُصدرة للنفط، ويُعد التركيز على المحور الآسيوي” ملمحًا مميزًا” للسياسة الخارجية المصرية في الفترة الأخيرة، ودخلت السياسة الخارجية المصرية مرحلة جديدة يتولى الرئيس السيسي رئاسة البلاد عام ٢٠١٤، حيث زار كلًا من الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وفيتنام، مُرجعًا ذلك إلى” كون آسيا هي المستقبل اقتصاديًا وسياسيًا” وتُعد أذربيجان ” ملعبًا لأطراف دولية تتمثل في روسيا وتركيا وإيران”، الذي اعتبر زيارة مصر للدولتين في هذا التوقيت ” بمثابة تسجيل حضور القاهرة في مناطق النزاعات الدولية، وتأكيد لمصداقية دورها متوقعًا أن تشهد هذه المنطقة تحركات مصرية نشطة في الفترة المُقبلة.
فأن هناك مصلحة استراتيجية لكل من مصر وأذربيجان في إيجاد علاقة قائمة على المصالح المشتركة للإرتقاء بعلاقتهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية التي تتغلب على الصعوبات الناجمة عن مختلف الأزمات والتحديات التي يواجهها العالم.
أولاً: النظرة التاريخية
هو إقتراب الذي يستند إلى الأحداث التاريخية في فِهم الحاضر والمستقبل، إذ يمكن فهم وإدراك اية حالة سياسية إلا بالعودة إلى جذورها التاريخية وتطورها سواء كانت حالات سلبية أو إيجابية ومن أبرز رواده “أرسطو وإبن خلدون”، بحيث تم إستخدام هذا المنهج في جمع المعلومات حول العلاقات الإماراتية في مصر وأيضاً التاريخي.
ثانياً: – المنظور الوصفي التحليلي
وهو إقتراب الذي يصف الظاهرة المدروسة وصفًا كمًيا وكيفيًا من خلال جمع المعلومات وتصنيفها، ومن ثم تحليلها وكشف العلاقة بين أبعادها المُختلفه من أجل تفسيرها تفسيراً كافيًا والوصول إلى استنتاجات عامة تسهم في فهم الحاضر وتشخيص الواقع وأسبابه.
ثالثًا: -المصلحة الوطنية
فالمصلحة الوطنية المعرفة بالقوة هي تعبير عن مكانة الدولة في التوزيع العالمي للقوة في عالم يتشابك فيه المصالح، يتناقلة رجال الدولة كمفهوم دائم يضمن سلامة الأمة.
تطور العلاقات المصرية الأذربيجانية:
ترصد أبرز مظاهر قوة العلاقات وتطورها عبر الزمن
أولاً: – إتفاقيات دبلوماسية
في عام 1992، تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة خارجية جمهورية أذربيجان ووزارة خارجية مصر.
في عام 2010، مذكرة تفاهم بين وزارة الشباب والرياضة في جمهورية أذربيجان والمجلس القومي للشباب في مصر، بجانب إتفاقية التعاون بين الأكاديمية الدبلوماسية لوزارة الخارجية في جمهورية أذربيجان ومعهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية في مصر
في عام 2018، وقع اتحاد الكتاب في أذربيجان ومصر اتفاقية تعاون. وقع الاتفاقية كل من علاء عبد الهادي، رئيس اتحاد الكتاب المصريين، وأنار، رئيس اتحاد الكتاب في أذربيجان، محضر الاجتماع الرابع للجنة الحكومية الدولية المُشتركة للتعاون الاقتصادي والفني والعلمي بين جمهورية أذربيجان ومصر.
في عام 2022، قامت د. رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي بزيارة لاذربيجان للمشاركة فى فعاليات الدورة الخامسة من اللجنة المشتركة المصرية الأذربيجانية المنعقدة بالعاصمة”باكو”، نتج عن الدورة الخامسة من اللجنة المصرية الأذربيجانية للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني، توقيع 5 وثائق تعاون تمثلت في البلدين.
بروتوكول الدورة الخامسة للجنة المشتركة المصرية الأذرية المتضمن عدداً من المجالات.
مذكرة تفاهم للتعاون بين جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بمصر ووكالة تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة بأذربيجان.
مذكرة تفاهم خاصة بإنشاء مجلس الأعمال المصري الأذرى بين وزارة التجارة والصناعة بمصر ومؤسسة ترويج الصادرات والاستثمار بأذربيجان.
مذكرة تفاهم للتعاون بين ميناء الإسكندرية بمصر وميناء باكو بأذربيجان.
مشروع مذكرة تفاهم للتعاون بين جمعية رجال الاعمال المصريين بمصر ومؤسسة ترويج الصادرات والاستثمار بأذربيجان، تهدف هذه المذكرة إلى دعم الشراكة بين القطاع بكلا البلدين.
ثانيًا: العلاقات السياسية
تأسست العلاقات الدبلوماسية بين أذربيجان ومصر والتي مضى عليها أكثر من 30عامًا، فقد كانت مصر في مُقدمة الدول التي إعترفت بأذربيجان في ديسمبر 1991، ثم بعد عام 1992، تم افتتاح السفارة المصرية في أذربيجان، فتعتبر مصر أحد التوجهات ذات الأولوية لسياسة أذربيجان الخارجية، فكانت زيارة الرئيس الراحل حيدر علييف لمصر عام 1994 وزيارة الرئيس الهام علييف فى مايو عام 2007 واللقاءات مع الرئيس السابق مبارك، علامة أساسية مهدت الطريق للنمو السريع لعلاقات البلدين فى كافة جوانبها: –
ففي 2021 عقد السفير د. بدر عبدالعاطي مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية، جلسة مشاورات ثنائية مع “فارس رضاييف” نائب وزير الخارجية بجمهورية أذربيجان، حيث تم خلال الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية بين البلديّن وسبل تعزيزها وتقوية أواصرها لاسيما على الصعيدين الاقتصادي والتجاري، حيث أشار مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية إلى اهتمام القاهرة باستثمار الشركات الآذرية في مصر خاصةّ في مجالي الطاقة والنقل، وكذا الاستفادة مما توفره قوانين الاستثمار المصرية من حوافز وتسهيلات للمستثمرين الأجانب، منوهاً بأن السوق المصري لا يقتصر فقط على ملايين المصريين، وإنما يمتد على الصعيدين العربي والإفريقي في ظل عضوية مصر في عدد من التكتلات الإفريقية والعربية، فضلاً عن تجمع الميركسور، من جانبه، أكد المسئول الأذري على الأهمية البالغة التي توليها بلاده للعلاقات مع مصر، مؤكدًا اهتمام أذربيجان بتعزيز التعاون مع مصر في شتى المجالات خاصةً على الصعيدين الاقتصادي والتجاري، كما تم بحث موضوع عقد الدورة القادمة من اللجنة المُشتركة بين مصر وأذربيجان خلال الفترة المقبلة، وذلك على ضوء العلاقات السياسية المتميزة بين الدولتيّن، شهدت جولة المشاورات كذلك تناول عدد من الموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك، وذلك بمشاركة مساعدي وزير الخارجية ونوابهم من المعنيين بهذه الموضوعات، ومن بينهم السفير أسامة شلتوت مساعد وزير الخارجية لشئون السودان وجنوب السودان، والسفير وائل النجار نائب مساعد وزير الخارجية لشئون شرق وجنوب أوروبا والسفير أحمد بكر نائب مساعد وزير الخارجية لشئون مياه النيل، حيث تم استعراض تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المُحتلة، والجهود التي بذلتها مصر للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وكذلك جهود مصر لإعادة إعمار قطاع غزة، كما تم تناول تطورات الأوضاع في كل من ليبيا والسودان، بالإضافة إلى استعراض آخر التطورات المتعلقة بملف سد النهضة الإثيوبي.
في 2022، التقى وزير الخارجية سامح شكري، على هامش أعمال الجميعة العامة للأمم المتحدة بنيويورك مع وزير خارجية أذربيجان “جيهون بيراموف”.
تناول اللقاء مُجمل ملفات التعاون الثنائي بين مصر وأذربيجان وسُبل تطويرها، أخذًا في الاعتبار سابق إنعقاد جولة للمشاورات السياسية بين البلدين في العاصمة الأذربيجانية باكو، وانعقاد اجتماعات الدورة الخامسة للجنة المشتركة المصرية الأذربيجانية للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني ومنتدى رجال الأعمال المصريين الأذربيجانيين في باكو في فبراير ٢٠٢٢.
هنا الوزير شكري نظيره على نجاح فترة رئاسة أذربيجان لحركة عدم الانحياز، والتي اتسمت بالنشاط والحراك من خلال عدد من المبادرات لإعادة إحياء الحركة وأطر التعاون بين دولها، وهو ما كان محل تقدير من جانب وزير الخارجية الأذربيجاني، الذي حرص على استعراض موقف التوترات بين بلاده وأرمينيا.
ثالثًا: – العلاقات الاقتصادية
بلغ حجم التبادل التجاري 25 مليارا و885.6 مليون دولار أمريكي خلال أشهر يناير – يونيو من 2022 ومن جملتها حجم التصدير 19 مليارا و528.6 مليون دولار وحجم التوريد 6 مليارات و357 مليون دولار، الأمر الذي قاد إلى تشكل فائض إيجابي في التجارة الخارجية 13 مليارا و171.6 مليون دولار، ارتفع حجم التجارة الخارجية بنسبة 73.4 في المائة وحجم الواردات بنسبة 14.4 في المائة مقارنة بنفس الشهر من 2021 وأما حجم الصادرات فانخفاض بنسبة 2.9 في المائة.
ففي 2023، استقبل م. طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية د. الخان بولوخوف سفير أذربيجان بالقاهرة تم بحث سبل دعم التعاون المشترك بين البلدين والفرص الإستثمارية المتاحة فى مجال البترول والغاز والطاقات الخضراء فى مصر بالإضافة إلى امكانية تبادل الخبرات بين الجانبين فى هذه المجالات، لفت الملا خلال اللقاء إلى العلاقات التاريخية والتعاون لقطاع البترول مع شركة البترول الحكومية لجمهورية أذربيجان (سوكار) في مجالات الزيت الخام والتكرير، مشيرًا إلى أن القطاع يمتلك تسهيلات تصنيع متميزة للمهمات والمعدات بالإضافة إلى الخبرات التى اكتسبتها شركات البترول المصرية خلال السنوات الأخيرة فى مجال تصميم وتنفيذ المشروعات الهامة داخل مصر وخارجها وامكانية مشاركتهم فى المشروعات البترولية والغازية بأذربيجان ، واستعرض الوزير المشروعات الجارى العمل عليها فى مجال البتروكيماويات فى مصر والفرص الاستثمارية المتاحة بقطاع البترول.وجه المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية الدعوة لوزير الطاقة الأذربيجانى لحضور مؤتمر ومعرض مصر الدولى للبترول إيجبس 2023 فى نسخته القادمة والذى ستنطلق فاعلياته منتصف شهر فبراير القادم.
في 2022، قام مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية السفير إيهاب نصر، بزيارة إلى أذربيجان، حيث عقد لقاءات مع عدد من كبار المسئولين؛ لبحث سبل تعزيز العلاقات بين مصر وأذربيجان، وعلى رأسها التعاون فى المجالات الاقتصادية، حيث التقى في مستهل الزيارة، كلاً من ايليهمد ناصيروف نائب رئيس مجلس ادارة الشركة الوطنية للبترول بجمهورية أذربيجان SOCAR لبحث التعاون المشترك في مجال الطاقة بين الدولتين، والمستشار السياسي لرئيس الجمهورية حكمت هاجيبف، حيث جرت مناقشة سُبل تعزيز العلاقات الثنائية وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما أجرى جولة مشاورات مع ريزاييف فاريز نائب وزير خارجية أذربيجان، كما التقى مع وزير الخارجية الأذري جيهوف بايراموف، حيث جرت مُناقشة مُجمل العلاقات السياسية والاقتصادية المشتركة، بالإضافة إلى أبرز التطورات على الصعيد الدولي، كما بحث السفير إيهاب نصر مع رشاد نابييف وزير التنمية الرقمية والمواصلات، رئيس الجانب الأذربيجاني للجنة المشتركة المصرية الاذربيجانية للتعاون الاقتصادى والعلمى والفني، مجالات التعاون في البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات ومجال الاستخدام السلمي للفضاء من مجالات التعاون بين البلدين، كما عقد مساعد الوزير اجتماعًا مع نائب وزير الاقتصاد الييف ايلنو، بحث خلاله مسألة تسجيل الدواء المصري في الأسواق الأذربيجانية، بالإضافة لزيادة معدلات التجارة بين البلدين، وتنشيط الاتصالات بين رجال الأعمال بالبلدين، وإمكانيات الاستثمار المُتبادل، ومُقترحات مذكرات التفاهم التى تَهم الدولتين.
رابعًا: – العلاقات الثقافية
يتم النشاط الثقافي والتعليمي بالتعاون بين المركز الثقافي والسفارة ويُعد أحد أهم جوانب العلاقات المصرية الأذربيجانية منذ إقامة العلاقات بين البلدين، وذلك في ضوء عدة أمور منها أهمية موقع أذربيجان الاستراتيجي وقدراتها الاقتصادية والتقارب الثقافي والاجتماعي والتشابه في العادات والتقاليد بين شعبي البلدين.
ففي 20 مايو2010، إقامة ليال ثقافية بمُناسبة افتتاح المقر الجديد للمركز الثافي المصري بحضور وفد من وزارة التعليم العالى.
في 2012، زيارة فرقة بنى سويف إلى باكو.
في يناير 2017، مشاركة مصر في مهرجان الشعوب الرابع الذي نظمته مؤسسة “القرية العالمية” بأذربيجان حيث تم تخصيص جناح خاص بمصر يضم بعض المستنسخات الفرعونية ونماذج من الزي المصري وبعض اللوحات الفنية التي تعكس التاريخ المصري.
في2022 صرح السفير/ عادل إبراهيم سفير جمهورية مصر العربية في باكو، بأن العلاقات المصرية الأذربيجانية تشهد طفرة حقيقية خلال الأشهرة القليلة الماضية، من خلال سلسلة من الاجتماعات والزيارات المُتبادلة بين مسئولي البلدين، وذلك بدءًا من إنعقاد جولة المشاورات السياسية في يونيو 2021 بالقاهرة.
خاتمة: –
تُقدم العلاقات المصرية لأذربيجان نموذجًا ملهمًا في إحياء “استراتيجية الاستدارة شرقًا”، سواء من حيث تنوع أسس هذه العلاقات وتنوع روافدها ودوافعها الاستراتيجية التي تُمثل دفعة قوية في التعاون الثنائي، وفرصة لإستغلال الإمكانيات غير المستغلة لتعميق التعاون في مختلف المجالات، ويذكر أن التعاون بين مصر وأذربيجان يُسهم في تحقيق التنمية المستقبلية للبلدين، على أساس الدعم المتبادل في الساحة العالمية والسياقات الاجتماعية والقيم المماثلة.
ونتيجة لذلك، ما توصلت إليه الدراسة بتمتع البلدان بشراكة اقتصادية وتعاون سياسي مثل:
أولاً: وقعت مصر وأذربيجان على ما يقرب من 60 اتفاقية تعاون، كما تأسست اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والفتي والعلمي الحكومي بين مصر وأذربيجان.
ثانيًا: توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين جهاز تنمية مشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بمصر ووكالة تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة بأذربيجان، بهدف تعزيز التعاون والتبادل الفني والتقني.
ثالثًا: بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 25مليار دولار، الأمر الذي قاد إلى تشكل فائض إيجابي في التجارة الخارجية 13مليار دولار، وارتفع حجم التجارة الخارجية بنسبة 73.4 في المئة مقارنة بسنة 2021.
المراجع: –
١-محمد أسعد، مصر توقع 5وثائق تعاون مع أذربيجان في الموانئ وتعزيز الشراكات التجارية، 2022، موقع اليوم السابع، متاح على الرابط التالي: –
٢-موقع الهيئة العامة للاستعلامات، 23يناير2023، متاح على الرابط التالي: –
٣-أماني عبد الرحيم، قفزة مذهلة في معدلات التبادل التجاري بين البلدين.. واتفاقيات تعاون بمجالات التنمية “مصر وأذربيجان” شراكة اقتصادية وتعاون سياسي، بوابة أخبار اليوم، ٢٠٢٣متاح على الرابط التالي: –
4- موقع سفارة جمهورية أذربيجان لدى جمهورية مصر العربية
