سياسة

ترجمات وعروض :قبل انتخابات زيمبابوي الوشيكة: خمس قضايا رئيسية تُحيط بالمشهد الانتخابي

اعداد :نهاد محمود أحمد -باحثة متخصصة في الشئون الأفريقية -عضو مجموعة عمل الدراسات الأفريقية بالمركز


نشر موقعSituation  Zimbabwe مقالَا حول انتخابات زيمبابوي المقبلة، المزمع عقدها في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، والتي يُتوقع عقدها وسط أجواء شديدة الصعوبة تشمل تحديات داخلية عديدة، يُرجح أنها ستُمثل ضغوطًا على الناخبين والمرشحين وأجواء العملية الانتخابية ككل، بل ويمتد تأثيرها للجوار بجنوب القارة الأفريقية، حيث تنتمي زيمبابوي.

بداية، سيتوجه 6 ملايين من الناخبين بزيمبابوي في 23 أغسطس الجاري إلى صناديق الاقتراع من أجل اختيار رئيسًا جديدًا للبلاد، ورغم أن التركيز ينصب على المنافسة الرئاسية المحفوفة بالمخاطر عبر 10 مقاطعات بالدولة، إلا أن الناخبين سيدلون أيضًا بأصواتهم لممثلي الحكومة المحلية وممثلي البرلمان. ويسعى الرئيس الحالي إيمرسون منانجاجوا إلى ولاية ثانية وأخيرة مدتها خمس سنوات كرئيس للبلاد بما يتماشى مع دستور الدولة.

وتُجرى هذه الانتخابات وسط جملة من التحديات والصعوبات التي لا يمتد تأثيرها فقط داخل زيمبابوي بل إلى بعض دول الجوار بإقليم جنوب أفريقيا، ونعرض أبرز هذه التحديات وفقًا لما ورد بالمقال على النحو التالي:

أوضاع اقتصادية شديدة الصعوبة: ستكون الأوضاع الاقتصادية عاملًا حاضرًا وبقوة خلال أجواء الانتخابات وبخاصة مع ارتفاع معدلات البطالة والعملة المحلية التي باتت تفقد قيمتها بسرعة كبيرة مقابل الدولار الأمريكي والتضخم المفرط الذي أدى إلى تآكل القوة الشرائية. بالإضافة إلى ذلك يعيش نصف السكان بزيمبابوي في فقر مدقع، كما يتم تداول الدولار الزيمبابوي عند 1 إلى 6.800 دولار أمريكي، في حين قفز التضخم السنوي في يونيو إلى 175.8%. كما تسببت الآثار المتبقية لجائحة كورونا والغزو الروسي الأوكراني في ارتفاع تكلفة المواد الغذائية، كما عانى مزارعو المحاصيل الرئيسية مثل الذرة من اضطرابات في خطوط الإمداد بالسلع الأساسية كالقمح والأسمدة، وعلى هذا النحو ستكون حالة الاقتصاد مصدر قلق رئيسي للناخبين بهذه الانتخابات، خاصة ما يعنيه هذا من إعادة انتخاب منانجاجوا الذي تراجعت حالة الاقتصاد في ظل حكمه. وكان الرئيس الحالي بطلًا لانقلاب نوفمبر 2017 وسط شعور عام بضرورة منحه الفرصة الكاملة لإدارة البلاد وإصلاح شئونها، لكن سرعان ما تبين خلاف ذلك وأنه لا يمتلك خطة لتحسين الأمور، كما اتضح من فشله حتى في كتابة بيان، وفقًا لما قاله بيكيزيلا جامبو، الباحث الرئيسي بمعهد زيمبابوي للديمقراطية ومقره هراري. أما إلدريد ماسونغور، مدير معهد الرأي العام الجماهيري (MPOI) والمحاضر في الحكم والإدارة العامة في جامعة زيمبابوي، فأعلن عن دهشته قائلًا: “إنه لغز لا يمكن فهمه، لماذا يصمم الزيمبابويون على الاستمرار بالتصويت لحزب زانو -الحاكم، في الوقت الذي يتأكدون فيه بأن الحزب ذاته هو مصدر بؤسهم. إنه لغز يتطلب تحقيقًا في حد ذاته”.

زعزعة الاستقرار الإقليمي: شهدت زيمبابوي عدم استقرار سياسي كبير على مدى العقود القليلة الماضية، حيث كان العنف والفساد والاستبداد أمور معتادة على البلاد ومتكررة الحدوث. وأدى الأداء الاقتصادي الضعيف في البلاد إلى تدفق آلاف الزيمبابويين إلى جنوب أفريقيا وبوتسوانا وزامبيا وموزمبيق المجاورة بحثًا عن فرص معيشية أفضل. ويُقدر عدد الزيمبابويين بنحو مليوني زيمبابوي في جنوب أفريقيا، وقد أدى ذلك جزئيًا إلى اشتباكات بين المستوطنين والسكان المحليين في وقت تتزايد فيه كراهية الأجانب هناك. ويرى بيرس بيجو، كبير مستشاري مجموعة الأزمات الدولية في جنوب أفريقيا، أن الوضع الراهن مستمر. كما قال: “في الواقع، يمكن أن تتدهور الأمور على هذه الجبهة، وعلى الرغم من تنامي المشاعر المعادية للأجانب في جنوب إفريقيا وبوتسوانا، فمن المرجح أن يتجه المزيد من الزيمبابويين جنوبًا”. الخيارات المتاحة للزيمبابويين محدودة، ومن غير المرجح أن يخفف المسار الاقتصادي الحالي من مثل هذه الظروف بالنسبة لأغلبية المواطنين”. ومن غير المرجح أن يكون لهذا تأثير كبير على الاستقرار، بل سيؤجج التوترات الموجودة مسبقًا”.

عنف انتخابي مُحتمل: شابت انتخابات زيمبابوي منذ عام 2002 أعمال عنف انتخابية واسعة النطاق خلّفت أكثر من 500 قتيل. وفي عام 2008، قُتِل أكثر من 200 من أنصار المعارضة، وفقا لمنظمة العفو الدولية. وقُتِل ستة أشخاص في أغسطس 2018 عندما طالب المتظاهرون بإعلان نتائج الانتخابات وسط مخاوف من تزويرها لصالح الحزب الحاكم “زانو” الذي يتولى السلطة منذ الاستقلال عام 1980. بشكل عام، في هراري، تم التنازع وإثارة الشكوك بشأن كل الانتخابات منذ عام 2002. في هذا السياق وعلى مدار عقود سابقة دعا النشطاء إلى إجراء إصلاحات لتعزيز استقلالية وفعالية مؤسسات الدولة، فضلًا عن الدعوة بشفافية العملية الانتخابية. في الشأن ذاتهأظهر استطلاعًا أجرته مؤسسة أفروباروميتر في زيمبابوي أن 47% فقط من الزيمبابويين يثقون في اللجنة الانتخابية في زيمبابوي (ZEC) لإجراء انتخابات ذات مصداقية في عام 2023. وكشف الاستطلاع أيضا أن الثقة في ZEC ضعيفة بشكل عام بين الزيمبابويين، وأن أقلية فقط من المواطنين يعتبرون انتخابات 2018 حرة ونزيهة. وقال بيجو: “تشير هذه الظروف إلى أنه في أحسن الأحوال يمكننا أن نتوقع استمرار الوضع الراهن والقمع الانتقائي”. “لا أعتقد أن الانتخابات ستحل أي شيء. لن يتدخل الخارج إلا إذا كان هناك عنف واسع النطاق.

خدمات أساسية غير متوفرة: بالنسبة لغالبية الزيمبابويين، فإن الوصول إلى الرعاية الصحية الجيدة والتعليم والخدمات الأساسية غير متاح على الإطلاق. على سبيل المثال فالمستشفيات العامة سيئة التجهيز وقد لا تحتوي على الإمدادات والأدوية الأساسية. يقول منانجاجوا الذي ألقى باللوم في حالة البلاد على العقوبات التي فرضتها الدول الغربية بسبب تداعيات إصلاحات الأراضي المثيرة للجدل في أوائل عام 2000، إن حكومته قطعت خطوات كبيرة في تطوير البنية التحتية وتوليد الطاقة، فضلًا عن احتمالية زيادة نمو اقتصاد التعدين من 3 مليارات دولار في عام 2018 إلى 12 مليار دولار بحلول نهاية عام 2023.

ممارسات فساد متجذرة: يمثل الفساد مشكلة طويلة الأمد في زيمبابوي ما أدى إلى تآكل ثقة الجمهور في حكومته. وفي هذا العام فقط على سبيل المثال وليس الحصر، أثارت سلسلة وثائقية من أربعة أجزاء أنتجتها قناة الجزيرة غضبًا عارمًا في البلاد. وكشفت السلسلة كيف يتم تهريب كميات هائلة من الذهب سرًا كل شهر من زيمبابوي، سادس أكبر منتج للذهب في أفريقيا، إلى الإمارات العربية المتحدة، مما يساعد على غسل الأموال من خلال شبكة معقدة من الشركات الوهمية، والفواتير المزيفة، والمسؤولين المأجورين.

الخلاصة أن الانتخابات المزمع إجرائها أواخر الشهر الجاري في زيمبابوي تشير التوقعات إلى عقدها وسط جملة من الأوضاع المعقدة والمأزومة على أصعدة عدة (سياسيًا- اقتصاديًا- اجتماعيًا.. إلخ)، ولا تشير المؤشرات سالفة البيان إلى احتمالية مرور العملية الانتخابية دون أعمال عنف أو تزوير، وبخاصة مع ثقة نسبة كبيرة من الناخبين (47% فقط يثقون بنزاهة لجنة الانتخابات) بعدم نزاهة الانتخابات القادمة كغيرها من انتخابات سابقة أثيرت الشكوك حول نزاهتها فضلًا عن أعمال العنف الانتخابي المُصاحب لها.

الرابط الأصلي للمقال: https://www.zimbabwesituation.com/news/five-key-issues-at-stake-in-the-zimbabwe-elections/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى