التنمية المستدامة والطاقةتقارير

تقرير- اسبوع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للمناخ -الرياض، السعودية

اعداد : عبدالرحمن خالد مليحى على – من خريجي برنامج التدريبي الصيفي لدراسات التنمية المستدامة والطاقة

مراجعة : مي احمد -مسئول برنامج دراسات التنمية المستدامة والطاقة

تتمتع دول الشرق الأوسط وشمال افريقي بموارد طبيعية متنوعة بالإضافة الى الثروة البشرية الهائلة، الامر الذي يمثل ميزة تنافسية تضمن تطبيق استراتيجيات طموحة فيما يتعلق بمشروعات الطاقة النظيفة واحلالها محل مصادر الوقود الأحفوري ذات الانبعاثات الكربونية الأكبر. يحتاج هذا الأمر الى حشد الموارد من اجل تشجيع الاستثمار في هذه المشروعات لما لها من عوائد اقتصادية، بيئية واجتماعية لشعوب هذه المنطقة، وبما يساهم في دعم خطط التنمية المستدامة لدول المنطقة، والتي جاءت لتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشرة للأمم المتحدة 2015 – 2023.

شهدت المملكة العربية السعودية ٌامة أسبوع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للمناخ في الفترة من 8 إلى 12 اكتوبر 2023 بحضور كلا من: صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة في المملكة السعودية، والسيد سامح شكري، وزير الخارجية في مصر؛ والدكتور سلطان الجابر، رئيس مؤتمر الأطراف لمناقشة التغيرات المناخية (COP 28). جاء تدشين هذه الفعالية في إطار الاهتمام بالتعاون الإقليمي في مواجهة تحديات التغير المناخي، وتعبيرًا عن الالتزام المشترك بالتقدم في مجال العمل من أجل المناخ وتعزيز الحوار بين الدول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يعتبر هذا الحدث منصة حيوية للقادة للمناقشة والتعاون بشأن اصدار استراتيجيات فعالة للتقليل من تأثير تغير المناخ وبناء مستقبل مستدام للمنطقة. ولعل وجود المشاركة المصرية في تدشين الفعالية التي تقام على الأراضي السعودية انعكاسا للدور الإقليمي الفعال الذي تلعبه كل من مصر والسعودية في قيادة ملف العمل المناخي في المنطقة.

تناول أسبوع المناخ العديد من القضايا والمحاور، ومنها التالي:

  1. محور الطاقة، الأنظمة، والصناعة.
  2. محور البنية التحتية والنقل للمناطق الريفية والحضرية.
  3. محور المسطحات البرية والمائية، الغذاء، والمياه.
  4. محور الاقتصاد، المجتمعات، المعيشة، والصحة.

 تم تقديم ندوة تدريبية تفاعلية لمناقشة البند السادس من اتفاقية باريس والحوار الإقليمي حول تسعير الكربون، حيث تضمنت هذه الندوة ملخص عن تسعير الكربون،  والتى تعتبر اداة فعالة  في قياس التكلفة الخارجية الناتجة عن انبعاثات الكربون من المصانع، والتي بدورها تؤثر على البيئة بالسلب، وتجمع الفعاليات ممثلين عن الجهات المختصة الوطنية في البروتوكول النظيف لتنمية النظام (CDM)،  وخبراء أسواق الكربون من منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا بهدف تبادل وجهات النظر، ومشاركة التجارب الدولية، الاضافة الى تسليط  الضوء على التحديات والقضايا المشتركة المتعلقة بتسعير الكربون وتنفيذ آلية المادة 6.4 من اتفاقية باريس للمناخ.

كذلك تناولت الفعالية أسواق تبادل أرصدة الكربون والامتثال الدولى لها من خلال اسواق الكربون الطوعية ، مع تقديم آليات تستعين بها المصانع المنتجة لانبعاثات الكربون للتخلص من مخلفاتها أثناء عملية التصنيع، وفحص عميق لآليات المادة 6.4 من اتفاقية باريس ، كذلك عرض لاساليب التعاون المشترك بين الفاعلين فى هذا السوق الطوعي.

يضاف إلى ما سبق، أعمال وأنشطة لجنة التكيف، والتي جاءت تحت عنوان “ تعزيز التماسك على مستوى المنطقة بشأن التكيف”.

هدفت لجنة التكيف الى تعزيز التعاون بين الاطراف المعنية بالتغيرات المناخية والتكيف، من خلال توحيد الإجراءات والدعم المتعلق بالتكيف على مستوى الإقليم والتعاون عبر الحدود، من خلال جمع وتيسير التبادل بين المنظمات الإقليمية، والبنوك التنموية، وأصحاب المصالح المعنيين بالشئن المناخى لتعزيز استراتيجيات التكيف في المنطقة. وتعد هذه اللجنة منصة لتعميق فهم المشاركين للتحديات والفرص في التقدم نحو تنفيذ متكامل لإجراءات التكيف نحو مستقبل قائم على المرونة امام كافة المتغيرات المناخية الحالية والمستقبلية، بالاضافة الى انها تقدم فرصة للأطراف المعنية بالتكيف للتعرف على مشكلات التكيف الرئيسية في المنطقة والسعي إلى حلول مشتركة. من خلال تعزيز التبادل والتعاون بين هذه الجهات، وبناء مستقبل أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التحديات المناخية المتزايدة.

تسريع التغيير التكنولوجي لتحقيق التبريد المُستدام COOL UP:

عززت الفعالية من تبادل الخبرات ومشاركة المعرفة بين أصحاب المصلحة فيما يخص مستقبل التبريد المستدام، والاهتمام بوجوب تاهيل قوى عاملة ماهرة لدفع توسيع ممارسات التبريد المستدام، وخاصة فى المناطق ذات درجات الحرارة المتصاعدة بما لا يضر بمناخ الكوكب، وذلك من خلال تعلم مهارات جديدة من التجارب الإقليمية فى هذا الشأن، بما يساعد في تعزيز الابتكار في التصميم والتكنولوجيا،  ويسهم في فهم الفوائد الاقتصادية للتبريد المستدام بشكل واسع، ويدعم التنفيذ الفعال للسياسات واللوائح التي تسهم في تحقيق الأهداف المناخية الوطنية والدولية. كما توفرت برامج التدريب النظري والعملي لبرنامج Cool Up الفرصة لجمع أصحاب المصلحة في قطاع الصناعة والسياسة والتمويل، من خلال جدول الأعمال الذي يتناول:

تقديم برنامج Cool Up من خلال فيديو تفاعلى يشمل الجمهور عن طريق خطاب بنمط محاضرة TED حول تدريبات Cool Up وبنية القدرات، مع عرض لفيديوهات يشترك فيها المتدربين بتجربتهم في التدريب.

استكمالا لما سبق، عقد جتماع اللجنة الوزارية العُليا عن تعزيز الانتقال في قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا “التقدم نحو الشمولية لتحقيق انتقال طاقة عادل ومنصف”، حيث تحدث كلا من:

  • صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، المملكة العربية السعودية.
  • ●        صاحب السمو الأمير هيان عبد الغني السواد، نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة ووزير النفط، جمهورية العراق.
  • ●        صاحب السمو الشيخ سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، دولة الإمارات العربية المتحدة.
  • ●        الشرف السيد راج كومار سينغ، وزير الطاقة الكهربائية والطاقة المتجددة، جمهورية الهند.
  • المدير: فهد العجلان، رئيس مركز الملك عبد الله للأبحاث والدراسات البترولية.

هدفت هذه الجلسة الى تعزيز التعاون الدولي نحو تسريع عمليات الانتقال في مجال الطاقة بطريقة عادلة وشاملة ومنصفة وميسورة التكلفة، من خلال تسليط الضوء على الظروف والتحديات التي تواجه قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك الفرص المتاحة، بما في ذلك النهج والحلول والتكنولوجيات والاستراتيجيات الفريدة نحو انتقال الطاقة بشكل عادل، في مجالات تشمل على سبيل المثال لا الحصر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والهيدروجين وتخزين الكربون وتقنيات إزالة الكربون، كما تناولت اللجنة أيضًا أفضل الممارسات الرئيسية التي يمكن نسخها والبحث والتطوير والابتكار اللازمين والتعاون الدولي لتمكين التنفيذ الوطني.

كذلك تناولت الفاعلية، تأثير أرصدة الكربون على مشروعات التنمية المجتمعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

في هذا السياق، تناولت الجلسات الأهمية الاقتصادية لمحطة الطاقة الشمسية التي طورتها AMEA Power، وما لها من تأثيرات إيجابية كبيرة على المجتمع المحلي، بالإضافة الى اثارها الإيجابية في زيادة نسبة مزيج الطاقة المتجددة، حيث تضمن مشروع انشاء المحطة مجموعة مبادرات مجتمعية كان أهمها: بناء المدارس وإنشاء مراكز تدريب، وتيسير فرص العمل من خلال بناء المصانع، وتحديث مضخات المياه لضمان الوصول إلى مياه شرب نظيفة، وإطلاق برامج تدريب عملي للطلاب المحليين، هذه الجهود في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) قدمت لـ AMEA Power فرصة لزيادة قيمة أرصدة الكربون، يجدر بالذكر أن نصف هذه الأرصدة مملوكة للدولة، وإن عائداتها يتم إعادة استثمارها في شركة المشروع التي تدعم المجتمع المحلي للمضي قدمًا في جهود التنمية المستدامة وتمويل احتياجاتهم.

وتعتبر هذه الخطوات التي اتخذتها AMEA Power تمثل نموذجًا جيدًا لكيف يمكن تحقيق تأثير إيجابي أكبر من مشروعات الطاقة المتجددة على المجتمع المحلي والبيئة. تجمع بين الأبعاد البيئية والاجتماعية لمشروعات الطاقة وتساهم في تحسين جودة حياة السكان المحليين وتوفير فرص اقتصادية لهم، سواء توفير فرص عمل او تحسين مستوى المعيشة وتطوير البنية التحتية كالطرق والشوارع والمرافق العامة لخدمة المشروع، بالإضافة الى عوائد المشروع الاقتصادية والتي تقدم ارصدة مالية مستحقة للدولة تساهم في دعم الاستدامة البيئية والاقتصادية للمشروعات المحلية وتعزز تحقيق أهداف التنمية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

في الختام، يمكننا القول إن سواق الكربون الطوعية ينبغي تكون ملزمة نظرا للأهمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تقدمها ودورها الإيجابي في خدمة المجتمع واهداف التنمية المستدامة المختلفة. كذلك فأنه من المهم العمل على إعادة توجيه الوقود الأحفوري لدعم الطاقة المتجددة تدريجيا حتى يتم احلاله بمصادر نظيفة للطاقة، واهمية حشد الإمكانات الحقيقة للدول من اجل تمويل مشروعات الطاقة المتجددة ودعم استراتيجيات التكيف والتخفيف للتغيرات المناخية، وخاصة ان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بسرعات رياح تتجاوز المقياس الأدنى المطلوب لمشاريع طاقة الرياح واسعة النطاق، بالإضافة الى  إمكانات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في هذه المنطقة لا تلبي الطلب المحلي فحسب، بل تمهد الطريق أيضاً لتصبح رائدة في تصدير الطاقة المتجددة.

بالإضافة الى أهمية الاستثمار في البحث والتطوير في هذه المجالات إلى تحويل هذه المنطقة إلى مركز عالمي للابتكار في مجال الطاقة المتجددة. كما أنه من المهم أيضا العمل على تبنى سياسات اقتصادية لتشجيع الاستثمار في مجال الطاقة، ومنها:

  • تقديم حوافز ضريبية وإعانات لمصلحة مشاريع الطاقة المتجددة.
  • تطوير البنية التحتية لنقل وتوزيع الطاقة المتجددة.
  • استحداث قواعد وأنظمة صارمة بشأن الانبعاثات الكربونية، وتوجيه الصناعات نحو حلول طاقة أنظف.
  • تقديم حملات تثقيفية لتوعية الجمهور حول الفوائد البيئية والاقتصادية للطاقة المتجددة.
  • ضمان التوزيع العادل للطاقة داخل الدولة الواحدة وبين دول الجوار مما يدعم من التعاون الإقليمي وتعزيز الشركات في مجال مشروعات توزيع الطاقة.
  • اهمية الاستثمار في التعليم والتدريب كأحد الأولويات نحو العمل المناخي المستدام، حيث يساهم في خلق قوة عاملة ماهرة قادرة على قيادة قطاع الطاقة المتجددة واستدامته. ويتعيّن على الجامعات والمؤسسات المهنية تقديم دورات متخصّصة، مدعومة بشراكات في مجال الصناعة، لتقديم الخبرات العملية، وتوفير العديد من الوظائف الخضراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى