اقتصادية

منتدى غاز شرق المتوسط كمنفذ جديد للطاقة بعد الازمة الأوكرانية

اعداد

دينا فتحي

منذ أيام ليست بكثيرة وقعت مصر وإسرائيل والإتحاد الأوروبي اتفاقيه ثلاثية يتم من خلالها قيام كل من القاهرة وتل أبيب بتصدير الغاز إلى دول الإتحاد الأوروبي . حيث قام بتوقيع الاتفاقية كل من وزير البترول المصري طارق المُلا ، كارين وزيرة الطاقة الإسرائيلية وكارى سيمون مفوض الطاقة والمناخ بالاتحاد الأوروبي وتم ذلك بحضور أورسولا فون ديرلان رئيسة المفوضية الأوروبية . حيث نصت الاتفاقية على أن يتم إستيراد الإتحاد الأوروبي للغاز من منطقة الشرق لمدة 3 سنوات مع وجود تمديد تلقائى للإتفاقيه لمدة عامين أى إنه من ٢٠٢٢ إلى ٢٠٢٧ .

حيث تعتبر منطقة الشرق المتوسط من المناطق الإستراتيجية المهمة على خريطة العالم مما جعلها منطقة تنافس وصراعات وذلك لاكتسابها أهمية كبرى فى الوقت الحالى خاصة بعد اكتشافات الغاز الطبيعي على سواحل دول الشرق المتوسط. كما يرغب الإتحاد الأوروبي بتعزيز أمن الطاقة لديه وتتويع مصادر الواردات خاصة بعد توتر العلاقات الروسية الأوروبية فى الفترة الأخيرة نتيجة الأزمة الأوكرانية . وذلك يأتى فى إطار أهمية غاز منطقة الشرق الذى يخفف من الإعتماد الشبه كلى على الغاز الروسى .

تأتى تلك الإتفاقية متماشية مع أهداف الدولة المصرية لتصبح مركز إقليمى للغاز الطبيعى خاصة بعد الإكتشافات التى تمت بها مثل حقل ظُهر ، حيث يعتبر توقيع هذه الإتفاقية خطوة هامة جداً فى مسيرة بناء المنتدى التى بدأت منذ يناير 2019 .

تدشين منتدى غاز شرق المتوسط

منذ يناير ٢٠١٩ تم تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط وهو عبارة عن تجمع لموردى الطاقة بالمنطقة يضم المنتدى ثمانية دول من بينهم مصر التى تمتلك محطتين لتصدير الغاز الطبيعى وهما محطة إدكو ودمياط ، والغرض من ذلك هو الإستفادة من الجهود المبذولة لإستكشاف الغاز والقيام بتصديره بما ينفع الدول المشاركة بالمنتدى حيث تبرز أهم أهداف إنشاء المنتدى فى :-

  • مساعدة الدول المستهلكة فى تأمين إحتياجتها وذلك ما يحدث الأن من خلال قيام الإتحاد الأوروبي بالإعتماد على غاز المنطقة بدلاً من الغاز الروسى التى كان يتم الإعتماد عليه حيث بلغت نسبة إستيراد أوروبا من روسيا ٤٠% العام الماضى .
  • العمل على ضمان الإستدامه مع مراعاة الإعتبارات البيئية .
  • تعظيم الإستفادة من الإكتشافات التى تتم بالمنطقة .
  • إنشاء سوق غاز يخدم مصالح أعضاء المنطقة .

وقد تم إختيار مصر مركز للمنتدى وذلك لأنها من بين دول الأعضاء تمتلك وحدتين لإسالة الغاز ” إدكو ودمياط ” كما ذكرنا سابقاً .

حيث تبلغ القدرة الإنتاجيه لمحطة إدكو ٨ مليون طن مترى فى العام الواحد ، وبالنسبة لدمياط تبلغ طاقتها الإنتاجية نحو ٥ مليون طن مترى فى السنه . حيث تقوم كلا المحطتين بتسييل الغاز الأتى من دول الجوار والعمل على تعبئته ومن ثم شحنه إلى دول أوروبا .

بالنسبة لإجتماع المنتدى الذى تم فإنه شهد حضور دولى من رؤساء وفود الدول الأعضاء ووزراء بالإضافة إلى الأعضاء المراقبين وهم الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبى والبنك الدولى . حيث أن المنتدى تبنى إستراتيجية خفض الإنبعاثات والعمل على توسيع مجال إنتاج الهيدروجين وذلك لتنويع مصادر إنتاج الطاقة وتأمين الإمدادات بما يحقق النمو الاقتصادي والإستدامة المرجوة . وذلك إتضح بما صرح به وزير البترول المصرى خلال إفتتاح المنتدى قائلاً ” أن الأزمة الحالية التى يشهدها العالم أوضحت أهمية المنتدى ودوره فى تأمين إمدادات الطاقة ، كما أنه أشار إلى إمكانات التى تمتلكها المنطقة وقدرتها على زيادة التصدير إلى أوروبا من خلال التسهيلات المتاحة التى يتم العمل على تطويرها .

بالإضافة إلى ما أوضحه وزير البيئة والطاقة اليونانى قائلاُ أن الإجتماع برزت أهميته بعد الأزمة الأوكرانيه وإنعكاستها على صناعة الطاقة وأن أمن الطاقة يحتم ضرورة البحث عن مصادر جديدة مؤكداً أن مصر وقبرص وإسرائيل سيكونوا موردين يعتمد عليهم لإمداد أوروبا .

كما أوضحت مفوضية الطاقة والمناخ بالإتحاد الأوروبى أن الإجتماع أتى فى وقت هام جداً للإتحاد الذى يبحث عن إمدادات للطاقة وأضافت أن الإتحاد داعم قوى للمنتدى وأهدافه هو وجود تعاون مشترك بين الدول المشاركة مع وجود هدف للوصول إلى منطقة خاليه من الإنبعاثات الكربونيه .

إكتشافات الغاز فى المنطقة

وصل حجم الإكتشافات فى شرق المتوسط منذ عام ٢٠٠٩ إلى ما يصل إلى ٢١٠٠ مليار متر مكعب ذلك الأمر الذى يزيد من التنافس والصراعات حيث أنه فى عام ٢٠١٠ أجرت هيئة المسح الجيولوجى الأمريكية تقديرات لما تحتويه دول شرق المتوسط من ثروات طبيعية وجاءت بنتيجة مضمونها أن الساحل الشرقى الذى يشكل القسم الأكبر من حوض الشرق المتوسط به كميات هائلة من آحتياجات النفط والغاز الغير مكتشفة تقدر بقرابة ١٣٣ تريليون متر مكعب من الغاز . حيث كانت أولى الإكتشافات فى منطقة حوض شرق البحر المتوسط فى بدابة الألفية عند قامت شركة بريتس بتروليوم البريطانيه حقل ” غزة مارلين ” على مسافة ٣ كم من قطاع غزة ، تقدر مخزونه بقرابة تريليون متر مكعب من الغاز .

إكتشاف حقل ظُهر عام ٢٠١٥ حيث يوجد داخل المنطقة الاقتصادية المصرية فى البحر المتوسط على مسافة ١٨٠ إلى ١٩٠ كيلو متر من السواحل الشمالية المصرية فهو قريباً للمنطقة الإقتصادية القبرصية تقدر إحتياطياته حوالى ٨٥٠ مليار متر مكعب مما جعله أكبر إكتشافات الغاز فى العالم فى الأعوام الأخيرة . بالإضافة إلى أنه عام ٢٠١٩ تم إكتشاف حقل جلاوكسى بإحتياطات تقدر ب ١٤٢ – ٢٢٧ مليار متر مكعب من الغاز .

فى عام ٢٠١٨ أعلنت شركة النفط والغاز الأمريكية ” اكسون موبيل ” إكتشافها للغاز الطبيعى فى حقل يقع بساحل قبرص بالإضافة إلى تأكيدها أن الحقل يحتوى على موارد من الغاز الطبيعي تتراوح بين ١٧٠ إلى ٢٣٠ مليار متر مكعب .

العلاقة بين مصر والإتحاد الأوروبى

توجد علاقة طويلة الأمد بين مصر والإتحاد الأوروبى خاصة منذ عقد إتفاقية الشراكة بين كل منهما عام ٢٠٠٤ كان الهدف من تلك الشراكة هو المزيد من التعاون والتبادل التجارى والثقافى بالإضافة إلى مجالات أخرى .

حيث أنه فى السنوات الماضية شهدت العلاقات المصرية الأوروبية تطور على المستويات السياسية والاقتصادية مع حرص القيادة السياسية المصرية تنميتها وتعزيز سبل التعاون والشراكة بين الجانبين فى مختلف المجالات حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي من أهم الداعمين لمصر ، فأهمية تلك التعاون تأتى من كون مصر ركيزة للإستقرار  فى الشرق الأوسط وبوابة أفريقيا . فمنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم عام ٢٠١٤ نجد أن هناك حالة من الانفتاح فى السياسة الخارجية وأصبح لمصر دور هام على الساحة الدولية . حيث يوجد تعاون وشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي فى العديد من الملفات والقضايا مثل ملف الهجرة الغير شرعية حيث تعتبر مصر شريك قوى للإتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة الغير شرعية وذلك تم من خلال قيام الإتحاد بخلق إستراتيجية مشتركة من ٢٠١٧- ٢٠٢١ بلغ تمويلها فى حدود ٥٠٠ مليون يورو وذلك فى إطار العمل على تنمية المناطق الأكثر تعرض للهجرة وقيام مشروعات إقليمية تصب فى مصلحة  المحافظات الأكثر تعرضاً للهجرة وذلك إتضح من خلال قطاع التمكين الاقتصادى للمرأة والشباب وأيضاً أزمة سد النهضة التى شارك الاتحاد الأوروبي فيها بشكل كافى لدعم الحوار محاولة منه لتحويل الخلاف إلى حل يربح فيه جميع الأطراف .

وبالنسبة للجانب الاقتصادى يعتبر الإتحاد الأوروبى شريك إقتصادى هاماً لمصر سواءمن الناحية التجارية التى تتم أو القروض والمنح التى يقدمها الإتحاد لمصر .

فمن الناحية التجارية نجد أن الإتحاد الأوروبى أكبر الشركاء التجاريين لمصر حيث أنه فى عام ٢٠٢٠ غطى ٢٤.٥% من حجم التجارة المصرية بالإضافة إلى أن واردات مصر من الإتحاد الأوروبى تبلغ ٢٥.٨ % ، وتبلغ صادرات مصر إلى الإتحاد ٢١.٨ % عند الحديث عن تلك القيمة باليورو فإن قيمة التبادل التجاري بين مصر والإتحاد ٢٤.٥مليار يورو ، بلغت واردات الإتحاد من مصر ٦.٤ مليار يورو تتوعت بين وقود وتعدين ومواد خام وكيماويات ، بالنسبة للصادرات سجلت صادرات الاتحاد لمصر ١٨.١ مليار يورو .

على الجانب الأخر يوجد العديد من المساعدات التنموية التي يقدمها الإتحاد لمصر حيث أكد سفير الإتحاد الأوروبى لمصر أن إجمالى حجم الدعم الأوروبى لمصر بما فى ذلك دول الأعضاء قد يصل إلى ١١ مليار فأكثر وذلك تم فى شكل منح وقروض ومبادلات فنجد أن ٤٠ % من حجم التعاون بين الإتحاد ومصر مرتبط بالشق الاقتصادى مثل التجارة وتتمية القطاع الخاص والطاقة والمياه .

بالرجوع إلى منتدى غاز شرق المتوسط علينا أن نستخلص أهم التوصيات :-

  • العمل على تكثيف أعمال الاستكشاف الخاصة بحقول الغاز للمزيد من التصدير والاستثمار ورفع كفاءة الطاقة.
  • الاهتمام بالتحول إلى استخداما الطاقة النظيفة من غاز وهيدروجين وذلك لمواكبة التغيرات المناخية.
  • البحث عن مسارات للتعاون وبناء ثقة بين دول المنطقة بدلاً من الصراعات وذلك للوصول إلى أكبر قدر من هذه الموارد لتحقيق أقصى استفادة ممكنه حيث يعتبر ذلك عنصر هام لاستقرار المنطقة.
  • يجب على الدول الأعضاء احترام القوانين والالتزام بها بما في ذلك احترام إسرائيل حقوق دولة فلسطين فى تنمية الموارد الخاصة بها والاستفادة منها .

المصادر :-

  • سلوى السعيد ، دراسة ” انعكاس صراعات الغاز الجديدة على الأمن الإقليمي لمنطقة الشرق متوسط ،مجلة السياسة والاقتصاد ، العدد الثاني عشر ، أكتوبر ٢٠٢١ .
  • منتدى غاز شرق المتوسط يبحث تأمين احتياجات أوروبا من الوقود ، الأربعاء ١٥ يونيو  ٢٠٢٢

https://attaqa.net/2022/06/15/%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%89-%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D9%8A%D8%A8%D8%AD%D8%AB-%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%8A%D8%A7/

  • اتفاقية مصرية – إسرائيلية – أوروبية لتأمين إمدادات الغاز إلى دول الإتحاد  ، الخميس ، ١٦ يونيو ٢٠٢٢، الشرق الاوسط جريدة العرب الدولية .
  • مصر والإتحاد الأوروبي ، الهيئة العامة للاستعلامات

https://www.sis.gov.eg/Story/228969/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%89?lang=ar

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى